منوعات

جوني ديب.. عندما يقودك إتقان الشخصية إلى الاضطراب النفسي | قل ودل

في خضم جلسات محاكمة القضية المُثارة ما بين الممثل الأمريكي جوني ديب وزوجته السابقة المُمثل آمبر هيرد، زعم الطبيب النفسي آلان بلوشتاين، أن من المُمكن أن تكون سلوكيات ديب العدائية تجاه زوجته السابقة بسبب طفولته الصعبة.

حيث اضطُر والد ديب أن يترُك المنزل، بعد تعرّضه لعنف منزلي على يد زوجته (والدة جوني)، الأمر الذي تسبب في إصابة جوني بعدد من الاضطرابات ‑حسب زعم الطبيب- مثل القلق واضطراب ثنائي القطب.

على كُلٍ، لطالما اشتهر نجم هوليوود بانفعالاته الغريبة طوال مشواره الفني، فهل يُمكن أن يلعب التمثيل دورًا محوريًا في إلحاق الضرر نفسيًا بالمُمثلين؟

قراصنة الكاريبي

جوني ديب في شخصية جاك سبارو.

تُعد شخصية «جاك سبارو» التي جسدها جوني ديب في سلسلة أفلام «قراصنة الكاريبي أحد أهم أعماله السينمائية، والتي حظيت بشعبية طاغية بفضل تمكُّن ديب من تقديم شخصية غريبة للأطوار على الدوام، بما فيها من إيماءات مبالغ بها وكلام غير مفهوم.

في حديثه في حفل أقيم في زيورخ السويسرية في أكتوبر 2018، كشف جوني عن حقيقة ولادة شخصية «جاك سبارو» حين قال: «ولد الكابتن جاك في الساونا، الساونا الخاصة بي».

«لقد اعتقدت أن هذا الرجل كان في أعالي البحار طوال حياته على الأرجح، أو معظم حياته على الأقل، وبالتالي ربما تعامل مع الكثير من الحرارة التي لا مفر منها».

في نفس الحديث، كشف ديب عن الطريقة التي انتهجها لتقمُّص شخصية القرصان الكاريبي، ووجد أن أسلم طريقة للوصول إلى عُمق الشخصية هو بالجلوس داخل الساونا لوقت طويل.

وبغض النظر عن نجاح جوني في تقديم الشخصية بهذه الجودة لذلك السبب أو لا، اعترف أن هذا التكتيك أثّر بالسلب على صحته العقلية، وربما هذا هو طرف الخيط الذي يمكن أن نبدأ في الإجابة على السؤال الذي طرحناه من خلاله.

تجارب قاسية

في الواقع، أثبتت الدراسات الأكاديمية أنّ الممثلين أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عقلية مثل: الاكتئاب، القلق والتوتر مقارنةً بعامة الناس، طبقًا لتقرير نشرته جامعة سيدني الأسترالية عام 2015.

حسب الدراسة، حوالي 40% من الممثلين واجهوا صعوبات في الاسترخاء أو «الخروج من الشخصية»، بعد أداء دور يتطلب جهدًا عاطفيًا وبدنيًا.

وأظهرت الدراسة التي أجريت على 782 ممثلًا أن 25% منهم، على أقل تقدير، قد عانو مما يعرف بـ«القلق المنهك من الأداء» في مرحلة ما من حياتهم المهنية، ولجؤوا للكحول والمخدرات للتعامل مع الضغط وأعباء أدوارهم.

طبقا لإيان ماكسويل، الأستاذ بقسم المسرح والمشارك في نفس الدراسة، يتناول الممثلون محل الدراسة المشروبات الكحولية بكميّات كبيرة، يمكنها أن تؤثر على حالاتهم الصحية.

ويوضّح ماكسويل أنّ امتهان التمثيل يجعل الممثل، مثل جوني ديب، مُضطرًا للتأقلم مع الضغط الواقع على كاهله، سواءً كان نفسيا أو جسديا، ومع ذلك، يختار الممثلون الاستمرار في مسيرتهم المهنية، أيا ما كانت العواقب.

تقمُّص الشخصية

جوني ديب
جوني ديب وزوجته الشابقة آمبر هيرد.

هل تثير ردّات فعل جوني ديب الغريبة حيرتك؟ ليست تلك التي تشاهدها في أفلامه، بل تلك التي يظهرها في مقابلاته المتلفزة، أو حتى أثناء جلسة محاكمته؟ ربما نمتلك إجابة.

في 2017، نشر موقع «The Con­ver­sa­tion» تقريرا يستعرض الآثار السلبية للتمثيل على الصحة العقلية للمُمثلين، ومن ضمن تلك الآثار؛ كانت تداعيات تقمُّص الممثل لشخصية يؤديها.

يعتقد عالم فنون الأداء «مارك سيتون» أنّ الدخول في الشخصية ليس أمرًا بسيطًا، لأن لعب شخصية هي عملية معقدة لا يمكن فصلها عن حياة الممثل عند انتهائه من تقديم العمل.

أحيانًا يكون الممثلون غير قادرين على التخلي عن المشاعر المرتبطة بشخصياتهم، ويمكن أن ينعكس هذا بالسلب على حياتهم اليومية، بالضبط.. ما توقعته قريب من الصحة، ربما يعيش جوني ديب متأثرًا بأدواره التي لعبها طوال مشواره الفني.

لكن الأهم بهذا الصدد، وهو ما ذُكر في نفس التقرير، أنّ الممثلين أحيانًا يستفيدون من تاريخهم الشخصي لاستحضار المشاعر المطلوبة للعب دور، وقد يكون هذا مؤلمًا إذا أثار مشاكل عميقة أو أثار تجارب وذكريات صعبة.

وبإسقاط هذه الفكرة على جوني ديب، نجد أنّه قد سبق وأن عاش طفولة حزينة، رأى خلالها والدته عنيفة تجاه والده، وربما تركت هذه التجربة أثرًا في نفس الممثل الأمريكي، الذي أثبتت المحكمة أنّه تعرّض لمشاكل متعددة متعلقة أيضًا بالعنف المنزلي مع زوجته السابقة آمبر هيرد.

في النهاية، فاز جوني ديب في صراعه القضائي ضد آمبر هيرد، وحكمت المحكمة لصالحه في قضيّة تشويه زوجته السابقة لسمعته، وربما لم يكُن ديب شخصا سيئا في الأساس، لكن ‑باعترافه- ربما لعب التمثيل دورا في اضطراب سلوكياته، كذلك آمبر هيرد، وربما معظم الممثلين الذين قرروا أن يتقنوا عملهم دون النظر إلى العواقب.

المصدر:
طالع الموضوع الأصلي من هنا