منوعات

كيف أتخلص من مجالس الغيبة والنميمة؟

السؤال:

الملخص:

فتاة تابت من الغيبة والنميمة، لكنها تجلس في مجالس يكون فيها غيبة، ولا تستطيع الإنكار على المتكلم في كل الأحوال؛ إما لكبر سنه، أو غير ذلك، وتسأل: كيف تتخلص من ذلك؟ وكيف ترد حقوق من اغتابتهم؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم.

تبتُ إلى الله توبة نصوحًا من الغِيبة والنميمة، لكنني عندما أجتمع مع النساء أو عندما أصِلُ رحِمي، فإنه ولا بد من حصول بعض النقاش، ومن الناس من يغتاب أو ينمُّ وهو في مجلسنا، وبعضهم لا أستطيع الرد عليه إما لكبر سنه واحترامي له، أو لأنه ليس بيني وبينه علاقة وثيقة، وأحيانًا أنكر هذا الفعل على البعض، لكنني لا أستطيع منع الكل، ولا أستطيع أن أخرج خارج المجلس في بعض الأحيان، ولا أستطيع أن أُشيحَ ببصري عن المتكلم بسبب احترامي له، لكنني أنكر بقلبي هذا الفعل، هل أستطيع أن أعتزلَ الناس حتى لا أغتاب أو أكون مشاركة في الغيبة ومجالس السوء؟ وهناك أيضًا موقف وقع أود السؤال بخصوصه: كانت صديقتي تتكلم عن زَبونة لها أعدت لها طعامًا معينًا بأجرٍ، وذكرت صِنف الطعام، وذكرت اسم عائلة الزبونة، ومن أي بلد هي، لكنها لم تذكر اسمها، وذكرت لها موقفًا سلبيًّا صدر منها، أنا لا أعرف هذه الزبونة، فهل أكون شريكة في الغيبة حينها؟ من جانب آخر، إذا فتحت صفحة صديقتي وطلبية الطعام الذي ذكرتْهُ، وبحثت عن الزبونة التي ذكرت اسم عائلتها لربما أعرفها، فهل يكون عليَّ وزرٌ؟ وكيف أتوب إلى الله من هذا الذنب؟ وكيف أتحلل من الناس الذين اغتبتهم أو تمت غِيبتهم أمامي؟ أنا أستغفر لهم، فهل تجوز الصدقة لهم؟ هل أعتزل الناس ولا أتكلم مع أحد؟ أفتونا مأجورين.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

أولًا: تشكرين كثيرًا على ورعكِ وعلى حرصكِ بالابتعاد عن الغيبة والنميمة ومجالسهما.

 

ثانيًا: من وقع في معصية وأراد التوبة منها، فعليه الآتي:

1- الندم.

2- العزم.

3- الإقلاع.

 

هذا في المعاصي التي بينه وبين الله سبحانه، أما التي بينه وبين الناس فيُضاف إليها:

التحلل من حقوقهم المالية أو المعنوية.

 

ورد المظالم لأهلها.

 

وإن كان لا يعرفهم ولا سبيلَ لمعرفتهم، فيتصدق بالمبالغ التي أخذها بنية أنها عنهم، أما إن كانت المظالم معنوية – مثل الغيبة – فإن كانوا عقلاء يقبلون الاعتذار، فيعتذر منهم، وإن لم يكونوا كذلك، وخشيَ أن يترتب على الاعتذار مشاكل أخرى، فيكتفي مع التوبة بالدعاء لهم، وبذكرهم بالمحاسن التي فيهم والدفاع عن أعراضهم.

 

ثالثًا: اجتهدوا قدر استطاعتكم في عدم سماع الغيبة، وفي نصح المغتابين بالحكمة.

 

رابعًا: هؤلاء الذين يغتابون وينمُّون هم مرضى، فادْعي لهم كثيرًا بشفائهم من هذا المرض.

 

خامسًا: لا تتجسسوا على أحد، والذي لا تعرفون اسمه، فلا غيبة لمجهول.

 

سادسًا: تذكروا كثيرًا قوله سبحانه ناهيًا عن الغيبة وسوء الظن والتجسس، ومشنعًا صنيع الغيبة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، واقرؤوا هذا الجواب من الشيخ ابن باز رحمه الله عن الغيبة:

الغيبة والنميمة كبيرتان من كبائر الذنوب، فالواجب الحذرُ من ذلك، يقول الله سبحانه: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ليلة أُسريَ بي رجالًا لهم أظفار من نحاس يخدشون بها وجوههم وصدروهم، فقلت: من هؤلاء؟ قيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم))، هم أهل الغيبة.

 

والغيبة يقول صلى الله عليه وسلم: ((ذكرُك أخاك بما يَكره))، هذه هي الغيبة، ذكرك أخاك بما يكره، وهكذا ذكر الأخت في الله بما تكره من الرجال والنساء، قيل: يا رسول الله، إن كان في أخي ما أقول؟ قال: ((إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَهُ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّهُ)).

 

فالغيبة منكرة وكبيرة من كبائر الذنوب، والنميمة كذلك؛ يقول الله جل وعلا: ﴿ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 10، 11]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة نمَّام))، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((أنه رأى شخصين يعذبان في قبورهما؛ أما أحدهما فكان لا يستَنْزِه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)).

 

فالواجب عليكِ أيتها الأخت في الله الحذر من مجالسة هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويعملون بالنميمة، وإذا جلستِ معهم، فأنكري عليهم ذلك، وحذِّريهم من مغبة ذلك، وأخبريهم أن هذا لا يجوز، وأنه منكر، فإن تركوا، وإلا فقومي عنهم، لا تجلسي معهم، ولا تشاركيهم في الغيبة، ولا في النميمة.

 

حفِظكِ الله، وزادكِ ورعًا وتُقًى.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.