عربي ودولي

هل يكون “الترسيم” مفتاح الفرج لأزمات لبنان؟

 

الاعتقاد هنا ان ترسيم الحدود البحرية اللبنانية جنوبا، هو مفتاح الفرج للأزمات المتشعبة في لبنان، حيث يخيم شبح الفراغ على المؤسسات الدستورية، من رئاسة الجمهورية، الى الحكومة، الى جميع مؤسسات الدولة ووزاراتها المضروبة بالشلل.

وقد يتم تبادل الوثائق في الناقورة بحدود العشرين من أكتوبر، أي قبل الدخول في العشر الأخير من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث يصبح مجلس النواب في حالة انعقاد لانتخاب رئيس الجمهورية، حتى من دون دعوة رئيسه، مما قد يسمح للفريق العوني بتسجيل هذا الانجاز في خانته، في حين لم يتبن النائب إلياس بوصعب، مفوض الرئيس عون لمتابعة مفاوضات الترسيم، هذا التاريخ، المطروح اسرائيليا، لاعتبارات تتعلق بأمورهم الانتخابية، ودون ان يستبعد تحديد تاريخ آخر قريب.

المصادر المتابعة، أكدت ان الانفراج المنتظر ليس وراء الباب، كما يعتقد البعض، متوقعة حصول تجاذبات وعنتريات من هنا وهناك، «فنحن أمام انتخابات رئاسية، وهم (الاسرائيليون) امام انتخابات نيابية، وقد نسمع من اعلامهم ان رئيس وزراء اسرائيل يائير لابيد حقق انجازا، وان لبنان تراجع عن ملاحظاته، وقد نسمع كلاما مثل قول الوزير السابق وئام وهاب ان الحزب انتصر على اسرائيل، وكل هذا سيكون جزءا من البروباغندا الانتخابية.

وفي السياق تلقى الرئيس عون امس اتصالا هاتفيا من الرئيس الاميركي جو بايدن وهنأه على انتهاء المفاوضات التي جرت لترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية، معتبرا أنها مجرد بداية، لافتا الى أن المفاوضات للتوصل الى الاتفاقية كانت صعبة، وستسهم في تحسين حياة الملايين من الاشخاص في لبنان».

واضاف: «هي فرصة ايضا لإعادة واستعادة الاستثمارات الاجنبية والخارجية في بلادكم والتي انتم في امس الحاجة اليها، وهذا سيساعدكم أيضا على تعزيز فرص استغلال واستكشاف النفط والغاز في بلادكم لتحسين حياة الملايين من شعبكم.».

هذا، وأشاد بايدن في بيان بالاتفاق ووصفه بأنه«اختراق تاريخي»، مشددا بضرورة وفاء كل الأطراف بتعهداتهم وعملهم على تطبيق الاتفاق.

وقال البيت الأبيض ان بايدن يأمل أن تجرى انتخابات الرئاسة اللبنانية في موعدها بشكل يتفق مع الدستور.

وبالعودة الى ملف الترسيم البحري، تشير المصادر المتابعة الى ما لا يجوز اغفاله، وهو تأثير القصف الروسي للعاصمة الأوكرانية كييڤ، بالشكل التصعيدي الذي حصل، ودوره في مضاعفة الضغط الأميركي على الطرفين اللبناني والاسرائيلي، للقبول بصيغة الوسيط عاموس هوكشتاين بلا تحفظات ولا تعديلات، تحسبا من أميركا وأوروبا، لاحتمالات توسع الحرب الروسية – الأوكرانية، وبالتالي لتفاقم حاجة الأوروبيين للغاز، وهذا جعل لبنان «يطنش» على الضخ الاسرائيلي التجريبي من حقل كاريش منذ ثلاثة ايام، وما حمل اسرائيل بالمقابل، على الكف عن مطالبة لبنان بحصة من غاز «قانا»، والتحول بالمطالبة الى شركة توتال الفرنسية، التي وصل رئيسها الى بيروت امس وباشر لقاءاته الرسمية، والتي ستتولى التنقيب والاستخراج من حقل قانا وبقية الحقول اللبنانية، كي تتولى هي دفع «الجزية» لاسرائيل.

وقال النائب بوصعب الذي سلم نسخا عن صيغة هوكشتاين الى الرؤساء عون وبري وميقاتي، ان الاتفاق كان عالقا على كلمتين أخرتا الاتفاق لمدة 36 ساعة.

والكلمتان هما «الأمر الواقع» او «الوضع القائم». وقد ترتبت عليهما مشكلتان، الأولى مطالبة اسرائيل بحصة في حقل قانا، وقد توسط الفرنسيون بين اسرائيل وبين شركة توتال النفطية الفرنسية، وتوصلوا الى الاتفاق على ان أي تسوية مالية او تعويض لإسرائيل، لا يقطع من حصة لبنان في انتاج حقل قانا، بل يقتطع من أرباح شركة توتال، بعد تقدير حزب الله المخزون المرتقب في هذا الحقل، وان يبدأ عمل توتال، في حقل قانا والبلوك رقم 9 فور الإعلان عن الاتفاق ودون موافقة مسبقة من اسرائيل.

المشكلة الثانية، التي عرقلت اعلان الاتفاق في الساعات الأخيرة، كان حلها، بإبقاء كلا الطرفين على احداثياتهما، لبنان يحتفظ بالخط 23، واسرائيل بالخط واحد، ويصبح الترسيم البحري بالنسبة للبنان أمرا واقعا، مع ما تعنيه هذه العبارة من تأكيد على استمرار النزاع حول الحدود البحرية والبرية، وبالنسبة لإسرائيل «واقعا قائما» مع ما تعنيه هذه العبارة بالنسبة لإسرائيل، من اقرار لبنان بخط «الطوافات»، ويرحل الترسيم البحري النهائي ويربط بالترسيم البري، أي ان كل فريق قرأ رسالة الوسيط الأميركي كما يحلو له.

بدوره، نـائــب رئيــس مجلس النواب إلياس

بو صعب الذي كان على تواصل دائم مع هوكشتاين، قال بعد تسليمه مسودة الاتفاق للرئيس عون صباح أمس، ان المفاوضات اخذت بعين الاعتبار المطالب اللبنانية وسنودع الاتفاق لدى الأمم المتحدة، وهو ليس بين لبنان ودولة لا يعترف بها، انما بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية، وعن آخر مقرب من حزب الله، ان الحزب وافق على بنود الاتفاق، وأعطى الضوء الأخضر بذلك، معتبرا ان المفاوضات انتهت.