منوعات

كيف أتخلص من الإباحية؟ – مكساوي –

الجواب:

أسأل الله التواب أن يتوب عليكِ توبة تحول بينكِ وبين هذه المعاصي، وتذيقكِ حلاوة الطاعة والقرب من الله عز وجل.

 

عندما ينغمس الإنسان منا في شهواته، وينسى أن الله رقيب عليه، وأنه عز وجل يراه في خلواته ويعلم خبايا أعماله، وقتها يبدأ نور القلب في الانطفاء، وعندما لا يهتم من عصى الله بالأبواب التي يفتحها الله له للتوبة والعودة إليه عز وجل، فإن نور القلب قد ينطفئ تمامًا حتى يصبح هذا القلب مظلمًا لا يُستضاء بأنوار الإيمان، مهما كانت هذه الأنوار ساطعة أمام عينيه، وأنتِ – يا بنتي – للأسف الشديد أوصلتِ نفسكِ لهذه المرحلة، ولكن هل معنى ذلك أنه لا أمل من العودة، ولا سبيل للنجاة من الغرق في هذا المستنقع الآسن؟!

 

بالطبع يمكننا العودة إلى طريق النور والنجاة من هذا الظلام الموحش، ولعل رسالتكِ التي أرسلتِها لنا خير دليل على أن فيكِ خيرًا كامنًا، ورغبة في التخلص من هذه الذنوب، ورغبة في العودة إلى الله عز وجل، فالحمد لله أن فيكِ هذا الخير، والحمد لله أنكِ تحاولين العودة حتى ولو كانت هذه العودة من أجل الرغبة في الحصول على ما تتمنين من نجاح في اختبارات كلية الطب، فهذا إن دل على شيء، فيدل على أن لكِ قلبًا يعرف أن له ربًّا بيده مقاليد كل شيء، فعودي إلى ربكِ يا صغيرتي، والجئي إليه أن يتوب عليكِ مما أنتِ فيه.

 

لا تضيعي زهرة شبابكِ في هذه الذنوب التي تحطم النفسية مع الوقت، وتحول الحياة إلى همٍّ وغم مستمرين.

 

عودي إلى ربكِ ولا تترددي في هذه العودة؛ فالله عز وجل يحب التائبين، ويبسط يده للعاصين والمسيئين؛ ليعودوا إليه، مهما كانت ذنوبهم قد تجاوزت الحد؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا))؛ [رواه مسلم].

 

دعي قلبكِ يتنفس نسيم التوبة والطاعة والإيمان؛ ففي القرب من الله جنة وسعادة، لا يوازيها أي شعور آخر جميل في هذه الحياة.

 

لا تسجني قلبكِ في سجون المعصية، ولا تحكمي على نقائه وطهارته وسعادته بالموت، وهو في مقتبل الحياة.

 

إن كنتِ لا تستطيعين التخلص من هذه العادة السيئة، فالجئي إلى ربكِ واسجدي له، وابكي بين يديه، واطلبي منه العون، ولن يردكِ خائبة أبدًا، طالما أنكِ أحسنتِ الوقوف بين يديه.

 

أكثري من الاستغفار ومن قول لا حول ولا قوة إلا بالله؛ عسى أن يعينكِ الله عز وجل، ويخرجكِ من هذه الظلمات.

 

احرصي على صيام التطوع قدر استطاعتك؛ فالصيام يحد من اشتعال الرغبة الجنسية ويهدئها؛ وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ))؛ [صحيح البخاري].

 

حاولي شغل وقت فراغكِ قدر استطاعتكِ في أشياء مفيدة ونافعة؛ حتى لا تجدي وقتًا للتفكير في تفريغ طاقتكِ الجسدية والجنسية في الحرام.

 

خذي قرارًا حاسمًا بعدم مشاهدة هذه المشاهد التي تثير غريزتكِ، فكلما شاهدتها عيناكِ، فستصبح نفسكِ أضعف أمام الشهوات.

 

أسأل الله أن يعينكِ على ذلك، وأن يجعل لكِ من داخلكِ رقيبًا على نفسكِ، يأمركِ بالخير، وينهاكِ عن السوء.

 

أما عن والديكِ، فقد أضفتِ إلى ذنبكِ ذنبًا آخر مذمومًا وعظيمًا، وهو الإساءة إلى والديكِ، ولو علم قلبكِ ما في الإحسان إليهما من خيرات وبركات لكِ؛ لخفض لهما جناح الذل من الرحمة، ولعاملهما بالبر والإحسان في كل لحظة.

 

الوالدان – يا بنتي – طريقكِ للسعادة في الدنيا والآخرة، فكيف تفرطين في سبل سعادتكِ؟!

كيف يهون عليكِ نظرة انكسار في أعينهم، أو لحظة حزن تسكن قلوبهم بسببكِ؟!

 

كيف تهون عليكِ نفسكِ حين تعلمين أن عقوقهما سبب لغضب ربكِ عليك؟!

كيف تهون عليكِ نفسكِ وأنتِ تحاوطينها بالمهالكِ من كل جانب؟!

 

ارحمي نفسكِ – يا بنتي – من كل هذا، واسترضي والديكِ، وتفنني في برهما والإحسان إليهما، فقد تفوزين بدعوة منهما تكون سببًا في تحقيق أمنياتكِ، وسببًا في سعادتكِ وفي رضا الله عنكِ، وفي عفوه عنكِ، وتوبته عليكِ.

 

أما عن حلمكِ في دخول كلية الطب، فإن أردت ذلك حقًّا، فابذلي لهذا الحلم ما يحتاج إليه من جهد؛ فليس بالأماني والأحلام نصل إلى ما نتمنى، ولكن بالجهد الدائم، والعمل المستمر، والأخذ بالأسباب، بعد التوكل على الله عز وجل، فكيف تريدين أن تصلي إلى حلمكِ وأنتِ لم تأخذي بالأسباب؟!

 

الأهداف الكبيرة تحتاج إلى جهد كبير، وقد قيل:

 

أسأل الله الهادي أن يهديكِ إلى الطريق المستقيم، وأن يجنبكِ كل ضلال، وأرجو أن تقرئي إجابتي على هذه الاستشارة (تأثير الانغماس في المعاصي)، عسى أن تجدي فيها ما يعينكِ على التوبة بإذن الله عز وجل.