منوعات

فائق بلقيه.. وريث عرش بروناي وأغنى لاعب في العالم

فائق بلقيه ليس أغنى لاعب في العالم، هذا هراء لا يساعده، هو مجرّد صبي صغير يحاول أن يصنع لنفسه مسيرة كروية، لا أريد أن أسمع مثل تلك الرويات مجددًا“

– أحد ممثلي لاعب ليستر سيتي السابق، مايو 2018. 

بديهيًا، تسعى الصحف إلى إطلاق عناوين جذابة، ضمانًا لحصد المزيد القراءات وبيع أكبر عدد ممكن من النسخ، وحتى يتحقق ذلك، قررت الصحافة الإنجليزية استغلال وصول فائق، صاحب الـ18 عامًا، لليستر سيتي الإنجليزي، لتبدأ في حياكة القصص حول خلفيته الاجتماعية، وانعكاسها على مسيرته الكروية، خاصةً وأن الشاب اليافع يعد أحد ورثة عرش سلطنة بروناي.

من هو فائق بلقيه؟

بالنسبة لمشجعي كرة القدم بشكل عام، قد لا يجذب اسم فائق بلقيه انتباههم، لكن على العموم، وفقًا لبعض التقارير العالمية، يمكننا اعتباره أغنى لاعبي العالم، لكن ثروته لا علاقة لها بكرة القدم، بل بعائلته الحاكمة للمملكة الإسلامية الواقعة في جنوب شرق آسيا.

والد فائق هو الأمير جفري بلقيه، الأخ الأصغر لحسن بلقيه، سلطان مملكة بروناي، الذي وصفته مجلة «Vanity Fair» الأمريكية المتخصصة في أخبار النجوم والمشاهير عام 2011 بأنّه شخص مستهتر وسيئ السُمعة، نظرًا لنمط حياته المتفاخر، وصرفه الأموال ببذخ.

وفقًا لهذه الظروف، يمكننا توقُّع نمط حياة فائق نفسه، في الغالب، سينشأ شابا مدللا، يعيش حياة صاخبة، محاطًا بأموال عائلته، ونفوذها، لكن هذا ما لم يحدُث قط.

”إخوتي يجلسون في البيت لا يفعلون شيئا، لا أريد أن أكون مثلهم“. 

تقرير ذي أثلتيك، ديسمبر 2021. 

لم ينشأ فائق طفلا مدللا، أو بمعنىً أوضح، لم يكن يريد ذلك، فعلى عكس أشقائه الـ17، لم يهتم منذ أن كان طفلًا بحقيقة ثروة عائلته، المقدرة بنحو 20 مليار جنيه استرليني، لكنه أراد فقط أن يُصبح لاعب كرة قدم محترفا، والأهم، دون استغلال نفوذ عائلته في ذلك.

تخطيط مثالي

فائق بلقيه

”لقد لعبت كرة القدم منذ سن مبكرة، كنت أستمتع دائمًا بالخروج إلى الملعب والاستمتاع بالكرة في قدمي، لطالما كان والديّ داعمين لي في مساعدتي على تحقيق أحلامي بأن أصبح لاعب كرة قدم، وقد درباني بقوة نفسياً وجسديا خلال سنوات طفولتي، لذلك يجب أن أقول إنهما قدوة لي».

-فائق بلقيه لمجلة «فور فور تو» 2017. 

بشكل ما، تتعارض هذه التصريحات التي خرجت على لسان فائق مع تصريحاته اللاحقة حول تدليل أسرته لأشقائه، لكن خلف هذا التعارض هناك قصة قد توضّح الفارق ما بين نشأة فائق وإخوته.

ولد بلقيه في لوس أنجلوس عام 1998، لكنه تلقى تعليمه في إنجلترا، رفقة ابن عمومته أوكسياه، نجل لاعب كرة السلة الأمريكية السابق دينيس والاس؛ الرجُل الذي أشرف بنفسه على تنشئة فائق بمنتهى الحزم، بل حاول أن يصنع له مسيرة كروية ناجحة.

في 2008، نجح والاس في التواصل مع بول مورغان، مدير فريق نيوبيري الإنجليزي تحت 11 عامًا، ونجح في وضع فائق الذي لعب كمهاجم، وأوكسياه الذي يحبذ اللعب كمتوسط ميدان في الفريق، لكنه أراد لهما أن يتخطيا هذه المرحلة سريعًا، ويبدآن في جذب انتباه الأندية الإنجليزية الكُبرى.

كان دينيس والاس بمثابة حارس شخصي للصغيرين، اللذين سكنا منزلًا فخمًا في ووتون الإنجليزية، حيث كان حريصًا على تلقيهما التعليم، جنبًا لجنب مع الرياضة، خاصةً مع إظهارهما موهبة تسبق سنّهما، وتواضعًا جعلهما ينخرطان بسهولة مع زملائهما بالفريق.

سرعان ما جذب بلقيه انتباه كشافي نادي ساوثهامبتون الإنجليزي، لكن ما ميّزه عن بقية الصبية في عمره، هو مساعدته لمن حوله كي يظهروا كلاعبين أفضل، عكس المتعارف عليه، ففي هذه السن الصغيرة، يبحث الأطفال عن إظهار أنفسهم، والاحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة.

لذلك، لم يتردد مسؤولو ساوثهامبتون في ضم فائق بلقيه لأكاديميتهم عام 2009، والتي ظل بها حتى عام 2013، حين بدأت مسيرته تأخذ منعطفًا جديدًا، حيث التحق بأكاديمية أرسنال الإنجليزي في فترة معايشة، خلال زيارة فريق الشباب لسنغافورة للعب كأس ودية.

دائمًا على الأرض

فائق بلقيه

حتى هذه اللحظة، لم يكن زملاء فائق على دراية بحقيقة خلفيته الاجتماعية، حيث حرص دومًا أن يبقى متواضعًا، وهو ما أكّده عدد من زملائه، لكن كُل شيء تغير عند وصوله لسنغافورة، حيث اتضح للجميع حقيقة شعبيته في آسيا.

في الواقع، لم يتأثر فائق بذلك، وكان يعلم بداخله حقيقة إمكانياته، فحتى وإن كان جناحًا ومهاجمًا جيدًا، ظل مدركًا لحقيقة وجود لاعبين أفضل منه تقنيًا؛ مثل جو ويلوك، وميتلاند نيلز، اللذين استطاعا بعد ذلك تمثيل الفريق الأول لأرسنال. بالتالي، قرر الخروج نحو تشيلسي الإنجليزي عام 2014.

طبقًا للصحفي جاري كوه، أحد القلائل الذين استطاعوا إجراء مقابلة صحفية مع فائق، فالتعامل مع اللاعب في إنجلترا يختلف جذريًا عن التعامل معه كممثل لسلطنة بروناي، حيث حصل على شارة قيادة منتخبها في سن الـ17 عامًا فقط.

في 2015، وخلال ألعاب جنوب شرق آسيا، اتضح لكوه ماذا يعني أن تكون أميرًا آسيويًا، حيث امتلك فائق حراسة شخصية مكثفة، وتأمينا شرطيا خاصا، حتى إنّه امتلك شخصًا لفك شرائط حذائه، والسبب واضح؛ لأنه نجل أحد ورثة عرش سلطنة بروناي.

ومع ذلك، لم يكن فائق بلقيه متعاليًا على زملائه في المنتخب، محافظًا على تواضعه، على الرغم من وضعه الاجتماعي، ووضعه الفنّي الذين يسبق أقرانه في المنتخب بأشواط.

ليستر سيتي.. هل انتهت القصة؟

فائق بلقيه

بعد موسم 2015 التاريخي، أعلن نادي ليستر سيتي تعاقده مع فائق بلقيه، صاحب الـ18 عامًا وقتئذ، بعقد يمتد لـ3 سنوات. هنا، لعبت «الواسطة» دورًا لأول مرّة في حياة بلقيه، فنظرًا لعلاقة عائلة بلقيه بعائلة سريفادانابرايا المالكة لنادي ليستر سيتي الإنجليزي، تم تسهيل انتقال فائق لبطل الدوري الممتاز.

طبقًا لأحد المصادر داخل ليستر، والذي لم يصرّح باسمه، كان هناك اهتمام حقيقي بضم فائق بلقيه للنادي، وطوال 3 سنوات، لم ينجح اللاعب في إقناع أي من مدربيه بمستواه، حيث لم يرجح المصدر إمكانية إلحاقه بالفريق الأول آنذاك.

وبعد مشاركات قليلة في دوري الفئات السنية، تم تسريح اللاعب، والتحق بماريتيمو البرتغالي عام 2020، على أمل الحصول على فرصة حقيقية.

”لقد جاء إلى البرتغال بحثًا عن الفرص وأعتقد حقًا أنه لاعب جيد، يبذل جهدًا مضاعفًا في التدريبات، ومن الواضح أن لديه رغبة في التحسن“. 

-كلاوديو وينك، مدافع مارتيمو البرتغالي. 

للأسف، فشل فائق مجددًا في إثبات نفسه، ورحل عن مارتيمو صيف 2021، دون أن يلعب سوى 45 دقيقة فقط، لينتقل بعقد حر إلى أحد أندية الدوري التايلاندي في ديسمبر من نفس العام.

نهايةً، ربما لن يحقق بلقيه حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم ذا صيت واسع، حتى وإن كان يمتلك من المقومات ما يؤهله على الأقل من اللعب في المستوى المتوسط، حسب شهادة زملائه السابقين، لكن المشكلة الحقيقية عادة ما تكمُن حين يبدأ الشاب في تعريف نفسه، وقتئذ يتم الربط ما بين حقيقة كونه أميرًا وما بين حقيقة إمكانياته.

في الواقع، يدرك فائق بلقيه هذه الحقيقة، لكنه لا يلقي لها بالًا، ويصر على التركيز على تدريباته اليومية؛ حتى يمثّل بروناي خير تمثيل، لأنّه اللاعب الوحيد الذي وصل لهذا المستوى، لكنّه ومع كل السقطات التي تعرّض لها في سن صغير، لا يزال يأمل في أن يجعل أسرته تفخر به، ويجد في ذلك دافعًا له ليقدّم الأفضل.