منوعات

العمر يتقدم ولم أحقق شيئا

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص شكواكِ هو:

1- مصابة بمرض الوسواس.

 

2- تخرجتِ ولم تجدي عملًا وأنتِ تحبين العمل.

 

3- رفضتِ الزواج عندما كنتِ طالبة، والآن كبرت وانصرف الخطَّاب.

 

4- مَن حولكِ يحثونكِ على قبول الزواج، ولو من كبير أو مطلق، ويقولون لكِ: كبرتِ، وهذا يُضايقكِ.

 

5- تقولين إنكِ متشائمة من صدمات أصابتكِ، ولا يمر يوم فيه سعادة حقيقية.

 

6- تقولين: إن الجلوس بالبيت ليس اختياريًّا لكِ، ولا ترغبين فيه، ومتضايقة منه جدًّا.

 

ثم تسألين عن الحل، فأقول مستعينًا بالله سبحانه ومتوكلًا عليه:

أولًا: أخطأتِ في ردِّ الخُطَّاب وقت دراستكِ، ثم تندمتِ الآن، فالحل الآن أن تتنازلي عن بعض شروطكِ في الزوج، ما دام رجلًا صالحًا وعلى درجة من الأخلاق.

 

ثانيًا: لا تنسَي أسبابًا شرعية مهمة جدًّا لجلب الرزق من زواج وغيره؛ وهي:

1- الاستغفار.

2- الاسترجاع.

3- الصدقة.

4- الدعاء.

 

ثالثًا: مما يطيب قلبكِ أن تعلمي يقينًا بأن الزوج المكتوب لن يردَّه أحد أبدًا مهما كان، وسيأتي في وقت كتبه الله سبحانه؛ قال عز وجل: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

 

رابعًا: قلقكِ وعدم إحساسكِ بالسعادة له أسباب شرعية مهمة جدًّا؛ منها:

1- تعلقكِ الزائد بالدنيا وربط سعادتكِ بتحققها.

 

2- ضعف العبادات لديكِ من صلاة وتلاوة وذكر، وإلا فهي أعظم ينبوع للسعادة؛ قال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

خامسًا: ومن أسباب القلق وضعف السعادة ضعفُ الإيمان بالقدر، والصبر على أقدار الله المؤلمة؛ قال سبحانه: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 – 157].

 

سادسًا: قلتِ: إنكِ قلقة جدًّا من بقائكِ بالبيت، ولا ترغبين فيه، مع أن الأصل الشرعي للمرأة هو البقاء بالبيت، ولكن لما كثُر حاليًّا خروج النساء، غابت هذه الحقيقة الشرعية، واستُبدلت بالأدنى؛ وهو كثرة الخروج؛ قال عز وجل: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33، 34]، وهذه الآيات وإن كانت نزلت في أمهات المؤمنين، فإن حكمها عام لجميع المسلمات.

 

سابعًا: القلب المعمور بمحبة الله سبحانه وتعظيمه يُعظم أوامره عز وجل ويتلذذ بتقديمها على كل رأي أو عادة اجتماعية؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

ثامنًا: القلب المعمور بمحبة الله عز وجل ينشغل بذكره سبحانه بالصلاة والتلاوة والذكر، فيجد لذة لا تعادلها لذائذ الدنيا كلها، ولا يحس بالفراغ ولا بالقلق الذي يعانيه الكثيرون.

 

تاسعًا: ذكرتِ أنكِ مصابة بالوسواس في الصلاة والوضوء؛ لذا فعليكِ مجاهدة نفسكِ على التخلص منه؛ لأن استمراركِ عليه يقلقكِ كثيرًا، ويفسد عليكِ عباداتكِ، ويُحزنكِ، ويؤدي لنقص في العبادات أو زيادات فيها غير مشروعة، وأهم ما يعينكِ على التخلص منه:

الدعاء، ومجاهدة نفسكِ، والعلم بأنها من الشيطان لإفساد عباداتكِ.

 

عاشرًا: يوجد احتمال قوي لارتباط القلق عندكِ بالوسواس.

 

حادي عشر: واعلمي أن الاستسلام لوسواس العبادة ربما أدى لتطور سلبي فيه أنكى؛ وهو الوسواس في التوحيد والذات الإلهية؛ ولذا فلا بد من بذل كل الجهود للتخلص منه نهائيًّا قبل أن يستفحل ويصعب علاجه.

 

ثاني عشر: ومن علاجاته الشرعية مع الدعاء الرُّقية، وقد تحتاجين لطبيب نفسي.

 

حفظكِ الله وفرَّج كربتكِ.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.