منوعات

إدمان الأفلام الإباحيّة: أسبابه، ومضاعفاته، وطرق التخلص منه

ما هو إدمان الأفلام الإباحيّة؟

من المهم أن تنتبه إلى أنَّ “إدمان المواد الإباحيّة” ليس تشخيصاً رسمياً مُعتمَداً من قِبَل “الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين”، لكنَّ الإحساس برغبةٍ لا يمكن التحكّم بها في مشاهدة المواد الإباحيّة قد يكون بالنسبة إلى بعض الأشخاص مشكلةً كغيرها من السلوكات الإدمانية. ولأنَّ “إدمان المواد الإباحيّة” غير مُعتمَدٍ من قِبَل “الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين” لا يوجد معيار يَعْتَمِد عليه المتخصّصون في الصّحّة العقليّة في تشخيص هذا الإدمان. سنتعرّف في هذا المقال على الفرق بين السلوك القهري (compulsion) والإدمان، وسنرى كيف:

  • تتعرّف إلى العادات التي قد تُعَدُّ مُسبِّبةً للمشاكل.
  • تُخَفِّف تعلّقك بالسلوكات غير المُستحبَّة أو تتخلص منها.
  • تعرف متى تراجع أخصائي صحة ذهنية.

أتُعَدُّ متابعة المواد الإباحيّة إدماناً حقَّاً؟

بما أنَّ الناس قد يخشون الحديث عن إدمان المواد الإباحيّة من الصعب أن نعرف كم من الناس يتابعون هذه المواد بشكلٍ منتظم أو كم منهم لا يستطيعون مقاومتها.

وجد استطلاعٌ أجراه معهد (Kinsey Institute) أنَّ 9% من الأشخاص الذين يتابعون المواد الإباحيّة يحاولون التوقف عن ذلك ولا ينجحون. علماً أنَّ الاستطلاع أُجري في عام 2002 ومنذ ذلك الحين أصبح الوصول إلى المواد الإباحيّة أسهل بكثيرٍ من خلال الإنترنت وخدمات بث مقاطع الفيديو. هذه السهولة في الوصول جعلت التوقف عن متابعة هذه المواد أكثر صعوبةً بالنسبة إلى أولئك الذين أضحت متابعة المواد الإباحيّة مشكلةً بالنسبة إليهم.

لم يُصنِّف “الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية” (وهو نشرةٌ أصدرتها الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين لمساعدتهم في تشخيص الاضطرابات النفسية) الإدمان على المواد الإباحيّة مرضاً نفسياً بشكلٍ رسمي، لكنَّ بحثاً يَذْكُر أنَّ السلوكات الإدمانيّة تُعَدُّ خطيرةً، واستنتجت مقالةٌ بحثيةٌ أُجريَت عام 2015 أنَّ الإدمان على المواد الإباحيّة التي تُبَثُّ عن طريق الإنترنت والإدمان على المخدرات يَحْدُثَان وفق الآليات الأساسيّة نفسها.

في المقابل وازن أحد الأبحاث أدمغة أشخاص مدمنين على مشاهدة المواد الإباحيّة وأدمغة أشخاص آخرين مدمنين على الكحول أو المخدرات وكانت نتائج البحث متباينة. ويَذْكُر باحثون آخرون أنَّ متابعة المواد الإباحيّة قد تكون سلوكاً قهريَّاً أكثر من كونها إدماناً.

ثمَّة اختلافٌ بسيط بين السلوكات القهريّة والإدمان؛ السلوكات القهرية هي سلوكاتٌ متكرّرة لا يؤدي العقل أيّ دورٍ في إثارتها لكنَّها تُمارس غالباً لتخفيف القلق. بينما تتميز السلوكات الإدمانية بعدم قدرة المدمنين على التوقف عن ممارسة السلوك على الرغم من عواقبه الوخيمة، وفي كِلا النوعين يفتقر ممارسو هذه السلوكات إلى القدرة على التحكم بسلوكاتهم.

وفي جميع الأحوال إذا تحوّلت متابعة الأفلام الإباحيّة إلى مشكلة ثمَّة طرق يمكن اتباعها لحلّ هذه المشكلة.

ما هو شكل الإدمان؟

الاكتفاء بمشاهدة المواد الإباحيّة أو الاستمتاع بها لا يجعلك مدمناً عليها، إذ إنَّ حالات الإدمان تعني افتقار الشخص إلى القدرة على ضبط تصرفاته وهذا قد يسبب له مشاكل كبيرة. قد تكون متابعة أيّ نوع من المواد الإباحيّة مثيرةً للقلق في حال:

  • كان مقدار الوقت الذي تقضيه في مشاهدتها يزداد يوماً بعد يوم.
  • شعرْتَ أنَّك في حاجةٍ إلى “جرعةٍ” منها وكانت هذه “الجرعة” تمنحك إحساساً بالنشوة.
  • شعرْتَ بالذنب نتيجة العواقب المترتبة على عملية المشاهدة.
  • قضيْتَ ساعاتٍ متواصلة في تصفُّح المواقع الإلكترونية التي تعرض مواداً إباحيّة حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن المسؤوليات أو الحرمان من النّوم.
  • أصرَّيْتَ على أن يشاهد شريكك (زوجتك/زوجكِ) المواد الإباحيّة ويُقلِّد ما يُعرَض فيها حتى لو كان لا يريد ذلك.
  • لم تكن قادراً على الاستمتاع بممارسة الجنس إذا لم تشاهد المواد الإباحيّة أولاً.
  • لم تستطع مقاومة المواد الإباحيّة على الرغم من أنَّها تُخرِّب حياتك.

ما أسباب الإدمان على المواد الإباحيّة؟

من الصعب أن نعرف لماذا تتحول متابعة المواد الإباحيّة في بعض الأحيان إلى سلوكٍ خارجٍ عن السيطرة. إذ قد يبدأ المرء بمتابعة المواد الإباحيّة لأنَّها تثير إعجابه وقد لا يبدو أنَّ ثمَّة مشكلةً في متابعتها. قد تستمتع بالنشوة التي تمنحك إيَّاها وتجد أنَّك تريد الحصول على مزيدٍ منها، في ذلك الوقت قد لا تهتم بالمشاكل التي قد يسببها التعود على مشاهدة هذه المواد أو بالإحساس السيء الذي تشعر به بعد مشاهدتها، وتفقد قدرتك على مقاومة الرغبة في الحصول على النشوة الآنية التي تمنحك إياها متابعة تلك المواد. وإذا حاولت التوقف عن ذلك قد تجد ببساطةٍ أنَّك غير قادرٍ على ذلك، وبهذه الطريقة يتسلّل السلوك الإدماني إلى حياة الناس.

يُظْهِر أحد الأبحاث أنَّ أنواعاً معينةً من السلوكات الإدمانية -كالإدمان على استخدام الإنترنت- تَحْدُثُ فيه عمليات عصبية تشبه تلك التي تجري عند الإدمان على المخدرات – ومثله الإدمان على متابعة المواد الإباحيّة المنتشرة على شبكة الإنترنت.

قد يبدأ الإدمان في فترةٍ تُحِسُّ فيها بالملل، أو الوحدة، أو القلق، أو الاكتئاب، ويمكن أن يُصيب الجميع – مثل غيره من السلوكات الإدمانيّة.

أيمكن أن يتوقف الشخص وحده عن متابعة المواد الإباحيّة أم أنَّه في حاجةٍ إلى مراجعة أخصائي؟

يمكنك أن تتوقف وحدك عن متابعة المواد الإباحيّة، وإليك بضعة أمور يمكنك القيام بها من أجل ذلك:

  • احذف جميع المواد الإباحيّة الإلكترونية أو الإشارات المرجعية (Bookmarks) الموجودة على كافة أجهزتك الإلكترونية.
  • تخلَّص من جميع المواد الإباحيّة المطبوعة.
  • دع شخصاً آخر يُحمِّل برنامجاً مُضاداً للمواد الإباحيّة على جميع أجهزتك الإلكترونية دون أن يعطيك كلمة المرور.
  • ضع خطةً حدّد فيها نشاطاً آخر أو نشاطين آخرين تستطيع ممارسته أو ممارستهما حينما تأتيك تلك الرغبة المُلِحَّة في متابعة المواد الإباحيّة.
  • حينما ترغب في متابعة المواد الإباحيّة تذكَّر كيف أنَّها تؤثِّر في حياتك – ودوِّن ما تفكِّر فيه إذا كان ذلك مفيداً.
  • فكِّر في الأمور قد تثير رغبتك في متابعة هذه المواد وتجنَّبها.
  • تعاون مع شخصٍ آخر، ودعه يسألك عن التقدم الذي أحرزته في الامتناع عن متابعة المواد الإباحيّة ويحاسبك في حال رأى منك أيّ تقصير.
  • احتفظ بدفتر مذكَّرات دوِّن فيه الإخفاقات التي تتعرّض لها، والملاحظات التي تحتاج إلى تذكُّرها، والأنشطة البديلة التي انتفعْتَ بممارستها.

ما الخيارات الأخرى المتاحة لعلاج إدمان متابعة المواد الإباحيّة؟

جرب أن ترى أخصائي علاج -إذا كان ذلك ممكناً- لتناقش معه المخاوف التي تراودك، إذ يستطيع أخصائيو العلاج إعطائك خطة علاج خاصة تساعدك في التغلب على تلك المخاوف.

1. العلاج:

إذا كنت تعتقد بأنَّك تعاني من سلوكٍ قهريٍّ أو إدمانيّ من الأفضل أن يُعايِنَك أخصائي صحة نفسية. قد يكون هذا مفيداً بشكلٍ خاص إذا ظهر عليك أيضاً القلق، أو ظهرت عليك علامات الاكتئاب، أو اضطراب الوسواس القهري. وبناءً على مدى تأثُّر حياتك بالمواد الإباحيّة قد يقرّر الأخصائي منح المشورة إمَّا إلى الفرد وحده، وإمَّا إلى مجموعةٍ من الأشخاص المحيطين به، وإمَّا إلى أفراد العائلة كلها.

احترس من الأخصائيين الذين يَدّعُون أنَّهم متخصّصون في تشخيص إدمان المواد الإباحيّة وعلاجه، إذ من الصعب أن تتخصّص في علاج اضطرابٍ لا يُجمِع الخبراء على تعريفٍ محددٍ له أو ليس له معيارٌ تشخيصيٌّ موحَّد.

يساعد حضور جلسات لتلقّي المشورة في فهم أسباب السلوك القهري في المقام الأول، ويستطيع الأخصائي أن يساعدك في بناء آلياتٍ فعّالةٍ لمواجهة هذا السلوك وتغيير علاقتك مع المواد الإباحيّة.

2. مجموعات الدعم:

يستمِدُّ العديد من الناس القوة من خلال الحديث مع أشخاصٍ آخرين لديهم خبرة مباشرة في المسألة نفسها. اطلب من الطبيب المسؤول عن تقديم الرعاية الأوليّة، أو أخصائي الصحة النفسية، أو المركز الصحي المحلّي معلوماتٍ عن مجموعاتٍ تقدم الدعم لمدمني المواد الإباحيّة.

3. الدواء:

من ضمن العلاجات المُستخدَمة في حالات السلوكات الإدمانية بشكلٍ عام العلاج بالمحادثة والعلاج السلوكي الإدراكي، لكنَّ طبيبك قد ينصحك باستعمال الأدوية إذا كنت تعاني إلى جانب الإدمان من حالاتٍ مرضيةٍ أخرى كالاكتئاب أو اضطراب الوسواس القهري.

ماذا لو لم يُعالِج إدمان المواد الإباحيّة؟

يمكن أن يؤدي ترك حالات السلوك القهري والإدمان دون علاج إلى تدمير الحياة، لا سيما العلاقات العاطفية والجنسية التي تتأثر بشكلٍ سلبي. وقد يؤدي الإدمان على المواد الإباحيّة إلى:

قد يؤدي إدمان المواد الإباحيّة إلى مشاكل مهنيةٍ وماليةٍ أيضاً إذا أهملت مسؤولياتك أو قصَّرْتَ في التزاماتك أو إذا شاهدت هذه المواد في مكان العمل حيث يمكن أن يُعرِّضك ذلك إلى إجراءاتٍ تأديبية.

ما الذي يمكن أن تفعله إذا علمْتَ أنَّ شخصاً عزيزاً على قلبك يعاني من إدمان المواد الإباحيّة؟

قد لا تُشكِّل متابعة المواد الإباحيّة حالةً مَرَضيةً دائماً، فقد يكون نابعاً من حب الشخص للاستكشاف، لكنّ متابعة هذه المواد قد تتحول إلى مشكلة إذا لاحظْتَ أنّ الشخص العزيز على قلبك يقوم بـ:

  • يشاهد هذه المواد في أثناء العمل أو في أماكن وأوقات غير مناسبة.
  • يقضي كل يومٍ أوقاتاً أطول من التي كان يقضيها سابقاً في متابعة المواد الإباحيّة.
  • غير قادرٍ على الوفاء بالتزاماته الاجتماعية، أو المهنية، أو الالتزامات المُهمّة الأخرى.
  • يعاني صعوباتٍ على مستوى العلاقات.
  • حاوَلَ التخفيف من متابعتها أو التوقف عن ذلك لكنَّه لم يتمكَّن من الابتعاد عنها.

إذا ظهرَتْ على شخصٍ عزيزٍ عليك علامات السلوك القهري أو الإدمان ربما يكون قد حان الوقت لبدء التواصل معه لكن دون توجيه أيّ انتقادات.

مشاهدة المواد الإباحيّة بين الفينة والأخرى -أو حتى بشكلٍ دائم- لا يعني الإدمان عليها، لكن إذا حاولت التوقف عن متابعة هذه المواد ولم تتمكن من ذلك حاول التواصل مع أخصائي صحةٍ نفسيةٍ خبيرٍ في علاج حالات السلوك القهري، والإدمان، والاضطراب الجنسي. يمكن أن يساعد الأخصائي الخبير في التخلص من السلوكات الضارة والتنعُّم بمزيدٍ من الصحة في حياتك.

 

المصدر.