منوعات

التواصل البصري (الجزء الثالث) – مكساوي –

هل يمكن معرفة ما إذا كان الشخص يكذب بحركات عينيه؟

الإجابة المختصرة عن هذا السؤال هي: لا، ومع ذلك بالنظر إلى إشارات لغة الجسد الأخرى، والنظر إلى عيون الشخص، يمكنك الحصول على فكرة جيدة فيما إذا كان يكذب أو لا.

قدَّم جون غريندر (John Grinder)، وريتشارد باندلر (Richard Bandler) عملاً رائعاً في مجال البرمجة اللغوية العصبية؛ إذ أصبح لدينا فكرة عن طريقة ارتباط حركات أعيننا بطريقة وصول المعلومات من الدماغ، والتي يمكن أن تساعد على معرفة ما إذا كان شخص ما يكذب أو لا.

إشارات الوصول البصري:

1. إشارات البناء البصري (Visual Construction):

هي النظر لأعلى وإلى اليسار؛ إذ يصل الشخص إلى المعلومات؛ إمَّا من مخيلته، أو من اختلاقه لها على سبيل المثال: إذا سألت شخصاً ما كيف سيبدو منزل أحلامه، على الأرجح سينظر للأعلى وإلى اليسار، وإذا كان شخص ما يكذب بشأن أمر ما ويختلق قصصاً، فربما يستخدم حركة العين هذه.

2. إشارات التذكر البصري (Visual Remembering):

هي النظر للأعلى وإلى اليمين، ويحدث التذكر البصري عندما نصل فعلياً إلى ذكرى ما ونضع لها تصوراً في رؤوسنا، ومن المحتمل أن تكون هذه الذكرى حدثت بالفعل، على سبيل المثال، اسأل صديقك عمَّا تناوله على طعام العشاء بالأمس، وسينظر للأرجح إلى الأعلى وإلى اليمين.

3. إشارات البناء السمعي (Auditory Construction):

هي النظر إلى المنتصف وإلى اليسار؛ فهذا هو المكان الذي تتوجه إليه أعيننا إذا كنا نبني صوتاً في أذهاننا، على سبيل المثال، إذا طلبت من صديق أن يفكر كيف سيبدو صوته عندما يبلغ من العمر 80 عاماً، فمن المحتمل أن ينظر في هذا الاتجاه.

4. إشارات التذكر السمعي (Auditory Remembering):

هي النظر إلى المنتصف وإلى اليمين، فهذا هو المكان الذي تتوجه إليه أعيننا إذا كنَّا نتذكر صوتاً سمعناه من قبل، على سبيل المثال، اسأل صديقك كيف يبدو صوت شريكه، وسينظر في هذا الاتجاه على الأرجح.

5. الإشارات الحسية الحركية (Kinesthetic):

هي النظر إلى الأسفل وإلى اليسار، فهذا هو الاتجاه الذي قد تتوجه إليه عيناك إذا كنت تحاول الوصول إلى مشاعرك الفعلية المتعلقة بأمر ما، على سبيل المثال، إذا سألت صديقاً عن مشاعره تجاه قضايا عقوبة الإعدام، فقد ينظر إلى هذا الاتجاه.

6. الإشارات السمعية الرقمية (Auditory Digital):

هي النظر إلى الأسفل وإلى اليمين، فهذا هو الاتجاه الذي قد تتوجه إليه أعيننا عندما نتحدث مع أنفسنا، فنحن نفعل هذا طيلة الوقت، ويسمى ذلك بالحديث الذاتي، صدِّق أو لا تُصدِّق نحن نتحدث مع أنفسنا كثيراً، ويمكننا أن نتعلم كثيراً عن أنفسنا بالتركيز على حديثنا الذاتي.

تنطبق هذه الإشارات على معظم الأشخاص، ولكنَّها قد تختلف بالنسبة إلى بعضهم، ومع ذلك ما يزال بإمكاننا وضع نظام تمثيلي للأشخاص بمراقبتهم عندما تطرح عليهم الأسئلة.

من المفترض أن تساعدك المعلومات الواردة أعلاه على معرفة ما يفكر فيه الآخرون بحركة أعينهم، وتذكَّر كما هو الحال مع إشارات لغة الجسد جميعها يجب قراءة هذه الإشارات معاً، وليس قراءتها قراءة منفصلة.

المناقشات اليومية والتواصل البصري:

نحن نستخدم التواصل البصري في كلِّ يوم من أيام حياتنا؛ لذلك من المنطقي أن تتعلم أفضل الطرائق لاستخدام عينيك لمصلحتك.

تتطلب مواقف معينة استخدامات مختلفة للعين، على سبيل المثال، إذا كنت تجادل أحدهم سيُنظر إليك على أنَّك شخص قوي، لا سيما إذا كان بإمكانك إبقاء نظراتك على الطرف الآخر، والتحديق فيه، وإذا كنت تذعن لشخص ما، فمن الأفضل ألا تنظر إليه مباشرةً، وإذا كنت تحب شخصاً ما، فمن الجيد التحديق في بياض العين.

شاهد: التواصل الجيد مع الآخرين من خلال لغة الجسد

 

6 طرائق لتحسين مهارات التواصل البصري:

1. التحدث إلى مجموعة من الأشخاص:

من الجيد أن يكون لديك تواصل مباشر مع المستمعين، فعند التحدث إلى مجموعة من الأشخاص، لا تخطئ وتركز بصرك على شخص واحد فقط؛ لأنَّ هذا سيمنع أعضاء المجموعة الآخرين من الإصغاء إليك؛ لذا ركِّز لتجاوز هذا الأمر على شخص مختلف في المجموعة مع كلِّ جملة جديدة، فبهذه الطريقة تتحدث إلى كلِّ المجموعة، وتجعلهم جميعاً مهتمين لما تقوله.

2. التحدث مع شخص:

من الجيد أن تحافظ على التواصل البصري عند التحدث إلى شخص ما، لكن قد يصبح الأمر مروعاً، وغير مريح إذا حدَّقت إليه كثيراً، وللتغلب على هذا الأمر، توقف عن التواصل البصري كل 5 ثوان أو نحو ذلك، وعندما تفعل ذلك، لا تنظر إلى الأسفل؛ لأنَّ هذا قد يشير إلى نهاية الجزء الخاص بك من الحديث؛ بدلاً من ذلك، انظر إلى الأعلى أو إلى الجانب كما لو كنت تتذكر أمراً ما.

جرب هذا المثال الآن: لا تحرك رأسك، وفكِّر في المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى المدرسة، ستلاحظ أنَّ عينيك تتحركان للأعلى أو إلى الجانب، وأنت تحاول تذكُّر ذلك؛ لذلك عندما يلاحظ المستمع هذا، سيعتقد أنَّك تحاول تذكر أمر ما، ويستمر في الإصغاء إليك.

3. الإصغاء إلى شخص ما:

عندما تصغي إلى شخص ما، فقد يرتبك المتحدث إذا كنت تحدق إليه كثيراً؛ لذا يمكنك استخدام أسلوب المثلث، كأن تنظر إلى إحدى عيني الشخص لمدة 5 ثوان، ثم تنظر إلى العين الأخرى لمدة 5 ثوان ثم تنظر إلى الفم لمدة 5 ثوان.

تقترن هذه التقنية بمهارات الإصغاء الأخرى مثل الإيماء، واستخدام بعض الكلمات مثل “نعم” و”صحيح” و”أجل” وما إلى ذلك؛ إذ تعد طريقةً رائعةً لمساعدة المتحدث على الاستمرار في حديثه، وإظهار اهتمامك بما يقوله.

4. الجدال:

إنَّ الجدال مع شخص ما هو مهارة في حد ذاته، وإذا كنت تريد كسب جدال ما، فإنَّ التحديق في هذه الحالة يدلُّ على القوة؛ فإذا نظرت بعيداً عندما تتجادل مع شخص ما، فستخسر الجدال، ومن الواضح أنَّ هذا الأمر يعتمد على الشخص الذي تتجادل معه، لكن عموماً من الأفضل أن تحدق بعيني الشخص الآخر في أثناء توضيح وجهة نظرك وعندما تصغي إليه.

لقد صادفنا جميعاً شخصاً يجيد الجدال للدرجة التي جعلنا فيها نشعر بضعفنا. ستلاحظ أنَّ كلَّ شخص مثل هذا يحاول التحديق في عينيك، فإنَّ التحديق بثبات يفاجئ الآخر، ويثير غضبه، ويشتته عمَّا يحاول قوله. وكذلك البقاء صامتاً، والتحديق في شخص يحاول إثارة غضبك هو أيضاً طريقة فعَّالة لكسب الجدال دون أن تنبس ببنت شفة.

5. جذب شخص ما:

يمكنك التحدث والإصغاء بعينيك عندما تحاول جذب شخص ما وإظهار اهتمامك به؛ لذا ركز عندما يتحدث الشخص الذي تحبه على كلِّ وجهه، فانظر إلى عينيه، وأصغِ إلى ما يقوله، وابتسم في الوقت المناسب، وارفع حاجبيك متى احتاج  الأمر.

إذا شعرت أنَّك تحدق فيه كثيراً، فانتقل إلى النظر إلى مكان آخر مثل الشفاه، والوجنتين، والأنف، ثمَّ أعد نظرك إلى عينيه؛ إذ تعدُّ الابتسامة عند الإصغاء إلى شخص ما طريقةً رائعةً لإظهار اهتمامك به، وبالتأكيد لن تبتسم عندما يخبرك أنَّ حيوانه الأليف قد مات الليلة الماضية، عليك أن تصغي بأذنيك بالإضافة إلى الإصغاء بعينيك.

6. محبة شخص ما:

من الرائع جداً التحديق دون التحدث، فهو يعزز رابطة قوية بينك وبين الطرف الآخر، ويمكنك تجربة هذا الأمر لجعل بؤبؤ العين يتسع أكثر؛ فعندما تحدق في شريكك، تخيَّل نفسك تدخل داخل جسده، وتحاول لمس روحه، سيؤدي ذلك إلى إطلاق الأدرينالين وزيادة اتساع بؤبؤ العين.

في الختام:

يمكنك أن تلاحظ مدى تأثير التواصل البصري وأهميته؛ فهو يؤثِّر في كلِّ مجال من مجالات حياتنا، ويجعلك محترفاً في التواصل مع الآخرين، ويعزِّز مهاراتك الاجتماعية.

المصدر