منوعات

قم بتغيير بيئتك من أجل عادات أكثر إنتاجية

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون تايلر ترفورين (Tyler Tervooren)، ويخبرنا فيه عن تجربته في تغيير البيئة التي يعمل بها ليصبح أكثر إنتاجية.

واجهت أمريكا في سبعينيات القرن الماضي مشكلة كبيرة عندما كانت حرب فيتنام على وشك الانتهاء والجنود يعودون إلى ديارهم، وهي الإدمان على الهيروين، فقد ساد الذعر على نطاق واسع، ووُضعت خطة لهذا الأمر؛ إذ احتُجز الجنود المدمنون حتى يتعافوا ثم يرسَلون إلى منازلهم بعد أن يوصف لهم العلاج بالميثادون (والذي يستَخدَم لعلاج اضطراب استهلاك المواد الأفيونية)؛ ومن ثمَّ يُتابعَون بعناية لمراقبة الانتكاسات.

لكن لم تُنفَذ هذه الخطة حقاً؛ إذ تبين أنَّه لم يكن ضرورياً؛ فقد عاد الجنود إلى ديارهم، وفي الغالب تخلصوا من إدمانهم واندمجوا مع المجتمع، وكانت نسبة من انتكس من هؤلاء الجنود أقل من 5%، فقد أدى تغيير بسيط في المشهد إلى معالجة إدمانهم.

لقد كشفت أبحاث متابعة العلاج التي أُجريت طوال عقود السبب في أنَّ البيئة التي تعيش فيها – ما يحيط بك – لها تأثير عميق في الطريقة التي تتصرف بها، وأنَّ البيئات المختلفة تشجع عادات مختلفة.

شاهد بالفيديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية

 

1. عاداتك هي نتاج بيئتك:

بماذا تفكر عندما تجلس أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك لقراءة بريدك الإلكتروني؟ ربما لا شيء، ولكن عندما تكرر الفعل نفسه مراتٍ عديدة وفي المكان نفسه، يمكن للدماغ حينها أن يعتاد على ما تقوم به دون الحاجة إلى تذكر الطريقة التي تفعل بها ذلك.

إذ يبدو أنَّ تفقد بريدك الإلكتروني هو مهمة بسيطة؛ ولكنَّه ليس كذلك في الحقيقة، ولفهم السبب، تخيل أنَّك كنت في هذا المكان قبل 100 عام، وأنَّك لم ترَ جهاز كمبيوتر من قبل.

ما هي الخطوات والحركات والمعلومات التي يجب أن تتعلمها قبل أن تتمكن من قراءة بريدك الإلكتروني؟ كم من الوقت ستستغرق معرفة كيفية تشغيل جهاز الكمبيوتر الخاص بك؟

مع ذلك، ها أنت ذا عندما تجلس على مكتبك ستتصرف بما تملي عليك عادتك وأنت داخل صندوق الوارد الخاص بك دون أن تبذل جهداً، إذاً هذه هي الطريقة التي تسير بها العادات.

في الوقت نفسه، إذا لم تكن أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك ووُضِع هاتفك بعيداً، فربما لا تفكر في البريد الإلكتروني؛ إذ يمكنك أن تقضي طيلة اليوم في الواقع دون أن يخطر في بالك، لكن بمجرد أن تجلس أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك مرة أخرى ستتذكر مباشرة وتبدأ بقراءة بريدك الإلكتروني.

إذاً يوجد ارتباط خاص بين الأشياء التي تفعلها والأماكن التي تنفذ بها هذه الأشياء، وهذا أمر بالغ الأهمية لمعرفة ما إذا كانت لديك عادة سيئة تريد التخلص منها أو عادة منتجة تريد أن تطورها.

2. تغيير البيئة لتغيير العادة:

أنا أحافظ على جدول عمل صارم جداً، وقادر على إحراز تقدُّم في أهم مشاريعي كلَّ يوم على الرَّغم من عدم وجود رئيس ليحدد أولوياتي أو يحدد مواعيد نهائية.

بالطبع، تمر بعض الأيام أسهل من غيرها، وفي الأماكن الصعبة، يوجد مكان واحد يمكنني دائماً الذهاب إليه للعمل دون معاناة وهو المقهى، وبمرور الوقت، نشأ رابط نفسي بين أن أكون في مقهى وأن أكون منتجاً، فعندما أذهب إلى المقهى تصبح الأولويات أكثر وضوحاً ويصبح العمل الجاد أسهل.

عادةً ما أجد نفسي أشعر بهذه الطريقة في مقهى ستاربكس (Starbucks) – إنَّه مريح – لكن يمكن أن يكون أيُّ مقهى مشابهاً؛ لذا لجأت إلى المقهى مراراً وتكراراً في أكثر لحظات التسويف يأساً، وفي النهاية اعتاد جسدي وعقلي على أن يكونا منتجين في تلك الأماكن.

فإذا كنت قد لجأت إلى حوض الاستحمام أو منتجع بدلاً من ذلك، فمن المحتمل أن تكون هذه الأماكن قد أعطت النتيجة نفسها، ويمكن أيضاً ربط العادات سواء كانت جيدة أم سيئة بالمشاعر والظروف التي تأتي مع البيئة.

إذ توضح ويندي وود (Wendy Wood) إحدى الباحثات الرئيسات عن الجنود المدمنين على الهيروين في السبعينيات أنَّه بمجرد ارتباط شعور معين بالبيئة، يمكن أن يقود المكان سلوكك سواء كنت ترغب في ذلك أم لا، وتقول وود: “نحن لا نشعر بأنَّنا مدفوعون من قبل البيئة، لكن في الواقع نحن مندمجون جداً معها”.

هذا ما يفسر سبب إدمان الجندي الذي يعاني جحيم الحرب على الهيروين في مكانٍ بعيدٍ جداً، لكن حالما يعود ويستقر في وطنه تختفي المشكلة، وهو يعطي فكرة عن السبب الذي يجعل إعطاء منازل للمشردين يؤدي إلى نتيجة مماثلة؛ إذ إنَّه من الصعب والأقل فاعلية التخلص من إدمان المخدرات في البيئة نفسها التي أنتجته في المقام الأول.

كلُّ ما يجب قوله: إذا كنت تريد التوقف عن إضاعة الوقت في الصباح، فإنَّ الخطوة الأولى هي العثور على مكان مختلف تذهب إليه عندما تستيقظ.

3. حدد البيئة التي تدفعك إلى ممارسة السلوك:

حاول للتخلص من عادة سيئة أن تلاحظ أين توجد غالباً عندما تمارس تلك العادة السيئة؛ إذ تسيطر البيئة التي توجد فيها على عقلك وإلى أن تعرف أين تحدث هذه الأشياء ستكون عاجزاً نسبياً عن تغييرها.

  1. هل تميل إلى إضاعة الوقت بين المهام عندما تكون أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك؟ حاول العمل دون اتصال بشبكة الإنترنت من أجل إتمام مهامك الأكثر أهمية.
  2. لا يمكنك التركيز عندما تكون في حجرة؟ ابحث عن غرفة اجتماعات فارغة أو توجه إلى المقهى.
  3. ترتكب الأخطاء دائماً عندما تعمل من المنزل؟ ارتدِ ملابسك واذهب إلى المكتب لأداء مهامك الهامة.

في الختام:

عندما تحدد المكان الذي من المرجح أنَّك تفعل فيه الأشياء التي لا ترغب في فعلها، ستحسن احتمالات توقفك عنها فعلياً، وينطبق الشيء نفسه على إنشاء عادات إنتاجية جديدة؛ فإذا كنت ترغب في الحصول على أفضل فكرة لبدء عادة والالتزام بها، فاختر مكاناً ستفعل فيه ذلك دائماً.