منوعات

بعض النصائح للإقدام على مزيد من المجازفات المحسوبة

يكمن الحل في الاستفادة من الثغرات التي يوفرها عقلك، لكي تتجاوز جيناتك الخاصة وتُخاطر مخاطرة أفضل وأذكى، ممَّا يمنحك مزيةً تميزك عن هؤلاء الموهوبين وراثياً.

إذا طرح هذا المقال عليك سؤالاً الآن، فعلى الأرجح أنَّك لن تتذكره عندما تصل إلى نهايته، فتبدأ معظم الرهانات الودية بهذا التبجح، لكن كم مرةً تبقى هذه الرهانات دون رد؟

عندما تكون على خلاف مع صديق، ويطلب منك أن تُراهن بأموالك، كيف ترد؟ إذا كنت من القلائل الجريئين الذين يملكون غروراً كبيراً، فمن المحتمل أن توافق على الفور، لكن ماذا عن البقية؟ قد يرفضون باحترام أو يتقبلون الاختلاف بينهم، وينقلون المحادثة بأدب إلى موضوع آخر، وقد ترفض الأمر بوصفه مزحةً أو تسأل سؤالاً هزلياً: “لماذا يجب أن يكون الأمر دائماً متعلقاً بالمال؟”.

لا يرتاح الناس لسبب أو لآخر عند المراهنة على أشياء ليسوا متأكدين من أنَّهم سيفوزون بها، لكن على الرَّغم من ذلك يشارك الملايين من الناس كلَّ يوم في مسابقات اليانصيب، وتشير معظم الأبحاث إلى أنَّه كلَّما قلت قدرتك على شراء التذكرة زادت احتمالية شرائها.

إنَّ المكاسب المحتملة كبيرة وتثير الأحلام بحياةٍ لا يمكن تحقيقها، لكنَّ ذلك لا يغير حقيقة أنَّ الرهان الذي فوَّتته للتو مع صديقك كان أوفر حظاً بملايين المرات من بطاقة اليانصيب.

إذا ألقيتَ نظرةً على إحصاءات مسابقات اليانصيب الأكثر شيوعاً لن ترى احتمالات الربح منخفضة جداً فقط، ولكنَّها تُكلفك كثيراً من الأموال أيضاً، ويمكنك حساب القيمة النقدية الحقيقية لتذكرة يانصيب، وعندها ستواجه صعوبةً في إيجاد تذكرةٍ تستحق سعرها.

ليست تذاكر اليانصيب المُجازفة الغبية الوحيدة التي يقوم الناس بها، فهم أيضاً:

  • يتسكعون مع أشخاص لا يجسدون قيمهم الشخصية على الرَّغم من أنَّهم سيصبحون مثلهم تماماً.
  • يستبعدون المجازفات المالية التي تحمل احتمالات نجاح أفضل من تلك التي يتمسكون بها.
  • يقومون بأشياء ظنَّاً منهم أنَّها ستحافظ على سلامتهم بينما هي في الواقع تجلب لهم مزيداً من المخاطر غير المرئية.

ببساطة، إنَّ البشر اليوم سيئون في المجازفة، ونتيجةً لذلك، فإنَّ استراتيجيات تجنب الخطر التي يتبعونها تجلب لهم مزيداً من المخاطر، لكن لم يكن الأمر هكذا دائماً.

لقد خُلق الإنسان ليخاطر:

لقد كان بقاء الجنس البشري في وقتٍ ليس ببعيد معتمداً على المخاطرة، وعندما تنظر إلى الأمر بموضوعية، فإنَّه ما يزال كذلك؛ فلا أحد اليوم يستطيع تذكر ذلك، لكن كان ثمة وقت لم يكن لدى البشر فيه وسائل الراحة الحديثة التي يمتلكونها اليوم، ولم يكونوا قد خاطروا بعد بما خاطروا به لإنشائها، فلآلاف السنين:

  • كان عليك أن تصطاد حيواناً، وتقتله إذا كنت جائعاً من أجل الطعام قبل أن يقتلك أولاً.
  • كان عليك أن تنقل عائلتك إلى مكان أكثر دفئاً إذا كان الجو بارداً جداً، وكان من الأفضل اختيار الاتجاه الصحيح.
  • كان عليك أن تجد نباتاً أو معدناً يمكن أن يعالجك إذا مرضت، ولكنَّه قد يكون ساماً.

سبب نجاحك اليوم واستمتاعك بالحياة التي تعيشها هو أنَّ آباءك وأجدادك وكلَّ من قبلهم كانوا مخاطرين ممتازين.

درس بعض علماء البيئة في عام 1988 عادات المخاطرة عند أسماك الفرخيات – وهي سمكة صغيرة تعيش قرب السواحل – بمراقبة عاداتهم الغذائية في بيئات مختلفة؛ هل سيأكلون من رقعة كبيرة كثيفة من الطحالب، وهي طعامها المفضل، إذا كانت رقعة الطعام تشبه تلك التي من المحتمل أن يلتقوا فيها بخصمهم اللدود، أسماك كيلب باس؟

بجوار هذه الرقعة كانت توجد رقعة متناثرة وأقل جاذبية، وعلى الرَّغم من أنَّ الرقعة الآمنة لا تحتوي على ما يكفي من الطعام لدعم الفرخيات، فضَّلت الأسماك أن تتغذى هناك وتتنافس على الفضلات.

في كلِّ اختبار لاحق أجروه، فضَّلت الفرخيات الخيار الأكثر أماناً على الرَّغم من أنَّ الطعام أقل جودةً ولا يوجد كفاية منه، وعاشت الفرخيات نتيجة لذلك في حالة وجود آمنة، ولكنَّها هشة في النهاية؛ إذ يعتمد بقاؤهم على قيد الحياة في معظم الأحيان على ما توفره لهم بيئتهم.

لكنَّ البشر لم يكونوا كذلك، لقد خاطروا بحياتهم وأنشؤوا أنظمةً تسمح لهم بالتلاعب ببيئتهم، ونتيجةً لذلك، فإنَّنا نتمتع حالياً بما يعدُّه معظمنا حياة مُترفة، خاطر الإنسان في معظم تاريخ البشرية مخاطرة محسوبة؛ لأنَّ نجاحه اعتمد على ذلك، أمَّا اليوم، فأصبحت الأمور مختلفةً بعض الشيء، ولم يعد يُشجَّع على المخاطرة على نطاق واسع؛ وذلك لأنَّها لم تعد ضرورةً للبقاء على قيد الحياة.

انظر إلى الثقافة السائدة، وسترى أنَّ الاعتقاد المقبول عموماً هو أنَّ الحياة الأفضل تأتي بالحفاظ على سلامتك وتجنب المخاطر.

نادراً ما يكون المجازفون الأكثر شهرةً اليوم هم الذين يعملون على مخاطر معقدة وطويلة الأمد، وبدلاً من ذلك يُفضل الجميع المغامرات الجديدة والبحث عن الإثارة لإثبات هذه النقطة؛ اسأل أيَّ طفل: “من يعرف زعيم حركة الاستقلال الهندية غاندي (Gandhi)، أو المغامر البريطاني بير جريلز (Bear Grylls)؟ لا بدَّ أنَّهم سيعرفون الأول.

هذا لا يعني أنَّ بير جريلز لا يُقدم خدمةً مفيدةً للعالم، ولكنَّها تشير إلى أنَّ النظرة الحالية إلى المخاطرة اختلفت كثيراً عمَّا كان معتاداً في السابق، فما كان ضرورياً لبقاء البشر وما يزال من نواح كثيرة، يُنظر إليه الآن على أنَّه نوعٌ من التجديد، لكنَّ المشكلة في هذا التصور الجديد للمخاطر هو أنَّ البحث عن التجديد هو خاصية وراثية، وإذا لم تمتلكها، فإنَّك في مشكلةٍ حقيقة.

شاهد بالفديو: 8 خطوات عملية لاتخاذ القرارات الصعبة في الحياة

 

علم الوراثة:

إنَّ قدرتك واستعدادك لتحمُّل المخاطر محددةٌ سلفاً، ومثل أيِّ خاصية وراثية أخرى، ليس لك أي تحكم بكيفية عملها، فإذا كانت عائلتك تنحدر من سلسلة طويلة من مُحبي الإثارة والتشويق، فمن المحتمل أن تكون أيضاً كذلك، وإذا لم يكونوا كذلك، يقول العلم إنَّك ستشعر براحةٍ أكبر عند مشاهدة فيلم عن ركوب الثور بدلاً من ركوبه بنفسك، لكن ما هو بالضبط هذا الجين الذي يُحدد كيفية تصرفك؟

توصَّل علماء الوراثة بعد عقود طويلةٍ من البحث إلى أنَّه الجين دي دي آر 4 (DDR4)، والذي يشار إليه الآن باسم “جين التجديد”؛ يتوضع هذا الجين الكروموسوم (الصبغي) رقم 11؛ إذ يمتلك الجميع هذا الجين، لكن توجد أنماط مختلفةٌ منه بناءً على النمط الذي تمتلكه، وقد تكون موظفاً يدفع رهناً عقارياً مدته 30 عاماً أو قافزاً مظلياً محترفاً.

إنَّ المخاطرة إلى التجديد، والسعي إليه هي سمةٌ شخصية، ولا يمكنك تغيير سماتك الشخصية دون تغيير جيناتك حرفياً، لكن على الرَّغم من ذلك، ما زال الناس يعتقدون أنَّهم يستطيعون تغيير أنفسهم ليصبحوا مجازفين، وذلك بالانتقال إلى بيئةٍ جديدة وتغيير عاداتهم القديمة وتكوين صداقاتٍ جديدة، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ هذه الأشياء لا تحدث فرقاً في قدرتهم على قبول المخاطر.

درس باحثون في جامعة ديلاوير (University of Delaware) خصائص التوائم المتطابقة التي انفصلت عند الولادة، وذلك في محاولةٍ لمعرفة كيفية تطور السمات الشخصية؛ إذ انتهت الدراسة بكثير من النتائج المثيرة للاهتمام، لكنَّ أحدها كان الأبرز:

كان الأطفال الذين خضعوا للدراسة على الرَّغم من البيئة التي نشؤوا فيها أكثر ميلاً إلى التصرف مثل والديهم الحقيقيين بدلاً من تبني خصائص الوالدين الذين نشؤوا على أيديهم؛ فالطفل الذي نشأ على يد والدين جبانين وخائفين، ما يزال يبحث عن تجارب جديدة ومثيرة في حياته، فقد ولد حاملاً جين المخاطرة، على الرَّغم من أنَّ والديه ومحيطه يثبطونه منذ ولادته.

وسيظل الطفل الذي يفتقر إلى الجين، يفضل قراءة روايات المغامرات على خوض مغامرات حقيقية على الرَّغم من تربيته على يد الوالدين الذين يغطسون بين أسماك القرش، ويطاردون الحيوانات المفترسة.

إذاً ماذا يمكنك أن تفعل إذا لم تمتلك النمط الصحيح من جين DRD4؟ ماذا لو كانت ذخيرتك الوراثية تفتقر لهذا المكون الأساسي؟

توجد ثلاثة أمور يمكنك القيام بها:

1. عدم إلقاء اللوم على والديك:

يمكنك أن تلوم والديك لعدم توريثك الجينات الجيدة التي تريدها، لكنَّ هذا ليس خطأهم أيضاً؛ ففي مدة ما في تاريخ عائلتك انتقل أسلافك من الحاجة إلى المخاطرة من أجل البقاء على قيد الحياة إلى إيجاد طرائق أخرى لتحقيق ذلك، وكما سترى قريباً هذا ليس سيئاً حقاً.

2. الشعور بالامتنان:

إنَّ ولادتك من دون الجين الأساسي الذي يدفعك للمغامرة ليس أمراً سيئاً؛ لأنَّه ليس عليك القلق من أن تُصبح مدمناً يوماً ما؛ إذ يرتبط جين DRD4 ارتباطاً وثيقاً بجين الإدمان، ويتحكم كلاهما في كيفية استجابتك للدوبامين، وهو الناقل العصبي الذي يتحكم في نظام المكافأة في دماغك.

إنَّه أيضاً مؤشرٌ جيد على أنَّك لن تمارس أيَّ مهنة غير مرغوبٍ فيها عندما يكون المال شحيحاً؛ فالقدرة على التنبؤ بسلوكات الأشخاص المجازفين أمر مذهل، ونجحت دراسة أجريت على طلاب جامعيين يبلغون من العمر 18 عاماً في التنبؤ بسلوكهم في سن 21 عاماً، والدراسات الأخرى التي توازن ماضي السجناء بالتركيب الجيني لهؤلاء الذين يملكون جينات المجازفة، كانت صادمةً جداً؛ فالاستعداد الوراثي للمخاطرة لا يعني أبداً قدرتك على المخاطرة بذكاء.

3. الاستفادة من نقاط ضعفك:

ما يزال ثمة باب خلفي يمكنك استغلاله، ومدخلٌ مغلق يمكنك فتحه باستخدام الأدوات المناسبة إن لم تجعلك جيناتك مجازفاً بالفطرة؛ ففتح هذا الباب لن يسمح لك بالمخاطرة فقط؛ وإنَّما بالمخاطرة الأفضل أيضاً، ومفتاحه يكمن في عقلك طبعاً.

تغلَّب على جيناتك:

أراد الباحثان ليسلي باليتش (Leslie Palich) وراي باجبي (Ray Bagby) أن يكتشفا ما الذي يجعل رواد الأعمال مجازفين ناجحين للغاية؛ أي ما الذي يسمح لهم برؤية الفرص، واستغلالها بينما يخجل الآخرون منها أو يتجنبونها تماماً.

افترض الباحثان أنَّ رجال الأعمال لا يختلفون وراثياً عن أيِّ شخص آخر، وهم يرون المخاطر فقط رؤية مختلفة، وأجريا لاختبار فرضياتهما استطلاعاً عن اتخاذ القرارات، وأرسلاه إلى 550 من رواد الأعمال الناجحين، وكانت النتائج واضحة.

تبين بعد جمع الردود على الاستطلاع أنَّ رواد الأعمال الناجحين للغاية لم يعدوا أنفسهم مجازفين أكثر من عامة الناس كما قالت الفرضية تماماً، فلا يمتلك رواد الأعمال مزايا تجعلهم فطرياً مخاطرين أكثر من أيِّ شخص آخر؛ وإنَّما يعدُّ معظمهم أنفسهم أشخاصاً يتجنبون المخاطر بدلاً من السعي إليها، وتبيَّن أنَّ ريادة الأعمال الناجحة غالباً ما تعتمد على عامل غير متوقع، وهو الجهل المكتسب.

ليس رواد الأعمال الناجحين أكثر انفتاحاً على المخاطر من أيِّ شخص آخر؛ وإنَّما هم قادرون على النظر إلى المخاطر نظرة مختلفة عن الآخرين؛ إذ يرى الشخص العادي مستوى مرتفعاً من المخاطر ويحاول تجنبها، ويرى رواد الأعمال بدلاً من ذلك فرصةً ويشرعون في استثمارها؛ فينجح رواد الأعمال؛ لأنَّهم فشلوا في رؤية المخاطر التي يتعرض لها الآخرون، وعندما يرونها فإنَّهم يعدُّونها أقلَّ تهديداً، لكن لماذا كان هذا الاكتشاف مثيراً للغاية؟

لأنَّه يؤكد أنَّ روح المبادرة ليست سمة شخصيةً وراثيةً لا يمكن تغييرها؛ وإنَّما هي سمةٌ معرفية، وسلوكٌ مكتسب من الممكن تكوينه، وتغييره بالممارسة والمثابرة.

لا يمكنك الهروب ممَّا لا يمكنك رؤيته، فلكي تعيش مزيداً من المخاطر في حياتك، درِّب نفسك على عدم رؤيتها؛ فإذا اعتدت على رؤيتها سابقاً؛ تعلَّم خاصية الجهل المكتسب، ومن الحكمة أن تتعلم ذلك تدريجياً، ويمكنك تغيير الطريقة التي يُدرك بها عقلك المخاطر بتجربة بعض المخاطر الصغيرة، وتتقبلها كما لو كنت تتقبل أيَّ شيء آخر تماماً.

عرِّض نفسك لمخاطر تجريبية يومية تسمح لك باختبار الافتراضات مع قليل من العواقب على الفشل، ومكافأة أكبر على النجاح بتحقيق نجاحات صغيرة متكررة في البداية، ويمكنك بناء الثقة وتغيير توازن تجاربك ببطء لمصلحتك.

سيزداد تحملك للمخاطر أكثر فأكثر كلَّما نجحت، وإنَّ ذلك سيؤدي إلى إلغاء دور اللوزة الدماغية، وهي الجزء من عقلك المسؤول تاريخياً عن منعك من القيام بشيء مخيف في عملية اتخاذ القرار؛ وذلك عن طريق رفع مستوى تحملها للمخاطر ببطء، ممَّا يسمح بتعطيل وظيفتها بدلاً من تنشيطها وجعلها تُطلق ناقوس الخطر.

لن تعود إلى رؤية المخاطر في المواقف التي اعتدت رؤيتها فيها سابقاً، وإذا كنت تخشى المخاطرة من قبل، فلن يتغير ذلك، ما سيتغير هو أنَّك لن تُلاحظها في المقام الأول.

أصبحت الآن متفوقاً على هؤلاء المجازفين بالفطرة؛ فهم يمتلكون القدرة الطبيعية على المجازفة، ولكنَّهم قد يفتقرون إلى الحكم الجيد، أمَّا أنت فيمكنك المخاطرة والاحتفاظ بقدرتك على اتخاذ قرارات مستنيرة، وإذا كنت ستعيش مزيداً من المخاطر، سوف تكون أفضل حالاً إذا تعلمت أن تُخاطر مخاطرة ذكية، وإليك مثالاً على ذلك:

فلتتخيل للحظة أنَّك تدير شركة صغيرة، ولديك بعض القرارات المالية التي يتعين عليك اتخاذها للحفاظ على سير الأمور بسلاسة، فعليك في إحدى الحالات أن تختار ما بين رهانٍ أكيدٍ بمكاسب أقل أو رهانٍ ذي ربحٍ أعلى، ولكنَّه مع احتمال ألا تكسب، وفي الحالة الأخرى عليك الاختيار بين خسارة مؤكدة أو فرصة عدم خسارة أيِّ شيء على الإطلاق.

انظر إلى الخيارات أدناه. عليك أن تقرر أيَّ القرارات هي الأفضل لك.

في قرارك الأول، يجب أن تختار بين:

  1. ربح مؤكد قدره 240 $.
  2. فرصة بنسبة 25% لكسب 1000 دولار و75% لعدم ربح أيِّ شيء.

في القرار الثاني ، يجب أن تختار بين:

  1. خسارة مؤكدة قدرها 750 دولار.
  2. فرصة بنسبة 75% لخسارة 1000 دولار، وفرصة 25% لعدم خسارة أيِّ شيء.

أيَّ زوج من القرارات تفضل؟

يختار معظم الناس الجمع بين الخيار الأول والرابع، ولقد اخترت الرهان الأكيد عندما يتعلق الأمر بكسب المال، ولكنَّك قبلت المخاطرة عندما يتعلق الأمر بخسارته؛ إذ يميل الناس في جميع المجالات إلى العزوف عن المخاطرة عندما يتعلق الأمر باحتمالية الحصول على شيء ما، والمخاطرة عندما يتعلق الأمر باحتمالية الخسارة.

هذا منطقي وبديهي، لكنَّك كنت ستخسر في السيناريو أعلاه.

إذا اخترت الخيار الأول والرابع، فعندئذٍ اخترت فرصة 25% لكسب 240 $، وفرصة 75% لخسارة 760 $، لكن إذا اخترت الثاني والثالث بدلاً من ذلك، فستختار فرصة 25% لكسب 250 $، وفرصة 75% لخسارة 750 $، فعلى الرَّغم من أنَّه يبدو خياراً مغلوطاً إلا أنَّه القرار الأفضل موضوعياً.

ربما كنت ستدرك ذلك إذا فكرت في الخيارين كليهما، لكنَّ العقل ليس مبرمجاً بهذه الطريقة، فبدلاً من ذلك يُفضل التعامل مع مثل هذه المشكلات بطريقةٍ خطية؛ وذلك بحلِّ المشكلة الأولى أولاً، ثمَّ المشكلة الثانية ثانياً، فينجح ذلك أحياناً، لكنَّه غالباً ما يؤدي إلى قرارات سيئة.

بالنظر إلى القرارات المتزامنة بوصفها جزءاً من قرارٍ واحد بدلاً من أحداثٍ منفصلة، يمكنك أن تحصل على تصور أفضل عن السيناريو الحقيقي الذي يحدث.

إنَّ الحياة عبارةٌ عن سلسلة من القرارات المترابطة مع بعضها بعضاً كلُّ واحد يؤثِّر في التالي، ومدى براعتك في المخاطرة الذكية يعتمد على مدى براعتك في توقع تأثير كلِّ خيار في الخيار الذي يليه، وفي المثال أعلاه يعني ذلك إعادة تعلُّم العلاقات الرياضية التي نسيتها منذ مدة طويلة، لكن في الحياة اليومية، يعني ذلك التفكير في عواقب اختياراتك ككلٍّ، والتفكير الاستباقي بدلاً من التفكير في كلِّ قرارٍ على حدة.

وجدت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يجرون اختبارات المعرفة العشوائية متفائلون عامة عندما يتعلق الأمر بثقتهم بكلِّ إجابة يقدمونها، ولكنَّهم متشائمون بشأن أدائهم العام؛ أي يقول معظم الأشخاص إنَّهم واثقون من قرارهم بعد كلِّ إجابة، لكن بمجرد انتهاء الاختبار، فهم غير متأكدين من إجاباتهم الشاملة تماماً.

هذه مجرد طريقة صغيرة أخرى تُسيء فيها فهم نفسك باستمرار مسلحاً بهذه المعرفة، ويمكنك البدء في استخدامها لمصلحتك.

شاهد بالفديو: 8 خطوات لتكون حازماً في اتخاذ القرارات

 

طرائق أكثر متعة لتُخاطر مخاطرة أفضل:

إنَّ الجسد والعقل مذهلان، وعلى الرَّغم من أنَّنا ما زلنا لا نفهمهما تماماً، فقد قمنا باكتشافات هائلة قد تساعدك على أن تصبح مجازفاً أفضل كلَّ يوم إذا كنت على استعداد للاستماع للنصائح العلمية الحكيمة.

فيما يلي بعض النصائح الأخرى التي يمكنك اتباعها في سعيك إلى مجازفة أكثر ذكاءً:

1. صادق أشخاصاً أكثر ذكاءً:

إنَّ مجرد كونك في مجموعةٍ يجعلك أكثر تقبلاً للمخاطرة، وقد ينجم ذلك عن شعورك بالمسؤوليات المشتركة؛ فأنت لا تشعر أنَّك تتصرف وحيداً، لكنَّ المخاطرة بحد ذاتها لا تضمن لك اتخاذ القرار الأفضل؛ لذا تأكد من إحاطة نفسك بالأشخاص الذين يُلهمونك للمخاطرة بطريقةٍ ذكية، ولا داعي أن تكون ذكياً، فالهدف هنا هو أن تكون أغبى أصدقائك.

2. احرم نفسك من النوم:

إذا كان الإنسان يميل فطرياً للمخاطرة بالخسارة أكثر من المكاسب، فقد أظهرت الدراسات أنَّك تستطيع على الأقل مخالفة ذلك جزئياً بالسهر لوقت متأخر جداً في الليل؛ فالحرمان من النوم يُثبط الجزء من الدماغ المسؤول عن تقييم الخسائر المحتملة.

3. شاهد الأعمال الفنية:

يقترح بحث جديد أنَّ النظر إلى اللوحات الفنية لمدة 40 دقيقة فقط، يمكن أن يحقق التأثير نفسه الذي تحققه خمس ساعات من وسائل تخفيف الضغط النموذجية مثل القراءة أو الاسترخاء؛ إذ يُساعدك على التخلص من التوتر بسرعة قبل اتخاذ قرار صعب.

4. تجنب مثبطات المونو أمينو أوكسيداز (MAO):

إذا وصف لك طبيبك مثبط MAO، فتجنب اتخاذ القرارات الهامة في أثناء استخدامه، فإنَّ عوز الناقل العصبي MAO-B الشديد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضعف اتخاذ القرار.

5. لا تُفرط في تناول اللحوم:

توصَّل العلماء منذ وقت ليس ببعيد إلى أنَّ مادة التربتوفان، وهي حمضٌ أميني يوجد في اللحوم، هي المسؤولة عن شعور التعب والاسترخاء الذي تشعر به بعد تناول وليمة كبيرة، وقد تجعلك حتى غبياً غباءً مؤقتاً.

اختُبرت قدرة المشاركين في دراسة في جامعة كوينز بلفاست (Queen’s University Belfast) على اتخاذ القرار في أثناء الحالة الطبيعية، وفي أثناء حالة استنفاد التربتوفان السريع، وتبيَّن أنَّهم يتخذون قراراتٍ أفضل موضوعياً عندما يكونون في حالة نقص التربتوفان.

الخلاصة:

كانت المخاطرة في يوم من الأيام ضروريةً للبقاء على قيد الحياة، ولكنَّها لم تعد كذلك، ونتيجةً لذلك، فقدَ بعضنا هذه الخاصية الجينية التي تدفعنا لنختبر حدود قدراتنا.

إذا كنت لا ترغب في قبول قدرك، وتواجه صعوبةً في الخروج من حالة الراحة وعيش تجارب جديدةٍ مثيرة، فتذكر أنَّ ثمة عدة أشياء يمكنك القيام بها ليس للإقدام على مزيد من المخاطرات فقط؛ وإنَّما للإقدام على مخاطرات أذكى؛ لذا:

  • اخدع نفسك برفع عتبة المخاطرة ببطء.
  • لا تتخذ قراراً بمعزل عن القرارات الأخرى.
  • ضع نفسك في مواقف تساعدك على المخاطرة الذكية، وتجنب المواقف التي تُجبرك على المجازفة بطريقةٍ غير مدروسة.

المصدر