منوعات

حطم قيودك – مكساوي –

حطِّم قيودك

 

“سجني خلوة”؛ هكذا رأى الإمام ابن تيمية محنة السجن بأنها فرصة للخَلوة بينه وبين ربه، لم ييئَس، لم يحزن، لم يضجَر، بل حوَّل زاوية نظره ليرى الوجه المشرق لهذا الابتلاء.

 

وأنت أخي مهما قيَّدوك بالأغلال، وحبسوك وراء القضبان، فلن يَمنعوا عقلك عن التفكير، ولم يمنعوا قلبك من النبض، ولم يمنعوا روحك من التحليق.

 

ولكن المقيد مَن قيَّد تفكيره بأوهام وخرافات، بات على إثرها قلبُه وعقله طريح الفراش دون سبب ظاهر.

 

المقيد من لم يسمح لعينه أن ترى الجمال في كل ما حولها.

 

المقيد من علَّق أعذاره على شماعة غيره ليرتاح من ضميره الحي.

 

وإلا لماذا ينجح المعاق حسيًّا فيما لا يقدر عليه الصحيح بدنيًّا؟!

 

ولماذا يُبدع من فقَد حاسة من حواسه فيما لا يستطيعه المعافى؟!

 

فالأول اتَّخذ من الإعاقة سببًا لبدء الحياة، والآخر استسلم لأول قيود الوفاة.

 

الأول نزع عن نفسه أغلال العجز وتمتَّع بحرية العقل، والثاني قيد نفسه دون قيد حقيقي، وهوى بنفسه إلى بئرٍ عميقة.

 

وما قصة الفيل الصغير ببعيدة عنا، ها هو ذا الفيل الصغير الذي حضر لتوِّه إلى حديقة الحيوان، فقيَّدوه بسلسلة من حديد، حاول نزعها فلم يستطع، حاول قطعها فباء بالفشل، حاول وحاول، ثم لم يلبث إلا أن يَئِسَ منها، فاستسلم لقيودها، فما كان من الحارس بعد فترة إلا أن استبدل بها حبلًا رفيعًا.

 

فيا تُرى ما كان تصرف الفيل هذه المرة؟

 

لم يحاول نزعها ولا قطعها، فقد استسلم للأمر تمامًا، استسلم لهذا القيد الوهمي الذي نسجه خياله الواهي، وأوهَمه أنه من حديد.

 

فكم منَّا ظنَّ أن قيده من حديد، ولكنه ليس كذلك!

 

كم منا حَسِبَ نفسه سجينًا فلم يكن إلا السجان!

 

أخي، ألا فلا تستسلم، وحطِّم قيودك، وانزع أغلالك، ونحِّ عنك أوهامك.