منوعات

عش حياتك حراً بالتخلي عن رغباتك ومخاوفك

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب “داريوس فوروكس” (Darius Foroux)، ويتحدث فيه عن أهمية تعلم التخلي عن رغباتك ومخاوفك في الحياة؛ حتى تستمتع بالحرية.

يُصاب الشخص بنوع من الاستياء عندما لا يستطيع أن يلتزم بعاداته، وما يحدث عندما نخفق في الالتزام بعاداتنا الإيجابية هو أنَّنا نصبح قلقين، وهذه النتيجة مؤذية؛ لأنَّها تعني أنَّك لست حراً بالمطلق.

ذكرتُ منذ فترة لأصدقائي المثال الذي قدمته بخصوص التمرينات الرياضية، وأيَّدني منهم من مارس التمرينات الرياضية بانتظام؛ لأنَّهم عاشوا التجربة نفسها.

تعلَّم فن التخلي:

سواء أكنت ملتزماً بعادات سلبية أم إيجابية فإنَّ النتيجة نفسها؛ وهي أنَّك خاضع لسيطرة رغباتك، وهذه هي الفكرة الأساسية التي نريد إيصالها من خلال هذا المقال، فعندما لا تقوم بأشياء معينة التزمت بفعلها يومياً، ولا ينتابك شعور بالاستياء بسبب ذلك؛ هذا يعني أنَّك مسيطر على عواطفك.

إنَّ أحد أهدافي هو أن أتحرر تماماً من رغباتي؛ بمعنى أن أصبح قادراً على تقبُّل فكرة التخلي عن الأشياء، ونرغب جميعاً في أشياء معينة في الحياة، فنرغب في أن نمتلك صحة جيدة، وأن نحافظ على شبابنا، أو أن نكون محبوبين، وأن نكون أثرياء طبعاً، وعندما لا نحصل على ما نريد نصاب بالإحباط، والمعضلة تكمن في أنَّه لا يمكن التخلص تماماً من الرغبات، وفي المقابل يوجد لدى كلِّ شخص منَّا هواجس ومخاوف.

نحن لا نريد أن نصاب بالسمنة، ونخشى المرض، ونخجل من أن نكون كسالى، ونخاف من أن نصبح عاطلين عن العمل، وغير ذلك؛ لذلك نفعل أي شيء لنتجنب حدوث هذه الأشياء؛ وما يجب أن تفعله حتَّى تصبح حراً هو التخلي عن رغباتك ومخاوفك، وستجد هذه الفكرة في جميع الفلسفات القديمة.

شاهد بالفديو: 7 حقائق مؤلمة عن الحياة من شأنها أن تجعلك شخصاً أقوى

 

كيف تطبِّق هذه الفكرة؟

التمسك بأيِّ شيء له عدة سلبيات، وقد عشنا جميعاً هذه الحالة، وسواء أكان ما نتمسك به فكرة أم وعداً أم هدفاً أم شخصاً نحبه يجب أن نتعلم كيف نتخلى عمَّا نرغب فيه بشدة.

إذاً كيف نتعلم فن التخلي؟ لقد ابتكرتُ تدريباً بسيطاً سيساعدك على التحكم برغباتك وعاداتك، ويتطلب منك القيام بالخطوة الآتية:

تحديد شيء تقوم به بانتظام؛ لنقل مثلاً الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، قرر عدم الذهاب لعدة مرات خلال السنة بشرط أن يكون قراراً واعياً، ولتحقيق الفائدة المرجوة قرر ذلك عندما تشعر بأنَّك في أحسن حالاتك، فقط قرر أنَّك لن تذهب لصالة الألعاب الرياضية خلال هذا الأسبوع لا لشيء سوى أنَّك قررت ذلك، ولا تقلق فلن تصبح ضعيف البنية أو تفقد لياقتك؛ فهذا القرار ليس دائماً.

الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية هو مجرد مثال، يمكنك تطبيق هذا على أي عادة أخرى، فإذا كنت مدمناً النشر في أحد مواقع التواصل الاجتماعي أو في مدونتك فقط توقف عن ذلك لمدة أسبوع، ولا تقلق فلن تحدث أي كارثة، قد يفتقدك بعضهم لكن لن تتدمر حياتهم بسبب غيابك.

أقول لك ذلك؛ لأنَني جربته بنفسي، فقد توقفت في إحدى السنوات لفترة لا بأس بها عن نشر المقالات؛ فقط لأنَّني لم أرد أن أصبح خاضعاً لسيطرة هذه العادة، والشيء الرائع أنَّه لم يحدث أي كارثة وقد عدت ببساطة لنشر المقالات بعدما انتهت هذه الفترة، وعلى العموم أيَّاً كان ما تشعر أنَّك تدمنه، خُذْ قراراً واعياً بالتوقف عن فعله لمدة أسبوع.

يساعدك هذا التمرين على تحرير نفسك من عاداتك؛ لأنَّ دافعنا وراء القيام بمعظم الأشياء هو الخوف؛ نخاف أن نفقد عملنا إذا لم نعمل بما فيه الكفاية، ونخشى أن نفقد اهتمام الآخرين عندما نتغيب عن مواقع التواصل الاجتماعي، ونخشى أن نفقد صحتنا إذا لم نمارس التمرينات الرياضية.

نعلم جميعاً أنَّنا إذا كنا مدفوعين بالخوف فإنَّنا لسنا أحراراً؛ فالحرية الحقيقية تعني أنَّك غير متمسك بأي عادة أو أي شيء آخر في الحياة، وتذكَّر أنَّنا بشر ولا نملك شيئاً في الحياة، وقد عبَّر الفيلسوف الرواقي “أبكتيتوس” (Epictetus) عن هذه الفكرة قائلاً: “في الواقع لا يمكن أن تخسر شيئاً في حياتك؛ لأنَّك أصلاً لا تملك أي شيء، لا شريكك ولا منزلك ولا أي شيء؛ بل هي مجرد هِبات تحتفظ بها مؤقتاً؛ لذا لا تقل أبداً أنَّك خسرت شيئاً ما؛ بل قل: لقد أعدته بعد أن كان في عهدتي”.

من المؤلم الاعتراف أنَّ هذا ينطبق على الأشخاص في حياتنا؛ فالتمسك بالأشخاص الذين نحبهم لن يؤدي إلَّا إلى سلبهم حريتهم، وبصرف النظر عن الطريقة التي تنظر بها إلى التعلق والتمسك بالعادات أو الأشياء أو الأشخاص إلَّا أنَّه من الحكمة تجنب التعلق بأي شيء.

في الختام:

عندما أتذكر كل مرة تعلقت فيها بشيء إلى حد التشبث فإنَّني أعرف تماماً أنَّ الأمر لم ينتهِ إلَّا بشيء من الألم أو الخيبة، وفي المقابل كل شيء جيد حصلت عليه في الحياة كان بفضل التخلي عنه أصلاً؛ لذلك بمجرد أن تتعلم فن التخلي ويصبح لديك مبدأً راسخاً فإنَّ ذلك لن يؤدي إلى تحسين حياتك فحسب؛ بل سيؤدي أيضاً إلى تحسين حياة الأشخاص المحيطين بك.

المصدر