منوعات

توالت المصائب بعد الزواج منها

السؤال:

الملخص:

شاب عمره ٣٣ سنة، متزوج وله بنتان، كان يعمل بالكويت، يدَّعي أن المصائب حلَّت عليه بعد الزواج، ويتهم زوجته بسوء الخلق، ابتُليَ بديون وأمراض، كان على معصية وتاب منها، يصارع نفسه والشيطان بين الالتزام بالطاعة والعودة للمعصية، تكالبت على الهموم والفقر والديون، ويسأل: كيف المخرج من هذه المشكلة؟

 

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا شاب في الثلاثة والثلاثين من عمري، متزوج، ولديَّ بنتان، كنت أعمل بالكويت، رُزقت بزوجة سليطة اللسان، عانيت معها أشد العناء، توالت عليَّ المصائب بعد الزواج منها؛ فقد أُصبتُ بورمٍ في المخ، وفقدتُ عيني، وتراكمت عليَّ الديون، لقد أذنبتُ من قبل زواجي ذنبًا، أظن أن الله عاقبني به، ولكنني تركته، وتُبتُ إلى الله، رغم أن نفسي تراودني أحيانًا لكني أسيطر عليها، وبرغم توبتي، عانيت الفقر والديون وغلق الأبواب، أحاول الالتزام بطاعة الله وذكره، لكن همومي تغلبني، وديني أحاول سداده، لكن لا أستطيع، أرجوكم أرشدوني إلى طريقة تنفرج بها همومي.

الجواب:

١- أنت في نعمة؛ حيث أكرمك الله بالتوبة من المعاصي، وجعلك تشعر بعظمة من عصيته، ووفقك للتوبة، فاثبت عليها، وعضَّ عليها بالنواجذ، واسأل الله الثبات على الطاعة حتى الممات.

 

٢- أعظم وسائل الثبات على الطاعة توحيد الله تعالى، والبعد عن الشرك، وعن البدع والمشعوذين، والكهنة والسحرة، وإقامة الصلاة، وكثرة الذكر، وقراءة القرآن، والدعاء، وكثرة الصلاة على النبي، ومراقبة الله في الخلوات.

 

٣- إذا صدقت في التجائك إلى الله، صدقك الله، وسيفرج الله همك، وينفِّس كربك، ويذهب همومك؛ قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، فكلما كنت واثقًا بالله تعالى في دعائك وتضرعك، استجاب الله لك.

 

٤- الزواج نعمة كبيرة من الله، وليس كما يتصوره البعض أن النكاح سبب للفقر، والديون، بكثرة المصاريف، بل هو مفتاح من مفاتيح الرزق، إذا نوى الشاب إعفاف نفسه، وتحصين فرجه، وطلب الذرية؛ تكثيرًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة حقٌّ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))؛ [رواه الترمذي بسند حسن]؛ لذا لا تتصور – أخي الكريم – أن زواجك سبب في فقرك أو تحملك للديون، فقط احتسب الأجر عند الله، وتكون ثقتك بالله تعالى قوية، وأنه هو الرزاق ذو القوة المتين، وانظر لزواجك أنه بركة عليك وتوفيق من الله تعالى لك.

 

٥- بالنسبة لزوجتك، لا تحكم عليها بأنها سيئة الخلق كما عبرت في رسالتك؛ فالزوجة إذا كانت عابدة لله، مصلية، قائمة بشرائع الإسلام، فهذا خير كبير، يبقى التعامل والسلوك، من الأقوال والأفعال، هذه تكون بين الزوجين، لا بد من مراعاة كل منهما الآخر، والتغافل والتسامح، والتماس الأعذار بينهما، ولتعلم – أخي الزوج – أن في زوجتك جوانبَ إيجابية طيبة، قد تغطي على بعض السلبيات؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المرأة كالضلع؛ إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيها عِوج))، وفي رواية أخرى: ((استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن خُلِقْنَ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يَزَلْ أعوج؛ فاستوصوا بالنساء خيرًا))؛ [صحيح البخاري]، وعلى هذا لا بد من مصاحبتها على ما هي عليه، ومعاملتها بالحسنى، وهذا لا يمنع من إرشادها للصواب حال الخطأ، وإن كنت قاسيًا في تعاملك معها، فظًّا غليظ القلب، فلن تتحمل ذلك بوضعها النفسي والعضوي؛ لذا جاء التأكيد في الحديث بالوصية بالرفق والرحمة بالنساء.

 

٦- أوصيك بالآتي لذهاب همومك وغمومك:

أ- أكْثِرْ من ذكر الله تعالى وحمده، وشكره، واعلم أن الله الذي خلقك وهو المتكفِّل برزقك؛ ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22]، فقط عليك بفعل الأسباب المشروعة في طلب الرزق، والسعي في الأرض، مع التوكل على الله في ذلك.

 

ب- المحافظة على الصلاة وإقامتها جماعة في وقتها؛ فهي مفتاح كل خير، وصلة دائمة بين العبد وربه.

 

ج- البحث عن الصحبة الطيبة التي تعينك على طاعة الله، والبعد عن رفقاء السوء، الذين يبعدونك عن طاعة الله.

 

د- معاملة زوجتك باللين والرفق، وفتح صفحة جديدة في حياتكما، على طاعة الله ورسوله.

 

هـ – البعد عن القنوط من رحمة الله تعالى، واليأس من الوضع الذي تعيش فيه؛ فكل هذا باب يفتح للشيطان ليدخل إلى القلب ليفسده.

 

و- يكون لك وِرْدٌ من القرآن الكريم يوميًّا؛ قراءة وتدبرًا، وتفكرًا وتفهمًا.

 

ح- اجعل لك نصيًا من قيام الليل، تخلو به مع نفسك، وتسأل الله تعالى وتدعوه وتتضرع إليه، بكشف الضر.

 

ط- حافظ على التوبة النصوح، واسأل الله الثبات على دينه، وصلاح القلب والعمل.

 

أسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويصلح قلبك وزوجك، ويقضي دينك، ويثبتك على دينه حتى تلقاه.