منوعات

هل تقدر النباتات على التمثيل الضوئي باستعمال الأضواء الصنعية؟

لا يمكن المبالغة في أهمية التمثيل الضوئي في الحفاظ على الحياة على الأرض، فدونه سيكون هناك القليل من الطعام أو المواد العضوية الأخرى عليها، وستهلك معظم الحياة، وسيصبح الغلاف الجوي للأرض في النهاية خالياً تقريباً من الأوكسجين الغازي، ومجرد التفكير في هذا الأمر مخيف.

تقوم النباتات والكائنات الحية الأخرى التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي بتحويل الطاقة الضوئية من ضوء الشمس إلى طاقة كيميائية؛ إذ تعمل الطاقة الضوئية على تحويل الماء وثنائي أوكسيد الكربون والمعادن إلى أوكسجين وجزيئات عضوية غنية بالطاقة، إذاً ماذا يحدث عندما لا تحصل نباتاتك على ما يكفي من ضوء الشمس؟ وهل يوجد بديل لأشعة الشمس من أجل حدوث عملية التمثيل الضوئي؟

الضوء هو العامل الحاسم هنا، والضوء الاصطناعي هو بديل لأشعة الشمس في عملية التمثيل الضوئي للنباتات، فتابعوا معنا لنعرف أكثر.

هل يمكن أن يحدث التمثيل الضوئي في الضوء الاصطناعي؟

تحتوي النباتات على أصباغ تمكِّنها من الخضوع لعملية التمثيل الضوئي، وهذه الأصباغ هي الكلوروفيل والزانثوفيل والكاروتينات، فهي مسؤولة عن امتصاص الضوء في أثناء عملية التمثيل الضوئي، كما أنَّها تعطي الأوراق ألوانها المميزة، وصباغ الكلوروفيل هو الصباغ الأساسي المسؤول عن التمثيل الضوئي.

لا نبالغ عند التأكيد على أهمية الضوء عند النباتات، ومصدر الضوء ونوعه ليسا عاملين أساسيين، ولكنَّ الضوء الطبيعي هو الأمثل، ومع ذلك يمكن أن يحدث التمثيل الضوئي في وجود الضوء الاصطناعي، فإذا كانت نباتاتك المنزلية لا تحصل على ما يكفي من الضوء الطبيعي في مكان وضعها، يمكنك دائماً استخدام الأضواء الاصطناعية.

إذا وضعت نبتةً في غرفة بها القليل من مصدر الضوء الطبيعي، فستلاحظ أنَّ أوراقها تصبح شاحبةً وغير مشبعة وأصغر حجماً من النبات الذي يوضع في غرفة يتخللها ضوء الشمس بشكل شبه دائم، فدائماً ما تنمو النباتات الداخلية لتحاول الوصول إلى مصدر الضوء المتاح.

تقوم النباتات بعملية التمثيل الضوئي بطول موجة يتراوح من 400 إلى 700 نانومتر، ويُعرف هذا النطاق بالإشعاع النشط الضوئي، وهو يشمل نطاقات الموجة الحمراء والزرقاء والخضراء، فإذا تعرض النبات للطول الموجي الصحيح للضوء، يمكن أن يحدث التمثيل الضوئي عندها في الضوء الاصطناعي.

تُعَدُّ الأضواء الاصطناعية التي تحتوي على أطوال موجية حمراء وزرقاء أكثر مثاليةً لعملية التمثيل الضوئي، ولذلك يُعَدُّ ضوء الشمس هو الأنسب؛ وذلك لأنَّه يتمتع بتوازن الطول الموجي المثالي لنمو النباتات وازدهارها، ومع ذلك يمكن أيضاً استخدام الضوء الاصطناعي لمساعدة نباتاتك، وفي الواقع، مع وجود ما يكفي من الضوء الاصطناعي، قد تزهر النباتات كأسيات البذور، مثل زنبق السلام والبوثوس في الأماكن المظلمة؛ وذلك لأنَّها تعتمد على الإضاءة الضعيفة أكثر من العالية.

تستخدم معظم البيوت الزجاجية والدفيئات هذه الأيام الضوء الاصطناعي لتحسين الإنتاج؛ إذ توفر البيوت المحمية أفضل الظروف لزراعة النباتات، فقد تم بناؤها بطريقة تسمح بدخول ما يكفي من الضوء، ومع ذلك فهي مغلقة بما يكفي لمنع فقدان الحرارة بالحمل الحراري، لكن لا يتوفر الضوء الطبيعي دائماً بكميات كافية، لذلك وباستخدام الأضواء الاصطناعية، يمكن لمزارعي الدفيئات زيادة إنتاجهم وإطالة موسم النمو.

هل تنمو النباتات بشكل أفضل تحت الضوء الاصطناعي أو الضوء الطبيعي؟

يمكن للنباتات أن تنمو في كل من الضوء الطبيعي والاصطناعي، لكن هل تنمو في الضوء الاصطناعي بنفس فاعلية ضوء الشمس الطبيعي؟ بصفتك بستانياً أو مالكاً للنباتات، قد يكون الحصول على ما يكفي من الضوء الطبيعي لنمو النباتات الخاصة بك أمراً صعباً، وعموماً يُعَدُّ الضوء الطبيعي الخيار الأفضل للنمو الأمثل لنباتاتك، فلا يمكن للأضواء الاصطناعية أن تستمر في إعطاء الأطوال الموجية الدقيقة للضوء والمفيدة للنباتات.

من ناحية أخرى، يمكن أن تكون الأضواء الاصطناعية وسيلةً ممتازةً لتكملة الضوء الطبيعي، وخاصةً في مواسم الأمطار عندما لا يكون هناك ما يكفي منه، لكن كلما زاد الضوء الطبيعي الذي يمكنك منحه لنباتاتك، كان ذلك أفضل.

لا يعتمد نمو النباتات على مصدر الضوء وحده، فبصرف النظر عن الضوء، تحتاج النباتات إلى الماء والتربة للبقاء على قيد الحياة، وإلى جانب كمية الضوء التي يتلقاها النبات، ستحدد العوامل الأخرى مدى جودة نموه، لكن تبقى استفادة النباتات من الضوء الاصطناعي أقل منها من الضوء الطبيعي.

تصدر العديد من مصادر الضوء الاصطناعي أطوال موجات خضراء وصفراء أكثر من الأطوال الموجية الحمراء، بينما ينتج بعضها الآخر ضوءاً بأطوال موجية حمراء أو زرقاء، لكن ليس كليهما، وهذا يوفر للنباتات القليل جداً من الطاقة، وحتى الآن لا يوجد ضوء صناعي قوي بما يكفي لتزويد النباتات بالطاقة بنفس طاقة ضوء الشمس.

يجب علينا أيضاً مراعاة الحرارة المتولدة من الشمس مقارنةً بمصادر الضوء الاصطناعي؛ إذ يبعث الضوء الطبيعي من الشمس الكمية المناسبة من الحرارة للنمو الأمثل للنباتات، كما قد توفر مصادر الضوء الاصطناعي الضوء المناسب ولكنَّها تسخن النباتات، وبسبب ذلك هي أقل فاعليةً لنمو النباتات.

كيف تنمو النباتات بالضوء الاصطناعي؟

النباتات هي كائنات يمكن أن تصنع طعامها من مواد غير عضوية، وكل ما تحتاجه هو مصدر للحرارة أو الضوء بوصفه مصدراً للطاقة، لذلك تسمى بالكائنات ذاتية التغذية، فهل فكرت يوماً في زراعة النباتات في بيئة اصطناعية؟ إذا كنت لا تعرف، فمن الممكن زراعة النباتات في الداخل بالضوء الاصطناعي حتى النضج، وهذا يترك السؤال عما إذا كانت هذه الطريقة مجديةً لك أم لا.

تنمو النباتات تحت الضوء الاصطناعي بنفس الطريقة التي تنمو بها تحت الضوء الطبيعي كرد فعل للأطوال الموجية المنبعثة، وللضوء ثلاثة أبعاد، وهذه الأبعاد هي مدة الضوء ودرجة حرارته وطيفه؛ إذ تؤثر العلاقات بين قياسات الضوء ودرجة الحرارة تأثيراً كبيراً في نمو النبات تحت الضوء الاصطناعي.

لذلك يجب أن تتذكر أنَّ نوع نظام الإضاءة الاصطناعية الذي تستخدمه يؤثر أيضاً في درجة الحرارة، وهذا بدوره يؤثر في مستويات الرطوبة حول نباتاتك، لذلك انتبه يمكن للحرارة من مصدر الضوء الاصطناعي أن تحرق نباتك إذا لم تكن حريصاً.

لكي تنمو النباتات تحتاج إلى ضوء بأطوال موجية زرقاء لتنمو أوراقها، وهذا يعني أنَّ الأضواء الاصطناعية ذات الطول الموجي الأزرق من شأنها أن تساهم في نمو أوراق النباتات، كما تحتاج النباتات أيضاً إلى أضواء ذات طول موجي أحمر للإزهار والإثمار، وهذا يعني أنَّ الأضواء الاصطناعية التي تنبعث منها أطوال موجية حمراء تناسب النباتات المزهرة والمثمرة.

ما هو الضوء الاصطناعي الأفضل للنباتات؟

لقد أثبتنا أنَّ النباتات يمكن أن تنمو عبر الأضواء الاصطناعية بشكل فعال، والآن دعونا نلقي نظرةً على أفضل الأضواء الاصطناعية المستخدَمة في نموها، ولتحديد أي الأضواء الاصطناعية هي الأفضل لتطوير النباتات، يجب أن نفكر في الطول الموجي للضوء الذي تنبعث منه وكمية الحرارة التي تنتجها.

أحد الخيارات الجيدة هو مصابيح الفلورسنت، فهي مصدر ضوء بديل شائع الاستخدام لنمو النبات، وتأتي في شكلين؛ الأنابيب الطويلة التقليدية أو المصابيح الكهربائية المدمجة الأكثر تطوراً؛ إذ تدوم مصابيح الفلورسنت لفترة طويلة جداً دون توليد الكثير من الحرارة، ويمكن وضعها بالقرب من النباتات لإطلاق التأثير الكامل للضوء.

على الرغم من أنَّ مصابيح الفلورسنت تنتج الكثير من الضوء الأزرق الذي تتطلبه النباتات لنمو أوراقها، إلا أنَّها تفتقر إلى الألوان الحمراء التي لا تقل أهميةً عن الأزرق، ولمواجهة ذلك يمكنك اختيار مصابيح الفلورسنت الأكثر بياضاً المتاحة لديك أو استكمال استخدام المصباح الأبيض مع مصباح أكثر توهجاً.

يُعَدُّ المصباح المتوهج وحده خياراً رائعاً آخر للضوء الصناعي، فالضوء الذي يصدره هو بخلاف ما ينبعث من المصابيح الفلورية؛ إذ تطلق أضواءً دافئةً غنيةً بالطول الموجي الأحمر، وبينما تعزز الأضواء الحمراء الإزهار في النباتات، ما تزال الأضواء الزرقاء هامةً أيضاً ولا غنى عنها.

تنتج المصابيح المتوهجة قدراً كبيراً من الحرارة، ونتيجةً لذلك يجب دائماً إبعادها بمقدار قدم واحدة على الأقل عن نباتاتك، كما تصدر مصابيح الهالوجين والبستنة طيفاً كاملاً من الضوء، وهذا جيد للنباتات، ولكنَّ الجانب السلبي لاستخدامها هو أنَّها تولد كميةً عاليةً جداً من الحرارة، كما أنَّها باهظة الثمن، ونتيجةً لذلك قد لا تكون الخيار الأفضل لمصدر ضوء بديل.

أعراض عدم كفاية الضوء للنباتات:

عندما تفتقر النباتات إلى الضوء، يظهر عليها أعراض معينة ومحددة، لذلك من السهل معرفة متى لا تحصل نباتات منزلك على ما يكفي من الضوء، ومن الأفضل تحديد جودة وكمية الضوء الطبيعي القادر على دخول مساحتك قبل التفكير في الحصول على نبتة أو بذرة، وبعد القيام بذلك يمكنك تحديد النباتات ذات متطلبات الإضاءة المتوافقة مع إعدادات الإضاءة الداخلية.

  • في حين أنَّ النبات قد يتحمل الإضاءة المنخفضة، ولكنَّه قد يحتاج إلى مزيد من الضوء لينمي أوراقاً كثيفةً وأزهاراً، وإذا كانت نباتاتك تعاني من أي من الأعراض الآتية، فقد تحتاج إلى مزيد من ضوء الشمس.
  • إن كان النبات الخاص بك ينمو هشاً ونحيلاً ويحتوي على أوراق متفرقة تنمو متباعدة، فهي علامة على أنَّه يحتاج إلى مصدر أفضل للضوء.

عندما توضع نباتات المنزل في مكان لا تحصل فيه على ما يكفي من ضوء الشمس، فإنَّها تميل إلى إنماء سيقان وفروع طويلة ونحيلة، كما لو كانت تحاول الوصول إلى الضوء، وينتج عن هذا نبات غير صحي المظهر.

بالمثل قد تلاحظ نمو نباتاتك في اتجاه النوافذ أو المناطق التي تحتوي على مصدر إضاءة أفضل، ونتيجةً لذلك قد تصبح الجوانب التي لا تتعرض لمصدر الضوء سميكةً مع مرور الوقت، بينما يصبح الجانب المائل نحو مصدر الضوء أكثر رقةً.

  • أيضاً هل نباتك يزهر بالداخل أم أنَّه يعيش فقط؟

إذا لم ينتج نباتك أي نمو جديد منذ شهور، فمن المتصور أنَّه في حاجة ماسة إلى ضوء الشمس.

في الختام:

يتعلم الباحثون المزيد عن مصادر الضوء الاصطناعي وكيف يمكنهم تحسينها لتكون أكثر فائدةً لنمو النباتات، ونأمل أن تؤدي المعرفة المتعمقة بكيفية عملها إلى تحسين تقنيات الإضاءة الاصطناعية، فهناك غرف إنماء متواضعة وبأسعار معقولة يمكن أن تعمل تماماً مثل الشمس بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون في شقق لا تحصل على الكثير من الضوء الطبيعي، فقط تأكد من أنَّ الضوء غير متصل طوال الوقت؛ وذلك لأنَّ الكثير من الضوء يمكن أن يضر نباتاتك.