منوعات

زوجي يشاهد الإباحيات – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة اكتشَفت أن زوجها – وهو إمام مسجد – يشاهد المقاطع الإباحية، فذكَّرتْه بالله، وتسأل: هل تفعل معه شيئًا آخر؟

 

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي – والحمد لله – ذو أخلاق رفيعة، لكن علاقته معي ليست جيدة؛ فهو غير صريح، وإذا أراد الجماع، فهو يريد المبادرة مني، وإذا بادرت، فلا يمارسه معي جيدًا.

وضع زوجي جهاز تلفاز في السيارة لابننا، وذات مرة كان ابني يبكي، وطلب مني أن أشغل له اليوتيوب، وقبلها بأيام كنت قد وضعت له مقاطع، فقلت له: إنه لا يحتاج أن أكتب بالبحث، سأدخل السجل وأضع المقاطع مباشرة، وعندما دخلت السجل، وجدت مقاطع إباحية، صدمني الأمر؛ لأنه إمام مسجد ودائمًا يظهر لي أنه لا يهتم بالنساء، ولا يشعر بأي شعور تجاههنَّ، غضبت من المقاطع، وقلت له: اتقِ الله؛ فهو ينظر إليك، ولا تجعله أهون الناظرين إليك، وانتهى الموضوع، لكني أشعر أنه يجب عليَّ أن أفعل شيئًا، فما رأيكم؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فسأجيبكِ مباشرة؛ لأن مشكلتكِ واضحة جدًّا لا تحتاج إلى تلخيص عناصرها، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: ما دام زوجكِ على قَدْرٍ من الدين والأخلاق، وأيضًا إمام مسجد، فأرى أن تحسني الظن به، وألَّا تنظري له نظركِ للمجرم ولا للخائن؛ لأن إحسان الظن به، مع المناصحة الحكيمة – فيه إعانة له على الخير، بينما سوء الظن به وتسفيهه قد يقطع عليه حبل التوبة، ويؤدي به إلى الاستسلام للمغريات الإبليسية.

 

ثانيًا: ومن إعانته على التوبة النظرُ له على أنه مسكين، ومريض مرضًا معنويًّا أشدَّ فتكًا من الأمراض الحسية؛ ومن ثَمَّ الفزع إلى الله سبحانه بطلب شفائه وصرفه عن الفتن.

 

ثالثًا: لا تُلقي باللوم كله على زوجكِ، وتفقَّدي علاقتكِ به، ورومانسيتكِ وتجملكِ له، وحنانكِ وعواطفكِ؛ فقد تكونين جافة عاطفيًّا، فأنتج جفافكِ لديه جفافًا أشد، وانصرافًا عنكِ.

 

رابعًا: انصرافه عن المبادرة للجماع، وعدم تفاعله معكِ إذا بادرت، له عدة احتمالات؛ منها:

١- ما قد يحصل منكِ من جفاف وانشغال عنه بالأولاد.

 

٢- ما قد يحصل منكِ من تقصير أو تفريط في التجمل في البدن والملابس والتلطف.

 

خامسًا: قد يكون زوجكِ لديه قوة جنسية، لكنه لم يجد ما يُطفئها عندكِ؛ وبسبب ذلك ولضعف الإيمان، فُتِنَ بالنظر إلى الصور الخليعة.

 

سادسًا: قد تكونين غير مقصرة معه في شيء، ولكن فتنة إغراء عرضت له، وزينها له الشيطان؛ ولذا لا بد من تشخيص للسبب الحقيقي، ثم معالجته بما يناسبه.

 

سابعًا: إن كان السبب هو ضعف حبه لكِ؛ ومن ثَمَّ ضعف استعفافه بكِ، فقد يكون من الحلول المناسبة وإن كان مُرًّا عليكِ هو السماح له بالزواج من أخرى.

 

ثامنًا: ينبغي أن تستمر المناصحة له تخولًا وتذكيرًا بالله سبحانه وبعظمته واطلاعه، ولكن بالحكمة والرفق، وبطريقة يُحس معها أنكِ تحبينه، وتحبين له الخير، وتشفقين عليه، وليس بطريقة تحمل في طياتها السخرية والتسفيه والانتقاص.

 

تاسعًا: ويمكن تنويع النصيحة ما بين كلام مباشر هادئ، بعد أن تذكري له مدى حبكِ له، وتثني على ما فيه من صفات طيبة، ثم تُتْبِعي ذلك بنصيحة رفيقة، ليس فيها أيُّ تعالٍ عليه ولا ازدراء له، وما بين رسالة واتس مؤثرة، ومقطع مؤثر، وهكذا.

 

عاشرًا: أشعريه دائمًا بحبكِ له، وثقتكِ فيه، وأنكِ واثقة أن ما حصل منه زلة شيطانية، وفتنة، وأنكِ واثقة في سلامة دينه وأخلاقه، وأنكِ متأكدة من ندمه على ما حصل منه.

 

حادي عشر: أنصحكما معًا بكثرة التوبة والاستغفار، والاسترجاع والدعاء، والبعد عن مواطن الفتن؛ ويُذكَّر بقوله سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30].

 

وبقوله تعالى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].

 

وبقوله سبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].

 

ثاني عشر: ويُذكَّر بخطورة التعرض للفتن؛ وبالحديث الآتي قالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ)).

 

حفظكما الله، وأعاذكما من الفتن، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.