منوعات

خوف زائد من الرياء – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

شاب التزم مؤخرًا واشترك في أكاديمية لتعليم المواد الشرعية، لكن أحدًا أرسل إليه فيديو ليرغِّبه في الاشتراك فيها، فتردد في إخباره بأنه مشترك بالفعل؛ خوفًا من الرياء، ويسأل: ما النصيحة؟

 

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رأيت منذ مدة إعلانًا لأكاديمية تدرس الشريعة والعقيدة والمواد الدينية، فاشتركت فيها بفضل الله، وبعد مرور عدة أيام أرسل إليَّ أحد الأشخاص فيديو يتحدث عن الأكاديمية؛ كي أشترك بها، فترددتُ: هل أقول له: إني قد اشتركت بالفعل، أو أشكره وأصمت؟ وأنا أشعر أنني أريد أن أقول له: إنني قد اشتركت في الأكاديمية فعلًا؛ حتى لا يعتقد أنه هو سبب اشتراكي، فهل هذا من التكبر؟ وأيضًا لا أريد أن أخبره خوفًا أن يكون هذا من الرياء، أرجو نصحكم، سيما أنني قد التزمت منذ مدة ليست بالطويلة، وأشعر أني أريد الاستفسار عن مسائل كثيرة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

ففي الحقيقة أنت ليس لديك مشكلة حقيقية، بل كل ما تُعاني منه هو حساسية شديدة من الوقوع في الرياء، وربما أنها أحيانًا عندك تتجاوز الخوف المحمود إلى غير المحمود؛ ولذا فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: الخوف من الرياء كان منهجًا لسلفنا الصالح، وكانوا يجتهدون في إخفاء صالح أعمالهم؛ خشية أن يدخلها شيء من الرياء والسمعة وحب المدح، وهذا القدر من الخوف محمود ومندوب إليه، أما تجاوزه إلى درجة ترك العمل الصالح خوفًا من الرياء، فهذا هو الخوف المذموم، وهو من وسوسة الشيطان للصد عن الخير.

 

ثانيًا: ثم ذكرت أنك استقمت مؤخرًا، وعادة يدخل المستقيمون الجدد كثيرًا على مواقع الوعاظ التي فيها خير كثير، ولكنْ في بعضها تركيز على الترهيب والتخويف المبالَغ فيه من الرياء، وفي المقابل فيها قصور منهم في جانب الترغيب.

 

ثالثًا: المنهج السابق لدى بعض الوعاظ يقذف في قلوب بعض الملتزمين الخوف الزائد، وربما التشديد على النفس في العبادات بما لا يطيقون؛ ومن هنا فقد يحصل لبعضهم نوعٌ من اليأس والقنوط، وبعض التقلبات غير المحمودة، وقد وصل إليَّ عدة شكاوى من ذلك.

 

رابعًا: ولما سبق؛ فأنصحك بالنهل من علم العلماء الراسخين الناصحين، الذين يجمعون بين العلم والعمل، وبين التوسط والتشديد على النفس.

 

خامسًا: جوابًا على سؤالك، أقول: لا غضاضة عليك إن اكتفيت بشكر من دلَّك على مواقع العلم، ولم تخبره بالتحاقك بها، ولا شيء عليك إن شكرته ودعوت له، ثم أخبرته بأنك ملتحق بها من قبل، إن لم تقصد بذلك المفاخرة والسمعة.

 

سادسًا: اسأل ربك سبحانه أن يرزقك الإخلاص، وأن يبعدك عن الرياء، وعن المبالغة الممقوتة في ذلك، المؤدية لترك العمل أو للوسوسة.

 

سابعًا: تذكر دائمًا قوله سبحانه: ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾ [الزمر: 1 – 3].

 

والحديث الآتي: روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه))؛ [متفق عليه].

 

ثامنًا: أكْثِرْ من تلاوة القرآن، ومن طلب العلم النافع؛ فهي مجتمعة تطرد الرياء، وتحمي من مزالق اليأس والقنوط.

 

تاسعًا: ما دمت قاصدًا بعملك الله سبحانه، فلا تضرك خطرات الشيطان ووسوسته لك بالرياء؛ فلا تلفت إليها.

 

حفظك الله، وجنَّبك الرياء.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.