منوعات

كيف نتعلَّم من الأطفال أن نحيا بسعادة ودون قلق؟

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة “ديبي تايلور” (Debi Taylor)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع المعاناة.

المعاناة:

أنا أردِّدُ دائماً عبارات مثل: “من الصعب جداً الاعتناء بأطفالي بمفردي”، و”يجب أن أعمل في وظائف متعددة؛ فقط لتغطية نفقاتي”، و”لا أحد يساعدني، أنا أقوم بكل شيء بمفردي”، و”لا أحصل على وقت للراحة؛ بل أنا حتَّى لا أنام”، والحقيقة أنَّ كل ما أقوله صحيح وواقعي، لكن هل يجب أن تكون حياتي هكذا؟ أعني أنَّني في النهاية أنا المسؤولة عن واقعي، وفي حين أنَّني يمكنني أن ألوم الظروف الخارجية إلا أنَّني أنا من يقوم بإنشاء واقعي اليومي.

اعتدت أن أستمع إلى نصائح أشخاص يقدمون التدريب فيما يخص أمور الحياة، وكانت معظم هذه النصائح تتطلب ببساطة أن أتوقف عن الشعور بالمعاناة، أو أن أخبر نفسي أنَّ الأمور سهلة وسرعان ما ستصبح كذلك.

كانت هذه النصائح تجعلني أغضب، وأقول لنفسي: “من السهل عليهم أن يقولوا ذلك؛ فليس لديهم أطفال، كما يوجد من يساعدهم في دفع الفواتير”؛ لذلك كنت أرى أنَّ هذه النصائح بلا أي قيمة؛ لأنَّني كلَّما حاولت الشعور بإيجابية أدركت أنَّني أدمن هذه العقلية؛ بل ما أدركته كان أكثر من ذلك.

لقد أدركت أنَّه لا يهم إذا ما كنت أعمل بدوام كامل أو دوام جزئي، ولن يتغير شيء حتى لو فزت بجائزة “اليانصيب” فستبقى حياتي تسير بهذه الوتيرة الصعبة بصرف النظر عن الظروف الخارجية التي أعيشها، في جميع الأحوال كنت سأضع لنفسي مواعيد نهائية حتَّى لو لم أكن مضطرةً إلى ذلك، وسأفرط في تحمل الالتزامات ومن ثمَّ سأبقى منهكة؛ وذلك لأنَّ المشكلة هي فيما أشعر به وليس في الظروف الخارجية.

لديَّ كتاب رائع لجوليا روجرز هامريك (Julia Rogers Hamrick) بعنوان “اختيار الحياة السهلة” (Choosing Easy World) وتُبيِّنُ روجرز حل المعاناة في هذا الكتاب بكل بساطة وذكاء، وهو اختيار أن تعيش حياةً سهلة، ومن ثمَّ سيزول التوتر والاضطراب في حين تُحَل مشكلاتك بسهولة.

تقول روجرز: “إذا تخليت عن المعاناة فستكون هذه فرصتك الكبرى لتغيير حياتك وتحقيق ذاتك والاتصال بالكون وكل مصدر من مصادر الإلهام”.

مع ذلك أجد نفسي أتخلى عن هذا المنطق كل يوم؛ بل في كل ساعة وأعود إلى المعاناة مرةً أخرى، وأحياناً أعيش لحظات من وضوح الرؤية وأتذكَّر أنَّني أنا من يجعل الأمور صعبة بسبب تشبثي بهذا النمط من التفكير، وأقول لنفسي: “فقط انظري إلى الحياة نظرة إيجابية وستنتهي هذه المعاناة”، وأقتنع بأنَّ الأمر بهذه البساطة؛ لكنَّني أنسى هذا كل يوم؛ ما جعلني أجزم بأنَّني مدمنة المعاناة.

شاهد: 7 نصائح للتغلب على هموم الحياة

 

عيش اللحظة أشبه بالتوحد:

لديَّ طفل مصاب بالتوحد، وعندما يلعب الطفل المصاب بالتوحد فإنَّه يعيش اللحظة تماماً ولا يعير انتباهه إلى أيِّ شيء آخر، يكون سعيداً ويستمتع جداً بما يفعله، تشعر بأنَّ الطفل المُصاب بالتوحد يميل بطبيعته إلى التركيز على سعادته، وهكذا يجب أن نكون، فثمة شيء يمكن تعلُّمه من الأطفال المصابين بالتوحد؛ وهو أنَّنا نُعرِّض أنفسنا لخطر الشعور بالضياع في هذه الحياة عندما نستمر في معاناتنا.

لديَّ طفلان وهما يقدمان لي الدروس يومياً مثلما أقدِّم لهما الإرشاد والتشجيع ليصبحوا أفصل في المستقبل؛ لكنَّني في المقابل أبعث رسائل سلبية إلى ابنتي المراهقة التي تعيش حالة قلق دائم، فقد لحظت أنَّني أنقل إليها من غير قصد أفكاري المُقيِّدة التي تجعلها قلقة بشأن المستقبل بدلاً من العيش في الحاضر.

تُعبِّر لي أحياناً عن قلقها بشأن عدم الحصول على ما يكفي من المال، وبشأن مظهرها، وهذا ما يُشعرني بالحزن؛ فليس هذا ما أريد تعليمها إياه، لكن من الواضح أنَّني أثَّرت فيها من خلال نمط تفكيري وجعلتها تفكِّر في المعاناة مثلي، في حين أنَّ ابني المصاب بالتوحد منكب تماماً على نفسه ويشعر بالسعادة طوال الوقت.

في الختام:

شخصياً لا يمكنني تقديم النصائح، على الأقل حتى أتخلص من هذه العقلية، لكن بالطبع يمكننا جميعاً التعلُّم من أطفالنا عندما يلعبون كيف أنَّهم لا يهتمون بشيء آخر سوى المرح، وهذا الدرس ينبغي تعلُّمه وتطبيقه؛ من أجل عافيتنا وسعادتنا.