منوعات

أحمد زايد.. قصة شاب مصري يقود أكبر فريق علمي بجامعة أوهايو الأمريكية -حوار

نشر في:
السبت 23 أبريل 2022 – 1:35 م
| آخر تحديث:
السبت 23 أبريل 2022 – 1:35 م

أطروحة علمية جديدة حول تطور الفيروسات على كوكب الأرض لباحث مصري شاب نشرتها المجلة العلمية المرموقة «ساينس»، التابعة للجمعية الأمريكية للعلوم، قد تساهم في التصدي للفيروسات المستحدثة والجديدة على العالم.

إذ تقدم الأطروحة، التي تعود للدكتور أحمد عبدالفتاح زايد، الباحث في علوم الميكروبيولوجي بجامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، والمحاضر بكلية الصيدلة بجامعة الأهرام الكندية، العديد من الاكتشافات الجذرية عن الفيروسات، بداية من تطور أدوات اكتشافها ثم دراسة الفيروسات غير المعروفة سابقا وحتى طرح فرضيات جديدة عن نشأة الفيروسات بالأساس.

وعن أطروحة الباحث المصري، قالت مجلة «العلوم»: “لم نكن نفهم غير القليل عن فيروسات الحمض النووي الريبي في العالم، لكن اكتشاف الفريق العلمي لجامعة أوهايو بقيادة الدكتور زايد مذهلاً وكشف عن معلومات غير متوقعة واكتشفوا شعبا وأنواعا جديدة، بالإضافة إلى بيانات التسلسل الأولية والخصائص الجينية”.

“الشروق” تواصلت مع الباحث المصري، أحمد زايد ابن محافظة القاهرة والبالغ من العمر 34 عاما، لتجري معه حوارا حول ما توصلت إليه أطروحته الجديدة وأبحاثه، وتأثيرها في التحكم بمسارات الفيروسات في العالم..
وإلى نص الحوار…

– بداية حدثنا عن نفسك كيف انتقلت من مصر للخارج، وما الذي دفعك للدراسة في الولايات المتحدة؟
لقد عشت ودرست في مصر طوال حياتي، حصلت على البكالوريوس والماجستير من كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، ثم انتقلت لإتمام الدكتوراه في جامعة ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، فقد سافرت في عام 2016، بعدما تم قبولي في عدة برامج دكتوراه من جامعات مختلفة وقتها بمنح دراسية كاملة، لكني اخترت جامعة ولاية أوهايو.

– حدثنا عن المحطات الهامة في مسيرتك العلمية، وكيف انتقلت من باحث ماجستير في مصر لتقود الفريقي العلمي في أمريكا؟
أنا كنت محظوظ للغاية بتدريب رائع حصلت عليه أثناء فترة الماجستير في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة، أدى إلى نشر بحثي العلمي المصري تماما في عام 2015، في إحدى المجلات العلمية الدولية المشهورة.
كنت قائد هذا البحث تحت إشراف أساتذتي الكبار بالكلية واستطعنا وقتها بإمكانيات بسيطة جدا أن نحدد بدقة أماكن التحور الجيني في أحد الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية كان يمثل خطر حقيقي على الصحة العامة في مصر والعالم، لذلك لقى هذا البحث صدى جيدا في الأوساط العلمية وكان من أحد أسباب قبولي في تدريب دولي بأمريكا في 2016، وحينها بدأت برنامج الدكتوراه في جامعة ولاية أوهايو.
وفي عام 2018 كنت بالفعل مشاركا في نشر بحث ضخم بمجلة «نيتشر» البريطانية عن الميكروبات التي تساهم في التغير المناخي عن طريق تكوين غاز الميثان.
وفي عام 2019 قمت بنشر البحث الرئيسي الخاص بي عن الفيروسات التي تهاجم البكتيريا في المحيطات على مستوى العالم. هذا البحث أيضا كان ضخم وتم نشره في مجلة Cell المشهورة.
هذان البحثان دفعا قسم الميكروبيولوجي بجامعة ولاية أوهايو لترشيحي لمناقشة رسالة الدكتوراة مبكرا، وبهذا أكون أتممت رسالة الدكتوراة في ثلاثة سنوات فقط بدلا من خمس، وهي من أسرع رسائل الدكتوراه التي حدثت في تاريخ القسم منذ إنشائه.
وبعد التخرج مباشرة تم تعييني من قبل القسم كباحث في علم الفيروسات حيث كنت مسؤولا عن قيادة فريق جديد لدراسة الفيروسات التي تهاجم الخلايا غير البكتيرية.

– كم عدد الأبحاث والدراسات التي نشرتها في المجلات العلمية المرموقة في العالم؟
حتى الآن قمت بنشر 20 بحث دولي في مجلات علمية شهيرة خلال فترة قصيرة تتراوح بين عام 2018 وحتى 2022.

– ما الذي جعلك تبحث في علم الفيروسات؟ هل ما دفعك لذلك ظهور وانتشار فيروس كورونا، أو رغبتك في الترقب لأي فيروس قد يكتشف ويلحق بالعالم ما ألحقه به المرض الفتاك؟
في الحقيقة، كنت مهتما بالفيروسات الموجودة في الطبيعة من قبل ظهور جائحة الكورونا، نظرا لأهميتها البالغة في الحفاظ على التوازن البيئي والمناخ وكذلك الصحة العامة للإنسان والحيوان والنبات، لكن بالطبع بعد ظهور الجائحة، أصبح تطوير الأدوات التي تمكن من اكتشاف ودراسة الفيروسات الجديدة جزء أساسي من أبحاثي لمساعدة العالم في ترقب أي فيروس ذو خطورة محتملة ومتواجد حولنا في الطبيعة ولكن لا نستطيع اكتشافه بالطرق التقليدية.

– حدثنا عن الورقة البحثية التي نشرتها مجلة «ساينس» المرموقة؟ وكيف كان وقع نشرها عليك؟
في الورقة البحثية التي تم نشرها حديثا قدمنا وفريقي العديد من الاكتشافات الجديدة والجذرية عن الفيروسات من النوع (RNA).
البحث تم قراءته آلاف المرات خلال أيام قليلة من نشره، وسرعان ما تم تناقله على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى منصات صحفية عالمية كثيرة بكثافة شديدة جعلته ضمن أعلى خمسة في المائة من الأبحاث التي لاقت صدى إعلاميا منذ نشأة الإنترنت.
بالطبع شعرت بسعادة غامرة نظرا للمجهود الضخم المبذول والمنافسة العالمية الشرسة لدراسة الفيروسات منذ ظهور جائحة الكورونا.
وعلى مستوى شخصي، كنت سعيد جدا بوضع اسم مصر على الخريطة العلمية المنافسة في هذا المجال.

– تحدثت عن مجهود ضخم بذلته خلال أكثر من عامين في الورقة البحثية، هل يمكن أن توضح لنا الصعوبات التي واجهتك؟
دراسة الفيروسات من النوع (RNA) في الطبيعة يعد شيئا في منتهى الصعوبة نظرا لعدم استقرار المادة الوراثية للفيروس خارج الخلايا لمدة طويلة بالإضافة إلى تأخر طرق الكشف وتحليل تلك الفيروسات، وذلك على عكس الفيروسات البكتيرية والتى أغلبها من النوع (DNA)، والذي كان موضوع دراستي في أطروحتي الأولى عام 2019.

– تحدثت عن منافسة عالمية شرسة خاضها فريقك خلال الدراسة.. كيف كانت هذه المنافسة؟
من بعد ظهور الجائحة، أصبح البحث العلمي على فيروسات الكورونا متصدرا للمشهد حيث تم نشر عدد جنوني من تلك الأبحاث، تخطت عددها المائة ألف بحث خلال عامين فقط، وتشكلت فرق كبيرة من العلماء لدراسة الفيروسات من النوع (RNA) تخطى عدد أفرادها المائة عالم، أصبحت تلك الفرق الجديدة منافس مباشر لنا، وجعلت نشر الأبحاث في هذا المجال في غاية الصعوبة، خاصة في المجلات العلمية الكبيرة كمجلة “ساينس”.

– ما أهم النتائج التي خرجت بها الدراسة؟
استطاع فريقنا اكتشاف عدة آلاف من أنواع الفيروسات الجديدة التي ضاعفت عدد الشعب الفيروسية المعروفة من خمسة إلى عشرة، وهذه قفزة ضخمة نظرا لأن المجتمع العلمي كان يظن أنه لا توجد شعب فيروسية جديدة غير مكتشفة بخلاف هذه الخمس شعب.
من ضمن تلك الفيروسات الجديدة كان هناك عدد يمثل حلقة الوصل المفقودة في تطور الفيروسات على كوكب الأرض، ويمثل هذا إكتشاف ضخم حيث أنه يربط بين الفيروسات التى تستخدم الـ RNA لتصنيع RNA (كفيروس الكورونا مثلا) والفيروسات التى تستخدم الـ RNA لتصنيع DNA (كالفيروس المسبب لمرض الإيدز مثلا).
بالإضافة لكل هذا فقد كانت المفاجاة أن تلك الفيروسات منتشرة بكثرة في المحيطات مما يعطى فكرة عن دورها المركزي في المجتمعات الميكروبية في المحيطات وتطورها.

– كيف يمكن أن تساعد الأطروحة الجديدة العالم في ما هو قادم؟
هناك الكثير مما يمكن فعله! مثال واحد هو أن نقوم بإستخدام الأدوات الجديدة التي إستحدثناها في بحثنا لدراسة الفيروسات الغير معروفة في الحيوانات البرية. هذا الاتجاه البحثي أصبح ضرورة حتمية لحماية البشرية من خطر أي جائحة مقبلة في المستقبل.

– حدثنا عن الفريق العلمي الذي تقوده في أمريكا حاليا وكيف أصبحت قائدا له؟
فريق العمل يشمل باحثين بجامعة ولاية أوهايو وكذلك فريق كبير من الباحثين من مختلف أنحاء العالم يعملون تحت مظلة المجموعة العلمية تارا أوشنز.
لقد كنت أعمل مع الفريق منذ بدئي برنامج الدكتوراه لدراسة الأحياء والفيروسات، وبعد فترة وجيزة من عملى معهم، قام مشرفي بترشيحي لقيادة البحث المتعلق بالفيروسات مع زميلة أخرى بالقسم والمعمل، وبعد نشر البحث الأول لنا في عام 2019، تم ترشيحي لقيادة الفريق.

– حدثنا عن أطروحتك الأولى.. وما الذي توصلت إليه وكيف كانت أبرز نتائجه؟
في عام 2019، نشرت أطروحتنا الأولى من نوعها، والتي كشفت مئات الألاف من أنواع الفيروسات (DNA) الجديدة، وقمنا بتنظيمها في خمسة مجتمعات فيروسية مختلفة على مستوى محيطات العالم جميعا.
كما أننا كشفنا عن دور درجة الحرارة في تحديد تكوين هذه المجتمعات الفيروسية. بالإضافة إلى ذلك، فقد وجدنا على غير المتوقع عدد كبير من الفيروسات بمحيط القطب الشمالي

– ما هو طموحك في هذا المجال العلمي، وكيف ستكون خطواتك القادمة؟
هناك الكثير من الأسرار التي لازالت أمامنا لإكتشافها! أنا أطمح للمزيد من الاكتشافات، التي قد ينتج عنها الكثير من التطبيقات التكنولوجية والطبية والبيئية التى تساعدنا على حل مشكلات الطاقة والصحة العامة و تغير المناخ.

– هل تريد أن توجه رسالة للشباب المصري، وبماذا تنصحهم؟
نصيحتى تتلخص في تشجيعهم على عدم الخوف من دراسة مجالات جديدة ومجهولة تماما، ففيها تكمن الاكتشافات الكبرى!