منوعات

كيف تحقق النجاح من خلال التركيز على عاداتك اليومية؟

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب “مارك كرنوف” (Marc Chernoff)، ويتحدَّث فيه عن أهمية المثابرة على العادات اليومية الإيجابية في تحقيق النجاح.

لكنَّها وبمجرد أن رأت الطلاب الموجودين في مضمار الجري، أحسَّت بالخجل؛ لذلك قرَّرت الانسحاب، وبينما كانت تعود أدراجها رآها المدرِّب “أوليري” (O’Leary) وركض باتجاهها وأوقفها.

أراد المدرِّب أن يقنعها بالقيام بالاختبارات، لكنَّها أصرَّت أنَّ وزنها الزائد لن يساعدها، وأنَّها لن تخسر وزنها الزائد أبداً، فأجابها المدرِّب أنَّها مُحِقَّة بشأن أنَّ لديها وزناً زائداً، لكن بالنسبة إلى شكل جسمها فإنَّها تحتاج فقط إلى خسارة نحو 20 كيلو غراماً ليتناسب وزنها مع شكل جسمها.

بدت سارة مرتبكة؛ وذلك لأنَّ معظم الناس أخبروها أنَّها يجب أن تخسر نحو 60 كيلوغراماً، بينما يخبرها المدرِّب أنَّها تحتاج إلى أن تخسر 20 كيلو غراماً فقط، لكنَّ المدرب أصرَّ على ما قاله.

بدأت سارة تتنافس في لعبة (رمي الكرة الحديدية)، في حين كانت تتدرَّب على الجري مع باقي أعضاء الفريق يومياً في فترة بعد الظهر، وكان لديها روح تنافسية قوية، وفي نهاية السنة الأولى من مرحلة التعليم الثانوي خسرت سارة أكثر من 20 كيلوغراماً من وزنها، وحازت على المركز الثاني في رياضة رمي الكرة الحديدية على مستوى المقاطعة في ذلك العام. وبعد ثلاث سنوات وفي السنة الأخيرة، فازت بالمركز الثالث في سباق العشر كيلومترات، وكانت تزن حينها نحو 59 كيلوغراماً.

قبل ذلك كانت سارة مقتنعة تماماً بأنَّه من المستحيل أن تخسر وزنها الزائد، والسبب أنَّه لم يسبق لها أن مارست الرياضة بالطريقة التي كانت تتمناها؛ ولذلك فقدت ثقتها بنفسها تماماً. لكن، مع التمرين المستمر والروتين اليومي الذي يشمل التدريب مراراً وتكراراً، استعادت سارة ثقتها بنفسها وحقَّقت ما كان يبدو لها في السابق أمراً مستحيلاً؛ إذ حضرت حفلة عيد ميلادي مؤخراً وفاجأت الجميع برشاقتها ولياقتها البدنية.

تواظب سارة لغاية الآن على التدريب الجاد، وهي تحاول الحفاظ على الإنجاز الذي حققته، وما حدث مع سارة يحدث مع الجميع؛ إذ نفقد جميعنا في مرحلة ما إيماننا بأنفسنا، لكن بالطبع يمكن أن نستعيده.

جميعنا نفقد إيماننا بأنفسنا:

يظنُّ بعض الأشخاص أنَّه وبصفتي كاتباً ذائع الصيت في مجلة “نيويورك تايمز” (New York Times)، فإنَّه من المستحيل أن أفقد إيماني بنفسي أبداً، وخاصةً أنَّني أمضيت عقداً من الزمن أكتب وأُعلِّم الآخرين كيف يحقِّقون مزيداً من النجاح والسعادة في حياتهم، فمن المستحيل أن أكون قد فشلت في أي مجال من مجال من مجالات الحياة.

لكنَّني في النهاية مجرد إنسان؛ إذ إنَّني أخفقتُ عدة مرات، وفشلت فشلاً ذريعاً أكثر ممَّا يتخيَّله بعض الأشخاص وأكثر ممَّا يمكنني الاعتراف به، وكباقي البشر عندما أفشل أشعر بالضيق وأفقد ثقتي بنفسي في كثير من الأحيان.

أعلم في قرارة نفسي أنَّ هذه المشاعر السلبية التي تأتي عقب الفشل ضارَّة؛ لذلك سرعان ما أتقبَّل ما حدث وأحاول الاستفادة من التجربة ومن ثمَّ أحاول من جديد، والخطوة الأخيرة، أعني المحاولة من جديد، هي الأهم، وإليك أمثلة عن الإخفاقات التي أقع فيها باستمرار وكيف أتعامل معها:

  • أخفق بالالتزام بنظام غذاء صحي وممارسة التمارين الرياضية، ولكنَّني أحاول الالتزام مجدداً.
  • أخفق في منح ذاتي الحب أحياناً، لكنَّني لا أستسلم وأحاول مجدداً.
  • أخفق في أن أكون أباً رائعاً في بعض الأحيان، خاصةً عندما أعاني من ضغوطات في العمل، لكنَّني أستمر بالمحاولة وغالباً ما أنجح في إسعاد ابني.
  • أخفق في كتابة المقالات أحياناً، أقوم بمحاولات عديدة لا تنال إعجابي، لكنَّني في النهاية أنجح في كتابة مقال يعجبني.

الفكرة هي أنَّ المحاولة مراراً وتكراراً غالباً ما تنتهي بالنجاح، وتجعلك تشعر بمزيد من الثقة بنفسك على الأمد الطويل.

لذلك؛ النصيحة الأساسية في هذا المقال، هي أن تستمر بالمحاولة، وإعطاء نفسك فرصة ثانية، فذلك هو أساس النجاح.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لتقبّل الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

YouTube video
 

ما تفعله مراراً وتكراراً يحدِّد هويتك:

تتحقق كثير من الأشياء الهامَّة في حياتك، من إنجازات وعلاقات ومشاعر، بالإضافة إلى الدروس التي تتعلَّمها من التجارب، بفضل الأشياء البسيطة التي تكرِّرها يومياً، وبصرف النظر عن مواهبك الفريدة، وما تمتلكه من معرفة، وعن ظروف حياتك، وتعريفك للنجاح والسعادة، فإنَّك لا تصبح ناجحاً وسعيداً فجأةً.

إذ تصبح ناجحاً وسعيداً مع مرور الوقت، وبناءً على مقدار ما تمتلكه من إرادة لإعادة المحاولة مراراً وتكراراً حتى تنجح أخيراً بإنشاء عادات يومية بسيطة تؤدي إلى التقدُّم تدريجياً، سواء في ظل الظروف الجيدة أم السيئة.

إذن، يجب أن تركِّز على عاداتك اليومية؛ بمعنى أنَّه يجب أن تتحقَّق من أنَّ عاداتك اليومية تساعدك على تحقيق النجاح من خلال الاستمرار باتباع العادات المناسبة لك يومياً، ويحدث الفشل أيضاً من خلال الاستمرار بالعادات غير المناسبة؛ إذ تتراكم الإخفاقات الصغيرة التي لا تحولها إلى فرص للتعلُّم لتؤدي في النهاية إلى فشل ذريع.

لنأخذ مثالاً عن تأسيس شركة:

  • تفشل باستمرار في التحقق من الحسابات.
  • تفشل باستمرار في إجراء الاتصالات الضرورية.
  • تفشل باستمرار بالإصغاء إلى الزبائن.
  • تفشل باستمرار في ابتكار شيء جديد.
  • تفشل باستمرار في الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي تؤدي إلى نتائج كبيرة.

ثمَّ يفشل مشروعك فشلاً كاملاً، لكن لم يحدث ذلك فجأةً، لقد حدث بسبب الأشياء البسيطة التي أهملتها أو الأخطاء البسيطة التي لم تتعلَّم منها، لقد فشلت لأنَّك لم تتبنَّ عادات تساعد على تحقيق النجاح، ومن ثمَّ لم يكن هذا الفشل بمحض الصدفة أو عبارة عن كارثة غير متوقعة.

حياتك هي بمنزلة مشروعك أيضاً؛ لذلك تذكَّر دوماً أنَّ الأغلبية العُظمى من النتائج السلبية أو الإيجابية على حدٍّ سواء هي بسبب عديد من القرارات البسيطة التي اتخذتها خلال حياتك، وهي بسبب العادات البسيطة التي تقوم بها يومياً.

يبالغ الناس كثيراً في تقدير أهمية الأحداث المفصلية، ويتجاهلون أهمية القرارات الجيدة والعادات البسيطة التي تؤدي إلى التقدُّم تدريجياً، مع أنَّ هذه القرارات والعادات هي ما يؤدي إلى هذه الأحداث الحاسمة.

الالتزام بالعادات الإيجابية مفهوم واضح ولكن من الصعب المواظبة عليه:

مبدأ الالتزام اليومي بالعادات أو الخطوات التي تؤدي إلى التقدُّم تدريجياً واضح لدرجة أنَّ الكثيرين يرونه مبتذلاً، لكن كثيراً ما نجد أنفسنا متعطشين للنتائج السريعة ونتوق للإشباع الفوري؛ إذ نرغب في رؤية النتائج سريعاً، ونريد أن نحقِّق ما نطمح به حالاً؛ ولذلك نقع في خطأ السعي المحموم نحو النجاح.

رأيت أنا وزوجتي “آنجل” (Angel) خلال تقديمنا للكوتشينغ المئات من الأمثلة على هذه الحالة؛ إذ قابلنا أشخاصاً يريدون تحقيق هدف أو عدة أهداف كبيرة دفعةً واحدة، وأيضاً لا يستطيعون الالتزام بعادة أو عادتين على مدار اليوم، ومن ثمَّ لا يحقِّقون أي تقدُّم، فيفقدون إيمانهم بأنفسهم.

إذا أردت النجاح، فعليك أن تتخلَّص من هذه العقلية، لا داعي للأوهام، فلا يمكنك خسارة الوزن الزائد في يوم واحد، لكن يمكنك خسارة الوزن الزائد تدريجياً، بضعة كيلوغرامات كل شهر، ومن خلال المواظبة على العادات الصحيحة واليومية ستصل للوزن الذي تريده.

حاول قدر المستطاع أن تركِّز بوعي على العادات، بدلاً من التركيز على الهدف الكبير؛ لأنَّ العادات هي ما يقودك لتحقيق الهدف؛ لذلك ضع في حسبانك ما يأتي:

  • إذا كنت تتنافس في مجال الرياضة، فإنَّ هدفك هو الفوز في المنافسات، لكنَّ العادات هي الوقت الذي تخصِّصه يومياً للقيام بالتمارين.
  • إذا كنت طالباً في المرحلة الجامعية، فإنَّ هدفك هو التعلُّم والحصول على إجازة جامعية، أمَّا عاداتك فهي برنامجك الدراسي اليومي.
  • إذا كنت أباً، فإنَّ هدفك هو أن تكون نموذجاً يُحتذى به من قبل أبنائك، أمَّا عاداتك فهي الوقت والجهد الذي تخصِّصه يومياً لتكون مَثَلاً أعلى لأبنائك.
  • بصفتك إنساناً، فإنَّ هدفك هو أن تعيش حياةً سعيدة وذات مغزى، أمَّا عاداتك فهي الخطوات البسيطة والإيجابية التي تتخذها يومياً حتى تحقق السعادة.

إذا توقفت عن التركيز على أهدافك الكبيرة لبعض الوقت وركزَّت على عاداتك اليومية التي تؤدي إلى هذه الأهداف، فقد تتساءل هل ستتمكَّن من تحقيق التقدُّم؟ على سبيل المثال، إذا كنت تحاول أن تخسر الوزن الزائد ولكنَّك توقفت عن التفكير في هدفك المُتمثِّل بخسارة 10 كيلوغرامات، وركَّزت على تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية يومياً، فهل ستستمر بخسارة الوزن؟ الإجابة هي طبعاً ودون شك، بل وتدريجياً ستصل إلى الوزن الذي تريده، ولن تعود إلى اكتساب الوزن الزائد طالما أنَّك مثابر على هذه العادات”.

قد تقول لنفسك: لكن ماذا لو أخفقت في الالتزام بهذه العادات في يوم من الأيام؟ ببساطة تقبَّل الأمر، ولا توبِّخ نفسك، ومن ثمَّ أعد المحاولة، وستصل إلى هدفك تدريجياً.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

YouTube video
 

استعادة إيمانك بنفسك:

يمكن القول إنَّ استعادة إيمانك بنفسك هي أهم فائدة من الالتزام بالعادات اليومية الإيجابية، والتي تتطلَّب منك المحاولة مراراً وتكراراً، فما كنت أفتقر إليه قبل أن أتعلَّم تطبيق هذه العادات اليومية هو الإيمان بأنَّني قادر بالفعل على تحقيق النتائج الإيجابية التي كنتُ أرغب فيها في حياتي.

لقد جرَّبتُ كثيراً من الحلول السريعة في الماضي والتي انتهت بالفشل، وأصبحت محبطاً جداً، فضلاً عن فقدان الثقة بنفسي، لدرجة أنَّني بدأت لا شعورياً بالتسويف في كل مرة كنت أقطع فيها عهداً على نفسي بأنَّني سأعيد المحاولة وألتزم بالوعود البسيطة المُتمثِّلة بالتعلُّم وتطوير الذات وتحقيق تقدُّم بعدة مجالات.

في الختام:

صلب المشكلة هو أنَّني فقدت الثقة في قدراتي وبنفسي؛ إذ يشبه الأمر أن يكذب عليك أحدهم باستمرار وفي النهاية لا تعود قادراً على الوثوق به، وينطبق الشيء نفسه على الوعود الصغيرة التي تقطعها على نفسك والتي تنتهي دائماً بخيبة الأمل؛ ففي النهاية، تتوقف عن الوثوق بنفسك.

الحل في معظم الحالات هو أن تستعيد إيمانك بنفسك: عليك أن تستعيد إيمانك وثقتك بالتدريج، من خلال تحقيق إنجازات صغيرة، والقيام بخطوات بسيطة، وهي ما سميناه العادات اليومية؛ إذ ستستغرق هذه العملية وقتاً، ولكنَّها تحقِّق نتائج مذهلة إذا التزمت بها، وهي بلا شك واحدة من أهم الأشياء التي تغيِّر حياتك، والتي يمكنك القيام بها من أجل سعادتك.