منوعات

خمسة أفلام مصرية ستدفعك للقول يا سلام يا مصر

في هذا المقال اخترنا لكم خمسة أفلام مصرية ممن أجمع النقاد والمشاهدون معاً على أهميتها واكتمالها تقريباً من كل النواحي، أفلام تجعلك تأخذ نفساً عميقاً وتقول “يا سلام يا مصر”.

خمسة من أفضل الأفلام المصرية:

1. فيلم السقا مات:

الموت أكثر ما يخافه الناس، ستجده حاضراً بكل جبروته في هذا الفيلم، والكثير من الأسئلة ستقف حائراً أمامها وستضطر إلى إيقاف الفيلم أكثر من مرة في أثناء المشاهدة لا لشيء إلا للغوص داخل أفكارك محاولاً إيجاد إجابات؛ إذ تبدأ القصة من بيت “السقا” المعلم “شوشة” الذي يقوم بدوره الممثل “عزت العلايلي” ليجذبك الفيلم من أول دقيقة ومن أول مشهد للطفل “ابن السقا” الذي لا يتوقف طوال الفيلم عن إبهارك بموهبته.

على لسان الطفل تُطرح الكثير من الأسئلة الوجودية؛ أسئلة عن الله، عن العائلة، عن الحب، عن السعادة التي سُلبت منه في لحظة موت أمه وهي تلده فيُحرم بعدها منها ومن ابتسامة والده التي لم يرها إلا مرات قليلة خلال حياته، و”السقا” الرجل الشهم المؤمن الذي لم يرتكب يوماً معصية ولم يعرف الفرح طريقاً لقلبه بعد وفاة زوجته هو على قيد الحياة، لكنَّه ميت كما قال أكثر مرة في أثناء الفيلم.

في أحد الأيام يتعرَّف إلى “شحاتة” وهو رجل على النقيض تماماً من “شوشة”، رجلٌ يعيش الحياة كما يشتهي، فما الحياة عنده إلا “كومة المشتهيات هذه”، فهو الذي يستطيع بكل بساطة أن يذهب بخياله إلى الراقصة “عزيزة” في حين أنَّه يمشي وراء جنازة، علماً أنَّ هذا المشي هو مهنته، فيقدِّم لنا مشهداً صادماً وعنيفاً على النفس بجمعه بين حرمة الموت والبحث عن اللذة.

بين الرجلين تدور الكثير من الحوارات العميقة والفلسفية التي تُقال بطريقة بسيطة جداً ولكنَّها محبوكة بذكاءٍ عالٍ، وتتطور صداقتهما وخاصةً أنَّ “شحاتة” استأجر غرفة في بيت “شوشة” وأصبح جزءاً من حياته وجزءاً من عائلته، وقد تمكَّن من إعادة رسم الابتسامة مرة أخرى على وجهه، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بينهما يجمعهما القلب الطيب والاتفاق على أنَّ أذى الناس هو أكبر المعاصي، وغير ذلك فكل شخص مسؤول عن أعماله.

“الموت جبان” هذا ما ردده “شحاتة” دائماً على مسامع “شوشة” الذي يقضي عمره خائفاً مرعوباً من الموت، ولو كان الموت شجاعاً لما جاء هكذا دون موعد ليخطف أحباءنا على حين غفلة منا، وهذا ما يقتنع به “السقا” بعد أن يخطف الموت صديقه الجديد مرة أخرى، وبمفارقة عجيبة يأخذ مكانه في العمل؛ العمل في أكثر مكان يخافه وهو السير وراء الجنازات.

على الرغم من سيطرة الحزن على الفيلم عموماً، إلا أنَّ مشاهد ابن شوشة “سيد” الذي قام بدوره الطفل “شريف صلاح الدين” تُضفي الكثير من اللطافة على الفيلم، وقد وُصف الطفل من قِبل النقاد بأنَّه أعظم طفل مرَّ على تاريخ السينما المصرية.

لا يمكن في نهاية الحديث عن فيلم “السقا مات” إلا الإشارة أيضاً إلى الإخراج الجميل جداً بالنسبة إلى الزمن الذي عُرض فيه الفيلم، وأيضاً العناية بالديكورات التي أضفت الكثير من الواقعية على جو الفيلم، إضافةً إلى أداء الممثلين العظيم.

أبطال فيلم السقا مات:

الفيلم مقتبس عن رواية “السقا مات” للكاتب المصري “يوسف السباعي”، وقد عُرض في السينما عام 1977، ويُعَدُّ واحداً من أهم الأفلام المصرية الروائية الطويلة، وهو من بطولة “عزت العلايلي”، “فريد شوقي”، “أمينة رزق”، “بلقيس”، “تحية كاريوكا” وغيرهم ومن إخراج “صلاح أبو سيف”.

2. فيلم الكيت كات:

ربما تحتاج إلى نفس طويلٍ وحب كبير للسينما حتى تتمكن من الدخول إلى عالم هذا الفيلم الذي قد يصيبك بقليل من الملل بسبب إيقاعه البطيء في البداية، حتى تدرك بعد فترة قصيرة أنَّ ما تشاهده هو الواقع فقط، وكأنَّ أحدهم أخذ كاميرا وثبتها في أحد أحياء مصر؛ الأحياء التي تعيش على هامش الحياة؛ حيث تأكل الأسماك الكبيرة الصغيرة وتزيحها جانباً، ولتكتشف أنَّك أمام أيقونة من أيقونات السينما المصرية.

فهل يمكن لرجلٍ أعمى أن يرى أكثر من كل المبصرين في الحي؟ يمكن في حال الشيخ “حسني” الذي لم يقتنع لحظة منذ أن فقد بصره وهو في العاشرة أنَّه أعمى “كل واحد منا يركب حصان خيالو” هذه الأغنية التي انتهى بها الفيلم والتي ستراها حاضرةً كل لحظة عند مشاهدتك.

“الكيت كات” يتحدث عن الأحلام التي تنتظر الإفراج عنها، عن الرغبات المكبوتة، عن الضعفاء، عن الوحدة والفقدان، عن المتروكين والمساكين وعن الوحوش أيضاً.

حارة صغيرة تجمع كل المتناقضات التي قد تجدها في العالم، وصراع الجميع كلٌّ بطريقته للاستمرار بالعيش، فبعضهم ركب الخيال وبعضهم الأحلام وبعضهم هرب إلى شرب الحشيش وآخرون حملوا السيف ضد أولاد حارتهم، وفي النهاية هذه هي الحياة.

من أكثر المشاهد التي تترك أثراً كبيراً في النفس مشاهد الشيخ “حسني” مع شيخ ضرير التقاه صدفة وساعده على قطع الشارع، وتستمر اللقاءات دون أن يدري الشيخ أنَّ “حسني” ضرير أيضاً لأنَّ “حسني” يمتلك شيئاً لا يمتلكه الآخرون، يرى بقلبه ويصنع في خياله الحياة كما يريد أن يراها.

الشيخ “حسني” في كل لحظة في الفيلم وفي كل مشهد وحوار يثبت أنَّه المبصر الوحيد في حارة من العميان، لتكون النهاية مبهرة وصادمة حين يفضح الشيخ الأعمى المبصرين جميعاً.

أبطال فيلم الكيت كات:

الفيلم من إنتاج عام 1991 وهو من تأليف وإخراج “داود عبد السيد” ومن قائمة أعظم 100 فيلم مصري، وقصته مأخوذة عن رواية “مالك الحزين” للروائي “إبراهيم أصلان” المكتوبة بناءً على أحداث حقيقية عايشها الكاتب بنفسه في حي “الكيت كات” في “مصر”.

“الكيت كات” من بطولة “محمود عبد العزيز” الذي قدم فيه واحداً من أهم أدواره وترك بصمة كبيرة عند الجمهور والنقاد، “أمينة رزق”، “شريف منير”، “عايدة رياض” وغيرهم.

فيلم الكيت كات

3. فيلم أرض الخوف:

هذا الفيلم للجميع من الطفل الصغير إلى الشيخ العجوز، لكن ليس الجميع قادرين على الغوص في أعماق هذا الفيلم التي يلخص قصة الخلق من لحظة التهام آدم للتفاحة وسقوطه معاقباً على الأرض؛ فهل الغاية تبرر الوسيلة؟ وهل الهدف إن كان باعتقادنا سامياً سيبرر كل أخطائنا؟ ألم تكن هذه الأفكار السبب وراء الكوارث التي حلَّت بالعالم منذ أقدم العصور؟

الفيلم يحكي عن صراع الضابط “يحيى” الذي دخل في مهمة سرية إلى أرض الخوف، إلى أرض الرذيلة والقتل والمعاصي، إلى عالم تجارة المخدرات في مصر، وبناءً على هذه المهمة يجب على الضابط “يحيى” أن ينسى شخصيته الحقيقية ويضعها على الرف ويصبح “يحيى” تاجر المخدرات الذي لا يتردد أن يقتل ويفتك ويرتكب المعاصي، لكنَّ صك البراءة جاهز؛ وثيقة تضعها المخابرات في خزنة سرية لتثبت حق “يحيى” عند انتهاء العملية.

إذ ضاعت العملية، وفي غمرة الانقلابات السياسية التي عاشتها مصر يُنسى تماماً أمر “يحيى” الذي لم يعد يعرف شيئاً عن مصيره ولكنَّه يستمر بالمهمة ويستمر بإرسال التقارير التي لم يعد متأكداً أنَّها تصل، ليدخل في نوبات الشك والأسئلة عن حقيقته وحقيقة من يكون، ليعيش حالة ضياع كبيرة جعلته عاجزاً عن الفهم وعن الإدراك وحتى الاقتناع بنبل المهمة التي ضيَّعت عليه حياته، ولتكون الصدمة الكبيرة عندما يكتشف أنَّ رسائله لا تصل إلا لعامل بسيط في البريد اسمه “موسى”.

أبطال فيلم أرض الخوف:

الفيلم تحفة سينمائية عظيمة، واقتراب حد الاحتراق من الممنوعات ومن كل التابوهات التي يُعَدُّ الحديث عنها في العالم العربي ضرباً من الجنون، والفيلم من بطولة “أحمد زكي” الذي لم تتمكن السينما المصرية من إنجاب شبيهه حتى الآن، وعُرض في السينما لأول مرة عام 2000 وهو من إخراج “داود عبد السيد”.

فيلم أرض الخوف

4. فيلم ساعة ونصف:

هل فكرت مرة أنَّه لا يُثمر انتظارك في المحطة وصولاً؟ وهل فكرت مرة أنَّ أحلامك باللقاء ولحظات الترقب في انتظار الأحبة ستصير كابوساً لن تتمكن من التغلب عليه طوال حياتك؟ هذا ما حصل في هذا الفيلم؛ لم يصل أحد، لا الركاب ولا أمتعتهم ولا أحلامهم ولا حتى آلامهم ولا الحزن الذي كسر ظهورهم، فهو ليس فيلماً؛ بل هو مجموعة من القصص القصيرة محبوكة بحرفية عالية ومحشورة في قطار لا يصل.

فلصوص القضبان الحديدية رجعوا نادمين لإصلاح ما فعلوه ولكنَّهم لم ينجحوا، والمسؤول عن مراقبة السكة كان غارقاً في مأساته الخاصة التي صنعت مأساةً جماعية، وهكذا لم يتمكن أحد من رد ما صار مصيراً أسود للركاب ولكل منتظر في المحطة.

لا يأخذك الفيلم إلى عوالم مختلفة، فأغلب الأحداث تدور بين القطار وبين المحطة، ولكنَّه يضيء على الجانب المأساوي من حياة الطبقة المتوسطة في مصر من خلال الانتقال إلى حكايات الركاب؛ هذه الطبقة التي أنهكها الفقر والجهل والبطالة والرغبة بالهجرة والأحلام التي لا تتحقق، لتقع الكارثة أخيراً؛ الكارثة التي لا تختلف حقيقةً عن الكارثة التي يعيشونها إلا بدمويتها.

أبطال فيلم ساعة ونص:

من الجدير بالذكر أنَّ الفيلم مأخوذ عن حادثة قطار العياط الحقيقية، وهو من إنتاج 2012، ومن بطولة “إياد نصار”، “كريمة مختار”، “سوسن بدر”، “يسرا اللوزي”، “أحمد صلاح”، “هالة فاخر”، وغيرهم الكثير، فهو من الأفلام التي لا تعتمد على البطولة الفردية، ومن إخراج “وائل إحسان”.

فيلم ساعة ونص

5. فيلم الفيل الأزرق 2:

هو الجزء الثاني من فيلم “الفيل الأزرق 1” وجاء متفوقاً بمراحل على الجزء الأول، وهو من أجمل إنتاجات السينما المصرية الحديثة؛ إذ يأخذك إلى عالم من السحر والجمال، وعلى الرغم من أنَّ الفيلم يدور في فلك أفلام الرعب والغموض والإثارة، إلا أنَّه يفتح أبواب الحرب النفسية التي يخوضها كل شخص في داخله؛ الأمومة، الغيرة، الحسد، الحب، التضحية، السحر، الشعوذة الخرافات كلها حاضرة بقوة في هذا الفيلم الذي توَّجه الأداء المبهر للممثلين وخاصة الممثلة “هند صبري” التي أبدعت في الانتقال بتعابير وجهها وفي اللحظة ذاتها بين كل المتناقضات التي تمتلئ بها نفسها، ولن ننسى الموسيقى والمؤثرات الصوتية والبصرية المرافقة لكل حدث في الفيلم.

فالدكتور النفسي “يحيى” أمام جريمة بشعة عليه الغوص في أسبابها ودوافعها النفسية؛ أم قتلت طفلها، والمريضة طلبت الدكتور “يحيى” بالاسم، وهذا ما يقودنا إلى رحلة لا تنتهي من البحث بين الواقع والخيال والأساطير، وطبعاً ما يزيد القصة إثارة وجود حبوب الفيل الأزرق التي تُمكِّن الدكتور “يحيى” من السفر عبر الزمن لحل اللغز.

أبطال فيلم الفيل الأزرق 2:

الفيلم من بطولة “كريم عبد العزيز”، “هند صبري”، “نيللي كريم”، ومن إنتاج 2019 وإخراج “مروان حامد”، وقد حقق أكبر إيرادات في تاريخ السينما المصرية بمبلغ 103 مليون جنيه مصري.

فيلم الفيل الأزرق 2

في الختام:

لا يمكن حصر السينما المصرية بخمسة أفلام فقط؛ بل يوجد المزيد من الأفلام الجميلة التي تستحق فعلاً المشاهدة، وفي النهاية أهم ما يمكن أن ننصح به المتابعين الابتعاد عن الأفلام التجارية التي لا تمثِّل حقيقة السينما المصرية، والابتعاد أيضاً عن مقارنة الأفلام العربية بالأفلام الأجنبية، فالمقارنة حقيقةً غير عادلة ولا فائدة منها، ومحاولة التقليل من شأن السينما المصرية من هذا الباب محاولة غير موفَّقة أبداً.