منوعات

كيف نتغلب على الخيبة؟ – مكساوي –

ما هو تعريف خيبة الأمل؟

هو شعور سلبي يولَد عند الإنسان مع توالي الضغوطات عليه وتكرار فشله في تحقيق الكثير من الأمور التي كان يصبو إليها، الأمر الذي يجعل الإنسان كئيباً وحزيناً وفاقداً لحيويته، وعادة ما يكون الشعور بخيبة الأمل بشكل تدريجي، فمع كل فشل يفقد الإنسان جزءاً من حيويته.

كيفية التعامل مع خيبة الأمل:

قد تكون خيبات الأمل أمراً غير سار لكن نستطيع أن نتعلم دائماً شيئاً مفيداً من هذه الخيبات، وللتعامل البنَّاء مع خيبة الأمل نحتاج أولاً إلى فهم ما حدث، فبعض حالات خيبة الأمل يمكن التنبؤ بها والوقاية منها، لكن توجد أمور أخرى لا مفر منها وتكون خارجة عن إرادتنا.

لإدارة خيبة الأمل نحتاج إلى التفريق بين المواقف التي تقع ضمن سيطرتنا والمواقف الخارجة عنها، وستساعدنا القدرة على التعرف إلى الاختلاف بينهما على التعامل مع إحباطاتنا بشكل أكثر ذكاءً وملاءمةً، فإذا كان الخطأ ممكن الإصلاح يجب أن نتعلم كيف نقوم بإصلاحه، وإذا كان خارجاً عن سيطرتنا فكل ما يمكننا فعله هو التغلب على آثاره السلبية فقط.

نحتاج أيضاً إلى التحقق مما إذا كانت توقعاتنا معقولة تجاه أمر ما، فهل لدينا توقعات صعبة المنال بشكل غير واقعي، ومن ثمَّ فإنَّنا نضع مستوى من النجاح أعلى من اللازم؟ أم أنَّنا نجعل أهدافنا ذات نطاق ضيق للغاية؟ إذا كنت تنتمي إلى تلك المجموعة من الأشخاص الذين وضعوا توقعات عالية جداً، فقد يساعدك العمل البنَّاء على تعديل التوقعات وجعلها أكثر ملاءمةً.

قد تتعلم الابتعاد عن معايير الكمال وقد تبدأ بقبول ما هو جيد بما فيه الكفاية، أما بالنسبة إلى أولئك الذين وضعوا أهدافاً محدودة للغاية، فإنَّ ما يجب عليهم التوقف عن فعله هو التمسك بأفكار خاطئة، فعلى سبيل المثال، “لا يوجد أمل بعد الآن”، أو “لا شيء يناسبني على الإطلاق”.

عندما تحدث خيبة الأمل بشكل متكرر قد يكون من المستحسن إعادة تقييم تصوراتنا وسلوكاتنا، فهل يمكن أن نكون أكثر موضوعية بشأن ما كنا نتوقعه من الآخرين؟ وهل ندرك ما يجب أن نتوقعه من أنفسنا؟ وهل نستمع لما يقوله الآخرون لنا؟ وهل كنا نستطيع فعل شيء مختلف للوصول إلى نتيجة مختلفة؟ وكيف يمكننا تعديل توقعاتنا لنكون أكثر قدرة على تحقيقها في المرة القادمة؟ وما هو الدعم والموارد التي لدينا والتي تساعدنا على تجاوز مشاعر الإحباط بنجاح؟

للتعامل مع خيبة الأمل بشكل بنَّاء، لا تدعها تتدهور إلى اللامبالاة والاكتئاب، فكبت المشاعر السلبية والهروب من إيجاد الحلول ليس وصفة جيدة للتحسن، وعندما ننشغل بالاكتئاب والمشاعر السيئة ونراكم الخيبات، فإنَّنا نغفل عما هو صحيح في حياتنا وفي العالم من حولنا، وعندما نعتاد على مشاعر الحزن والاكتئاب فإنَّها تصبح جزءاً من هويتنا.

عندما يسيطر علينا التفكير السلبي نتيجة توالي الخيبات، يجب علينا عندها إعادة توجيه طاقتنا والتركيز على الأمور الإيجابية في حياتنا وكيفية استغلال الطاقة التي في داخلنا، وعلى الرغم من أنَّنا من منظور اللاوعي قد نكون مترددين في التخلي عن تجربة قد تكون مخيبة للآمال، إلا أنَّه على الأمد الطويل سيكون من الأثر الأكثر ضرراً للاستمرار في التمسك بهذا التفكير هو أن ننشغل كثيراً بالتفكير في المواقف التي لا تلبي توقعاتنا، فإنَّنا بذلك نخلق فقط ضغوطات كنا بغنى عنها.

خيبة الأمل لا تعني دمارنا إذا تم أخذها بموضوعية، فيمكن أن تقوينا وتجعلنا على نحو أفضل؛ إذ نستطيع التعامل مع خيبات الأمل بِوصفها رحلات نحو مزيد من البصيرة والحكمة، لكن لكي نكون قادرين على جعل رحلات التأمل الذاتي وإعادة التقييم هذه ذات مغزى، نحتاج إلى النظر خارج الصندوق وأن نكون على درجة عالية من الوعي والإدراك.

ما هو الجانب المضيء لخيبات الأمل؟

قد تستغرب أنَّ لخيبة الأمل نتيجة إيجابية، وهذا يعود للفعل العكسي الذي يولد عند الإنسان لكي يحسن حاله إذا عرف كيف يتعامل معها؛ لذلك من أهم الآثار الإيجابية لخيبة الأمل:

1. خيبة الأمل تعني الشغف بشيء ما:

كل شعور له سبب، ففكر في خيبة الأمل بوصفها نتيجة وستجد أنَّ سببها هو حبك للشيء المعني، فمثلاً عندما تشعر بخيبة أمل بعدم وجود صديق قريب منك، فهذا يعني أنَّك تهتم كثيراً بالصداقة، أو عندما تشعر بخيبة أمل بسبب فشلك في عملك، وهذا يدل على أنَّك إنسان طموح وتريد النجاح؛ وذلك لأنَّك وكما يقول “مارتن لوثر كينغ”: “لا يمكن أن تكون لديك خيبة أمل عميقة إلا إذا كان لديك حب عميق”، وهذا الحب العميق هو ما يدفعك نحو أهدافك.

اعلم أنَّ خيبة الأمل هي حالة أفضل بكثير من اللامبالاة، فعندما يكون شخص ما لا مبالياً، فإنَّه يشعر بعدم المبالاة بشأن كل شيء، ولا يهمه عمله ولا أصدقاؤه ولا يؤثر فيه فشله، لذلك يكون إنساناً لا يتعلم أبداً من تجاربه، وهذا لا يختلف عن كونه رجلاً آلياً، لكن عند إحساسك بالخيبة تتعرف إلى مشاعرك وتشعر بها سواء كانت جيدة أم سيئة، وهذا شيء جميل جداً لأنَّ الشعور يعني أن تكون على اتصال مع نفسك وتكون قادراً على تقييمها، ومن ثمَّ تكون قادراً على التعلم من أخطائك. 

شاهد بالفديو: 8 علامات تخبرك بضرورة تغيير طريقة تفكيرك

 

2. خيبة الأمل قد تكون فرصة لتطور الإنسان:

عندما تطمح إلى أمر معين وتجرِّب إحدى الطرائق وتفشل وتشعر بخيبة الأمل، فهذا سيعطيك دافعاً بأنَّك في المرة القادمة ستحيد عن هذا الطريق لأنَّه سبق لك أن جربته وفشلت، وبذلك يمكن أن نقول إنَّك حولت فشلك إلى نجاح، وقد يتعلم الآخرون أيضاً من أخطائك، وبذلك تعم الفائدة، وهكذا يكون طريق النجاح مكللاً بالنجاح والفشل، والأهم أنَّه أيضاً مكلل بالمحاولة والتعلم.

3. خيبة الأمل تجعلك أقوى:

قد تستغرب هذا لكن خيبة الأمل تجعلك أقوى، فعندما تمر بعاطفة قاسية أو شيء من هذا القبيل فإنَّك تصبح أكثر صرامة وقوة، فتتعلم كيف تتعامل مع عواطفك وكيف تتجاوز المحن وتصبح بذلك أكثر مرونة في مواجهة صعوبات الحياة وتحدياتها.

ما هي الأمور التي يجب أن تتجنبها في أثناء الشعور بخيبة الأمل؟

1. أن تبالغ في إلهاء نفسك بالنشاطات الأخرى:

الطريقة السلبية الأولى في التخلص من خيبة الأمل هي الانشغال بالنشاطات العشوائية، كالاحتفال أو تناول الطعام أو النوم أو الذهاب إلى التسوق، وقد يتحول بعض الناس إلى ممارسة الجنس وتناول الكحول أو حتى المخدرات؛ إذ تُعَدُّ ممارسة حياتك بشكل طبيعي بعد خيبة الأمل جيدةً، لكن لا يجب أن تهرب من الواقع.

لذلك عليك أولاً الجلوس مع ذاتك وتقييمها والتصالح مع الأمور على أنَّها مجرد دروس، فالغوص في النشاطات العشوائية الطائشة لتجنب الشعور بالخيبة ليس بحل؛ بل هو مجرد مخدر، وعليك أن تعي أنَّ انشغالك بتلك النشاطات يمكن أن ينسيك الخيبة أو يشعرك بالسعادة لكن لفترة وجيزة فقط، لتصطدم بعدها بفشل آخر، وهذا يعني الكثير من تراكم الأخطاء والفشل في تجنبها.

2. أن تدخل في علاقات عشوائية نتيجة لانفعالك:

قد يولَد عند الإنسان رد فعل سلبي عندما يتعرض لغدر من شريكه مثلاً، فيحاول بذلك نسيانه بالدخول إلى علاقة جديدة لتجنب تحمل آثار ألم الانفصال، وهذا يعني أنَّ خياراته ستكون ناتجة عن تهور وغير مدروسة، وقد تتفاقم الحالة وتؤدي إلى المزيد من خيبات الأمل.

3. أن تتخلى عن أهدافك:

لربما أسوأ شيء تفعله بعد خيبة الأمل هو اليأس من تحقيق الأهداف والاستسلام للواقع المرير وفقدانك الحيوية والقدرة على المثابرة، وبذلك تكون السلبية قد تمكنت منك واستفحلت بك.

4. أن تشعر بالكراهية تجاه الأشخاص الناجحين:

قد يؤدي الفشل والإحباط وخيبة الأمل إلى النفور من الآخرين والنظر إليهم نظرة كراهية وكأنَّهم هم المسؤولون عن فشلك، وهذا يدل على عجزك عن حل مشكلاتك وعدم تقبلك للواقع الذي وصلت إليه، وتكون بذلك قد فاقمت المشكلة وجعلتها أكثر تعقيداً وخسرت الكثير من العلاقات الودية مع الأشخاص المحبين لك.

في الختام:

نجد أنَّ الهروب من المشكلة هو حيلة الضعفاء وأنَّ في كل ضعف داخله قوة، لكن على الإنسان معرفة استغلال الأمور، فجميع الذين حققوا النجاحات مروا بالصعاب وفشلوا عشرات المرات حتى حققوا أهدافهم، لذلك علينا أن نثق بأنفسنا ونعي أنَّنا خُلقنا في هذه الأرض لنؤدي عملاً محدداً لكن علينا اكتشافه، وإذا فشلنا في طريق معين فعلينا أن نتفكر ونتدبر أمورنا، وكما قيل: “كل الذين نجحوا لم يغيروا أقدامهم؛ بل غيروا أفكارهم”.