منوعات

أبعاد كتابات اللغات الإفريقية بالحرف العربي ومسيرتها التاريخية

أبعاد كتابات اللغات الإفريقية بالحرف العربي ومسيرتها التاريخية

مقدمة:

الشعوب الإفريقية كسائر الشعوب الأخرى، تتمتع بآدابها وثقافاتها وعاداتها وتقاليدها، يتجلى ذلك من خلال احتكاكها الاجتماعي والثقافي على مستوى الفرد والجماعة، بيد أن ذلك لا يعني نفي ثقافة الأخذ والعطاء بين شعبين مختلفتين في ثقافة ولغة، والاستفادة من ثقافات أخرى عبارة عن إثبات ضرورة الحياة بين أبناء البشر في أطرافها كافة، وليس علامة للضعف والإهانة.

 

قد تكون هذه الاستفادة في إطار العادات والتقاليد، أو في إطار اللغة والكتابة، وعليه ندرك أن الشعوب الإفريقية قد استفادت من ثقافة اللغة العربية وآدابها، من حيث الثقافة كثقافة، ومن حيث اللغة باعتبارها أداة التواصل والتفاهم بين الجانبين كلغة، وعليه ندرك أن الحرف العربي قد حظي بقسط عريص من قِبل الشعوب الإفريقية برضا القلوب، وبصدق النية في استعماله لحوائجهم اليومية على المستوى الثقافي والديني والسياسي.

 

تأتي هذه المقالة لتؤكد ما تم الإشارة إليه، لترسم أبعاد كتابات اللغات الإفريقية ومسيرتها التاريخية بالحرف العربي، رغم محاولة إقصائها بالحرف اللاتيني كبديل، إلا أن أسبقية الحرف العربي في الميدان قاومت بشدة وبحدة لإثبات ذاتها.

 

صلة اللغة العربية باللغات الإفريقية:

يرى بعض الباحثين أن روابط العلاقة بين الإنسان العربي والإنسان الإفريقي عبر التاريخ، لم تقتصر على العامل الديني فحسب، بل هناك عامل آخر قد يكون عاملًا سباقًا للعامل الديني، وهو:

أ- البعد الهجري:

في فترة من الفترات بعض القبائل العربية قد نزحت من الجزيرة العربية قبل الإسلام إلى القارة الإفريقية، وحطت رحالها، مثل: سلالة كنعانية نزحت من العراق، وسلالة صنهاجية نزحت من اليمن، كل هذه القبائل العربية التي هاجرت إلى إفريقيا امتزجت بشعوب هذه القارة وتصاهرت معها.

 

ب –البعد الإسلامي:

جاء الرابط الديني بعد فتح العرب القارة الإفريقية منذ عهد عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان ومن بعدهما، وسرعان ما تحولت الشعوب والقبائل التي تسكن شمال إفريقيا، وجزء من شرقها وغربها إلى شعوب مستعربة، اتخذت اللغةَ العربيةَ لغة خطاب وتواصل بينهم، لا لغة عبادة فحسب، وبمجيء هؤلاء الفاتحين إلى القارة تقوى العلاقة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية.

 

ج –البعد التجاري عبر الصحراء:

عامل تجاري هو عامل مُسهم في الاحتكاك بين الشعبين العربي والإفريقي، العلاقة التجارية بين شمال الصحراء التي يسكنه العرب وبين جنوبها الإفريقي الخالص، أكبر دليل على ذلك، طرق تجارية شرقية متجهة إلى ليبيا عن طريق فزان، وإلى مصر، ربطت التجارة بالطريق الغربي المؤدي إلى بلاد التكرور عن طريق قافلات.

 

د –البعد العلمي:

التطلع والاستطلاع على ثقافات إفريقية، والبحث عن خفايا عاداتهم وتقاليدهم، والوقوف على لغاتهم بالبحوث العلمية، ولاسيما الشعوب المسلمة كفيلة لتقوية الصلة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية، والرسائل العلمية والجامعية كانت مهتمة بإجراء الدراسات الأكاديمية في هذه اللغات للأغراض العلمية.

 

ربما القرار الذي خرجت به الدول العربية عام 1977 مجتمعة على ضرورة إقامة المعهد الثقافي الإفريقي العربي، وظل نشاط هذا المشروع قائما حتى عام 2002 صدر كتاب بعنوان: “مخطوطات اللغات الإفريقية بالحرف العربي”، جاء ذلك ليؤكد التواصل بين الثقافة العربية والثقافة الإفريقية، بالإضافة إلى جهود “المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم” في تنظيم الندوات والمؤتمرات، والمحاضرات حول اللغة العربية واللغات الإفريقية يهدف إلى تحقيق الاستفادة العلمية، وعلى هذا المنوال تَم التواصل بين عالم الغرب والشرق؛ حيث تعلم المستشرقون اللغة العربية واهتموا بها لغرض علمي في نقل الإرث العربي إلى إرثهم، من أجل الاستفادة العلمية من ثمرة هذه الاستفادة ترجموا معاني القرآن الكريم، وألفوا أول قاموس لاتيني عربي، أمثال: جولد زيهر، بروكلمان، وغيرهما.

 

هـ -البعد السياسي:

بعد انفتاح العالم على مصراعيه، فإن العلاقة الدبلوماسية بين العالم العربي والقارة الإفريقية باتت حاجة ملحة بين الدول لتبادل المصالح عن طريق الهيئات الدبلوماسية، وهو من العوامل المهمة في وقت الراهن في تقوية الصلة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية؛ حيث تظهر مكانة اللغة العربية في إفريقيا باعتمادها على مستوى سياسي رفيع، لتكون لغة رسمية بمنظمة الوحدة الإفريقية مع اللغات الاستعمارية الثلاث (الإنجليزية- الفرنسية – البرتغالية)، هذا ما شجع المفكرين الأفارقة على ترشيح اللغة العربية لتكون اللغة المشتركة الجامعة للدول الإفريقية الحديثة، من هؤلاء المفكرين المؤرخ أدوارد بليدن (1852-1912)، (مجلة قراءات إفريقية،2013:106-107)، هذه العوامل كفيلة بإفراز مدى وجود العوامل السياسية   المؤثرة في تقوية الصلة واستمراريتها بين اللغة العربية واللغات الإفريقية.

 

المسار التاريخي بين الحرف العربي واللغات الإفريقية:

كُتبت اللغة الفلاتية بالحرف العربي، باعتبارها سباقةً في الاحتكاك بالإنسان الإفريقي، والعرب أول من وطأت أقدامُهم ساحة القارة لغرض تجاري أو ديني، وتأثر المجتمع المسلم من شعوب الإنسان الإفريقي بالثقافة العربية عادات وتقاليد في كثير من حياته اليومية، بناءً على هذه العلاقة الدينية والتاريخية التي جمعت بين اللغة العربية واللغات الإفريقية، اقتبست هذه اللغات بعض مفرداتها من اللغة العربية، واستفادت من هذا الاقتباس استفادة علمية وجمة، حتى أصبحت اللغة العربية لغة الدين والثقافة والحياة الإدارية في إفريقيا عمومًا، وسادت الثقافة الإسلامية بشكل خاص في مجتمع الغرب الإفريقي في عصر إمبراطورية مالي وسُنْغَي والفلاتيين في صكتو، وماسنا، وكانم، وبرنو، وكانت المعاهدات والرسائل التي تكتب بها خيرَ دليل قاطع على ذلك.

 

فيشار بشيء من هذا القبيل مما تم تلميحه بالنص بأن اللغة الفلاتية كانت “… تكتب وتقرأ منذ فجر تاريخها بخط عربي وبحروف عربية حتى وقت قريب جدًّا، والدليل على ذلك وجود المخطوطات والكتب باللغة الفولانية مكتوبة بالخط العربي … وظل وضع اللغة الفولانية على هذه الحالة عدة قرون حتى توغل الاستعمار في القارة الإفريقية؛ حيث بدأت خطته الاستعمارية لاستبدال الحروف العربية التي كانت تستعمل في كتابة هذه اللغة بالحروف اللاتينية لقطع الصلة بين هذه اللغة والعربية”.

 

وهكذا نال الحرف العربي القبول والاهتمام لدى الشعب الإفريقي في الكتابة به، أو بحروفه في الرسائل والمعاهدات التي تتداول بينهم كافة، ولم تطرأ على اللغة العربية الاضمحلال والتقهقر إلا عندما خضعت القارة الإفريقية للاستعمار الأوروبي، وفرض لغتها على التعليم والإدارة، حتى ركدت الأنشطة الفكرية بين صفوف المسلمين، وهيمن الاحتلال على ثرواتهم الثقافية، ذلك أدى إلى تراجع الاهتمام والعناية بالحرف العربي وانصرف الناس إلى العناية والاهتمام بالحرف اللاتيني.

 

ومنذ ذلك الوقت شرعت حكوماتهم تضع الخطط لجلب الإفريقيين إلى صداقتهم ومنحهم فرص الانتماء إليهم، وكانت المدارس في مطلع ذلك، وهي أقرب وسيلة ألَّبت بين الطرفين، حيث إنها خلقت عاملًا مشتركًا في اللغة ومفاهيمها.

 

اللغات المكتوبة بالحرف العربي في القارة الإفريقية:

قد عرف الشعب الإفريقي اللغة العربية والحرف العربي في وقت مبكر لارتباطها بالثقافة الإسلامية، ومعرفة هذه الثقافة يتطلب منهم معرفة اللغة، وذلك مرتبط أساسًا بالحرف العربي.

 

من ينظر إلى الخريطة اللغوية بإفريقيا يضع أناملنا على الوضع الحقيقي للغة العربية بالقارة الإفريقية، وتكشف عن العلاقات المتشابكة بين اللغة الإفريقية وبين العربية.

 

استفادت معظم لغات القارة الإفريقية كثيرًا من الاندماج باللغة العربية المتمثل في الحرف العربي الذي يمثل جانبًا تراثيًّا إفريقيًّا، وما يزال متداولًا لدى كثير من مثقفي الأفارقة؛ حيث تمت كتابة المراسلات والمخطوطات الدينية والدواوين الشعرية بالحرف العربي، وأغلب الشعوب الإفريقية متمسكة به على الرغم من القرارات الواردة عن كتابة بالحرف اللاتيني، وعليه تبنت اللغات الإفريقية الحرف العربي، وأنتجت به في مختلف المعارف إنتاجًا رفيع المستوى، لذا كان الحرف العربي رمزًا بديلًا لأصوات اللغات الإفريقية؛ لأنها سباقة في الاتصال بالشعب الإفريقي، وقد سجل معهد متخصص بشؤون اللغات الإفريقية في السودان أرقامًا للغات الإفريقية التي تمت كتابتها بالحرف العربي؛ حيث “…استطاع المعهد كتابة نحو خمس وثلاثين لغة إفريقية بالحرف العربي حتى الآن، رغم الصعوبات التي تنطوي عليها هذه المهمة.

 

ولا يسع المجال لذكر جميع اللغات الإفريقية التي كُتبت بالحرف العربي، وسأكتفي بذكر خمس لغات إفريقية اهتمَّت بكتابة الحرف العربي، وهي تُعد من كبريات اللغات التي تكلم بها عشرات الملايين اليوم في إفريقيا، بما فيها اللغة الفلاتية السالفة ذكرها، وهي كالآتي:

1- اللغة السواحيلية.

2- اللغة الهوسوية.

3- اللغة الماندينغو.

4- اللغة الولوفية.

5- اللغة السونغية.

 

1- اللغة السواحيلية:

هي لغة رسمية لحكومة تنزانيا وكينيا، كانت تكتب بالحر ف العربي إلى أن جاء الاستعمار فاستبدل به الحرف اللاتيني، وبقي استعماله عند الشيوخ والفقهاء في التعليم، وهي لغة التعليم في تنزانيا في جميع المراحل الدراسية، ومن المخطوطات التي كتبت بالحرف العربي السواحيلي قصيدة الانكشاف التي تعد من أقدم نصوص اللغة السواحيلية الراسخة، كتبها عبد الله بن ناصر الذي عاش ثمانين عامًا بين 1720 و1820 في جزيرة باتي على الساحل الكيني، تتضمن القصيدة 79 بيتًا وَفقَ نظام الشعر العربي “الرباعيات”، وهي مكتوبة بلهجتي لامو وممباسا.

2- لغة الهوسا:

وهي من أهم اللغات في غرب إفريقيا، وقد انتشرت في نيجيريا والنيجر وغانا، وهي لغة التعليم في شمال نيجيريا من مراحل ابتدائية وجامعية، وترجم بها معاني القرآن الكريم أبو بكر جومي بالحرف العربي.

ومن النصوص التي قدمها الكتاب بالهوسا: نص شفاهي تَم تدوينه أوائل القرن العشرين عن أصل شعب الهوسا، من ضمنه “راتراي” الإداري الأنثروبولوجي الإنجليزي في كتابه عن فولكلور الهوسا الصادر بلندن عام 1913، وأُعيد نشره 1963، وللنص قيمة علمية في الدراسات الاجتماعية والتاريخية تتشابك فيه الوقائع بالتاريخ الاجتماعي.

3- لغة الماندينغو:

لغة الماندينغو هي كغيرها من اللغات الإفريقية التي تكتب بالحروف العربية، كالساحلية، والهوسا، والفلاتية وغيرها، ولايزال شيوخ الكتاتيب يكتبون بالحروف العربية في مجال ترجمة بعض الكتب الدينية والشعرية، ولم تقتصر جهود هم على الترجمة فحسب، بل إنهم نظموا أبياتًا بلغة الماندينغو بالحرف العربي على أنماط الأبيات العربية بوزن وقافية، يتحدث بها كل من: السنغال، غامبيا، غينيا بيساو، غينيا كوناكري، وغانا.

 

4-اللغة الولوفية:

يتحدث بلغة ولوفية كل من السنغال، وغامبيا، وجزء من موريتانيا، وتستعمل بصور أوسع نطاقًا في الأوساط الشعبية مع الحرف العربي، وهي من اللغات التي سجلت تاريخًا في الكتابة بالحرف العربي، وقد قام (شيخ لو) بترجمة معاني القرآن بالحرف العربي، وطبعته جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، وبجانب هذا قد أجري عمل أكاديمي لإعداد معجم ثنائي (عربي – ولوفي)، قام بها أحد طلاب السنغاليين من خريجي معهد الخرطوم الدولي لنيل درجة الماجستير.

 

5- اللغة السونغية:

لغة سونغية من اللغات الإفريقية التي اتصلت باللغة العربية، ولأهلها دور بارز في تاريخ بلاد السودان الغربي، ويتحدث بها كل من: مالي، السنغال، موريتانيا، غامبيا؛ حيث كانوا يكتبون القرآن الكريم في لغتهم بالحرف العربي، وينظمون به أشعارهم، قد عثر على قصائد منظومات عديدة بلغة سونغي كتبت بالخط العربي في مركز أحمد بابا التمبكتي.

 

الجهات المشجعة على كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي:

المنظمات:

أ‌- منظمة الوحدة الإفريقية:

على مستوى المنظمات، فإنها تشيد وتؤكد ضرورة التمسك بالحرف العربي وعدم استبدالها بالحروف الأخرى، وجاء نص صريح من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية في المادة (29) على أهمية الحرف العربي، وهي تنص على أن الحرف العربي تراث إفريقي ينبغي أن يتقدم على أي حرف آخر لكتابة اللغات الإفريقية”.

ب‌- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم:

تعمل هذه المنظمة في إطار تعزيز مشروع كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي، وهي جهاز التعاون الدولي لتنمية الثقافة العربية والإسلامية.

 

ج- البنك الإسلامي للتنمية بجدة.

د- بيت التمويل الكويتي.

هـ- معهد الدراسات والأبحاث للتعريب.

و- جمعية الدعوة الإسلامية العالمية في ليبيا.

ز- مؤسسات تعليمية:

1-معهد اللغات الإفريقية بالسودان:

ولقد كان للمذكور الأخير (المعهد) برنامج تعليمي يقوم على تدريس الحرف العربي في إطار منهج علمي يقوم على كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي، وهو يستقبل متخصصين في تنفيذ هذا المشروع، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز الصلة بين الحرف العربي واللغات الإفريقية.

 

2- جامعة إفريقيا العالمية بالسودان:

تجدر الإشارة إلى دور خاص لجامعة إفريقيا العالمية في كتابة اللغات الإفريقية بالحرف العربي، وإصدارها لأكثر من خمسين إصدارات بلغات إفريقية مختلفة كتبت باستخدام الحرف العربي المحسوب؛ منها: كتاب تعليم الصلاة للشيخ الصواف ومعاني جزء عم، والسيرة النبوية، ومناسك الحج والعمرة وبعض كتب الفقه، فضلًا عن اعتمادها مادة كتابة اللغات بالحرف العربي ضمن مقررات كلية الآداب خصصت للغة العربية.

بالإضافة إلى الأنشطة العلمية والمحاضرات الثقافية التي تقام في الجامعات وفي المناسبات الفكرية، وقد لوحظ من خلالها تراجع الحرف العربي عن دوره في نقل التراث الإنساني عبر القرون لمحاولات المستعمر المستمرة لإحلال الحرف اللاتيني مكانه مع نهايات القرن العشرين، غير أن الحرف العربي أضحى اليوم أكثر انتشارًا بفضل جهود عدد من الغيارى على نشره ودافعوا عنه في الأمم المتحدة كالدكتور أحمد مختار آمبو السنغالي الجنسية، والدكتور/ كريم توري السيراليوني الجنسية، وكان للدكتور السيراليوني الجنسية كريم توري الفضل في الترويج للحرف العربي في جامعات بريطانيا, وعلى العموم، هناك جهود تبذل وأوقات تفرَّغ، وأموال تُنفق على مستويات مختلفة في العالم، من أجل حماية هذا الحرف العربي على استثمارية الكتابة به، وحفظه من الضياع أو الاستبدال بغيره.

7-عناية كوادر المثقفين بالحرف العربي والكتابة به:

لقي الحرف العربي واللغة العربية عمومًا عناية كبيرة من قِبل كوادر المثقفين والرؤساء من أبناء القارة الإفريقية، وفي هذا السياق يبدي رئيس السنغال الأسبق (سينغور) في أثناء محاضرته التي ألقاها أمام جمال عبد الناصر بمعهد الأزهر الشريف، موضحًا فيها أن أهم عامل موحد بين العرب والأفارقة هو اللغة العربية والدين الإسلامي، لما سُئل الرئيس نفسه في زيارته للتونس عام 1970م فأجاب قائلًا: “إن اللغة العربية فرضت نفسها في إفريقيا السوداء”.

وعلى هذا المنوال نفسه يؤكد المؤرخ (إدوار) ترشيحه للغة العربية بوصفها لغة مشتركة لحركة إفريقيا الكبرى؛ لأنها لغة غير غريبة على القارة وغير حاملة للأوزار التي تنوء بها اللغات الاستعمارية؛ (سابق،2013:107)، وكان الشيخ (أنتا ديوب) من الذين يبحثون عن إيجاد لغة إفريقية مشتركة غير لغة استعمارية، يبدو في الظاهر أن اللغة العربية والحرف العربي هو البديل الأفضل للأفارقة واللغات الإفريقية، وذلك باعتراف وترشيح من قِبل الرؤساء وكوارد المثقفين لأسبقيتها هي وثقافتها في الميدان.

نماذج كتابات اللغات الإفريقية بالحرف العربي:

قد أفرغ مجموعة من الفلاتيين وغيرهم أوقاتهم في إبراز ثقافة فلاتية، من خلال كتابات حرة، أو تعليقات على كتب عربية بلغة فلاتية، أو مقالات علمية، وقد نظم بعضهم أبياتًا شعرية بالخصوص نفسه، كل ذلك يشير إلى أن هناك نشاطًا مكثفًا تَم تنفيذه بالحرف العربي, وسأورد هنا نموذجًا واحدًا على سبيل المثال لا الحصر؛ إذ لا أستطيع أن أذكر جميع كتاب اللغات الإفريقية بالحرف العربي ولا أدعي ذلك، لذا أذكر نموذجًا واحدًا.

 

ما تم تنفيذه بالحرف العربي:

وقد شهد جانب التأليف أفرادًا من الباحثين دوَّنوا كتيبات أو كتبًا بالحرف العربي تحمل عناوين مختلفة وموضوعات متنوعة ذات صلة بالثقافة الفلاتية، وهذا أستاذ بوبا حامد قد شارك بشيء يسير من هذا الباب؛ منه:

1- انفعال الحمار عن مالكه.

2- شلل ثقافي.

3- الحرية.

4- حين كنتُ في بطن أمي.

5- الله لم يعط حقه.              

6- جذور الفلاتيين.

7- عودة الميت

8- طعام الفطور للبخيل.

9- شجرة الراحة.

 

الخاتمة:

إن عهد اللغات الإفريقية بالحرف العربي عهد قديم ذات جذور طويل ومسيرة تاريخية ممتدة عبر أجيال وعصور وأزمنة متعاقبة تحمل أبعادًا متشعبة، ساعد كثيرًا في بلورة الثقافة الإفريقية وتنميتها، وشارك في فتح آفاق العلم والمعرفة؛ حيث دونت الثقافات الإفريقية بالحرف العربي، وعبروا عن حوائجهم بها في التواصل الاجتماعي والثقافي، وهذا الحرف بمثابة منارة أضاءت لهم منهج التفكر وطريقة تبادل الرسائل بين المدن والقرى.

 

المصادر والمراجع:

http://www.albayan.ae/paths/books/2007-06-03

(مجلة قراءات إفريقية،2013).

(أعمال مؤتمر التعليم من أجل التحرير في إفريقيا، سنة،1988).

“(العربية في اللغات الإفريقية، 1984).

(مجلة التواصل، العدد:14،2007).