غير مصنف

أسعار النفط تتخطي حاجز 100 دولار مع نشوب صراع مسلح بين روسيا وأوكرانيا

في غضون أيام من بدء روسيا عمليتها العسكرية ضد أوكرانيا في 24 فبراير التي كانت تخشى منذ فترة طويلة، ارتفعت أسعار النفط الخام العالمية إلى أكثر من 100 دولار للبرميل وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2014.

في أواخر شهر يناير الماضي بلغ سعر خام برنت القياسي 90 دولارللبرميل بسبب تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا والضيق العام في السوق،وتوقع المحللون في ذلك الوقت أن الفرصة قد تكون مناسبة للمهتمين بمجال الاستثمار في النفط حيث ستتجه الأسعار نحو 100 دولار، وقد ثبت بالفعل أنهم على صواب، فعندما جاء الغزو الأسبوع الماضي أزعج سوق النفط وزاد من حالة عدم اليقين بشأن مستويات العرض، سيناقش هذا المقال تأثير الحرب الروسية الأوكرانية وعوامل أخرى على توقعات أسعار النفط 

الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع الأسعار

حافظت أسعار النفط الخام على أدائها القوي في عام 2021 وحتى الأسابيع القليلة الأولى من عام 2022، وتأرجحت العقود الآجلة لخام برنت حول 79 دولار للبرميل في بداية شهر يناير، بينما حامت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط حول سعر 76 دولار للبرميل.

استمرت أسعار النفط في التقدم مع استمرار شح العرض، في ظل مكافحة مستويات الإنتاج لمواكبة الطلب الناجم عن التعافي العالمي بعد الوباء، وخلال الأسابيع الأولي من العام كانت الأسواق أيضًا في حالة تأهب حيث واصلت روسيا حشد قواتها على طول الحدود الأوكرانية.

ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت إلى 90 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ ثماني سنوات في 26 يناير بعد الأنباء التي تفيد بأن الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو كانوا يقترحون فرض عقوبات على روسيا إذا غزت أوكرانيا،وارتفع خام غرب تكساس الوسيط أيضًا في نفس اليوم بأكثر من 87 دولار للبرميل.

وعلى مدار شهر يناير سجل خام برنت ارتفاعًا بما يقرب 14.82% وحقق خام غرب تكساس مكاسب بنحو 17.21%، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 25.97٪ هذا العام ، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط 26.69٪.

بعد أربعة أسابيع بقليل، وبالتحديد في 24 فبراير قفز سعر خام برنت إلى 105.79 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2014، حيث اخترقت القوات الروسية الحدود الأوكرانية.

عدم اليقين بشأن العرض

استمر انخفاض العرض في سوق النفط حتى عام 2022 نظرًا لأن منظمة أوبك بلس فشلت على نحو مستمر في تحقيق هدف الإنتاج،وتزامن النمو البطيء في إنتاج النفط مع الارتفاع السريع في الطلب العالمي مع تقلص المخاوف بشأن متغير أوميكرون.

توقع تقرير وكالة الطاقة الدولية لشهر فبراير أن الطلب العالمي على النفط من المقرر أن يتوسع بمقدار 3.2 مليون برميل يوميًا هذا العام ليصل إلى 100.6 مليون برميل يوميًا مع تخفيف قيود كوفيد.

أدى عدم التوافق بين العرض والطلب إلى السحب المستمر للمخزونات العالمية، وفقًا للتوقعات قصيرة الأجل لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية في 3 فبراير، بلغ متوسط ​​مخزونات النفط العالمية 1.8 مليون برميل يوميًا من الربع الثالث من عام 2020 حتى نهاية عام 2021.

وقد نتج عن الصراع بين روسيا و أوكرانيا إلى تكثيف المخاوف بشأن تعطل الإمدادات من روسيا التي تعتبر ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، كما أن الأزمة الروسية الأوكرانية حدثت في وقت تم فيه خفض المخزونات بشكل حاد بالفعل من خلال خفض إنتاج أوبك بلس بنحو 8 ملايين برميل يوميًا،وجاء الانخفاض استجابة لضعف الطلب أثناء الجائحة.

يتناقض الوضع الحالي مع السوق المفرط في العرض خلال حرب العراق في 2003-2004 وحرب الخليج في أوائل التسعينيات، فحاليًا تعتبر مخاطر الإمداد أعلى بشكل ملحوظ مما كانت عليه في صدمات العرض السابقة، في حرب العراق كان 1.4 مليون برميل في اليوم فقط تحت التهديد أي ما يعادل أقل من 2% من الإمدادات العالمية، أما في حرب الخليج التي أثرت على الإنتاج العراقي والكويتي كان التأثير أعلي قليلًا، حيث شكلت في ذلك الوقت حوالي 5 % من الإمدادات العالمية.

ولكن روسيا تنتج حاليًا حوالي 10% من الإمدادات العالمية وهي عضو رئيسي في تحالف أوبك بلس الذي ساعد في استقرار السوق على مدار العامين الماضيين.

الأزمة الروسية الأوكرانية ليست المصدر الوحيد لشكوك العرض، قد تكون المحادثات لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى في العالم حاسمة لتأمين إمدادات إضافية، والتي استمرت منذ نوفمبر من العام الماضي، حيث قد يتم رفع العقوبات عن إيران ونفطها، ويمكن أن تشهد معظم الحقول الإيرانية القديمة ارتفاعًا سريعًا في الإنتاج في غضون 3 إلى 6 أشهر ليرفع إنتاج البلاد نظريًا بأكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا من الطاقة غير المستغلة.

بالإضافة إلى التطورات الميدانية الجديدة، نعتقد أن إيران يمكن أن تعود إلى طاقتها الاستغلالية الكاملة البالغة 4.2 مليون برميل من النفط وتأجير إنتاج التكثيف بحلول الربع الثاني من عام 2022.

خطر فرض عقوبات على صادرات النفط الروسية

وحتى الآن، لا توجد دلائل على تعطل الإمدادات الروسية بعد الغزو، لكن الأسعار قفزت بفعل توقع أن تخفض العقوبات صادراتها النفطية.

يعتقد بعض المحللين أن مثل هذه العقوبات غير مرجحة، بالنظر إلى الدور المهم الذي تلعبه البلاد في إمدادات الطاقة العالمية، ونقلت أخبار عن مسؤولين أمريكيين بأن العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي لن تستهدف صادرات البلاد من الطاقة، وقد تتسبب أي عقوبات على روسيا في ارتفاع تكلفة الطاقة بشكل أكبر، لهذا يري المحللون أن احتمالية فرض عقوبات على النفط الخام الروسي منخفض نسبيًا.

 

وفقًا لمحللي سوق الطاقة فإن أحد أسباب هذا التفاؤل هو أن أوبك بعد سنوات من قلة الاستخدام وانخفاض الاستثمار تكافح بالفعل لتلبية زيادة الإنتاج الشهرية البالغة 400 ألف برميل يوميًا المتفق عليها في يوليو 2021، وحسب البيانات فإن أوبك لم تسلم أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميًا منذ اتفاق أوبك بلس في يوليو الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، تحارب البنوك المركزية والحكومات في جميع أنحاء العالم التضخم الناجم جزئيًا عن ارتفاع أسعار البنزين، في نوفمبر من العام الماضي اتفقت الولايات المتحدة والعديد من الدول الرئيسية المستهلكة للنفط على الإفراج عن احتياطياتها الاستراتيجية من النفط على مراحل كجزء من تحرك لتهدئة الأسعار.

أظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية أن روسيا صدرت 7.8 مليون برميل من النفط يوميًا في عام 2021،منها الخام والمكثفات 64%، وتشكل المنتجات النفطية بما في ذلك زيت الغاز وزيت الوقود ووقود الطائرات النسبة المتبقية البالغة 36%، ويقول الخبراء أن هناك تباطؤ في مشتريات النفط الخام الروسي، لكنهم لا يتوقعوا أن يستمر طويلاً، حيث يذهب حوالي نصف صادرات روسيا من النفط الخام البالغة 4.6 مليون برميل إلى الغرب.

وأضافوا أنه على المدى الطويل من غير المرجح أن تتجنب الدول المستهلكة النفط الروسي، بالنظر إلى أن صادراتها تنتقل إلى سوق مفتوح وقابل للاستبدال لا يتطلب علاقات وثيقة بين الدول.

ومع ذلك، جدد قرار الغرب بإزالة عدة بنوك روسية من نظام سويفت يوم الأحد القلق بشأن فرض مزيد من العقوبات على روسيا، وقد قلل الخطر المتزايد للعقوبات من شهية الكثيرين في الصناعة للالتزام بالنفط الروسي، بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن الرغبة في المخاطرة من البنوك لتمويل التجارة في السلع الروسية قد تقلصت إلى حد كبير.

توقعات أسعار النفط لعام 2022

مع استمرار تطور الأزمة الروسية الأوكرانية، يتوخى المحللون الحذر بشأن توقعات أسعار النفط، يقول أحد المحللين في هذه الفترة الحالية لن يكون لأي عامل آخر نفس القدر من الوزن النفسي لموازنة تأثير العدوان الروسي على أوكرانيا، لذلك ستظل معنويات السوق صعودية.

وقال إن التنبؤ بسعر برميل النفط سيعتمد على الوضع في ظل الصراع الروسي الأوكراني ونتائج المحادثات النووية الإيرانية، كما أن الأحداث السياسية المزعزعة للاستقرار في المناطق المنتجة للنفط مثل ليبيا وفنزويلا ونيجيريا والشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حاد في العرض لفترة مستدامة، في المقابليتعافي الطلب على النفط بشكل أسرع من المتوقع مع زيادة التنقل، ولكن قد تكون استجابة الإنتاج (أي زيادة) من الولايات المتحدة وأوبك بلس ستكون داعمة لتحقيق التوازن في السوق.