منوعات

فرصة أخيرة قبل الطلاق – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

رجل متزوج، وزوجته تُصر على الطلاق، وهو يعترف بأنه مخطئ، وأنه سببٌ لكل المشاكل التي وقعت، لكنه يريد منها فرصة أخيرة للتغيُّر، ويسأل: ما الحل؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ اثني عشر عامًا، لي من الأولاد اثنان، زوجتي مُصرة على الطلاق، أعلم أنني أنا المخطئ، أنا الذي لا يتحمل المسؤولية، وأنني كنت أعيش لنفسي، وأنني سبب جميع المشاكل التي حدثت – وهي مشاكل كبيرة جدًّا – ولكني تغيرت، ولا أطلب منها سوى فرصة أخيرة، وهي رافضة، أعلم أنها لم تخطئ معي قطُّ، ولا أدري ما أفعل؟ أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتك هو:

1- أن زوجتك تصر على طلب الطلاق بسبب مشاكل كبيرة سابقة.

 

2- وأنت تقول أنك تغيرت تمامًا، ولا تريد مفارقتها، وتسأل عن الحل.

 

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: يبدو أن زوجتك قد عانت المرَّ تلْوَ المرِّ من المشاكل السابقة، ومن نقضك لتعهدات سابقة، فوصلت إلى حد اليأس من استصلاحك؛ ولذا فالحل يبدأ بعد توفيق الله سبحانه منك أنت؛ بصدق التوبة من أخطائك السابقة، وخاصة المعاصي، وسوء العشرة، والتقصير في المحافظة على العبادات خاصة الصلاة؛ قال سبحانه: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].

 

ثانيًا: عليك بكثرة الاستغفار بصدق، والإكثار من الحسنات الماحية للسيئات؛ فقد جعل الله الاستغفار الصادق سببًا للرزق وتفريج الكرب؛ قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 – 12]، وقال سبحانه: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].

 

ثالثًا: عليك بسبب تعظيم لتفريج الكرب وهو الدعاء؛ قال عز وجل: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

 

رابعًا: بعد بذل الأسباب السابقة وَسِّط عقلاء من عائلاتها لمناصحتها ولإقناعها.

 

خامسًا: أكْثِرْ من أمرين مهمين؛ وهما: كثرة الاسترجاع، والصدقة ولو بالقليل؛ فهما سببان عظيمان لتفريج الكرب؛ قال عز وجل: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 – 157].

 

سادسًا: فإذا بذلت الأسباب السابقة كلها، فإن تيسر أمرك ورجعت، فأنصحك أن تُثْبِتَ رجولتك وكرامتك وصدقك، وتهجر نهائيًّا كل سلبياتك ومنكراتك السابقة، وسوء عشرتك، وأن تكون رجلًا صادقًا ذا خلقٍ، ورعًا تقيًّا، وأن تحميَ عِرضك من أن تُدنسه بالموبقات، أو بكلام شائن من الناس عنك.

 

سابعًا: وإن أصرت على طلب الطلاق، فلا تقلق، فلعل في ذلك خيرًا عظيمًا مُدخرًا لكما، وأنتما لا تعلمان، ولكن انتبه لنفسك، وحافظ على سمعتك، ولا تُكرر أخطاءك فتتكرر مآسيك؛ قال سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

حفِظك الله، ووفَّقك للتوبة النصوح، وفَرَّجَ الله كربتك.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.