أخبار السعودية

من الإنسانية أولا إلى اللقاح للجميع.. حكاية نجاح سعودية متفردة

عامان من النجاح السعودي في مواجهة أشرس الأوبئة التي واجهت العالم على مدى قرن كامل، فما بين ظهور الجائحة وإحكام السيطرة عليها حكايات وقصص تروي واقعًا متفردًا في إدارة الأزمة، بدءًا من شعار «الإنسانية أولًا» الذي رفعته حكومة خادم الحرمين الشريفين، وانتهاءً بإتاحة اللقاح بالمجان للجميع من دون استثناء، ومن دون تمييز بين مواطن ومقيم، أو بين منطقة وأخرى.

بداية الإجراءات الصارمة

الحكاية تبدأ مع الاستشراف المبكر عند بدء تفشي ملامح الفيروس في العالم، وقبل أن تعم خطورته جميع دول العالم بادرت السعودية بفرض إجراءات استباقية لتحصين مواطنيها والمقيمين داخل أراضيها، حيث فرضت في 26 فبراير من عام 2020م إجراءات شديدة مع ظهور أول حالة في محافظة القطيف، قبل أن تتخذ الحكومة إجراءات بعزل منطقة بالكامل، ثم فرض إجراءات عامة أكثر صرامة تتمثل في تعليق حضور الجماهير لجميع الفعاليات الرياضية، وفرض إجراءات احترازية على التنقل البري مع الدول الخليجية، وإقرار العزل الذاتي لمدة أسبوعين للقادمين، وإغلاق المدارس والجامعات بجميع محافظات المملكة، إغلاق جميع دور السينما، ومراكز التسوق باستثناء متاجر المواد الغذائية والصيدليات، وجميع المساجد في الصلوات الخمس، باستثناء الحرمين الشريفين، كما عُلقت جميع الرحلات الدولية في 14 مارس 2020م، ومُنح المواطنون والمقيمون عُطلة رسمية.

القيادة.. شفافية وطمأنة

في 19 مارس 2020م، وبينما كان ظهور قادة العالم نادرًا، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كلمة متلفزة إلى شعبه، ليضعه أمام حقائق ما يمر به العالم، حيث قال– أيده الله- «إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تماماً أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، مؤمنين بقول الله تعالى: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا)، وستتحول هذه الأزمة إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان، واحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية».

شفافية تجاه الواقع المرير الذي يمر بها العالم، تعقبها طمأنة بأن وطنًا يرفع شعار «الإنسان أولًا» لن يترك مواطنًا ولا مقيمًا، ولا صغيرة ولا كبيرة إلا وسيبذلها في سبيل العبور بالأزمة إلى برّ الأمان، مهما كانت التضحيات، وهو ما عبر عنه خادم الحرمين الشريفين، حين أكد أن «المحافظة على صحة الإنسان في طليعة اهتمامات حكومته وفي مقدمة أولوياتها».

الصحة أولًا، مهما كانت التضحيات المبذولة حتى ولو ببعض المكتسبات الاقتصادية.. رسالة وجهها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، إلى المواطنين والمقيمين في المملكة، خلال الشهور من الجائحة، وهو ما صار واقعًا عمليًا في التنسيق بين القطاعات الحكومية لتحقيق أعلى معدلات السلامة، وتقديم الرعاية الصحية المجانية للمواطنين والمقيمين، ومخالفي أنظمة الإقامة، على حد سواء، من دون أي تبعات قانونية، إعلاءً للإنسانية، وضمانًا للأمن الصحي.

في مواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة

نموذج فريد وربما الأوحد في العالم، قدمته المملكة العربية السعودية على صعيد حقوق الإنسان حينما واجهت التداعيات الاقتصادية والمعيشية لأزمة كورونا بمزيدٍ من التضحية وتحمل الأعباء عن كاهل المواطنين، حيث نفذت الحكومة مبادرات وبرامج مثلت سياج الحماية للقطاع الاقتصادي، بدءا بضخ باقة تحفيزية بقيمة 120 مليار ريال لدعم وتنشيط الاقتصاد وإعادة هيكلة ديون العملاء لدى البنوك، وتخصيص باقة تحفيزية بقيمة 2.4 مليار دولار لسداد 60% من أجور عمال القطاع الخاص، ثم باقة تحفيزية أخرى لدعم الاقتصاد بقيمة 50 مليار ريال، فضلًا عن تخصيص 47 مليار ريال لرفع جاهزية القطاع الصحي وتأمين مخزون الأدوية، وتكليف 9 جهات حكومية لخدمة السعوديين في الخارج، هي وزارات: الخارجية، الصحة، المالية، التعليم، الاتصالات وتقنية المعلومات، والسياحة، إضافة إلى كل من الهيئة العامة للطيران المدني، وبرنامج التعاملات الإلكترونية، ومركز المعلومات الوطني.

G20.. قيادة عالمية

مع تحمل المملكة رئاسة مجموعة العشرين، كان العالم أداء المجموعة تحت قيادة السعودية لأول مرة في تاريخها، لكن «الرياض» التي تتمتع بحضور عالمي متجذر وخبرات دولية عميقة، أظهرت قدرة على مستوى الحدث الاستثنائي التاريخي، حيث دعت إلى اجتماع قمة استثنائي– افتراضي– لتوحيد الجهود لمواجهة انتشار وباء كورونا، وما يترتب على الأزمة من آثار إنسانية واقتصادية واجتماعية، تتطلب استجابة عالمية، لتتعهد مجموعة العشرين برئاسة المملكة، بتقديم مبادرات بقيمة 5 تريليونات دولار لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية.

وفي مايو 2020م أعلنت الرئاسة السعودية لـG20 مساهمتها بـ500 مليون دولار للمنظمات الدولية، لدعم جهود مكافحة فيروس كورونا، وتعزيز جهود المنظمات الدولية المختصة في تعزيز التأهب والاستجابة للحالات الطارئة، وتطوير أدوات تشخيصية وعلاجات ولقاحات جديدة وتوزيعها، وتلبية احتياجات الرصد والتنسيق الدولي، وخصصت 150 مليون دولار، لتحالف ابتكارات التأهب الوبائي، و150 مليون دولار للتحالف العالمي للقاحات والتحصين، و200 مليون دولار للمنظمات والبرامج الدولية والإقليمية الصحية المختصة الأخرى.

اللقاح للجميع

مؤشرات عالمية تحوز السعودية فيها مراتب متقدمة على صعيد التعامل مع أزمة كورونا، حيث كان آخرها تصنيف حكومات الاتحاد الأوروبي، المملكة كدولة آمنة يسمح بالسفر منها لأسباب غير ضرورية، كما كانت المملكة قد احتلت الترتيب السادس في 2020، كأكثر وجهات السفر بين دول العالم أمانًا، في ظل جائحة كورونا، والوحيدة من بين دول الشرق الأوسط، وفق موقع «ويجو ترافل»، لنجاحها منقطع النظير في احتواء فيروس كورونا، كما احتلت السعودية وفقًا لمؤشر «نيكاي» الياباني، المرتبة الثانية عالميًا في نسب الشفاء من فيروس كورونا.

لم تكن تلك المؤشرات سوى نتائج طبيعية لحملات التطعيم التي وفرتها المملكة كإحدى الدول القليلة التي كانت من الأوائل على مستوى العالم في الحصول على لقاحات آمنة وفعالة لصد فيروس كورونا وبكميات جيدة، وفي أكتوبر الماضي تخطى عدد المحصنين بجرعتين ومن تلقوا اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المعتمدة في السعودية، حاجز الـ20 مليون شخص، فيما تجاوز إجمالي عدد الجرعات المعطاة منذ بدء التطعيم وحتى ذلك الحين 43 مليون جرعة.

نجاحات قادت إلى صدور قرار بالموافقة السامية في 17 أكتوبر الماضي، على تخفيف الإجراءات والقيود التي فُرضت جراء جائحة كورونا، بعدم الإلزام بارتداء الكمامة في الأماكن المفتوحة، فيما عدا الأماكن المستثناة، مع الاستمرار في الإلزام بارتدائها في الأماكن المغلقة.

ونص القرار على تخفيف الإجراءات الاحترازية للحاصلين على جرعتي لقاح (كوفيد – 19)، وذلك بالسماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، مع إلزام العاملين والزائرين بارتداء الكمامة في جميع الأوقات في جميع أروقة المسجد، والاستمرار في استخدام تطبيق «اعتمرنا» أو «توكلنا» لأخذ مواعيد العمرة والصلاة للتحكم بالأعداد الموجودة في آن واحد، في حين تمت الموافقة على إلغاء التباعد والسماح باستخدام كامل الطاقة الاستيعابية في التجمعات والأماكن العامة ووسائل المواصلات والمطاعم وصالات السينما ونحوها.