منوعات

زوجي وأهلي يرفضون طلاقي – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة، زوجها يعمَل في بلد أوروبي، وهو يُرغمها على العيش في بيت أخيه الذي يسيء معاملتها، ويرفض زوجها أن يأخذها إليه، وقد كتم عنها أنه عقيم طوال مدة زواجهما، وهي تريد الطلاق، لكنه يرفض، وأيضًا أهلها يرفضون، وتسأل: ما الحل؟

 

التفاصيل:

أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، لم يسبق لي الزواج قبل زوجي الحالي، أما هو، فقد كان متزوجًا وله من زوجته المنتحرة ابنةٌ، بدأت المشاكل بيننا منذ انتقال زوجي للعمل ببلد أوروبي؛ حيث تركني وحدي مع ابنته، أحببت ابنته مثل ابنتي، لكن البنت لم تتقلبني، كانت عنيدة وتكذب عليَّ كثيرًا، حاولت التفاهم معها على رغم اختلاف اللغة، لم تكن تريد الذهاب إلى المدرسة، ولا الأكل ولا الاستحمام، وإذا ما ذكرت له ما يحصل، فلا يصدقني، ويتشاجر معي، صبرت وتحملت، وكسبت حبها، لكن ظهرت مشكلة؛ وهي أن البلد الذي يعمل فيه زوجي طلب أن تكون ابنته معه؛ بحكم الجنسية، وصدر حكم المحكمة هناك بأن تؤخذ البنت منه، وبعد أن أخذ ابنته، أمرني بألَّا أبقى في البيت وحدي، وأن أنتقل للعيش في منزل أخيه؛ بحجة أنه من العيب عندهم في العائلة أن أبقى وحدي في البيت، ووعدني بأنه سيأخذني لاحقًا، لكن شيئًا لم يحدث، أضف إلى ذلك أن أخاه يعاملني بسوء، وإذا ما طلبت من زوجي أن يأخذني إليه، يرد بأنه لا يريد أن يأخذني بحجة أنني كثيرة المشاكل، وسوف أسبب له دخول السجن في أوروبا، وثالثة الأثافي أن زوجي كتم عني أنه عقيم لا يُنجب، وأن ابنته من أطفال الأنابيب، وجعلني أحسب نفسي عقيمًا طوال تلك السنوات، وألتزم بما يقوله الأطباء، وأبكي، وقد طلب منه الأطباء تحليل المنيِّ، لكنه يرفض أن الذهاب لعمل التحليل، ولما سألته عن ذلك، ردَّ عليَّ بأنه لا يريد أن أنجبَ؛ لأنني لن أستطيع تحمل المسؤولية، ويتشاجر معي، حتى أنسى أمر الطبيب، لكنني منذ شهر واجهته بالأمر، وطلبت منه عمل التحليل، وأخبرته أنني أعرف أنه عقيم، ولما ذهبنا إلى الطبيب، تبين أنه عقيم، الآن أنا عند أهلي، لم أعد أرغب في البقاء ببيت أخيه؛ لأنني أُعامل بحقارة، طلبت منه أن يحاول أن يدفع ملف التجمع العائلي؛ لأني تعبت من العيش عند أهلي وعند أهله، لكنه يرفض أن يأخذني إليه، كما يرفض الطلاق، ويرفض العودة ليكون عمله إلى جانبي، ويرفض أيضًا أن أعيش وحدي في المنزل، ومن ناحية أخرى، أهلي يرفضون طلاقي، لا أدري ما الحل، أرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- تزوجكِ رجل عقيم، أخفى عقمه عنكِ.

 

٢- يعمل بعيدًا عنكِ، وطلبتِ سكنكِ معه، فرفض محتجًا بكثرة مشاكلكِ معه.

 

٣- أسكنكِ في سكن أخيه، وأخوه يُعاملكِ بسوء، وهو يرفض سكنكِ وحدكِ في بيت مستقل، مبررًا رفضه بأن ذلك عيب عند العائلة.

 

٤- طلبتِ منه الطلاق، فرفض، وأيضًا أهلكِ يرفضون ذلك، وتقولين: إنكِ لا تدرين ما تفعلين؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: إخفاؤه عيبًا فيه – وهو العقم – غير جائز له، ويأثم به؛ لأن من أهداف الزواج لكلا الزوجين حصول الذرية، ويجوز للزوجة في مثل هذه الحالة طلب الطلاق، ولا إثم عليها.

 

ثانيًا: ومن حقوق الزوجة على زوجها توفير السكن المناسب حسب قدرته المالية، وإجباره لكِ على السكن مع أخيه غير لائق، خاصة مع ما يحصل بسببه – حسب تعبيركِ – من سوء تعامل واحتقار، وتبريره ذلك بالعادات والتقاليد غير مُسلَّم له.

 

ثالثًا: تبريره سبب عدم إحضاركِ عنده في الدولة الأوروبية بأنكِ كثيرة المشاكل، ويخشى أن يدخل السجن بسببك تبرير غير منطقي أبدًا، فإما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.

 

رابعًا: وأنتِ تفقَّدي سلوككِ وأخلاقكِ معه، ولا تكثري الشكاية وافتعال المشاكل؛ فإن هذه التصرفات تجعل الزوج يفتقد أهداف الزواج؛ ومنها: السكن والمودة والرحمة؛ ولذا فيفضل الابتعاد عن زوجته طلبًا للسلامة؛ وتذكري قوله سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وتذكري الحديث الآتي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَفرَكِ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا، رضِيَ منها آخر، أو قال: غيره))؛ [رواه مسلم].

 

وكذلك المرأة مطالبة بذلك؛ فالكمال صعب.

 

خامسًا: يبدو أنكما شديدا الغضب، وكلٌّ منكما يرى دائمًا أن الحق معه، وهاتان الآفتان تسببان كثيرًا من المشاكل والمجادلات العقيمة بين الزوجين؛ فاستعيذا بالله من الغضب، ولِينا بأيدي بعضكما، وتسامحا وتغافلا، ولا تشددا فتتنافرا.

 

سادسًا: إن كنتِ بحاجة إلى الذرية، أو لا تستطيعين العيش بدون زوج، وتفتقدين الاستعفاف، وتخافين على نفسكِ، ولا تجدين معه السكن ولا المودة، ولا الرحمة ولا الاستعفاف – فنقول لكِ حينئذٍ: استخيري الله سبحانه: هل تبقين معه مغلبة بعض المصالح، أو تفارقينه طلبًا لمصالح أخرى؟ وسيدلكِ الله سبحانه على ما فيه خير لكما.

 

سابعًا: ليس لأهلكِ حق شرعي في منعكِ من قرار تجتهدين فيه لمصحلتكما؛ فالزوج زوجكِ، وأنتِ المستفيدة أو المتضررة، وليس لهم علاقة بشأن خاص بكِ، قد يكون لكِ فيه مصلحة ظاهرة.

 

حفظكِ الله، ودلكِ على أرشد الأمرين لكما.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.