منوعات

وجوب تغيير النظرة تجاه الترجمة


المزيد من المشاركات

وجوب تغيير النظرة تُجاه الترجمة

 

سُئلت في إحدى المرات عن جدوى الترجمة، على اعتبار أنه يمكن للواحد منا أن يكتسب اللغة الأجنبية، دون الحاجة للمرور على الترجمة، وتعريب ما تنقله اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية.

 

هذا القولُ فيه إجحاف وجهل إلى حدٍّ ما بمكانة الترجمة، حيث نُبرز أولًا أن الترجمة لا تقتصر على نقل حرفي لرسالة وردت باللغة الأجنبية إلى اللغة العربية، بل تتناول الترجمة عُمق الرسالة بالدراسة، فهي تعدُّ وسيلة تواصل مبنية على المعنى، وأهميتها تنحازُ إلى دراسة وتدريس اللغات، من خلال إجراء دراسة تقابلية تُقارن بين لغة وأخرى، واستخلاص النتائج منها.

 

الناظر في التاريخ الإسلامي، سيجده حافلًا بالحديث عن دور الترجمة، فكانت وسيلة تواصل بين المسلمين مع غيرهم، كما أن مختلف العلوم نُقِلت بفضلها، وتمَّ تشجيع العمل بها في أزهى عصور المسلمين بداية من عهد النبوة إلى العصر الأموي والعباسي وحضارة المسلمين بالأندلس، فهذا التاريخ الحافل بنشاطها، لا يُمكن على الإطلاق تناسيه أو حجب فضله الكبير.

 

نعترف أن الوسائل التكنولوجية أحدثت نقلة نوعية في تدريس اللغات، عن طريق التقنيات الحديثة بالتسجيلات الصوتية والمصورة، والمناهج الجديدة التي تخوض في عُمق نفسية المتعلم، والتكوين المستمر للمدرسين، وإلزامية الاحتكاك فيما بينهم لأخذ الخبرة الأساسية، غير أن الترجمة خاضت أشواطًا طويلة في عالم التقنية الحديثة، فلم تعد تقتصر على التمكن من اللغة والتواصل اليسير بها، إنما أصبحت تدرسُ نفسية المترجم واتخاذه للقرارات بترجمته للنص والمراجع المهمة التي يستعين بها لإثراء ترجمته.

 

يُدرس الفعل الترجمي لديه، سواء تعلق الأمر بالمترجم أو الترجمان، وسُبل تحليله للمعلومات الواردة ولجوئه لأدوات تكنولوجية حديثة، تمنحهُ ترجمة إلكترونية يُعيد صياغتها ومدوَّنات إلكترونية يملأ قاعدة بياناتها، فيستعين بها فيما بعد في عمله، وغيرها من الآفاق الجديدة التي فُتحت في مجال الترجمة.

 

يُخطئ من يقلل من مكانة الترجمة، وإن حدث ذلك، فلغياب المعرفة الجيِّدة بمضمونها، فليس كل فرد مؤهل لأن يكون مترجمًا؛ لأن لها كفاءات تُكتسب وتُطوَّر وأخرى موجودة في الإنسان بالفطرة، فالترجمة ليست مجرَّد عملية نقل لغوي من لغة إلى أخرى، إنما هي مُنمِّية للثقافة وسببٌ في تطوير المعارف المُزدهرة مع بدايات الألفية الجديدة.

رابط المصدر