منوعات

أهلي يخوفونني من خطيبي – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

فتاة خُطبت لرجل مطلق ويكبرها بثلاثة عشر عامًا، وهو مغترب، وقد أحست منه برودًا عاطفيًّا، جعلها تغيِّر وجهة نظرها فيه، وأهلها يخوفونها منه، وتسأل: هل تكمل معه أو لا؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا مخطوبة بعقد شرعي، لرجل مطلِّق ولديه أولاد، أشعر في كثير من الأحيان خوفًا من أن أتزوجه؛ لعدم معرفة ما سأواجهه في حياتي من مشاكل، خطيبي طيب جدًّا، وكثيرًا ما يبوح لي بمشاعر حبٍّ وشكر، وهذا ما يجعلني أتمسك به، إلا أنه عندما سافر، قلَّ تواصله معي، وأصبح يكلمني ساعة أو أقل، وأحيانًا لا يكلمني، وعندما أعاتبه، يقول: إنه لا يحب التحدث في الهاتف، ينتابني شعور بأنه من الممكن أن يكون بعد الزواج بهذه البرودة، أو حتى عندما أنجب منه أطفالًا، لن يهتم بنا؛ لأنه – في نظري – ملَّ وجود الأولاد، ولأن لديه أولادًا من قبل، بدأت أتغير تجاهه؛ لأني عندما أنصحه بالاهتمام بي لا يتغير، مع أنه فيه ميزات كثيرة، وعمره 40 وأنا 27، مع العلم أن إخوتي وأبي يقلقونني في كثير من الأحيان بأفكار تجعلني أتعب نفسيًّا وفكريًّا؛ من مثل: (قد يكون تزوجك حتى يُرجِعَ أولاده، وتكوني خادمة له، لماذا لا يتحدث معك كثيرًا؟ نشعر أنه بارد العواطف، وهذا البرود يخيفنا)، هم خائفون لا شك في ذلك، فهم أيضًا لا يعرفون مصير ابنتهم، هل هو خير أم لا؟ أخاف أن أكمل ارتباطي به وأتزوجه، وأعاني الكثير، ويكون كلام من حولي صحيحًا، وأخاف أن أفسخ وأندم، وأقع بشباك الكآبة والكلام السلبي، فما قولكم واستشارتكم لي؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله عز وجل أن يهديكِ إلى الاختيار السليم، وأن يرزقكِ الحكمة؛ فقرار الزواج يحتاج إلى تأنٍّ واستخارة واستشارة، والأخذ بالأسباب التي تجعلكِ تحسنين اختيار القرار؛ وحتى يكون قراركِ صحيحًا عليكِ أن تدركي بعض الأمور التي قد تكون غائبة عنكِ؛ وهي أن الزواج ليس كما تتخيله الكثير من الفتيات، وأنه عبارة عن أوقات كلها حب وغزل، بل الزواج حياة كاملة بكل ما فيها من لحظات دافئة، ومسؤوليات على كل طرف أن يتحملها بقوة وحكمة، فكونكِ تتمسكين بخطيبكِ لأنه يبوح لكِ بكلمات الحب والشكر، فهذا ليس سببًا منطقيًّا أبدًا للتمسكِ به، وكونه قد توقف عن إشباعكِ بهذه الكلمات، أو أصبح يشبعكِ بها بشكل أقل عن ذي قبل، ليس سببًا منطقيًّا كذلك للتخوف وتغيير الرأي، بشأن استكمال طريق الحياة الزوجية معه.

 

اختيار الزوج – يا بنتي – يجب أن يكون بنظرة أعمق وأشمل من ذلك، فكلمات الغزل سيأتي اليوم الذي تقل فيه كثيرًا، شئنا أم أبينا، وتبقى لنا الشخصية بطباعها وأخلاقها لنجد أنفسنا، إما أننا نعيش حياة هادئة مستقرة بفضل الله ثم بفضل حسن اختيارنا، أو غير ذلك؛ بسبب سوء اختيارنا؛ لذلكِ ركزي في قرار استمراركِ أو عدم استمراركِ على شخصية خطيبكِ، وانظري: هل هو رجل يتحمل المسؤولية برجولة عالية، أم أنه وقت تحمل المسؤوليات لا ترينه ولا تسمعين له صوتًا، أو أنه يحملكِ أنت مسؤوليات الرجال وكأنكِ أنتِ الرجل؟!

 

انظري كذلك إلى طباعه وقت الغضب، ووقت اختلاف الآراء، وانظري: هل هو شخص يتحكم في غضبه، أم أنه وقت الغضب لا يدري ماذا يقول وماذا يفعل؟ وانظري لتعاملاته معكِ: هل يظللها الاحترام والتقدير أم أنه يتعامل معكِ بانتقاص واستهانة وقلة تقدير؟

 

تابعي كذلك – إن استطعتِ – تعاملاته مع النساء؛ لتعرفي: هل يتقي الله في هذه المعاملات أم أنه يتبسط مع هذه وتلك، ويتعامل مع النساء بلا ضوابط شرعية؟

 

كل هذه الأمور وغيرها من الأمور الجوهرية هي المقياس الأول لحكمكِ على من ستتزوجينه مع عدم إغفال جانب قبولكِ النفسي له بالطبع.

 

كذلك فهمكِ لنفسكِ وللطرف الآخر، ولطبيعية شخصيتكِ وشخصيته يجعلكِ أكثر تفهمًا له؛ وبالتالي أكثر تقبلًا له أو أكثر رفضًا له، هو كان صريحًا وواضحًا معكِ، حين أخبركِ أنه لا يحب الكلام الكثير في الهاتف، ولربما لو تعمقت أكثر في معرفته، لوجدتِ أنه لا يحب الكلام الكثير بوجه عام، أو لا يعرف كيف يدير حوارًا بكفاءة عالية – ربما يكون الأمر كذلك – ولربما لو تعمقت في فهم شخصيتكِ وشخصيته، لاكتشفتِ أنكِ شخصية عاطفية، وأنه ربما يغلب عليه العقلانية، وبالتالي فاهتمامه بكِ سيكون عبر الأفعال لا الكلمات؛ لذلك حاولي أن تفهمي طبيعة شخصيتكِ وشخصيته، حتى تتمكني من الاختيار السليم.

 

أما بخصوص أن لديه أبناء، وأن هذا سبب لعدم اهتمامه بكِ وبأبنائكِ في المستقبل، فهذا ليس مبررًا أبدًا؛ لعدم اهتمام الرجل بزوجته الجديدة، ولكن عليكِ أن تحسمي الأمر مع نفسكِ بخصوص أبنائه.

 

وبخصوص زواجه من أخرى قبلكِ، فهل زواجكِ من زوج تزوج قبلكِ، ومعه عدة أبناء أمر عادي بالنسبة لكِ، أم أنه سينغص عليكِ صفو حياتكِ؟

 

وهل وجودكِ مع أبناء زوجكِ أمر ستتحملينه إن طلب منكِ ذلك، وهل ستتعاملين مع هؤلاء الأبناء بحكمة وإحسان، أم أنكِ من الشخصيات التي لا تمتلك زمام نفسها، ولا تتحكم في مشاعرها وأعصابها؛ مما يجعلكِ تظلمينهم وتظلمين نفسكِ وزوجكِ، وتحولين البيت إلى ساحة للنزاع المستمر؟

 

بعد إجابتكِ على هذه الأسئلة، يمكنكِ الوصول للقرار السليم بإذن الله عز وجل، ولكن حتى يكون قراركِ سليمًا، يجب أن تأخذي فرصتكِ في التعامل معه عن قرب، وألا يكون الحكم عليه من خلال مكالمات الهاتف فحسب.

 

أسأل الله أن يوفقكِ للاختيار الصحيح، وأن يبارك لكِ في حياتكِ الحالية، وحياتكِ المقبلة.