منوعات

اللغة العربية والعلوم الحديثة – مكساوي –

اللغة العربية والعلوم الحديثة

 

تحتاجُ اللغة لأن تواكب عصرها، ولا نقاش في أن عصرنا الراهن هو عصر المعارف الثريَّة، والعلوم الحديثة، والتقنيات الدقيقة، ففي هذه المقالة سنُعرِّج على بعض الأفكار التي تتعلق بلغتنا العربية، وكيف يُمكن لنا أن نَصْبغَهَا بالصِّبغة العلمية، ونُعيد لها بريقها ولونها الأخَّاذ؛ بأن تكون لغة أدب وثقافة، وعلم ومعرفة.

كُنْتُ دَرَسْتُ على يَدِ مدرس للغة العربية، كان مبدعًا في طرائق تدريسها، وكان يُدرِّس بأساليب المعادلات الرياضية، مثال عن ذلك: فعل + فاعل + مفعول به = جملة فعلية، اسم + خبر = جملة اسمية، وهكذا يسيرُ على هذا النمط في دروسه، حتى إننا كنا نحبُّ حصته حبًّا جمًّا، وكان الدرس مختصرًا وسلسًا، وكان هادفًا مُحَقِّقًا غايته بالنسبة إلينا.

يحبُّ التلاميذ كثيرًا هذا النمط من التدريس، فهو مُمهِّد لتمرير المعلومة، سيَّما أصحاب التخصصات العلمية والمعارف الدقيقة، هُم بحاجة لهذا النمط من التعليم، فَيُحْدِثُون التوافق والتناغم اللازمين مع طرائق اللغات الأجنبية؛ مثل: الإنجليزية والفرنسية، مع لغتهم الأم اللغة العربية؛ لأننا لا نُنكر أن المعارف العلمية تُستقى اليوم في أغلبها باللغات الأجنبية.

يُقرِّب ذلك اللغة العربية من النفس، فعادة نَصِمُهَا بأنها لغة الشعر والأدب، وللذائقة الأدبية أثرٌ في ثقافة الإنسان، إلا أنها تبقى مُوجَّهة لثلَّة ضيِّقة من القرَّاء، وهي الطَّبقة المثقَّفة حصرًا، المُطَالِعَةِ لضُروب الشعر والأدب، أما ما نُريده نحن، فَيَدْخُلُ ضمن تكييف قوانين اللغة العربية، لتُصبح مرنةً وسهلةً للمتعلمين والدارسين.

نقولُ دائمًا في مجال الدراسات اللغوية “إننا ندرسُ اللغة لأجل اللغة”، ونشاطنا يرتكز ويتأسس على القواعد التي تحكم اللغة، وتستعينُ هذه الدراسات بالطرائق والأساليب الرياضية، مُمَثِّلَة إيَّاها برسومات ومخطَّطات في تحليل الفعل اللغوي لدى الإنسان، وأَغْلَبُ عُلماء اللغة لهم اهتمام بتخصُّص الرياضيات، فاستجلبوا أُسسها في تقعيد قوانين اللغة، أبرزهم على الإطلاق في العصر الحديث، المفكر واللغوي الأمريكي: نعوم شومسكي Noam Chomsky، ويُوجد آخرون سابقون له، أمثال: السويسري فرديناند دي سوسيرFerdinand de Saussure، والروسي رومان جاكوبسون Roman Jakobson.

إننا من خلال هذا الطَّرح نبتغي إبراز جانب العلمية في اللغة العربية، فلها قدرةٌ على مواكبة عصرها بنظمها وتقنياتها، ومخزونها من الألفاظ والكلمات، أما ميادين الشعر والأدب، فتبقى موروثًا ثقافيًّا يُعبِّر عن الأصالة والتعلُّق بالمصادر الأولى.

رابط المصدر