منوعات

اضطراب الطلاقة الكلامية: أعراضه أسبابه وعلاجه

يؤثر هذا الاضطراب في ثقة المتحدث بنفسه، ويجعله يفضِّل الصمت في معظم الأحيان، ولكنَّه – وبفضل التقدم الطبي – أصبح قابلاً للحل، ولأنَّ التأتأة حالة شائعة بين الأطفال قررنا في هذا المقال أن نسلط الضوء على اضطراب الطلاقة الكلامية، ونشرح أعراضه وأسبابه وطرائق علاجه.

ما هو اضطراب الطلاقة الكلامية؟

يمكن تعريف اضطراب الطلاقة الكلامية على أنَّه اضطراب كلامي يشار إليه عادة بالتأتأة أو التلعثم؛ إذ يدرك الشخص المصاب فيه ما يريد أن يقول، ولكنَّ قدرته على الحديث تخونه، ولا يسعفه ذهنه بالكلمات مباشرةً، وقد يبدأ اضطراب الطلاقة الكلامية في مرحلة الطفولة، ويعني وجود مشكلات عديدة في تدفق الكلام والتحدث بشكل طبيعي طليق.

من أمثلة اضطراب الطلاقة الكلامية إطالة أو تكرار الكلمة أو مقطع منها أو صوت ساكن أو أحد حروف العلة أو التوقف التام عن النطق بسبب الوصول إلى كلمة تسبب مشكلة للشخص المصاب باضطراب الطلاقة الكلامية، وهو يتسبب بمشاعر من الإحراج والقلق وعدم الراحة في أثناء التحدث للطفل أو الشخص الذي يعاني منه.

ينتشر اضطراب الطلاقة الكلامية (التلعثم) بين الأطفال الصغار، ويُعَدُّ حالة شائعة وطبيعية في أثناء تعلمهم التحدث، ويكون مرد ذلك إلى تزاحم الأفكار في رؤوسهم الصغيرة وغياب المفردات التي تدل بدقة على ما يريدون، فيبحثون ضمن حصيلتهم اللغوية المحدودة عن كلمة تعبِّر عما يريدون قوله، وبالتأكيد فإنَّ هذه العملية تستغرق وقتاً لإيجاد الكلمة – إن وُجدت – فتكون التأتأة أو التلعثم.

لكنَّ هذا النوع من اضطراب الطلاقة الكلامية يتم التخلص منه خلال نمو الطفل، ويمكننا تشبيه هذا النوع من التلعثم الذي يتعرض له الأطفال بالتلعثم الذي يتعرض له شخص بالغ يحاول التعبير بلغة أجنبية تعلمها حديثاً ولا يمتلك مخزوناً لغوياً ثرياً فيها، فيستغرق وقتاً حتى يجد المفردة المعبرة عن الفكرة في رأسه، ويزول هذا التلعثم بممارسة اللغة بشكل مستمر ورفد المخزون اللغوي بمفردات عديدة، تماماً كما يحدث مع الأطفال في أثناء النمو.

لكن في بعض الحالات تستمر حالة التلعثم حتى مرحلة البلوغ، وهذا يؤثر تأثيراً سلبياً في ثقة المتحدث بنفسه وقدرته على التعامل مع الآخرين، فنراه يفضِّل الانطواء والعزلة، ويتجنب التحدث أمام أقرانه خوفاً من سخريتهم.

هنا – مرة أخرى – نشكر العلم على تقنياته التي تطورت لتعالج مثل هذه الحالات والتي أصبح فيها التخلص من اضطراب الطلاقة الكلامية ممكناً عن طريق علاج التخاطب أو العلاج المعرفي السلوكي أو عن طريق توظيف التكنولوجيا في هذه الرحلة العلاجية واستخدام الأجهزة الإلكترونية لتحسين الطلاقة في الكلام.

أعراض اضطراب الطلاقة الكلامية:

فيما يأتي أعراض اضطراب الطلاقة الكلامية، وهي مجموعة المؤشرات التي تدل على أنَّ هذا الطفل يعاني من التأتأة أو التلعثم، وهي ما يأتي:

  • مواجهة صعوبة في بدء نطق الجمل أو العبارات وحتى الكلمات.
  • مد الكلام أو بعض الحروف ضمن الكلمة.
  • تكرار كلمات معينة أو مقاطع أو أصوات مثل (ذهب أمس أمس إلى السوق، أو ذهب أم أم أمس إلى السوق، أو ذهب أمممممس إلى السوق).
  • تكرار كلمات أو مقاطع صوتية لا شأن لها بالحديث مثل (أأأ، مممم، ركز معي) كثيراً في أثناء الكلام، وخاصةً في أثناء الانتقال إلى كلمة تالية.
  • الكلام المتقطع ويعني وجود فترات صمت بين بعض الكلمات في أثناء الحديث أو بين مقاطع الكلمة حتى، وتشعر بأنَّ المتحدث نسي الكلمة التي تعبِّر عما يريد.
  • الشعور بالقلق وعدم الراحة حيال الاضطرار للتواصل مع الآخرين والتواصل بشكل محدود وغير فعال.

إضافة إلى هذه الأعراض التي تظهر على طريقة كلام المتحدث المصاب باضطراب الطلاقة الكلامية، نجد أعراضاً تظهر على لغة جسد الشخص الذي يعاني من اضطراب الطلاقة الكلامية، أهمها:

  1. توتر في الوجه أو الجزء العلوي من الجسد في أثناء نطق الكلمات، ويظهر ذلك على شكل تيبُّس في حركتهما أو فرط في حركتهما.
  2. طرف الجفنين بسرعة.
  3. رجفان الفك أو الشفتين.
  4. شد قبضة اليد.
  5. حركات وجه لا إرادية.
  6. نفضات لا إرادية للرأس.

تجدر الإشارة إلى أنَّ معظم المصابين باضطراب الطلاقة الكلامية لا يعانون من التلعثم أو التأتأة في أثناء التحدث لأنفسهم أو في أثناء الغناء، لكن في أثناء التحدث وسط مشاعر من التعب أو الخوف أو الإثارة أو الخجل أو العجلة أو تحت أي ضغط فتتفاقم حالات التلعثم، وخاصةً في حال وجود مجموعة من الناس.

أسباب اضطراب الطلاقة الكلامية:

فيما يأتي أسباب اضطراب الطلاقة الكلامية التي أقرها الباحثون عند دراسة أسباب التلعثم؛ أي مجموع الأحداث أو السلوكات التي تسبب حدوث التلعثم أو التأتأة:

  • تشوه القدرة على السيطرة بحركات الكلام، مثل التآزر الوقتي والحسي والحركي.
  • العامل الوراثي؛ إذ يوجد في التاريخ العائلي للشخص المصاب باضطراب الطلاقة الكلامية فرد من عائلته على الأقل قد عانى من الموضوع، كون هذه الصفة تنتقل وراثياً فهي ناتجة عن تشوه في الجينات.
  • الإصابة بالجلطات أو اضطرابات الدماغ أو الإصابات الرضخية في الدماغ، وهذا ما يسمى التلعثم العصبي الذي يسبب بطء أو توقف الكلام أو تكرار الأصوات.
  • الأزمات والصدمات العاطفية والنفسية، وهذه الأزمات قد تجعل الطفل أو البالغ الذي لم يكن يعاني من اضطراب الطلاقة الكلامية يُصاب بالتلعثم أو التأتأة، فعند تعرُّض الطفل للخطف أو رؤية حادث سير مروع ذهب ضحيته فرد من عائلته، يمكن أن يؤثر ذلك في نطقه ويسبب له التلعثم وقد يفقد القدرة على الكلام.

كما أنَّ البالغين غير المصابين باضطراب الطلاقة الكلامية يمكن أن يصابوا بالتلعثم تحت تأثير الضغط أو الغضب أو الصدمة وغيرها من الجرعات الزائدة من المشاعر والعواطف.

شاهد بالفديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه

 

مضاعفات اضطراب الطلاقة الكلامية:

تؤثر مضاعفات اضطراب الطلاقة الكلامية في الشخص المصاب بها، وتنعكس على شخصيته عبر النقاط الآتية:

  1. يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الطلاقة الكلامية من مشكلات في التواصل مع الآخرين.
  2. يشعر المصابون باضطراب الطلاقة الكلامية بالقلق والحرج بشأن التحدُّث مع الآخرين.
  3. يسبب اضطراب الطلاقة الكلامية ميل الأشخاص إلى تجنب الحديث أو المواقف التي تتطلب الحديث، فلا يقفون عند نوافذ البيع، ولا يتطوعون لإلقاء كلمات أمام أقرانهم، ويتجنبون الدخول في المهن التي تتطلب طلاقة في الحديث كالتدريس أو الاستقبال.
  4. انخفاض الثقة بالنفس، وما يترتب على ذلك من شعور بالضعف أو الدونية أو الاستحقاق المنخفض.
  5. الانعزال وتجنُّب الانخراط في النشاطات المدرسية والعملية والاجتماعية، مثل رحلات التخييم أو الاجتماعات العائلية الكبيرة.
  6. تعرُّض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الطلاقة الكلامية للتنمر والمضايقة من قِبل إخوتهم وأقرانهم، كما يتعرضون للسخرية ومحاولات التقليد من قِبل المزعجين، وهذا يزيد الأمر سوءاً.

علاج اضطراب الطلاقة الكلامية:

يكون علاج اضطراب الطلاقة الكلامية عن طريق اختصاصي أمراض تخاطب ولغة، فهو الأضلع باختيار طريقة العلاج المناسبة المستنتجة من أسباب حدوث اضطراب الطلاقة الكلامية الذي يختلف من شخص إلى آخر، وهذا ما يجعل خطة علاجية معينة تُجدي مع شخص ولا تُجدي مع شخص آخر بسبب الاختلافات الفردية في المشكلة وأسبابها.

لكن عموماً يكون علاج اضطراب الطلاقة الكلامية عن طريق تعليم المصاب مهارات تطوير عملية التواصل الفعال، وتشجيعه على المشاركة في العمل والنشاطات الاجتماعية وفي المدرسة من أجل تحسين طلاقة الكلام.

من طرائق علاج اضطراب الطلاقة الكلامية نذكر:

1. علاج التخاطب:

هو أسلوب العلاج الذي يعلِّم المصاب كيفية إبطاء سرعة الكلام وملاحظة لحظة التلعثم، ويكون عن طريق التحدث ببطء في بداية عملية المعالجة ورفع سرعة التحدث تدريجياً فيما بعد.

2. العلاج بالأجهزة الإلكترونية:

صمم العلم أجهزة إلكترونية من أجل علاج اضطراب الطلاقة الكلامية وتعزيز الطلاقة، يتطلب إبطاء سرعة الحديث من أجل الارتجاع السمعي الآجل، وإلا فإنَّ الصوت سيخرج مشوَّهاً، كما توجد طريقة ثانية تحاكي حديثك فتبدو كأنَّك في محادثة منسجمة مع شخص آخر، ويوجد نوع آخر من الأجهزة الإلكترونية قابلة للتمزق تتطلب استشارة اختصاصي أمراض التخاطب واللغة من أجل معرفة كيفية اختباره.

3. العلاج المعرفي السلوكي:

هو من طرائق العلاج النفسي لاضطراب الطلاقة الكلامية يتم فيه تحديد أساليب التفكير التي تجعل الشخص يتلعثم في كلامه من أجل تغييرها، كما أنَّه يعالج مسببات التلعثم إذا ما كان مردُّها نفسياً كالقلق والتوتر وانخفاض الثقة بالنفس.

4. العلاج الأسري:

في هذا النوع من علاج اضطراب الطلاقة الكلامية تتحمل الأسرة مسؤولية متابعة منهج العلاج الذي يتلقاه الطفل لدى اختصاصي أمراض التخاطب واللغة، وتؤدي هذه المشاركة دوراً هاماً وفعالاً في مساعدة الطفل على التخلص من التلعثم.

5. العلاج الدوائي:

حتى الآن لم يتم إيجاد علاج دوائي لاضطراب الطلاقة الكلامية، ولقد خضعت الكثير من الأدوية للتجربة، إلا أنَّ واحداً منها لم يثبت فاعليته حتى الآن في حل هذه المشكلة.

في الختام:

إنَّ اضطراب الطلاقة الكلامية هو اضطراب كلامي شائع الحدوث لدى الأطفال بسبب ضعف مخزونهم اللغوي وكونهم مستجدين على عملية التحدث، وهو حالة طبيعية تتلاشى خلال النمو، ولكنَّها في بعض الحالات تستمر حتى البلوغ، وفي مثل هذه الحالات يتم التقصي وراء أسبابها من أجل أن يتلقى المصاب العلاج المناسب على يد اختصاصي أمراض التخاطب واللغة.