منوعات

الشعور بالتردد بعد عقد القران

السؤال:

الملخص:

فتاة تقدم إليها شابٌّ ذو خُلُق ودين، لم تتقبل شكله كثيرًا، لكنه وافقت عليه، ثم عُقد القران، وحدثت بينهما الخلوة دون جماع، لكنها أحست بأنها تسرعت في الأمر، وتسأل: ما الحل؟

 

تفاصيل السؤال:

أنا فتاة ملتزمة في مقتبل العشرينيات، تمت خِطبتي من شابٍّ يكبرني بـ14 عامًا، طيب، حنون، وذو خُلُقٍ ودينٍ، بعد الرؤية الشرعية أعجبتني أخلاقه، لكني لم أتقبل شكله كثيرًا إلا أنه ليس مُنفرًا، مما دفعني لقبول الزواج وتم عقد قراننا، حدثت بيننا الخلوة لكن دون جماع، بعد عقد القران أُتيحت لي الفرصة أن أعرفه أكثر، فاكتشفت أنه يسمع الأغاني، وفي نفس الوقت يُقِرُّ بحرمتها، وهذا ما أخبرني به في مرحلة الخطوبة، ويعترف أنه ذنب يقع فيه أحيانًا لضعف في إيمانه، ووعدني بتركها، كما أنه مرَّ – بعد خطبتنا – بأزمة صحية أدت إلى نحافته بشكل ملحوظ جدًّا، مما وُلَّد في نفسي شيئًا من النفور منه، وأخاف أن يؤثر هذا على علاقتنا بعد الزواج، وكثيرًا ما يردد عبارة: “أنا لا أثق في نفسي”، وهذا وَلَّد مشاعر سلبية تجاه شخصيته، أحس أنني تسرعت في الموافقة على هذا الزواج، وأحس بحَيرةٍ وضغط شديدين، إلا أن استخارتي ربي تُطَمْئِنني قليلًا، ما الحل؟ وجزاكم الله عنا خيرًا.

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فرسالتكِ تناولت عدة نقاط يجب الوقوف عندها:

1- التسرع في عقد الزواج قبل البناء، ودون أن تأخذ الخطبة وقتها.

 

2- حدوث خلوة ونحن نتوقع ما يحدث فيها، وإن لم يصل لدرجة الجماع.

 

3- ضعف شخصية الخاطب.

 

4- ضعف صحة الخاطب ونحافته.

 

5- عدم رضاكِ عن شكله منذ البداية.

 

6- صفات الخاطب الحسنة.

 

7- فارق السن بينكما 14 عامًا.

 

أنتِ لم تخبرينا عن نفسكِ الكثير؛ من حيث الصحة والجمال، والمستوى العلمي والمادي، وأمور أخرى كثيرة، ولهذه سوف نطلب منكِ أن تخرجي من جسدكِ بعض الوقت، وتضعي نفسكِ أمامكِ، وتُقيِّمي نفسكِ بكل موضوعية، هل أنتِ فرصة كبيرة بالنسبة لهذا الشاب أو أنتِ فتاة عادية، لا فرق كبير بينكِ وبين أي فتاة أخرى قد يتزوجها؟ وبلا شكٍّ سوف تجدين في نفسكِ عيوبًا، كما أنكِ اكتشفتِ في زوج المستقبل هذا عيوبًا.

 

دعينا نستعرض هذه النقاط ببعض التفاصيل.

1- دائمًا أنصح الفتاة والفتى بالتريُّثِ قبل عقد الزواج، ما دام البناء بالعروس سوف يتأخر بعض الوقت.

 

2- عقد الزواج لا يترتب عليه أي حقوق للزوج طالما كانت في بيت أبيها، وهذا ما يجب أن يفهمه الشباب جيدًا، وفي ريف مصر عندنا يقال لمثل هذا: “زوجتك في بيتك وعلى طبليتك”، وما قد يحدث في الخلوة بلا شكٍّ يسبب أضرارًا كبيرة للفتاة، إذا لا قدَّرَ الله وقع طلاق قبل البناء، حتى وإن كان ما يحدث دون الجماع.

 

3- ضعف شخصية الخاطب عيبٌ كبير، لكن ليس قوله: إنه لا يثق في نفسه دليل على ضعف شخصيته، بل أهم من هذا ما تلاحظينه من أفعال، إذا كانت شخصيتكِ قوية وتشعرين في نفسكِ أنكِ قادرة على قيادة سفينة الحياة إن عجز هو، دون أن يؤثر هذا بالسلب على حياتكِ فلا بأس، والاستمرار في الزواج أفضل، لكن لو كنتِ أنتِ نفسكِ تشعرين أنكِ ضعيفة الشخصية أو أنكِ تبحثين عن رجل تَحْتَمِين في ظِلِّه، وتأمنين في كَنَفِهِ، فسوف تكون الأمور صعبة إلى حدٍّ كبير، إلا أن الاستمرار ممكن، وكان الله في عونكما.

 

4- ضعف صحة الخاطب بعد مروره بأزمة صحية موضوع هام جدًّا، فإن كانت تلك الأزمة قد انتهت، فيمكن مع الوقت أن يسترد صحته بشكل جيد، لكن لو لم يستطع أن يتخلص من تلك النحافة الشديدة، فربما يكون لهذا أثر خطير على صحته في المستقبل القريب، ولهذا أنصحكِ أن تتثبَّتي من حالته الصحية، وأن تتابعي الأمر معه عند الأطباء، فإذا كان مريضًا والمرض يؤثر على قدرته على القيام بواجباته الزوجية، فأنصحكِ فورًا بعدم الاستمرار في الزواج، وخاصة أن البناء لم يتم بعد.

 

5- عدم رضاكِ عن شكله منذ البداية ليس بالأمر الكبير، وخاصة أنكِ قبلتِ الأمر وتم عقد الزواج، والمرأة ترى في الرجل أمورًا كثيرة أهم من الشكل، لكن ذكركِ لهذه النقطة في رسالتكِ ربما تعني أنه ما زال في نفسكِ شيئًا منها، اطمئنِّي فمع الوقت سوف تعتادين على شكله، وسوف تَرَيْنَه جميلًا كلما أحبَبْتِه.

 

6- وبلا شكٍّ فالرجل فيه صفات حسنة لا بأس بها، طيب، حنون، ذو خلق ودين، وهذه صفات قد صارت نادرة في هذا الزمان، فإذا جمعتِ هذه الصفات مع تلك العيوب السابقة فيمكنكِ أن تضعي تصورًا صحيحًا لِما أنتِ مقبلة عليه، ولكن في تقييمكِ لهذا الرجل، فمَهْمَا كانت صفاته حسنة، فهناك أمور لا يمكن أن نتجاوز عنها؛ مثل: حالته الصحية، وقدرته على القيام بواجباته الزوجية.

 

7- فارق السن بينكما ليس بالأمر الكبير، ما دامت صحته جيدة، فلا تشغلي بالكِ بهذا الأمر أكثر مما ينبغي.

 

إن الانفصال بعد عقد الزواج وقبل البناء يعطي الفتاة لقب مطلقة، رغم أنها ما زالت فتاة وما زالت عذراء، لكن المجتمع لا يرحم، وفرص هذه الفتاة تكون أصعب، وغالبًا لا يطرق بابها شاب أعزب لم يسبق له الزواج؛ ولهذا فأنا لا أنصح أي فتاة بالانفصال في هذه المرحلة، ما دامت الصفات الأساسية متوفرة في الزوج؛ من دين وحسن الخلق، وقدرة على النفقة والإعفاف.

 

بقِيَ أن نشير إلى الاستخارة، وهي دعاء أن ييسر الله لكِ الخير، ويهديكِ إلى الصواب، فلا تتركي الاستخارة ولا الدعاء في الصلاة، أصلحي ما بينكِ وبين الله، يُصْلِحِ الله ما بينكِ وبين زوجكِ، وما بينكِ وبين العالمين.

 

يسر الله لكِ الخير حيث كان.