منوعات

نصائح لتعزيز الوعي وتطوير المهارات

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويشرح لنا فيه أهمية الوعي ويقدِّم أمثلة من تجربته الشخصية.

كنت أُخبر صديقي قبل أيام كيف أنَّني أربح المال باستمرار في سوق الأسهم، بينما خسرَ هو كثيراً منه هذا العام من خلال تداول العملات المشفرة، ما جعله يتساءل عن سر نجاحي.

شرحت له كيف أنَّني لا أفعل أيَّاً من الأمور التي ذكرها، وألتزمُ بالأسهم التي أعرفها فقط، كما أنَّني أعتمدُ استراتيجية الاستثمار السلبي مع غالبية أموالي، وأستثمرُ مبلغاً قليلاً في تداول أسهم النمو التجاري (أسمي هذه قاعدة 90/10).

تقوم طريقة التداول التي أتبعها في الغالب على منهج مضارب الأسهم الأمريكي جيسي ليفرمور (Jesse Livermore) المذكورة في كتابه كيف تُضارب في بورصة الأوراق المالية (How to Trade In Stocks)، وباعتماد هذه الطريقة، حققت باستمرار عمليات تداول بأرباح تتراوح بين 20 إلى 60%، ولم أبرم صفقةً بخسارة تزيد عن 10% خلال عامين.

لكنَّ قراءة الكتاب وحدها لن تكسبك المال، وخلال حديثنا عن عملية الاستثمار والتداول، كنت أركز باستمرار على أهمية التحلي بالوعي. لقد راقبت نفسي لسنوات وأنا أقوم بالاستثمار، أو على الأقل في أثناء محاولاتي الدخول في المجال، ولم أكن لأتعلم ما تعلمته لولا الوعي.

راقب نفسك لتُطور مهاراتك:

سأشرح طريقتي التي اتبعتها لتطوير أيَّة مهارة أو نشاط، وقد طبقتها بنفسي على مهارة الكتابة والاستثمار والجري ورفع الأثقال والتأمل ومعالجة القلق، وتتضمن ست خطوات:

1. حدِّد هدفك:

أبدأُ دائماً بالتفكير فيما أريد تحقيقه، وأحاول أن أكون واضحاً قدر المستطاع، فعلى سبيل المثال عندما أردت تحسين مهارة الكتابة، ركَّزت في البداية على كتابة مقالات أفضل.

2. حدِّد الغاية من تطوير المهارة:

بحسب خبرتي، فإنَّ أيِّ سعيٍ خلف التميُّز مصيره الفشل، ما لم يكن مدفوعاً بسببٍ وجيه، وبالعودة إلى مثال الكتابة، أردت كتابة مقالات أفضل كي أتمكن من كسب لقمة العيش، لقد كنت أعلم أنَّ بيع الكتب دون كتابة مقالات مؤثرة أمرٌ صعبٌ للغاية، وهكذا كان لدي حافز قوي لتطوير حرفتي.

3. اعثر على مثلك الأعلى:

حالما أعقد العزم على تحسين مهارة معينة، أبحث عن بعض الأمثلة لأشخاص ناجحين وأقوم بدراستها، وأركز على النخبة منهم؛ لأنَّني أريد التعلم من الأفضل فقط.

4. حدِّد أي جزءٍ من العملية يعتمد على الموهبة وأيُّها يتطلب المهارة:

ثمة ثغرة غالباً ما يتجاهلها معظم الناس عندما يقرؤون عن الأشخاص الناجحين؛ إذ يفترضون أنَّ بإمكانك تعلُّم كل شيء منهم، وهذا أمرٌ خاطئ، فلا يمكننا تعلُّم الموهبة، لا أستطيع تأليف القصص نفسها مثل الكاتب والمؤلف الأمريكي ستيفن كينج (Stephen King) مهما حاولت.

أتشاركُ ولاعب كرة السلة الأمريكي كايري إيرفينغ (Kyrie Irving) الطول نفسه، لكن من المستحيل أن أتمكَّن من تمرير الكرة كما يفعل، فأنا أفتقر للموهبة، وهدفي هو فصل المهارة عن الموهبة، وتحديد الأمور التي يمكنني فِعلها مثل هؤلاء الأشخاص الناجحين، وتلك التي لا أستطيع إتقانها.

5. ركِّز على المبادئ المُعتمدة:

إنَّني أركز على التقنيات والأساليب التي اتَّبَعها أصحاب الأداء المتميز؛ فبالنسبة إلى كتابة المقالات، أدركت أنَّ أفضل الكُتَّاب مخلصون لآرائهم وأسلوبهم، ويكتبون كما لو كانوا ينقلون الحقيقة نقلاً مطلقاً، ولكتابة مقالات أفضل كان عليَّ التركيز على الثقة أكثر من مهارة الكتابة بحد ذاتها.

أمَّا فيما يتعلق بكرة السلة، فقد أدركت أنَّ المبدأ الأساسي الذي يتبعه إيرفينغ هو التخطيط لحركة مضادة دائماً، بدلاً من المثابرة على تحركاته في الملعب مثل اللاعب الأمريكي راسل ويستبروك (Russell Westbrook) الذي يتَّبع التحركات نفسها حتى يسجل هدفاً، يقوم كيري بتعديلها بسرعة إذا واجه مقاومة، ودائماً ما يكون لديه حركة احتياطية إذا لم تنجح الأمور.

إنَّ هذا مبدأ تتعلمه من خلال التدريب، ويمكنك اعتماد قواعد بسيطة كأن تلجأ إلى خطة بديلة إذا لم تنجح الخطة الأساسية.

6. طبِّق المبدأ على نفسك:

أنا أفكر بالاستمرارية على الأمد البعيد، أريد تطبيق المبادئ التي أتعلَّمها من الآخرين على نفسي؛ لذلك أركز على استيعاب المبدأ بشكل كامل، ثم أفعل الأمر بطريقتي الخاصة.

أقوم دائماً بابتكار نظرياتي وأُطر العمل الخاصة بي، وبهذه الطريقة أضع الأفكار التي أتعلمها موضع التنفيذ، إنَّ التعلم من الآخرين أمر عظيم، لكن من الأفضل أن تبتكر مبادئك الخاصة بناءً على ما تعلمته، وبهذه الطريقة تتذكر المبدأ بشكل أفضل لتُطبقه فيما بعد.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم باستمرار لتطور نفسك وتنمي قدراتك؟

 

أهمية الوعي بالسلوك:

أحافظ طوال هذه العملية على درجةٍ من الوعي للتأكد من أنَّني لا أهدر وقتي، وأراقب أفكاري وسلوكي بصورةٍ مستمرة، والهدف من التحلي بالوعي هو التدخل بسرعة عندما أحيد عن العملية المذكورة أعلاه.

على سبيل المثال، عندما بدأت العمل على تحسين مهارة كتابة المقالات، درست أعمال معظم الكُتَّاب، كما تفقدت ملفاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وألقيت نظرةً على الطريقة التي استخدموا بها منصة تويتر (Twitter) أو إنستغرام (Instagram)، وتابعت أيضاً أولئك الذين لديهم قنوات على موقع (YouTube) وشاهدت مقاطع الفيديو الخاصة بهم.

أدركت بفضل الوعي أنَّ تركيزي مشتتٌ، وأنَّني لم أتعلم شيئاً، ولاحظت وجود مبادئ متضاربة، ولم أُدرك كيف أستطيع توظيفها لتطوير نفسي، كما لاحظت وجود عوامل ثانوية تسبَّبت بهذا التشتت أيضاً مثل عدد المتابعين، ونشاط هؤلاء الكُتَّاب على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان هذا مضيعةً للوقت.

ساعدني الوعي على تعديل سلوكي، وهكذا ركَّزت على أعمال ثلاثة كُتَّاب فقط، فاكتفيتُ بدراسة مقالاتهم، وتغاضيت عن أنشطتهم الأخرى، وحالما انتهيت توقفت عن دراسة أعمالهم وركزت على كتاباتي، ورحتُ أقرأ المقالات ببساطة بدلاً من دراستها، وركزت على الصياغة من خلال كتابة المقالات والحصول على تغذية راجعة من القراء، وهو أمر أواظب على فعله حتى اليوم.

أفضل طريقة لتحسين الوعي:

إذا كنت ترغب في تطوير وعيك، فإنَّ أفضل طريقة هي ممارسة التأمل؛ فأنا بدأت أمارس التأمل بالوقت نفسه الذي بدأت فيه العمل على تطوير مهاراتي، وهذا الأمر لم يكن محضَ صدفة.

عندما تتأمل، فأنت تمارس مهارة، فلا يُساعد التأمل بالضرورة على التخفيف من الشعور بالتوتر أو القلق، لقد قامت معظم الشركات والأفراد في الغرب بالتسويق للتأمل على أنَّه علاج للتوتر، لكن استناداً إلى الكتب التي قرأتها عن التأمل واليقظة الذهنية، فهذا ليس الغرض الأساسي منه.

إذ يُعدُّ صفاء الذهن والتخفيف من التوتر من الآثار الجانبية للتأمل، لكن يتجلى تأثيرهُ الرئيسي في تحسين الوعي، فتصبح بارعاً في تمييز أنماط التفكير السلبية بوعي، ونسمع كثيراً من يقول: “أنت ألدُّ عدو لنفسك”؛ وأنا أتفق معه حقاً؛ فمعظمنا يُدمِّر نفسه بسبب أنماط التفكير السلبية.

تُعد المثابرة أحد أهم الشروط لتنمية المهارات، ويُدرك الجميع أنَّك لن تتحسن أو تحقق شيئاً إذا توقفت؛ لكنَّ عقلك كثيراً ما يحثك على الاستسلام بمجرد أن تزداد الأمور صعوبةً، فتتساءلُ عن السبب الذي يجعلك تتحمل هذا.

يُنصت الشخص غير الواعي إلى تلك الأفكار، بينما يُدرك الواعي أنَّها مجرد فكرة أخرى عليه مراقبتها حتى تتلاشى.

في الختام:

الوعي من أكثر المهارات استخداماً بالنسبة إلي، وأعتمد عليه كثيراً في الحياة، فإذا كنت تعمل حالياً على تطوير أيَّة ناحية من نواحي حياتك، حاول أن تُمارس التأمل أيضاً، وركِّز على وعيك خلال اليوم، وحاول اكتشاف أنماط التفكير السلبي في داخلك؛ ففي اللحظة التي تنجح فيها بالقيام بذلك بصورة منتظمة، ستُدرك أنَّك تتحلى بوعيٍ كافٍ.

The Skill of Awareness Will Change Your Life