دينا رجب تكتب: الطفل المنظم.. عادة يجب اكتسابها منذ الصغر | قل ودل

من شب على شيء شاب عليه، عبارة مشهورة نفهم منها أن الإنسان يكون نتيجة ما جُبل عليه في طفولته، ولذلك يكون من المهم بناء العادات الأفضل عند الطفل ليكون إنسانا أفضل عند نضجه.

ذلك يعني الاهتمام ببيئة الطفل من حوله، ابتداء من غرفته وعالمه الخاص، وحتى تعامله مع مختلف الأشياء في البيئة الخارجية، لذا فالاهتمام بتنشئة طفل منظم تبدأ بجعل النظام روتين يومي طبيعي.

الأصل هو النظام

يجب تربية الطفل وتنشئته على أن النظام هو الأمر الطبيعي، وأنه جزء من حياة الإنسان ليعيش حياة أفضل، عليه أن يدرك تماما أن الإهمال والفوضى أمر غير مقبول ويؤثر سلبًا على حياته.

يجب على الأبوين أن يدركا أن الطفل قد لا يفهم الأمر بمستوى الإنسان البالغ فعليهم مساعدته على تعلم النظام وجعله ضمن روتين يومه العادي، فلا يلجؤوا للتوبيخ أو العقاب.

ذلك لا يعني أن يتساهل الأبوان في الأمر، ويؤجلانه بحجج أنه مشاغب أو عنيد أو ربما يتعلم عندما يكبر، بل يجب الاهتمام بتطوير وسائل أفضل لتعليم الطفل النظام.

تنظيم الأفكار

من المفيد تعليم الطفل كيفية تنظيم أفكاره، وربط الأمور من حوله بخطوات وسلاسل متدرجة، ووضع الأمور في شكل خطوات يمكن أن تتكون من أسئلة وأجوبة.

عندما يتعلم الطفل تنظيم الأفكار سينتج عن ذلك تنظيم كل شيء من حوله، علاقاته، التزاماته، كل ذلك لا يكون بالطريقة التي نعلمها نحن البالغون ولكن بطريقتهم الخاصة.

هذا التنظيم يساعد الطفل على تكوين عادات وسلوكيات منظمة بعد أن يتعود عقله على التنظيم وبالتالي سيكون ذلك بمثابة روتين سهل بالنسبة له.

اجعل الأمر مرحًا

أنت تعلم أن الأطفال يحبون اللعب والمرح، إذن سيكون من المفيد مزج التنظيم بالمرح، فينشأ انطباع إيجابي عند الطفل عن التنظيم ولا يكون روتينا ثقيل الظل عليه يتذمر كلما سمعه.

يمكنك مشاركة ابنك في تنظيم غرفته وصناعة نوع المنافسة أو السباق بينكما أو جعل عملية جمع الألعاب بعد اللعب هي لعبة في حد ذاتها.

من المهم الانتباه فلا يجب ترك الأمور تفلت فيتعامل الطفل مع التنظيم على أنه مجرد لهو، في هذه المرحلة نحن نحاول جعل التنظيم جزءا من روتينه فيمارسه بسهولة وتلقائية مستقبلًا.

أنت القدوة

الأب والأم هم الأبطال الخارقون بالنسبة للطفل، وقدوته التي يحاول أن يكون صورة منهما، فينسخ منهما السلوكيات في وقت مبكر، من المهم أن يجد الطفل نفسه في بيئة منظمة.

من الممكن إشراك الطفل في تنظيم البيت ككل في مرحلة ما، ليدرك أنه جزء من منظومة منظمة، ويكون سلوكه داعما للاندماج الإيجابي مع البيئة من حوله.

شجع طفلك

إن لكلمات المدح أثرا ضخما على الأطفال، فهي تدفعهم للحفاظ على سلوكهم الإيجابي، وتجنب التصرفات الخاطئة.

والتشجيع يمنح الطفل ثقة أكبر في نفسه مما يساعده على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية مستقبلًا بطريقة أفضل.

أخطاء الطفل

عندما يخطئ لا تلجأ للعقاب العنيف أو التوبيخ أو إحراجه أمام الناس أو لومه على تقصيره، اسأله لماذا لم يتمكن من إتمام مهمة التنظيم بشكل مباشر وناقشه.

قد يجيبك بأنه لا يعرف كيف يفعل ذلك، أو لأنه كان متعبا، أو غيرها من الأسباب، عليك أن تدرك أن الأمور التي تراها أنت واضحة وبديهية قد تكون غريبة بالنسبة للطفل.

عليك بمساعدته على تخطي الصعاب التي تواجهه وأن يدرك أنك في صفه، لكن ذلك لا يعني أن تقوم بالمهمة نيابة عنه، ولكن بتعليمه ما يحتاج ومساعدته على التدرج في تعلم عادة التنظيم.

طريقة 1 – 3

وهي طريقة بسيطة ليتمكن الطفل من استيعابها بسهولة ومساعدته على تطبيقها حتى الأشياء البسيطة ليتعلم التنظيم في كل جوانب حياته وتتكون من 3 خطوات:

جمع الموارد: وذلك يعني جمع الموارد اللازمة لإتمام الشيء الذي سيعمل عليه الطفل، والتأكد من اكتمال احتياجات أي مهمة قبل البدء بها.

التركيز: على الطفل أن يتعلم التركيز على أمر واحد وهو مهمته التي يقوم بها.

إتمام المهمة: وهي تعني إكمال جميع المطلوبات بشكل تام.

خطة التنظيم

ضع خطة بسيطة وسهلة الفهم، ولكن منظمة وتهدف إلى تعلم التنظيم، وناقش طفلك حول الخطة، وضع التساؤلات واترك له مساحة للاختيارات وابتكار وضع يناسبه.

التزام الطفل بنفسه عند النقاش يخفف عنك الحاجة للضغط عليه لإلزامه بالتنظيم فهو مدفوع للالتزام من قبل نفسه.

عند مناقشته يمكنك طرح الفوائد غير المباشرة مثل إمكانية حصوله على وقت إضافي للعب كمكافأة على تنظيمه وكنتيجة لإمكانية إنجاز الأمور بشكل أسرع بسبب النظام.

عند وضع الخطة يجب وضع توقعات للنتيجة النهائية، تكون واضحة أن الطفل يجب أن ينجزها ومن المهم أن تكون مناسبة له فلا توضع له توقعات كبيرة فيحبطه الفشل في إتمامها.

ابدأ بأسهل الأمور

عليك البدء بأسهل الأمور وأيسرها على الطفل، فمثلًا يمكن البداية بتعلم تنظيم عملية تنظيف الأسنان صباحًا أو وضع الملابس في الغرفة أو جمع الألعاب بعد اللعب أو غيره.

يمكنك البداية بشيء واحد فقط أو اثنين، وبعد أن تتحسن مهارة الطفل في التنظيم تزيد مساحة الأشياء التي يجب عليه تنظيمها في حياته وصولًا إلى مرحلة أن يصبح التنظيم سلوكًا لديه.

عليك بالصبر على طفلك فهو لا يملك مثل قدراتك العقلية والجسدية وإدراكك لأهمية الأمور، عليك أن تجعل الأمر سهلًا وممتعًا بالنسبة له حتى يتمكن من اكتسابه كعادة.

الخاتمة

إن تعلم التنظيم أمر مهم للطفل، ومهما بلغت صعوبة الأمر فإنه يزداد كلما تقدم الطفل في العمر، وتعود على روتين لا يتضمن التنظيم، لذا يجب مساعدة الطفل ليكون منظما في وقت مبكر.

يتعدى التنظيم فائدة إعفاء الآباء من عمليات التنظيف والتنظيم خلف الأطفال، ولكن ينعكس ذلك على شخصياتهم في المستقبل ويساعدهم ليكونوا منظمين ومستقلين ومسؤولين.