منوعات

بالرغم من الوعي.. – مكساوي –

@FofKEDL
بالرغم من انتشار المعارف والعلوم وتقلصها في العالم التقني وسرعة وصولها إلينا بأشكال مختلفة، إلا أنه ما زال البعض يعاني في قصور في مستوى الوعي. وتتعدد الأسباب وتختلف ولكنها ترجع في الأصل إلى رفض تلك العقول لبعض الحقائق التي نعيشها على أرض الواقع. على سبيل المثال، تربية الطفل لم تعد كما كانت وذلك لأن الطفل لم يعد طفلا كما كنا أو آباؤنا في الماضي. وما هذا إلا مثال بسيط يوضح قصور الوعي وامتناع البعض عن تفهم حجم التغيير التربوي الذي نعيشه.
الاختلاف والتغير سواء في المكان أو الزمان يعتبر من أهم العوامل الثابتة والتي تحقق للإنسان احتياجاته. والإنسان المدرك لقوة ذلك التأثير يكون -عادة- على استعداد تام لموازنة مستوى القبول والرفض من ناحيته لأي أمر تربوي يواجهه. نبدأ أولا بضرورة الوعي الفكري، والذي يعاني منه بعض الآباء والأمهات من خلال شعورهم بوجود فجوة فكرية تعيقهم في مسألة ضبط الأبناء. وبوجود وسائل التواصل التي جمعت كل مختلف ومتشابه من ثقافات الشعوب وسلوك أفرادها، فإن الأبناء أصبحوا يعيشون في عالم من المتناقضات الفكرية. والتي بدورها حركت الفضول المعرفي عند البعض من أبنائنا الذين سبقونا في اكتساب المعرفة بغض النظر عن سلبياتها أو إيجابياتها.
ثانيا، الوعي السلوكي والذي يكون -عادة- تراكمات ناتجة من كيفية استقبال عقول الأبناء للفكر المختلف أو الدخيل. أحيانا، يقف بعض الآباء والأمهات حائرين أمام سلوك بعض أبنائهم. وقد تأخذ الحيرة منحنى تربويا يفسد الأهداف التربوية النبيلة التي يسعى لها الوالدان. وباعتبار أن بعض السلوكيات الصادرة من البعض جريمة فإن العقاب عليها ضرره أكبر من نفعه، أحيانا.
ثالثا، الوعي بتغير بعض المفاهيم التي تشعبت وكثرت أمثلتها ومصطلحاتها حتى أصبحت تؤثر على القيم والمبادئ الإنسانية السليمة. فالحرية -على سبيل المثال- واجهت ممارسات متعددة في مختلف المجتمعات حتى انتقلت إلينا بأشكال مختلفة ليكون مفهومها في مجتمعنا لا يتناسب مع أهم القيم والمبادئ التي يسعى لها الفرد في هذا المجتمع.
وأخيرا، فإن كل هذه المتغيرات الفكرية والسلوكية والمفاهيم التي يستند عليها الإنسان السوي تكون ثابتة في التغير. وقبول ثبات تغيرها يعتبر حكمة تجعل الإنسان على وعي تام بما يدور حوله. وبالرغم من قوة الإدراك وتوسع الوعي في هذا الزمن، إلا أنه لا يزال البعض يقاوم بجهل وذلك بسبب الخوف من كل جديد. وما الحياة إلا عطاء من الخالق، وواجب الإنسان أن يكون أكثر حرصا في كيفية الحفاظ على هذا العطاء. والعزيمة ثم التوكل على الله تبعد تلك المخاوف التربوية التي تسيطر على البعض وتجعل من الوعي مصدرا ومنفذا لإبعاد القلق التربوي الذي يسيطر على البعض.