منوعات

أم خطيبي تناصبني العداء – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

فتاة مخطوبة، تشكو تعامل أم خطيبها، وانتقادها لها، ولأهلها، وأمه تؤجل موعد الزواج، وتسأل: ما النصيحة؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم.

أنا فتاة في منتصف العشرينيات تقريبًا، مخطوبة منذ سنة، خطيبي هو أكبر إخوته، ووالده متوفى، لا أشعر بالراحة تجاه عائلة خطيبي، أشعر أن والدة خطيبي تغار مني كثيرًا، وتنتقدني، وتنتقد أهلي، على أنها لم تكن قبل زفاف ابنتها تتعامل على هذا النحو، كانت تحبني، وتتصل بي دائمًا، وتحضر لي الهدايا، أما الآن فلم تعد تتصل بي أو تطمئن عليَّ، مرضت وذهبت إلى المستشفى يومين، ولم تتصل، ولم ترسل حتى رسالة للاطمئنان عليَّ، أنا أتصل بها مرتين أسبوعيًّا، وأسأل عن أحوالها، أما هي، فلا تتصل ولا تأتي لزيارتي، منذ مدة تزوجتْ شقيقة خطيبي، وقد عاتبتني أنني لم آتِ لأساعدها في تحضيرات الزفاف، مع العلم أنني ذهبت للزفاف من بدايته إلى نهايته، وقمت بواجب الضيافة كما يجب، وساعدتها، لكنها أنكرت ذلك، وانتقدتني، وانتقدت أهلي؛ لأنهم لم يأتوا، وأهلي لا يحضرون حفلات زفاف؛ بسبب وفاة أخي منذ سنة ونصف، وأخطأتْ في حقي وحق أهلي، وخطيبي وقف بجانبي، وأخبرهم بألَّا يتدخل أحد بيننا، وأخبر والدته ألَّا تشكوني إليه، والدته هي من يحدد موعد الزفاف، ومن ثَمَّ فهي تؤجله؛ فقد حددت الزفاف في شهر نوفمبر، وتقول: إنها لا تستطيع بسبب زفاف شقيقته، فأجلته إلى شهر مايو، وقال لي خطيبي: إنه لا يستطيع بسبب وضعه المادي، والآن تريد تحديد الزفاف في شهر آب 2022، ولا أدري: هل هو تاريخ نهائي أم ماذا؟ وسوف أسكن في بيتها القديم، وهي لا تريد لخطيبي أن يفعل شيئًا في البيت، قمت بزيارتها قبل أسبوع، استقبلتني بوجه بارد، أردت مساعدتها في الطبخ وأعمال المنزل، لكنها رفضت، لا أدري: هل تحبني أو تكرهني؟ هي دائمًا تشكوني لخطيبي، تعبت وأريد فسخ الخطوبة، ولا أستطيع؛ فأنا أحب خطيبي، ومتمسكة به، ولا أدري لماذا تفعل كل هذا، مع أنها ملتزمة دينيًّا، وتحفِّظ القرآن في المسجد، أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:

فمن الواضح أن سقف توقعات أم زوجكِ كان عاليًا جدًّا تجاهكِ، فلم تقنع بما قدمتِه من دعم لابنتها في عرسها، ربما كانت تتوقع منكِ تواجدكِ يوميًّا في أسبوع الفرح، وليس مجرد يوم أو يومين، فرغم ذهابكِ من أول اليوم وقيامكِ بكل ما يجب في ذلك اليوم فإنها لم تقنع بهذا.

 

وتغير حالها معكِ بناء على ذلك، فبعد الاتصال المتكرر والحفاوة العالية انحسر تعاملها معكِ؛ ليكون ردَّ فعل فقط على ما تقدمينه أنتِ.

 

أقول لكِ: لا بأس فهذا أمر طبيعي، وهناك كذلك عوامل نفسية أخرى كذهاب ابنتها عن البيت؛ مما يترك فراغًا نفسيًّا كبيرًا لدى الأم، تجاوزي تقصيرها وغَيرتها التي تزعمين؛ فهي في مقام أمك، ثم إن عليكِ بعض الأمور التي يجب عليكِ القيام بها:

بالغي في إحسانكِ إليها، وكثرة السؤال عنها، فالبر يلين القلوب، ويزيل الضغائن.

 

ضعي في ذهنكِ أنها أمٌّ؛ أي: لا تقارني مكانتكِ عند خطيبكِ بمكانتها، ولا استجابته لها باستجابته لكِ، فهو ابن مكلف بطاعتها وبرها والصبر عليها، وأي تذمر منها ستجدونه في أولادكم، فشجِّعيه على طاعتها والصبر عليها، فهو ببره لها يبني نفسية ابنكما، ومن عمل لله، وجد الخير الوفير.

 

أنتِ تحبين خطيبكِ ومتمسكة به، فهذا دليل على أنه شاب تربى جيدًا، وأمه هي التي ربَّت وصبرت، فصبركما عليها أنتِ وهو رد للجميل.

 

تعاملي معها من منطلقات محددة؛ حتى لا ينتصر عليكِ الشيطان:

أولًا: هي أكبر سنًّا، وهذا يلزمكِ في ديننا باحترامهما والتجاوز عنها.

ثانيًا: الرحم؛ فهي جدة أولادكِ مستقبلًا، وأهم أرحامهم، وهذا أيضًا يوجب الصبر عليها.

ثالثًا: الجار المسلم؛ فهي ستكون جارتكِ، وهذا أيضًا ملزم لكِ.

 

لا تفكري فيها ولا في رد فعلها كثيرًا، ولا تقفي عند كل رغباتها، فهي في هذه السن متقلبة المزاج وشديدة الحساسية، عاهدي الله على إرضائها ما استطعتِ فقط، وما لا تقدرين عليه وجهي خطيبكِ للقيام به هو؛ فهو ابنها وأولى بها، ودائمًا ذكري نفسكِ: (سأفعل معها ما يسرني أن تفعله زوجة أخي مع أمي)، وسلمي قلبكِ لله بهذه النوايا الحسنة؛ فهو سبحانه من يملك تأليف القلوب، لا أنا ولا أنتِ، ولا هي نفسها.

 

ولا مانع من أن تحضري لها هدية وتذهبي أنتِ والوالدة، وتبين لها الوالدة أنها لم تحضر لشدة حزنها على فقد ابنها (أخيكِ)؛ فالهدية تؤلف القلوب كما علما رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((تهادوا تحابوا))، ولا تستمعي لمن يخربون البيوت والعلاقات، فهي امرأة مسنة كانت علاقتكِ بها نموذجًا رائعًا، وهذا دليل على حبها لكِ، ولكن كما يحدث بين الأخوات والأم وبناتها قد يصيب العلاقة فتور ما، وخاصة أن الناس لا يتركون الناس وشأنهم، ربما كان هناك حاسدة في عرس ابنتها بالغت في السؤال عنكِ، وغرست الكراهية بينكِ وبينها.

 

إن فعلتِ هذا كله، وظلت على حالها، ستشعرين بالراحة؛ لأن الله يشهد على ما في قلبكِ، ولن يستمر ضيقكِ بفترة الخطوبة كما تشعرين الآن.

 

أتمي الزواج على خير، وأن أجلته ثانية كما فعلت، فليحدثها في هذا الأمر ولي أمركِ، وليس أنتِ، وليعرف منها السبب الحقيقي ويحاول إيجاد حل معها، أما إن كان هدفها تضييع العمر أو إفساد الزيجة من أساسه، فهذا شأن آخر، إما تتجاوزي وتتزوجي بما هو متاح من الإمكانات خاصة أنكِ ستكونين في بيت آخر لا تسكنه هي، وإما أن تتركي الأمر لوليكِ يقرر هو، واتبعي نصحه، ولن تندمي بإذن الله، فإما أن يتم الأمر على خير، وإما أن يبدلكِ الله خيرًا منه!

 

المهم لا تتخذي قرارًا مصيريًّا باندفاع العاطفة، اتركي القرارات المصيرية للولي؛ لأن العاطفة لدى المرأة قوية، وكثيرًا ما تفسد في القرارات العقلانية!

 

وعليكِ بالرقية الشرعية أنتِ وخطيبكِ؛ فالأمر لا يخلو من حسد أو غيره.

 

وفقكِ الله للخير وألف بين قلوبكما.