عربي ودولي

التجربة تتكرر… الشغور الرئاسي الخامس “خلال 48 ساعة”

أقل من 48 ساعة تفصلنا عن نهاية عهد الرئيس ميشال عون، ووفقا للمؤشرات والمعطيات، ونظرا لاعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم دعوة المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ما بين اليوم السبت 29 تشرين الأول والاثنين المقبل 31 تشرين الأول 2022، اي الموعد المفترض لبداية ولاية رئاسية جديدة، فان الشغور الرئاسي أصبح واقعا وملموسا، وابتداء من الثلاثاء تدخل الجمهورية اللبنانية في مرحلة الشغور الرئاسي الخامس.

 


فما هو مفهوم الشغور الرئاسي دستوريا، وما الفرق بين وقوعه قبل “الطائف” وبعده، وما هي المراحل الـ4 السابقة التي عاش فيها اللبنانيون من دون وجود رئيس للجمهورية؟

 

الشغور الرئاسي وفقا للدستور

وفي هذا السياق، أكد الاستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتور رزق زغيب لـ” لبنان 24″ انه “وفقا لأحكام الدستور لا يمكن الحديث عن فراغ رئاسي انما شغور رئاسي، فلا يمكن وجود الفراغ في اي من السلطات فهي كالطبيعة تكره الفراغات على انواعها، وبالتالي عندما يحدث الشغور في اي منصب تكون هناك آليات لانتقال صلاحياته الى سلطة أخرى لحين اعادة ملء المنصب الشاغر، وهنا نستحضر المادة 62 من الدستور التي تؤكد انه عند خلو سدة الرئاسة الاولى لاي سبب تناط صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء وكالة.

 

والنص الدستوري الذي يتحدث عن انتقال صلاحيات رئاسة الجمهورية ما قبل الطائف وما بعده هو نفسه والتغيير الذي طرأ عليه مرتبط بمفهوم السلطة الاجرائية ما قبل الطائف وما بعده، فقبل الـ89 وعند خلو سدة الرئاسة الاولى كنا نقول ان صلاحيات السلطة الاجرائية تنتقل الى مجلس الوزراء اما اليوم فنقول ان صلاحيات رئيس الجمهورية هي التي تنتقل.

 

وقبل الطائف لم يكن هناك اي نص دستوري يشير الى ان رئيس الجمهورية يعين حكومة انتقالية لاستلام صلاحيات الرئاسة الاولى، لكن في تلك المرحلة كانت الاستشارات النيابية السابقة لتكليف رئيس يقوم بمهمة تشكيل الحكومة، غير ملزمة وبالتالي كان رئيس الجمهورية عندما يرى ان عهده شارف على الانتهاء او انه يرغب في الاستقالة، فكان يقدم على قبول استقالة الحكومة الموجودة وتعيين رئيس حكومة جديد وحكومة جديدة بطريقة سلسلة وفي وقت قصير جدا، اذ ان هذا العمل كان من ضمن صلاحياته.

اما اليوم وبعد اتفاق الطائف، فالأمور اختلفت تماما، وبات تعيين حكومة جديدة واختيار رئيس لها يتطلب آليات دستورية تبدا بالاستشارات النيابية الملزمة وتنتهي باصدار المراسيم بعد انتهاء رئيس الحكومة من التشكيل بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

الشغور الرئاسي قبل الطائف:

 

 • 1952: عرف لبنان الشغور الرئاسي الأول، وتحديدا بعد اقدام رئيس الجمهورية آنذاك بشارة الخوري على تقديم استقالته وتكليفه قائد الجيش فؤاد شهاب رئاسة السلطة التنفيذية ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

والشغور الرئاسي في هذه المرحلة استمر لأيام قليلة، ما بين 5 او 7 أيام وانتهى بانتخاب كميل شمعون رئيسا للجمهورية اللبنانية.

وبعد هذا الشغور الاول، عرفت الرئاسة الأولى انتقالا للسلطة الأولى بطريقة متتالية وبدون اي شغور على مدار سنوات طويلة.

• 1988: وتحديدا في 22 أيلول 1988، ومع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل وبعد فشل الأفرقاء في لبنان من تأمين النصاب لانتخاب سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية اللبنانية في 18 آب وبعد فشلهم ايضا من ابرام تسوية رئاسية على اسم مخايل الضاهر، وقع الشغور الرئاسي الثاني، ما ادى الى قيام الرئيس الجميّل وقبل ربع ساعة من مغادرته القصر الجمهوري بتشكيل حكومة من المجلس العسكري برئاسة العماد ميشال عون تهدف الى تفادي الوقوع في الشغور التام.
وبعد هذا الشغور الثاني، مرت البلاد مرة جديدة في نوع من الاستقرار على صعيد انتقال السلطة الأولى دام لسنوات طويلة.

الشغور الرئاسي بعد الطائف

 

 • 2007: مع انتهاء الولاية المجددة للرئيس اميل لحود، ومع عدم التمكن من الوصول الى انتخاب رئيس يخلفه في بعبدا، انتقلت الصلاحيات الرئاسية بالوكالة الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي طرح البعض علامات الاستفهام حول دستوريتها اذ ان خروج” المكوّن الشيعي” منها افقدها صفة الميثاقية.

واستمر هذا الشغور الثالث لحين بلوغ تسوية لبنانية جديدة أطلق عليها تسمية “اتفاق الدوحة” وانتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية.

 

• 2014: مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في ايار 2014، دخلت البلاد في شغور رئاسي رابع وتسلّمت الصلاحيات الرئاسية وكالة حكومة الرئيس تمام سلام.

 

وهذا الشغور الرابع، يمكن اعتباره المرحلة الأطول التي بقيت فيها البلاد من دون رئيس للجمهورية اذ استمر لغاية 31 تشرين الاول 2016 وهو التاريخ الذي تم فيه انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية.