منوعات

ما العوامل المؤثرة في النظام التعليمي؟

تتنوع العوامل المؤثرة في النظام التعليمي ما بين طبيعية ودينية وسياسية واقتصادية، حيث تتداخل القوى والعوامل المختلفة وتؤثر وتتأثر ببعضها البعض.

إذا سلطنا الضوء على العامل الجغرافي سنجد أن الدول التي يتميز طقسها ببرودة قارسة تبدأ مرحلة التعليم الإلزامي داخلها في سن متأخرة عن الدول التي يتميز طقسها بالاعتدال، أما بالنسبة للعامل الاقتصادي فنجد أن الدول التي تمتلك اقتصادا ناجحا لديها أساليب متطورة في التعليم، وتنشئ مؤسسات متكاملة ومجهزة للعملية التعليمية، وذلك عكس الدول المنهارة اقتصاديًا حيث تتبع طرقا بدائية وتقليدية في العملية التعليمية مما يجعلها عاجزة عن مواكبة العصر.

العوامل المؤثرة في النظام التعليمي

ذكر سدلر أحد رواد البحث في الأنظمة التعليمية المختلفة، أن النظام التعليمي جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع، وأكد فردريك شنايدر مدير معهد التربية المقارنة بسالزبورج سابقًا بأن شخصية الأمة وموقعها الجغرافي والحياة الاجتماعية والسياسية والتاريخية وغيرها هي التي تشكل نظام التعليم، وقد تم تقسيم العوامل المؤثرة في النظام التعليمي إلى عدة أقسام تتمثل في التالي:

أولًا: العامل الاقتصادي

العوامل المؤثرة في النظام التعليمي

يعد الوضع الاقتصادي من أهم العوامل المؤثرة في النظام التعليمي وخطط تطويره، فانتعاش الاقتصاد يؤدي إلى نشر التعليم المدرسي، والتوسع في الفرص التعليمية وجودة التعليم وتحسين دور المدرسة وما تقدمه من خدمات تربوية للمتعلمين، وتحقيق رخاء ورفاهية لأبناء المجتمع.

حيث تزداد معدلات الالتحاق بالمدارس ويتم توفير تعليم إلزامي ومجاني لجميع الأطفال، وإدخال التكنولوجيا الجديدة وتوظيفها داخل العملية التعليمية، وتزيد معدلات الإنفاق على التعليم.

بينما الدول التي تعاني من أزمات ومشكلات في الوضع الاقتصادي، نجد فيها تفاوتا في الفرص التعليمية والخدمات التربوية، وتدني محتوى التعليم وضعف الموارد المالية المخصصة للتعليم، ومن ثم تبدأ المؤسسات التعليمية في الانهيار داخل الدولة، وتقل فكرة إنشاء مدارس إضافية، ويحدث تكدس داخل الفصول التعليمية مما يعيق عملية التعلم.

وهذا ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز حينما نشرت عدة آراء حول تأثير الفصول المتكدسة على عملية التعلم، فكانت تتضمن أن تكدس الفصول تعمل على تشتيت الانتباه وتعوق التواصل مع المعلم، وتصبح المدرسة بيئة طاردة للطلاب.

ثانيًا: العامل الجغرافي

يؤثر المناخ في تحديد بداية سن الالتحاق بالمدارس والمباني المدرسية وتجهيزاتها، ففي دول حوض البحر المتوسط على سبيل المثال اليونان وإيطاليا ومصر نجد المناخ معتدلا، فيبدأ التعليم الإلزامي من سن السادسة ويسبقه تعليم ما قبل المدرسة من سن الثالثة.

بينما في الدول الإسكندنافية حيث الشتاء القارس والعواصف الثلجية؛ يبدأ التعليم الإلزامي متأخرًا في سن السابعة وتقل نسبة الأطفال الملتحقين بالتعليم ما قبل المدرسة.

أما بالنسبة لطبيعة المباني المدرسية من حيث مواد البناء والتجهيزات فتختلف من دولة إلى أخرى وفقًا لطبيعتها الجغرافية، ففي اليابان نجد عدم استقرار جيولوجي؛ حيث البراكين النشطة المتكررة والثورات البركانية والهزات الأرضية التي تتسم بالعنف والدمار وكذلك في إندونيسيا.

ومن ثم نجد مادة بناء المدارس تكون من الخشب أو الطوب، والمدارس المفتوحة لا يمكن إنشاؤها في الدول الإسكندنافية حيث الطقس القاسي.

ثالثًا: العامل السياسي

العوامل المؤثرة في النظام التعليمي

يتضمن العامل السياسي نظام الحكم ونوع الحرية التي ينمو في إطارها المجتمع ودرجات الاستقلال السياسي والاقتصادي والفكري، والدول المستقلة التي تنعم باستقرار سياسي وعلاقات سلمية مع الدول الأخرى نجد نظامها التعليمي مستقرا، بينما الدول التي تعاني من حروب ونزاعات سواء داخلية أو خارجية، نظامها التعليمي متأخر وغير مستقر نظرًا لتأثر اقتصادها وعلاقاتها الدولية.

رابعًا: العامل التاريخي

تتأثر الأنظمة التعليمية بالأحداث التاريخية، حيث نجد أن العامل التاريخي يفسر تطور النظم التعليمية والخصائص القومية للمجتمعات، وكيف نشأت وما تواجهه من قضايا ومشكلات والأسباب التي أوجدتها.

فنجد على سبيل المثال اليابان قد تأثرت بالفترات التاريخية التي مر بها المجتمع الياباني عام 1868م، وكانت أولوية الحكومة إصلاح التعليم والاستفادة من النظم التربوية الغربية.

وقد تأثر أيضًا النظام التعليمي في ألمانيا بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، حيث انقسمت ألمانيا حينها إلى دولتين ألمانيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية، ومن هنا اختلف نظام التعليم حيث نجد ألمانيا الاتحادية كان التعليم فيها إلزاميا ومجانيا، أما ألمانيا الديمقراطية فكان التعليم فيها اشتراكيا مستمدا من الفلسفة الماركسية اللينينية، ثم أصبحت ألمانيا بعد ذلك دولة واحدة عام 1990م، وأصبح تعليمها ديمقراطيا.

خامسًا: العامل الديني

يؤثر الدين في حياة المجتمعات المختلفة؛ فهو يشكل ثقافة المجتمع ويحدد قيم الأفراد ومفاهيمهم وأنماط تفكيرهم، وعاداتهم وتقاليدهم ووجهة نظرهم تجاه الحياة والكون.

لذا تعمل الدولة جاهدة للحفاظ على المعتقدات الدينية والتراث الثقافي، ويتم بناء النظم التعليمية وفق أسس ومبادئ دينية معينة، كما تلتزم النظم التعليمية بتدريس الدين الرسمي للدولة الذي ينص عليه الدستور، بالإضافة إلى حق الأقليات الدينية في دراسة دينها.

سادسًا: اللغة

اللغة هي وعاء الفكر التي يتم من خلاله التعليم والتعلم والتعبير عن الأفكار وغيرها من خلال التواصل اللغوي، وهناك دول لها لغة واحدة رسمية يتم التحدث والدراسة بها، بالإضافة للغات أجنبية أخرى أولها اللغة الإنجليزية التي تخدم فكرة العولمة لجعل العالم بأثره يتحدث بلغة واحدة.

وتوجد دول أخرى تتعدد لغاتها الرسمية مثل الهند التي ينص دستورها على 16 لغة رسمية، وبلجيكا وكندا تتميز كل واحدة منهما بوجود لغتين رسميتين للدولة ويتم الدراسة بهما.

سابعًا: العوامل التكنولوجية

العوامل المؤثرة في النظام التعليمي

يعد التفاوت في التطور التكنولوجي من أبرز العوامل المؤثرة في النظام التعليمي، حيث تؤثر التكنولوجيا على وسائل التدريس ونوع التعليم.

فنجد أن الاتصال المعلوماتي وفر فكرة التعلم عن بعد وأتاح للعديد من الطلبة الحصول على شهادات وخبرات ومهارات عديدة من خلال التعلم الإلكتروني.

في حين نجد دولا أخرى لا تمتلك وسائل تكنولوجية حديثة فتظل في إطار التعليم التقليدي، ولا تستطيع تنمية مهارات المعلمين والطلبة في استخدام الوسائل التكنولوجية.

ثامنًا: الجنس

يتأثر التعليم في العديد من الدول التي تضم أجناسا مختلفة، حيث يحدث تمييز بين الأجناس بنًاء على الأسس العرقية؛ ويتم إتاحة الفرص التعليمية والخدمات التربوية لأغلبية الجنس السائد داخل الدولة أو للأقليات المتميزة داخلها.

ففي الولايات المتحدة توجد تفرقة بين تعليم الأطفال البيض والأفارقة منذ زمن بعيد، فعلى الرغم من المناداة بمبدأ المساواة في التعليم إلا أنه يوجد أطفال أفارقة يتعلمون في مدارس فقيرة، وتختلف تجهيزات فصولهم عن فصول الأطفال البيض.

وفي جنوب إفريقيا أيضًا توجد عدة مجموعات عرقية، البيض من أصل أوروبي، والبانتو هم السكان الأصليين لإفريقيا، والآسيويون من أصل أسيوي، والملونون من أصل مختلط، وقد ساد عدم المساواة بين الأقلية البيضاء والأغلبية السوداء، ثم تمت المساواة بينهم بعد ذلك ولكن مع اختلاف مدة التعليم الإلزامي.

فالبيض يبدأ التعليم الإلزامي لديهم من سن السابعة حتى السادسة عشرة، بينما الآسيويون والملونون من السابعة حتى الخامسة عشرة.