قصة النبي دانيال – مكساوي
قصة النبي دانيال هي من قصص الأنبياء التي ترد بهدف الاتعاظ والاعتبار مما احتوته مواقف الأقوام السابقة فيها، وحتى يحرص المؤمن على ألا يقع في خطأ قومٍ منهم ويرهب ذلك الفعل، كما يتيقن المؤمن بأن الله سبحانه ينصر من يسير على الطريق القويم، فقصص الأنبياء وسير الصحابة والتابعين هي خير مثال واقعي وفعلي للتعلم والاستفادة منه، ومن خلال موقع مكساوي نقدم لكم أبرز ما اشتملت عليه قصة أحد أنبياء الإسلام، والذي ذكره التراث المشترك بين ديانتي اليهودية والمسيحية، إضافة إلى ارتكاز سفر دانيال على قصته.
قصة النبي دانيال
قام الإمام الحافظ إسماعيل بن كثير المتوفى سنة 774 بشرح قصة نبي الله دانيال في كتابه البداية والنهاية، وهو كتاب موسوعي يضم كثيرًا من القصص التاريخية، ولم يتيقن العلماء من المعلومات الكاملة حول النبي دانيال كوقت بعثه، إلا أنهم علموا بتواجده في الفترة الزمنية التي تلي النبي داود-عليه السلام-.
- إحدى ملوك بابل المسمى بختنصر -وله مسميات أخرى- قام بإلقاء النبي دانيال في بئر، كما قام بتسليط أسدين عليه.
- لكن لم يفعل الأسدين له شيئًا، فأدى ذلك إلى مكوثه فترة حتى اشتهى طعامًا.
- وكان في الشام أحد الأنبياء المرسلين إلى بني إسرائيل، وهو أرميا.
- أوحى الله سبحانه إلى أرميا أن يقوم بإعداد الطعام والشراب إلى النبي دانيال.
- فقال أرميا لربه أنه في الأرض المقدية، ودانيا في أرض بابل بالعراق، فأرسل إليه الله وحيًا بأن يفعل ما أمره به، وسيرسل له من يحمله.
- فقام أرميا بتنفيذ أمر الله تعالى، وحُمل أرميا حتى رأس البئر.
- فسأله دانيال عمن هو؟ فأجابه بأنه أرميا، ارسله الله إليه بهذا الطعام.
- قال دانيال: وقد ذكرني ربي؟ فرد عليه أرميا بالإيجاب، فحمد النبي دانيال ربه قائلًا:
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَخِيبُ مَنْ دَعَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ يَكِلْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالصَّبِرِ نَجَاةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ يَكْشِفُ ضُرَّنَا بَعْدَ كَرْبِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ ثِقَتُنَا حِينَ يَسُوءُ ظَنُّنَّا بِأَعْمَالِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ رَجَاؤُنَا حِينَ تَنْقَطِعُ الْحِيَلُ عَنَّا".
معجزة النبي دانيال
- لم يعرف العلماء والمفسرين أمورًا كثيرة عن النبي دانيال -عليه السلام- إلا أن الرواية التوراتية ذكرت بأنه يستطيع تفسير الأحلام للملوك.
- وهو الأمر الذي جعله فردًا بارزًا في البلاط البابلي.
- فتقول الرواية أنه تعلم بعدما انضم إلى السبي البابلي بعد أن أمر نبوخذ نصر بحضوره إليها.
- وكان يرافقه ثلاثة أشخاص هم ميشائيل، وحننيا، وعزريا.
- وكان ذلك في العام 605 قبل الميلاد، فاكتسب لغة الكندانيين بالتعلم.
- إضافةً إلى أنه ترشح مع الثلاثة فتيان الذين رافقوه لأداء الخدمة في البلاط الملكي.
- فتمكن النبي دانيال بفضل الله من أن يُظهر العلم والحكمة التي تميز بها.
- وعندما كان نبوخذ نصر منزعجًا بسبب حلم رآه في منامه، تمكّن النبي دانيال من تفسيره له.
- فقام نبوخذ نصر بمكافأته وجعله يحكم بابل ويرأس الحكام الباقين، وذلك ما ذكرته الروايات التوراتية.
من هو النبي دانيال في الإسلام
أكثر المعلومات المذكورة عن النبي دانيال مستمدّة من كتاب البداية والنهاية، والذي تضمن قصص الأنبياء -عليهم السلام-، وفي هذا الشأن يكثر التساؤل عن من هو النبي دانيال في الإسلام؟ فلا بد من العودة إلى المصادر الإسلامية قبل تصديق ما تمت قراءته.
- النبي دانيال في الإسلام هو أحد أنبياء الله الذين اختصهم بالعلم والحكمة.
- وعلى الرغم من عدم ذكره كثيرًا إلا أنه لا بأس من التحدث عنه تبعًا لما ورد في الأحاديث الصحيحة.
- فعن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “بلِّغوا عني ولو آيةً وحدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حرجَ ومن كذب عليَّ مُتعمِّدًا فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النارِ”، جاء في صحيح ابن حبان.
- في حديث مسند إلى أبي العالية ذُكر فيما معناه، أنه عندما افتتحوا تستر وجدوا رجلًا ميتًا بجانب رأسه مصحف في مال بيت الهرمزان، فأخذوا بالمصحف إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقرأه بعدما نسخه كعب إلى العربية.
- فلما سألهم عمّا صنعوه به قالوا بحفرهم 13 قبر ودفنه في إحداهم وتسوية القبور حتى لا يروه الناس وينبشوا قبره، فقد يؤدي إلى شركهم بالله عز وجل.
- وقالوا بأنه يظنّوه رجلًا يدعى دانيال، وقد وجدوه منذ 300 سنة لم يتغير منه إلا شيء بسيط.
- وفي الحديث دلالة على اختصاص الله سبحانه وتعالى لأنبيائه بتحريم أجسادهم على الأرض، ففي نهاية حديث أبي العالية قال: “إنَّ لحومَ الأنبياءِ لا تَبلِيها الأرضُ ولا تأكلُها السِّباعُ”.
ما هو لقب دانيال النبي
في بعض الأحيان تختلف المسميات والألقاب المذكورة من مصدرٍ لآخر، والتي تختص بالأعلام والأنبياء وغيرهم، لذا فإن حصر المسميات يحقق التزود بالعلم والمعرفة حتى إن اختلفت اللغات، فالعبرية تختلف عن العربية.
- تمت كتابة اسم دانيال في الكتاب المقدس بصورة “دانِيآل”.
- وفقًا لما جاء في الروايات التوراتية فإن نسب النبي دانيال يعود إلى سبط يهوذا.
- سبط يهوذا هم بنو إسرائيل، وهو لقب من التوراة يتم إطلاقه على اثني عشر ابنًا ليعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
- وقد جاء لقب دانيال في المصادر التراثية المشتركة بين اليهوديين والمسيحيين.
- حيث يعد واحد من أربعة أنبياء كبار.
صفات دانيال النبي
إن لقصص الأنبياء الكثير من العبر، والتي نستنبطها من المواقف والأقاويل التي لا تخالف الشريعة الإسلامية، ولكل نبي صفات اختص بها كات سببًا في إعانته على تبليغ الرسالة، والدعوة إلى الله عز وجل، فهو سبحانه مصدر الوحي لجميع الأنبياء، وكل نبي يحمل الرسالة المناسبة لحال قومه.
- أنعم الله تعالى على النبي دانيال بصفة الحكمة، والتي كانت سببًا في وصوله إلى أحد أعلى مناصب القصر الملكي.
- ولكل نبي قدر وفير من العلم، وهو مما اتصف به النبي دانيال.
- يعد اسم دانيال من الأسماء العبرانية المركبة.
- حيث انقسم إلى جزئين أولهما يعني قاضي، والآخر إيل بمعنى “الله”.
الآية التي ذكر فيها النبي دانيال
- لم يتم ذكر النبي دانيال في الآيات القرآنية، ولم يُشر إليه المفسرون.
- لكن تمت الإشارة إليه في مصادرٍ إسلامية وأحاديث شريفة جاءت بأسانيد صحيحة.
- كما ذكر في الروايات الغير مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه أنه لا حرج من التحدث بقصص بني إسرائيل.
- وفي وقتنا الحالي يتواجد قبر النبي دانيال الذي عثر عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- في مسجد يحمل اسمه في مصر.
- على وجه التحديد في كوم الدكة بمنطقة العطارين في مدينة الإسكندرية، وقد أصبح هذا المسجد معلمًا مشهورًا.
بهذا نكون قد اطلعنا على قصة النبي دانيال واستنبطنا الفوائد المرجوّة منها، والتي تتضمن الحرص على حمد الله عز وجل في كل وقت وحين، كما ذكرنا كمًّامعرفيًا وفيرًا من مختلف المصادر، واعتمدنا في ذلك على الكتب الإسلامية التي أوردت ملامح من قصته، ونرجو بأن تكونوا قد استفدتم من خلال قراءتكم.
