منوعات

فن إدارة الفصل – مكساوي –

فن إدارة الفصل[1]

 

 

من أهم الأمور التي تحدِّد نجاح المعلم طريقة إدارته للفصل الذي يقوم بتدريسه، فحين يدخل المعلم لإعطاء دروسه، يُفترض أن يجد هدوءًا واهتمامًا من الطلاب، لكنه يفاجأ بأن بعض الطلاب يسلك سلوكًا غير مرغوب، فيسبب الفوضى داخل الفصل، وهذا النوع من الطلاب له دوافع تدفعه لهذا السلوك السلبي.

أهم دوافع السلوك السلبي لدى الطلاب:

محاولة جذب انتباه الآخرين.

اتصافه بالتمرد ومحاولة السيطرة على الآخرين.

بهدف الانتقام من الآخرين وغالبًا ما يكون صاحبه محبطًا وناقمًا.

بسبب ضعف الطالب وعدم قدرته على تحقيق نتائج جيدة في المادة.

وهذه الأنماط المختلفة من الطلاب تحتاج إلى طرق مختلفة لعلاجها، فمنهم من تكفيه النظرة، ومنهم من يحتاج إلى التذكير بلُطفٍ، ومنهم من يحتاج إلى النصيحة، ومنهم من يحتاج إلى التوبيخ، ومنهم مَن لا يفلح معه إلا العقوبات التربوية.

طرق تحقيق مهارة ضبط الصف:

1. أول وأهم الطرق على الإطلاق هي مهارة المعلم في عرض الدرس وقدرته على إثارة اهتمام الطلاب، واستحواذه على انتباههم من خلال نبرات الصوت المعبرة، ومتابعته لما يجري في الفصل، واستخدام أساليب متعددة في عرض الدرس والحركة المناسبة، والبعد عن العصبية والانفعال.

2. تقدير المواقف بحسب الحاجة، فيستعمل الحزم عند الحاجة إليه واللطف عند الحاجة، والتذكير والنصيحة في وقتها.

3. الانتباه لأحداث الصف وعدم الانهماك في عرض المعلومات والشرح والكتابة على السبورة، لدرجة إهمال أحداث الصف، بل لابد من الانتباه لجميع ما يجري داخل الفصل، وتوزيع طاقاته الذهنية؛ ليستطيع الموازنة بين الدرس وبين إدارة فصله وضبطه، ويكون ذلك من خلال إشراك الطلاب معه وتفاعلهم معه بأدب وهدوء.

4. أن يتصف بالصفات الحميدة، فيتأدب بآداب المعلم المربي، ويحرص على تقوى الله، ويعدل بين طلابه، ويحترم شخصياتهم، ويحرص على معرفة أسمائهم، ويتجاوب مع ميولهم، ويوجِّه طاقاتهم وأفكارهم الوجهة الصحيحة.

5. أن يُشعرهم بمحبته لهم، وحرصه عليهم، وأنه بمثابة أخوهم الأكبر أو والدهم، ويكوِّن معهم علاقات اجتماعية قائمة على الرحمة والمحبة، ويُظهر لهم الود والألفة.

6. لباقة إنهاء الدرس: ينشغل المعلم وطلابه بأنشطة متنوعة، وينهمكون في الحصة حتى يدق الجرس منهيًا وقت الحصة، فينصرفون بصورة مفاجئة، وهذا الانصراف المفاجئ أو الطارئ عن الحصة بنهايتها، يتنافى مع مفهوم التدريس كونه موقفًا مخططًا له، لذلك ينبغي للمعلم أن يعتني بالتحكم في عامل الزمن لتحريك مجريات هذا الموقف التدريسي، ولا يتم ذلك إلا من خلال تعويد المعلم نفسه مرة بعد مرة التحكمَ في الزمن المتاح له، ليبقي لنفسه في نهاية الموقف بضع دقائق لاستغلالها في تلخيص الموقف، وتجميع خيوطه، وإنهاء الحصة بطريقة سليمة.

صفات المعلم الناجح في إدارة الصف:

هنالك بعض الإجراءات التي تساعد المعلم على ضبط صفه ومن أهمها ما يلي:

أن يسلك مع طلابه سلوكًا معتدلًا غير متسلط ولا متساهل، وفي الأثر: “خير الأمور أوساطها”.

أن يخصص جزءًا من الوقت لقبول أفكار الطلاب واستخدامها.

أن يشجع الطلاب على المبادرة بالحديث.

أن يستعمل اللغة الفصحى في حديثه.

أن يقلل من استخدام التوجيهات وأفعال الأمر في كلامه مع طلابه.

التنويع في نبرات صوته ما بين العالي والمنخفض.

أن يراعي الهدوء في الفصل والإنارة والتهوية الجيدة والجلسة الصحية للطلاب.

أن يوزع الزمن على عناصر الدرس توزيعًا جيدًا؛ حتى لا ينهي الدرس قبل وقته، مما يتسبب في الفوضى داخل الفصل.

أن يشعر جميع الطلاب بأنهم معرضون للسؤال في أي وقت أثناء الدرس.

أن يجول بنظره بين الطلبة ولا يركِّزه على مكان واحد فقط.

توزيع الطلاب داخل الفصل بحسب أطوالهم، مع مراعاة توزيع ضعاف البصر والسمع من الطوال جانبي الفصل.

إذا أعطى الطلاب واجبًا منزليًّا، فيجب أن يتأكد من إجابة الطلاب ويصححها.

أن ينوع في أساليب التدريس ويقلِّل ما استطاع من أسلوب الإلقاء.

يجب أن تتناسب سرعة التدريس مع الطلبة؛ حتى لا ينعزل بعض الطلاب عن المعلم ويتشاغلون بشيء آخر.

عدم السخرية بأي طالب أو الاستهزاء به، بل يجب احترام الطلاب، فإن للنفس حساسية حتى لدى الطلاب الصغار.

عدم طرد أي طالب من الفصل؛ لأن هذا دليل عجز المعلم، كما أن بعض الطلاب يسعون لذلك.

ألا يتوجه باللوم للصف بأكمله؛ حتى لا يسبب ذلك كرهًا له وعداءً من الجميع.

على المعلم إشعار الطلاب بأنه أخ كبير لهم، وأن يعمل على حل مشكلاتهم.

إن سيطرة المعلم على أعصابه وضبط نفسه، أفضل وسيلة للسيطرة على الطلاب وضبط الفصل.

على المعلم أن يشغل الطلاب بالأنشطة والمهام لئلا يشغلوه، وإذا أراد أن يطاع فليأمر بما يستطاع.

العدل في المعاملة بين جميع الطلاب مما يوجب احترامهم له والانضباط في حصته.

المراحل الإجرائية لتعديل سلوك الطلاب:

بعد أن يطبق جميع تلك الإجراءات التربوية لإدارة فصله أثناء الحصة، لكن من المتوقع وجود بعض الحالات التي لا تستجيب، وهنا على المعلم أن يستخدم المراحل الإجرائية التالية: أولًا: طريقة تعديل النمط الدائم للطالب.

ويتم ذلك باتجاهين:

1. أسلوب الاستبصار: بمعنى تكوين البصيرة لدى الطالب حول سلوكه السلبي، عن طريق استدعاء المعلومات التي يعرفها الطالب عن نوعية هذا السلوك، ثم تفسيره ثم تصنيفه إلى سلوك سيئ، ثم تكوين بصيرة واقعية حول هذا السلوك.

2. أسلوب التعليم والتربية: وهذا يتم بالتنبيه على السلوك، وتوضيح جُرم هذا السلوك، ثم إقناع الطالب بأهمية الإقلاع عنه، ثم تدعيم إقلاعه عن السلوك من خلال متابعة الطالب.

ثانيًا: أسلوب تعديل الاستجابات (العادات).

فإذا لاحظ المعلمُ تَكرار سلوك معين من الطالب، فلابد أن يتأكد هل هذا السلوك عادة دائمة لدى الطالب، أو هل يمكن أن يصبح هذا السلوك عادة للطالب على المستوى القريب أو البعيد؟

ثم ينبغي للمعلم اتخاذ الخطوات التالية لتعديل عادات الطالب عن طريق الوسائل التالية:

1. الإيحاء: أي يقوم المعلم بالإيحاء عن السلوك وخطئه بشكل غير مباشر.

2. النصيحة: أي يقوم المعلم بنصح الطالب أن يقلع عن السلوك السيئ مستشهدًا بالكتاب والسنة، وما تعارف عليه الناس من الأخلاق القويمة.

3. التوبيخ: يستخدم التوبيخ إجراءً تربويًّا بعد الإيحاء وتكرار النصيحة، بشرط ألا يصل التوبيخ إلى حد السباب أو الفاحش من القول، ولا يكون علانية أمام الطلاب.

4. الحرمان: يمكن تعديل السلوك من خلال حرمان الطالب من بعض الأنشطة التي يحبها مثل الاشتراك في رحلة أو نشاط رياضي أو الفسحة مع زملائه بسبب عدم انضباطه.

5. التهديد أو الإنذار: ويستفاد منه إيقاع الطالب في دائرة القلق والخوف الإيجابي الذي يفيد في تعديل السلوك إيجابيًّا، بشرط ألا يغالي المعلم في ذلك.

6. التحويل لإدارة المدرسة: في حالة استخدام المعلم لجميع الإجراءات والأساليب السابقة دون الوصول إلى نتائج مرضية، فيمكن للمعلم تحويل الطالب للإدارة من خلال كتابة تقرير عنه لاتخاذ الإجراءات اللازمة إداريًّا، مع ضرورة التذكير بألا يستعجل المعلم في ذلك؛ لأن السلوك السلبي والعادات السيئة تحتاج وقتًا وجهدًا لتعديلها، وإذا تذكر المعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي بك الله رجلًا واحدًا، خيرٌ لك من حُمر النَّعم)، علِم أنه إن صبَر على تعديل سلوك طلابه، كان ذلك له أجرًا عظيمًا عند ربه عز وجل.

 


 

[1] بتصرف واختصار عن كتيب فن إدارة الصف.