منوعات

ابن رشيق في كتابه العمدة وأسسه النقدية للشعر والشعراء

ابن رشيق في كتابه العمدة وأسسه النقدية للشعر والشعراء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فلا يخفى علينا في زمننا هذا بأن للأدب تطورًا وازدهارًا ونموًّا مختلفًا بنوعه عن التطور في العلوم الأخرى، وإننا كدارسين للأدب لا يمكن معرفة حقيقة مانحن عليه الآن، ما لم نعتكف على دراسة الأدب القديم، ومعرفة الجهود العظيمة التي قدمها العلماء والأدباء والنقاد في ترصين لبنات الأدب الأولى ونقده ونظرياته، وأسسه وقواعده، ومعاييره وبنائه في شتى فنونه وأجناسه، ولِما كان لهذه الجهود من قيمة عظيمة حتى يومنا هذا، كان لا بد من الوقوف عليها ودراستها، واليوم سأقف عند العالم الأديب الفذ ابن رشيق؛ لِما قدمه في سبيل العلم والتدوين، ووضع أهم الكتب التي خدمت الباحثين والدارسين، ولما له من موهبة وقدرة حباها الله له عن غيره.

 

تمهــيد:

ابن رشيق هو أبو الحسن بن رشيق القيرواني من أهل مدينة القيروان، وهي مدينة عَلَم في المغرب، شاعر وناقد ومصنف وأديب فاضل، ولد سنة 390هـ توفى سنة 463هـ، تتلمذ على يد عدد من الشيوخ؛ أبرزهم: أبو الحسن علي بن أبي الرجال، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري، له العديد من المؤلفات؛ منها: العمدة، قراضة الذهب، الشذوذ في اللغة، أنموذج الزمان في شعراء القيروان، وغيرها كثير، ولعل ما سأتحدث عنه هنا هو كتاب: العمدة في صناعة الشعر ونقده؛ وهو كتاب نفيس قامت علية شهرة صاحبه.

 

كتاب العمدة:

هو كتاب في مجمله يتناول الشعر ومحاسنه، أسهب بالحديث عن الشعر لِما يرى له مكانة وتأثير على المجتمعات، وموقف الدين الإسلامي عنه، وما للشعراء والخلفاء والفقهاء من شعر، وما للشعر من وسيلة للتكسب منه، وكيف تحتفي القبائل بالشعراء منهم وما لهم من طبقات، وما بقدرته أن يحط ويرفع من شأن الناس، وكل ما هو متصل بالشعر عام أو خاص.

 

مـنـهـجــه:

تحدث في كتابه عن الشعر وعرفه، وجعل بابه الأول عن الشعر وعن فضل الشعر عن الكلام العادي، وتلاه الباب الثاني بالرد على من يكره الشعر، وهكذا أخذت تفصيلات الكتاب بأبواب حتى بلغت 107 باب، جميعها عن الشعر ونقده ومحاسنه، يتميز شرحه بالوضوح والسهولة والدقة، فرغم كثرة الأبواب إلا أنها سبيل للوصول الدقيق، والشرح الموجز البين الدقيق، كما لا يغفلنا بوجود فصول للبلاغة، وعرضه لكثير من القضايا البلاغية، وحده بين شعر الطبع والصنعة كانت الحدود الجديدة والفاصلة عما جاء عن سابقيه، مما ورد عن العلماء في الشعر، ووجود عدد ضخم من أبيات الشعر الجزلة للتقريب وكثير من المقطعات التي اشتهرت منه، وذكر قولًا مهمًّا؛ وهو: (عولت في أكثره على قريحة نفسي ونتيجة خاطري)، وهي أنه لم يتبع أحدًا في كتابه كان نسج نفسه، وذلك في تفصيله ودراسته للشعر وليس بوجوده وقضاياه، فكان ذلك الكتاب (العمدة) نورًا لمن جاء بعده تهديه إلى سبيل الصواب في الشعر.

 

من أبواب الشعر عنده:

باب الإشارة: والإشارة عن غرائب الشعر وملحه، وبلاغة عجيبة تدل على بعد المرمى، وفرط المقدرة، ولا يأتي بها إلا شاعر مبرَّز، وحاذق ماهر.

 

باب التتبيع: وهو ما يريده الشاعر في شعر فيتجاوز ذكره ويضمنه ما تبعه.

 

باب التجنيس: وذكر لها ضروب كثيرة كالمماثلة.

 

باب الترديد: أن الشاعر بلفظه يردد فيها المعاني ويكررها.

 

باب احتماء القبائل بشعرها: فالشعراء قديمًا يقع على عاتقهم بأنهم دروع لحماية قبائلهم بشعرهم، كما أن القبيلة تضع مكانة وقدرًا كبيرًا لشعرائها.

 

باب العتاق من الخيل ومذكوراتها: وأول ما تحدث عنها في خيل الرسول صلى الله عليه وسلم، وجريًا على العادة في التبرك باسمه، فمنها السكب فرسه يوم أحد، ومنها المرتجز، ومنها اللزاز، وفرس يُقال له: الضرب واللجيف والورد.

 

باب في معرفة الأماكن والبلدان: حد فيها حدود للمناطق والبلدان وأسباب تسميتها.

 

باب السرقات وما شاكلها: وهو باب كبير جدًّا، تناول فيه عددًا ليس قليلًا من الشعراء وتناول قصائدهم.

 

باب ذكر الوقائع والأيام: ذكر ما يمكن أن تؤديه الوقائع والأحداث في نفس الشعراء وكتاباتهم الشعرية.

 

باب فأل الشعر وطيرته: إذ ذكر تفاؤل حسان بن ثابت بتفاؤله مع النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مكة.

 

باب مشاهير الشعراء: أورد فيه أهم الشعراء وأشعرهم، وذكر عددًا ليس بقليل، وتناول فيه أبيات من كل شاعر.

 

باب المقلين والمغلبين: وذكر عددًا من الشعراء الذين لهم قصائد قليلة، ولكنها معروفة، وأصحابها معروفون دومًا.

 

باب التكسب: تحدث فيه أن الشعر لم يكن وسيلة للتكسب، إلا بعد الأعشى.

 

وكذلك أبواب عدة تناولت فنون الشعر وفصوله والإيجاز، والاطراد، والاشتراك، والتضمين والإجازة، والتغاير، والغلو، والإيغال، والتشكيك، ونفي الشيء بإيجابه، والتتميم، والمبالغة، والتفريع، والالتفات، والتفسير، والتقسيم، والمقابلة، والمطابقة، وما خلط فيه التجنيس بالمطابقة، والتصدير، وغير ذلك مما يدخل من الأساليب البلاغية.

 

أركان الشعر وقواعده عند ابن رشيق:

قال العلماء بأن ابن رشيق وضع أركانًا للشعر؛ وهي أربعة: المدح، والرثاء، والهجاء، والنسيب، هي ما ذكرها في كتابه، كما أنها هي نفسها أغراض للشعر عنده، غير أنه يزيدها عن أربعة فيجعلها 12 غرضًا، وكان للوصف تفرد في الأركان والأغراض وشتى جوانب شعره وديوانه.

 

وأما قواعد الشعر عنده، فيجب أن تأتي من بواعث ومكامن داخلية عند الشاعر، ولا يمكن صياغة ونظم الشعر مالم تأتِ من باعث حي؛ حيث تتكون في رحمها وتخرج لتؤثر بالنفوس، وإن خرجت من دون باعث، فهي لن تؤثر إطلاقًا، وتجلت من أربعة بواعث أيضًا: الرغبة، والرهبة، والطرب، والغضب.

 

فمع الرغبة، يكون المدح والشكر.

 

ومع الرهبة، يكون الاعتذار والاستعطاف.

 

ومع الطرب، يكون الشوق ورقة النسيب.

 

ومع الغضب، يكون الهجاء والتوعد والعتاب الموجع.

 

القواعد والأسس النقدية عند ابن رشيق:

ارتبطت القواعد والأسس عند ابن رشيق بعضها ببعض، إلا أنني في كتاب العمدة في باب الشعر وبنيته أجد ما يمكن أن أضعه في ثلاثة معايير أو جوانب؛ عندما قال: (الشعر يقوم بعد النية من أربعة أشياء، وهي: اللفظ، والوزن، والمعنى، والقافية، فهذا هو حد الشعر)؛ جانب يتعلق باللفظ والمعنى؛ أي: الشكلية، وجانب بالأسلوبية؛ أي: الفنية، وأخيرًا جانب للمعيار الإيقاعي.

 

1/ الجوانب الشكلية (اللفظ والمعنى):

وهي طريقة التأليف، وانتقاء الكلام، ورصف العبارات، وكيفية ربط اللفظة باللفظة؛ ومن ثم كيفية توافقها مع معناها الدقيق؛ لتشكيل الوحدة بين أجزائها.

 

فيرى ابن رشيق أن اللفظ والمعنى متلاحمتان متلازمتان، لا يمكن الفصل والتفضيل بينهما، فإذا كان اللفظ جسدًا، فالمعنى هو الروح للفظه؛ وقال: (من حكم النسيب الذي يفتح به الشاعر كلامه أن يكون ممزوجًا بما بعده من مدح وذم، متصلًا غير منفصل عنه، فإن القصيدة مثلها مثل الإنسان في اتصال بعض أعضائه ببعض، فمتى انفصل واحد عن الآخر وباينه في صحة التركيب، غادر بالجسم عاهة تتخون محاسنه، وتعفى معالم جماله)، ومتى اختل المعنى، اختل اللفظ، كمن هو مريض الروح يصبح مريض البدن.

 

ركز على فصاحة الكلام وجزالته، وإن الإحساس مع فصاحة الكلام تولد بلاغة القول، ولولا مراعاة ذلك، فلن يتمكن الشاعر من القول.

 

حدَّ بين المطبوع والمصنوع في الشعر وعرف بينهما؛ فقال: (فالمطبوع هو الأصل الذي وضع تكلف أشعار المولدين، والمصنوع وإن وقع عليه هذا الاسم، فليس تكلفًا تكلف أشعار المولدين، لكن وقع فيه هذا النوع الذي سموه صنعه من غير قصد ولا تعمُّل، لكن بطباع القوم عفوًا، فاستحسنوه ومالوا إليه بعض الميل، بعد أن عرفوا وجه اختياره على غيره، حتى صنع زهير الحوليات على وجه التنقيح والتثقيف، يصنع القصيدة ثم يكرر نظره فيها خوفًا من التعقيب بعد أن يكون قد فرغ من عملها في ساعة أو ليلة، وربما رصد أوقات نشاطه فتباطأ عمله لذلك، والعرب لا تنظر في أعطاف شعرها بأن تجنس أو تطابق أو تقابل، فتترك لفظة للفظة، أو معنى لمعنى، كما يفعل المحدثون، ولكن نظرها في فصاحة الكلام وجزالته، وبسط المعنى وإبرازه، وإتقان بنية الشعر، وإحكام عقد القوافي، وتلاحم الكلام بعضه ببعض حتى عدُّوا من فضلِ صنعة الحطيئة حسن نسقه الكلامَ).

 

وهو بذلك أخذ موقف طويلًا يحد ويفصل بين الشعر، فقسم الشعر إلى قسمين: المطبوع، والمصنوع، فيعرف (المطبوع) ما كتب بدايةً وأصلًا، و(المصنوع) ما تم تنقيحه وتعديله، وهو قسمين: شعر (الصنعة) وقعت به الصنعة من غير قصد ولا تكلف؛ كالتشبيه والبديع التي جاءت عفوًا في بعض أشعار المتقدمين، و(التصنع)؛ أي: وجدت فيه الصنعة عن قصد ولكن بلا تكلف مفسد، و(التصنيع) وجدت فيه الصنعة بتكلف شديد، فالمطبوع هو الأصل، واشترط لقبول المصنوع عدم المبالغة باتخاذه صنعه يعدل ويبدل بغلو، فلا بد أن يترك الشاعر لشعره المطبوع وجودًا، وهذا التفصيل والحد جعل لابن رشيق فضلًا ليس بقليل في تاريخ النقد العربي، حتى يومنا هذا.

 

ركز على وحدة القصيدة: أن تتحدث القصيدة في إطار واحد تتلاحم فيه أبيات القصيدة بين كل شطر وشطر، بحيث لو أبدلنا بين بيت وبيت اختل المعنى، وأن تتجانس الأبيات فيما بينها ويخرج المعنى في القصيدة بكل سلاسة وانسياب إلى المعنى الذي يليه دون صعوبة ومفاجأة.

 

أشار للعوامل الباطنية من العوامل النفسية التي لها دور هام في تميز الشعر من قائله؛ فالبواعث للعمل الأدبي ودعائمه، تشحذ القريحة وتحفزه؛ فيقول: (ولا بد للشاعر وإن كان فحلًا حاذقًا مبرزًا من فترة تعرض له في بعض الأوقات؛ إما لشغل يسير، أو موت قريحة، أو نبو طبع، في تلك الساعة أو ذلك الحين).

 

أخذ بالحديث عن السرقات الشعرية في باب طويل؛ ذكر فيها عددًا من الشعراء والقصائد، وكان رأيه بأن السرقات الشعرية ضعيفة، وأن الفكرة طالما كانت من ذهن الشاعر فلا يوجد سرقات.

 

2/ الجوانب الأسلوبية (الفنيــة):

وهي طرق التوظيف البلاغي، وكيفية التعبير المضمر في الكلمات، وتوظيف أساليب البيان والبديع والمعاني؛ كالتشبيه والاستعارة، والكناية والمجاز، وكيف يخرج ذلك الكلام إلى مستوى يكون له التأثير المنشود في النفوس.

 

قد أحسن التفصيل والتحدث عن الجوانب الأسلوبية، فمن يقرأ كتابه يجد 39 بابًا تتناول الأسلوبية بشكل مفصل لا يسعني الإتيان بها جملةً لحجمها على هذا المقال، إلا أنني ألحقت نموذجًا سابقًا عنها في أوله، ولكن ما نقول هنا بأن تفكيره وتفقهه وعلمه وقدرته على الفصل كان وجه إبداع واختراع زاد به على من سبقوه.

 

وسأذكر أبرز المعايير الفنية؛ وهي:

تحدث عن حكم البسملة في ابتداء الشعر، فيراه عائدًا إلى الشاعر أن أراد أم لا يريد.

 

يدعو إلى الإيجاز دون حذف في المعاني، كما يرى الحذف والمحاورة وابتكار المعاني والاستعارة تزيد من حسن الشعر، كما أن الزيادة الصحيحة هي مليحه.

 

يشير لإبراز المعنى وحذف الفضول، والأخذ بالشرح والبيان.

 

جمع الفنون البلاغية لا تُتمم الحسن في القصيدة، ولا تحقق الجودة، حتى تكون موافقة لنسق النظم من حيث اللفظة المفردة والتركيب، ومن حيث اكتمال المعنى وعمقه.

 

وظيفة البديع في جميع ألوانه تنحصر في خدمة اللفظ وليس المعنى، وبذلك تتبين الفضيلة، وتحصل المزية.

 

يزيد من قيمة الالتفات، فهو فن للبديع يزيد الكلام تطرية وجِدة وتنويعًا من خلال الانتقال بين الضمائر.

 

التفضيل في الشعر لقوة وجزالة اللفظ، ولعمق المعاني، أو لسعة الخيال واللطف الأخاذ، أو للانفراد بخيال الفكرة.

 

يجوز للشاعر التنقل بالكلام من الحقيقة للمجاز، لكن دون إفراط فتسقط جودة العمل.

 

القصيدة الشعرية مولود للشاعر يجب عليه أن يحسن مظهره وما يبطنه وما يخرج عنه.

 

القيمة الأسلوبية والفنية في النصوص من خلال تطبيقها لعدد من الفنون البلاغية مهم.

 

3/ الجوانب الإيقاعيــة:

وهو الذي يبدأ في اختيار الصوت والتناغم حتى يصل بها إلى بحور الشعر، وما يترك من أثر هو الآخر في النفوس من تأثير، وما يقوم به من تمييز القول عن غيره من الكلام.

 

بحيث يبدأ من أبسط مكون وهو الصوت بحيث يجتهد المبدع برصف كلماته دون تعقيد ومعاظلة صوتية وتنافر صوتي.

 

كما يجب البعد عن الاستكراه في تأليف الأصوات ما يسقط بقيمة الكلمة ويبغضه السامع له وللقارئ، فهو لذة للسامعين والقارئين، ومحرك لمكامن نزعات النفس للإحساس والتذوق.

 

أن يتوجد ويستشعر القصيدة في جرسها فلا يشذ بها فيوقع طباعها.

 

وجود ميزان موسيقي متتالٍ في تنظيم القوافي وفق بحور الشعر الاثني عشر، والمعروفة الآن الستة عشر، فهي معيار مهم في الانسيابية الشعرية تجنب قائلها من الخلل والضعف، وفصلها إلى اثني عشر بحرًا وأدرجها في باب الشطور.

 

الترتيب للنظم والقوافي وبعد الحواشي والنظر للميزان الشعري، وانتقاء الروي، وربط أول جرس المنظومة الشعرية لآخرها، تجعل القصيدة محتكمة بذاتها لذاتها.

 

أجاز تسمية القصيدة على حرفها أو حرفيها الأخيرين للروي كأن تسميها حائية أو ميمية.

 

يرى ابن رشيق أنه لا بأس من الترنيم والتمديد أثناء التلحين والتغني لإكمال الإيقاع، وللفصل بين الشعر والكلام المنثور، فمثلها مثل حروف المد واللين في حال النصب والرفع والخفض، وبفصل ثلاثة أنواع لغناء الشعر: النصب، والسناد، والهزج، فالنصب: غناء الفتيان والركبان، والسناد: الثقيل ذو كثرة النغمات والنبرات، والهزج: الخفيف الذي يطرب ويرقص عليه، ولها تفصيلات مشبعة في باب الإنشاد.

 

صفات يجب توفرها في الشاعر:

فيقول: (من حكم الشاعر أن يكون حلو الشمائل، حسن الأخلاق، طلق الوجه، بعيد الغور، مأمون الجانب، سهل الناحية، وطيء الأكناف، فإن ذلك مما يحببه إلى الناس، ويزينه في عيونهم، ويقربه من قلوبهم، وليكن مع ذلك شريف النفس، لطيف الحس، عزوف الهمة، نظيف البزة، آنفًا، لتهابه العامة، ويدخل في جملة الخاصة، سمح اليدين).

 

فقصد حسن الطباع والأخلاق، باسمًا بشوشًا، يأتمنه من يجانبه، ليس عسرًا غليظًا لينًا تلك الصفات تجعل الشاعر جميلًا في أعين الناس، قريبًا من قلوبهم، ويجب أن يكون شريفًا نبيلًا يبغي العزة والسمو، كريمًا سخيًا دومًا.

 

تحدث عن مواقف عدة أشار إلى وجود البديهة والارتجال في الشاعر، فالبديهة هي سرعة حضور الفكرة والارتجال ما يكون انهمارًا وتدفقًا لا يتوقف في قائله، متى ما تواجدت في الشاعر مع إحساسه وغريزته تبلغ في حاله مبالغ عظمى.

 

إن كتاب العمدة بين كتب النقد الأدبي تميز بأنه احتوى أكثر مما يتوقعه الباحث عن الشعر، فكل باب فيه غنى وحده، وهو يستحق هذا الحظو الواسع والثناء العريض من العلماء، وإن ما تميز به هو استخرج خير ما عند العلماء والأدباء والنقاد، وأودعه كتابه، فسهل للدارسين والباحثين طريق يسير للمعرفة والعلم بعد فضل الله.

 

المراجع والمصادر:

لقد تم الرجوع والاعتماد من أول البحث لآخره على كتاب (العمدة) لابن رشيق في محاسن الشعر وآدابه ونقده، قدم له وشرحه: د. صلاح الدين الهواري، أ. هدى عودة.