منوعات

حلف الناتو.. وماذا يعني تفعيل المادة رقم 5؟

في 12 سبتمبر 2001، أي بعد يوم من الهجمات على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، استند حلف الناتو إلى المادة 5 لأول مرة في تاريخه، حيث ألزم أعضاءه بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في ردها على الهجمات.

بالطبع يتبادر إلى ذهنك الآن عدّة أسئلة؛ ما هو حلف الناتو، ولماذا تم تشكيله؟ والأهم؛ ما هي المادة رقم 5؟

حلف الناتو.. ما بعد الحرب العالمية الثانية

معاهدة حلف شمال الأطلسي 1949.

“لا يزال بإمكان الرجال الذين يتمتعون بالشجاعة والبصيرة أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، يمكنهم اختيار العبودية أو الحرية، الحرب أو السلام. إذا كان هناك شيء مؤكد اليوم، إذا كان هناك أي شيء لا مفر منه في المستقبل، فهو إرادة شعوب العالم من أجل الحرية والسلام”.

-كلمة الرئيس الأمريكي هاري ترومان عند توقيع معاهدة حلف شمال الأطلسي 1949.

تأسس حلف الناتو، أو منظمة حلف شمال الأطلسي، في عام 1949 بهدف العمل كرادع لخطر التوسع السوفيتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

لكن طبقًا لموقع “دويتش فيله” كان هنالك سبب أبعد من ذلك، حيث رأت الولايات المتحدة أن الحلف يمكن استخدامه فيما بعد كأداة لمنع عودة ظهور الميول القومية في أوروبا، وتعزيز التكامل السياسي في القارة.

يعتقد أن جذور تأسيس هذا التحالف الأوروبي تعود بالأساس لعام 1947، عندما وقعت المملكة المتحدة وفرنسا “معاهدة دونكيرك” كتحالف لمواجهة احتمالية وقوع هجوم ألماني في أعقاب الحرب العالمية الثانية، التي انتهت بانتصار الحلفاء على دول المحور.

وكان الأعضاء الـ12 المؤسسون الأصليون للتحالف السياسي والعسكري هم: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا وأيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال.

أعضاء حلف الناتو الجدد

رد الاتحاد السوفيتي على الناتو من خلال إنشاء تحالفه العسكري مع 7 دول شيوعية أخرى في أوروبا الشرقية في عام 1955، أطلق عليه اسم “حلف وارسو”.

لكن سقوط جدار برلين، وما تلاه من انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، مهد الطريق أمام نظام أمني جديد في أوروبا بعد الحرب الباردة.

بعد أن تحرر عدد من دول حلف وارسو السابق من قيودها السوفيتية، انضم أعضاء مجموعة “Viseg­rad” المكونة من المجر وبولندا وجمهورية التشيك في عام 1999 لحلف الناتو، وبعد 5 سنوات، في عام 2004، اعترف الناتو بما يسمى مجموعة “فيلنيوس”، التي تتألف من بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، وفي عام 2009، انضمت كرواتيا وألبانيا للحلف.

كانت أحدث الإضافات هي الجبل الأسود في عام 2017 ومقدونيا الشمالية في عام 2020، وبذلك يصل العدد الإجمالي للدول الأعضاء إلى 30 دولة، بينما تم تصنيف 3 دول أخرى على أنها “أعضاء متوقعون” وهي البوسنة والهرسك وجورجيا وأوكرانيا.

سياسة الباب المفتوح

في قمة الناتو في بوخارست عام 2008، رحب الحلف رسميًا بتطلعات عضوية أوكرانيا وجورجيا، لكنه توقف عن منح خطط عمل للعضوية نظرًا لاعتبار روسيا انضمام أوكرانيا للحلف خطًا أحمرًا؛ لأنها إحدى الدويلات التي تم اقتطاعها سابقًا من الاتحاد السوفييتي.

طبقًا للمادة 10 من مبادئ تأسيس حلف الناتو، والمعروفة باسم “سياسة الباب المفتوح”، يُسمح لأي دولة أوروبية المساهمة في تعزيز أمن منطقة شمال الأطلسي.

وحسب ما جاء في موقع حلف الناتو: “من المتوقع أيضًا أن تحقق الدول التي تطمح إلى عضوية الناتو أهدافًا سياسية واقتصادية وعسكرية معينة من أجل ضمان أنها ستصبح مساهمًا في أمن الحلف وكذلك مستفيدة منه”.

المادة رقم 5.. التعاون الأمني المشترك

حلف الناتو

في أعقاب العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا بفبراير 2022، تناثرت بعض الأنباء عن إمكانية منح أوكرانيا عضوية حلف الناتو، من أجل ضمان مشروعية تدخّل قوات الحلف للسيطرة على الوضع الأمني في أوكرانيا، عبر استخدام المادة رقم 5، المعنية بضمان التحالف العسكري بين الدول الأعضاء داخل الحلف.

في جوهرها، تعمل منظمة الناتو كتحالف أمني جماعي بهدف توفير الدفاع المتبادل من خلال الوسائل العسكرية والسياسية إذا تعرضت دولة عضوة للتهديد من قبل دولة خارجية، وتم وضع حجر الأساس هذا في المادة 5 من الميثاق، المعروف باسم “شرط الدفاع الجماعي”.

وجاء نص المادة على النحو التالي:

”يتفق الأطراف على أن أي هجوم مسلح ضد واحد أو أكثر منهم في أوروبا أو أمريكا الشمالية يعتبر هجومًا ضدهم جميعًا، وبالتالي يتفقون على أنه في حالة حدوث مثل هذا الهجوم المسلح، فإن كل منهم، في إطار ممارسة حق الفرد أو الدفاع عن النفس الجماعي المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، سيساعد الطرف أو الأطراف التي تعرضت للهجوم من خلال اتخاذ الإجراءات التي تراها ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافق مع الأطراف الأخرى”.

في الواقع، وكما ذكرنا، لم تُفعّل المادة رقم 5 من بنود حلف الناتو سوى مرّة وحيدة عام 2001، في أعقاب الهجوم الذي استهدف برج التجارة العالمي ومبنى البنتاجون، والذي تبنته منظمة القاعدة.

وقتئذ، استند حلف الناتو إلى المادة 5 لأول مرة في تاريخه، حيث ألزم أعضاءه بالوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في ردها على الهجمات، في قرار من 4 فقرات تم تمريره بالإجماع، عكست خلاله المنظمة فهمها بأن التهديدات للأمن العالمي قد تغيرت بشكل جذري في 52 عامًا منذ تأسيس التحالف.

والسؤال المطروح حاليًا؛ هل يضطر حلف الناتو لتفعيل بنود المادة رقم 5 مرّة أخرى، في ظل التوترات الحالية في أوروبا، أم يبقى الوضع كما هو عليه؟