عربي ودولي

تركيا ودول الخليج.. لماذا تجافي السعودية خط الانفتاح المتبادل؟

مؤشرات عديدة على حدوث تغيير إيجابي في العلاقة بين تركيا ودول الخليج، ترجمت بزيارات متبادلة لمسؤولين من الدرجة الأولى، لكن السعودية ظلت استثناءً لهذا المشهد، الأمر الذي أثار مخاوف مراقبي العلاقات بين الرياض وأنقرة.

في وقت كشفت تقارير إعلامية عن زيارة مرتقبة لولي عهد الإمارات “محمد بن زايد” لأنقرة، الأربعاء المقبل، وصل وزير الخارجية البحريني “عبد اللطيف بن راشد الزياني” إلى العاصمة التركية، والتقى بنظيره، مولود جاويش أوغلو، الذي قدم مؤشرا على فتح صفحة جديدة بين تركيا ودول الخليج، بعد سنوات عديدة من الخلاف.

ومن المقرر أن يلتقي بن زايد بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة هي الأولى من نوعها منذ 2012 مهدت الطريق لسلسلة من التطورات منها زيارة ضابط الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى تركيا في أغسطس الماضي.

وأكد الزياني وتشاووش أوغلو عقب لقائهما في أنقرة الأسبوع الماضي على وجود “إرادة مشتركة للتعامل مع جميع القضايا التي تجمع البلدين من خلال الحوار”.

وأعرب وزير الخارجية التركي عن “سعادته البالغة” لعودة العلاقات الطبيعية مع دول الخليج، فيما تعهد نظيره البحريني بتسهيل عملية منح تأشيرات البحرين للمواطنين الأتراك خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة كلفه بنقل رسالة خطية منه إلى “أردوغان”.

وعلى عكس الموقفين المذكورين، لا توجد خطوات في الأفق تجاه تركيا من السعودية، أكبر دول الخليج. وعزا المحللون ذلك إلى “تباطؤ الأخيرة في إعادة العلاقات”، آخذين في الاعتبار أن “أنقرة لاعب إقليمي لا يمكن إهمال دوره في عدد من القضايا”. الملفات “بحسب موقع قناة” الحرة “الأمريكية.

توترت علاقات تركيا مع السعودية بسبب دعم أنقرة لقطر في خلاف بين البلدين الخليجيين، ثم تصاعد التوتر إلى مرحلة أزمة بعد اغتيال الكاتب والصحفي جمال خاشقجي المعارض لولي العهد السعودي محمد بن. سلمان داخل قنصلية بلاده باسطنبول.

وعقب هذه التطورات، تدهورت العلاقات أكثر فأكثر، ووصلت إلى نقطة المقاطعة التجارية للمنتجات التركية في السعودية، الأمر الذي أثر سلبا على نسبة الصادرات التركية إلى المملكة، منذ أكتوبر 2020.

وفي مايو الماضي، لم تكتسب زيارة جاويش أوغلو إلى الرياض زخمًا إعلاميًا ودبلوماسيًا داخل الأوساط السياسية السعودية، وهو ما أظهره السياسيون أو وسائل الإعلام الرسمية التي تتحدث باسم المملكة.

ويرى الباحث في الشأن التركي “مهند حافظ أوغلو”، أن “الرياض قد تتخذ خطوات نحو أنقرة، وإن كان ذلك بشكل أبطأ. وسيستغرق الأمر وقتًا لأن السعودية وتركيا دولتان إقليميتان، وتتنافسان بشكل مباشر على العالم الإسلامي”.

ويضيف الباحث التركي: “للرياض العديد من الحسابات والرؤى المختلفة، وهذه الرؤى تحتاج إلى مزيد من الهدوء والبطء تجاه أي سياسة خارجية مع تركيا”.

وأشار إلى أن “التغيير في السياسة الخارجية لدول الخليج تجاه تركيا مرتبط بوصول إدارة بايدن إلى البيت الأبيض قبل نحو عام”، مبيناً أن “هذا الوصول انعكس سلباً، ودفع دول الخليج للبحث لتحالفات واتصالات جديدة تضمن لها بعض القوة والدور في ملفات كثيرة، حتى لو كانت البدايات من البوابة الاقتصادية.

فيما يرى المستشار السابق في الخارجية السعودية “سالم اليامي” أن أسباب التوتر السعودي مع تركيا تختلف عن باقي دول الخليج. منذ عام 2016، ساد التوتر الشديد مع الإمارات بعد الانقلاب الفاشل في تركيا. أما بالنسبة للسعودية، فقد بدأ التوتر بشكل رئيسي منذ عام 2018. في أعقاب مقتل خاشقجي في اسطنبول.

واعتبر اليامي أن التغيرات في المواقف مرتبطة بأمور كثيرة تغيرت إقليميا، منها “التقارب الحذر المصري التركي”، وحالات التقارب التركي الخليجي التي فرضتها حالة المصالحات التي سادت المنطقة منذ قدومها. من الإدارة الأمريكية الجديدة.

وأشار إلى أن السعودية “تعلم أن تركيا لاعب إقليمي لا يمكن إغفال دوره في عدد من الملفات، لكنها بطيئة في إعادة العلاقات إلى عهدها السابق”.

وفي هذا السياق، يرى الباحث السياسي الكويتي فهد الشليمي أن العلاقات الخليجية مع تركيا في الماضي مرت “بفترات تراجع وانتعاش، لكن هذه العلاقات اليوم متباينة، مشيرًا إلى أن علاقة تركيا بالكويت مستقرة. مع عمان الهادئة. بقطر ممتاز. مع عودة الإمارات. السعودية تنتظر.

ويرى الشليمي أن السعودية بحاجة إلى مبادرات من الحكومة التركية، موضحا أن “الرياض لن تتخذ الخطوة الأولى، لأن تركيا هي التي تتعرض لضغوط سواء كانت اقتصادية أو غير ذلك”، على حد قوله.