نجحت سوسن أحمد، التي لم تُصبح مراهقة حتى اللحظة، في أن تحصل على دبلومة في العلوم البيولوجية بسن الـ12، عقب التحاقها بكلية «بروارد الأمريكية» قبيل نحو عامين، لتصبح بذلك أصغر خريجة في تاريخ الكلية الواقعة بولاية فلوريد، التي يعود تاريخ إنشائها لأكثر من 60 عامًا، فما هي قصة هذه الطفلة المعجزة؟
مستقبل متوقع
للمفارقة، لم يكُن نجاح الطفلة المصرية «سوسن» مفاجئًا، على الأقل لوالديها؛ الدكتور «وسام أحمد»، والدكتورة «چينا أحمد»، حيث لاحظا امتلاكها قدرا ما من الذكاء بعد فترة وجيزة من ولادتها.
حسب الوالد، بدأت ملامح سرعة البديهة تظهر سريعًا على ابنته، حيث كانت تتوقف عن البُكاء فور ترديده الأذان، وهو ما جعل الوالد يهرع ليخبر زوجته بأن «سوسن» التي كانت ترفض التوقُّف عن البكاء قبل سماع صوته، توقفت حين أنصتت إلى ترديده الأذان؛ ما يعني أنها تعرّفت على صوته، مرجعًا ذلك إلى الأشهر التي قضاها متحدثًا إليها أثناء استقرارها في رحم والدتها.
وعلى الرغم من رومانسية هذا الطرح، آمن «وسام» بأن ابنته تمتلك معدل ذكاء مرتفعا، مقارنةً بالأطفال في عمرها، حتى إن لم توافقه زوجته عليه.
بمجرد وصول «سوسن أحمد» لعمر الـ9 أشهر، اتضح أن هذه الطفلة فريدة من نوعها، حيث بدأت في ترديد عبارات مثل: «ماما»، «إلى اللقاء»، وعند وصولها للثانية من العُمر، كانت تستطيع القراءة والكتابة، على الرغم من أن العُمر المتوقع لامتلاك الأطفال مهارة كتلك هو الخامسة على أقل تقدير.
خطوة على الطريق الصحيح
عند هذه اللحظة، أدرك والدا «سوسن أحمد» يقينًا أن ابنتهما تمتلك معدل ذكاء مرتفعا، بالتالي، قاما بدراسة كيفية تعليمها، وتوصّلا في النهاية إلى أن تتولى والدتها «چينا» مهمة التدريس للطفلة المعجزة في المنزل، خاصةً أنها حاصلة على درجة الدكتوراه من نفس الكلية التي ستتخرج منها «سوسن» لاحقًا.
«كل مراحل تعليم سوسن كانت مدفوعة بفضولها كطفلة، عندما كانت تُظهر اهتمامًا بأي موضوع كنّا نغوص فيه ونحاول الإجابة على أسئلتها بأفضل شكل ممكن».
«چينا سانتوس»، والدة الطفلة سوسن أحمد.
تعلمت «سوسن» بسرعة، وحثتها الأسرة على الاشتراك في القرارات المصيرية، فمثلًا؛ حين كانت في الخامسة من عمرها، عندما درسوا إيجابيات وسلبيات الانتقال إلى «ويستون» في عام 2014 أو البقاء في «رود آيلاند»، سأل أحمد ابنته عما تريد أن تفعله، وكانت تتطلع إلى زيارة «ديزني»، لذلك صوتت على الانتقال لمنزل جديد.
«سوسن أحمد».. أصغر مما تتوقع
في التاسعة من عمرها، شعرت سوسن بأنها مستعدة لاجتياز اختبار الاستعداد للتعليم ما بعد الثانوي لتحديد ما إذا كان يمكنها التعامل مع العمل على مستوى الكلية، وبطبيعة الحال كانت الأسرة تدعم هذا القرار وبشدة، لكن دون إجبارها على أي شيء بعينه.
التحقت «سوسن أحمد» بكلية «بروارد» في يناير 2018، واختارت التسجيل المزدوج للحصول على دبلوم المدرسة الثانوية في نفس الوقت.
عندما أخذتها والدتها إلى الحرم الجامعي أول مرة للحصول على بطاقة هويتها، افترض كُل من رآها أن الوالدة هي من تُقدّم طلبًا للحصول على بطاقة الهوية، نظرًا لصغر سنّها، لكن هذا الانطباع تغيّر تمامًا بعد فترة وجيزة من حضورها للدراسة.
«في البداية، كان الجميع يساعدني، ووصفوني بالطفلة الجميلة، ولكن بحلول نهاية الفصل الدراسي، كان الطلاب يطلبون مني المساعدة بشأن الأسئلة التي لا يستطيعون الإجابة عليها».
سوسن متحدثةً عن أول فترة لها بكلية بروارد.
ماذا بعد؟
أعربت الطفلة المعجزة عن اتخاذها بعض النساء قدوة ومثلا أعلى، ومن ضمنهن، أندريا جيلاتلي، مهندسة الطب الحيوي، والتي تعمل في مجال بناء الروبوتات التي يمكن لها تحمُّل الضرر، وهو ما يشبه جدًا تخصصها كمهندسة طب حيوي.
في الواقع، لم تجد «سوسن أحمد» أي صعوبات في دراسة المواد العلمية، لكنها عانت في بعض المواد النظرية، خاصةً «الفنون الليبرالية»، لأنها تتطلّب مهارة الحفظ، لكنها استطاعت بالمزيد من المجهود تخطي هذه المشكلة.
على الصعيد المهني، تطمح «سوسن أحمد» في العمل في مجال الذكاء الاصطناعي في الطب، خاصةً بعد أن قرأت دراسة خلصت إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أكثر دقة من الأشعة في اكتشاف السرطان لدى المرضى، لذا فهي تريد استكشاف هذا الاحتمال.
تأمل «سوسن» في أن تعمل في مجال هندسة الطب في المستقبل، حيث ترى أنّ الفيزيائيين، مثل والدها، يمكنهم إنقاذ حياة البشر باختراعاتهم مرة واحدة، بينما إن استطاعت هي اختراع تكنولوجيا ما تعمل جنبًا لجنب مع الطب، يمكنها وقتئذ أن تنقذ عديد الأرواح من الأمراض للأبد.
في النهاية، ربما لم تكن «سوسن أحمد» لتصل إلى هذه المرحلة دون تشجيع أسرتها ومحيطها، لكن الأهم هو أنها تعتقد أنّ الدافع الأهم لتحقيق الإنسان أي شيء هو التعلّق بالحُلم، والإصرار على معانقة السماء.