منوعات

هل يعمل قانون الجذب بحق؟

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب “داريوس فوروكس” (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن مدى نجاح قانون الجذب في الحياة وأهمية الإنجازات والعمل فوقَ كلِّ شيء.

لا أحد يستطيع أن يُنكر أنَّ أفكارَنا تؤثر في أفعالنا، لكن يبدو أنَّ حركة قانون الجذب الفكريّ تُمارس ضغوطات كثيرة على الجزء المتعلِّق بالإيمان، وأقلَّ من ذلك بكثير على الجزء المتعلق بالأفعال.

الناجح والفعَّال هو ما يُعَدُّ صحيحاً:

من بين الفلسفات جميعها وأنظمة المُعتقَدات، يمكنني أن أتفهَّم بصورة أكبر الحركةَ البراغماتيةَ التي بدأها الفيلسوفان “ويليام جيمس” (William James) وَ”تشارلز ساندرز بيرس” (Charles Sanders Peirce)؛ فيستند أساس البراغماتية على فكرة أنَّ الحقيقة هي ما ينجح وينفع؛ فإن كان هناك شيء فعال ومناسب بالنسبة إلى بعض الناس لا يمكنك القولُ إنَّه غير صحيح على الرغم من عدم وجود دليل على صحَّته.

إذ يُعَدُّ قانون الجذب الفكري بالنسبة إلى بعض الناس مثلَ الدين من حيثُ إيمانهم به وتطبيقهم له في حياتهم اليومية، وهذا جيد لأنَّه إن كانت طريقة التفكير هذه مناسبةً لك وناجحةً في حياتك، فليس هناك داعٍ لتغييرها، كما أنَّك لا تحتاج إلى قراءة هذا المقال في الواقع؛ لأنَّني لن أشاركَ أيَّ شيءٍ جديد عن مبدأ قانون الجذب الفكري.

لقد قرأتُ عدةَ كتب تتحدث عنه واستمتعتُ ببعضٍ منها، وكان كتابُ “علمُ الثراء” (The Science Of Getting Rich) للكاتب “والاس واتلز” (Wallace Wattles) المُفضَّلَ بالنسبة إلي؛ فالرائع بشأنه أنَّه يُدخِلُك إلى عقليَّة الوفرة والثراء، أمَّا بالنسبة إلي فإنَّه لا يفعل أيَّ شيءٍ أكثر من ذلك؛ لأنَّ الظنَّ بأنَّه يمكنك فعلُ أمرٍ ما وتحقيقُه فعلياً في الواقع أمران مُختلفان للغاية بالنسبة إلي.

لكنَّ حركة قانون الجذب الفكري تُعارض ذلك، فلا ينبغي القلق بشأن اتخاذ الإجراءات بالنسبة إلى مؤيِّديها؛ بل عليكَ أن تعيشَ حياتك بدلاً من ذلك كما لو أنَّك قد حقَّقتَ أهدافك بالفعل، فلا حاجة لأي تصرُّف أو فعل وفقاً لهم ويكفيك الإيمان فقط.

تكمُن مشكلتي الكُبرى مع قانون الجذب الفكري في تركيزه بصورة رئيسة على الثروة المادية، وتعود حركةُ هذا القانون للظهور من جديد كلَّ بضعة سنوات، وفي حوالي عامَي 2015/2016 لاحظتُ أنَّ كثيراً من الناس يتحدَّثون عنه في محيطي لدرجة أنَّ بعضَهم قد استقال من وظيفته ظنَّاً منه أنَّه سيجذب بأفكاره وظيفةً أفضل أو أموالاً كثيرة؛ لكنَّني لا أجدُ أيَّ شيءٍ قد تغيَّر في حياتهم حين أراهم الآن؛ لذا أقومُ بكتابة هذا المقال الذي يهدفُ لإيصال فكرة أنَّه إن لم يعملْ قانون الجذب الفكري في حياتك فهو ليس صحيحاً إذاً.

يجبُ أن تخدم الأفكار هدفاً مُعيَّناً:

أرغبُ ممَّن يؤيِّدون قانون الجذب الفكري أن يتساءَلوا عن الغاية من طريقة تفكيرهم هذه إن كانوا يظنُّون أنَّهم قد حقَّقوا أهدافهم بالفعل، وأن يحدِّدوا رغبتهم في العيش في عالمٍ خيالي أو تحسين حياتهم الحالية التي يعيشونَها، وكذلك أن يحدِّدوا هدفَهم النهائي.

أتفهَّمُ الفكرة الكاملة المتعلقة بقانون الجذب الفكري؛ فيَفترض مؤيدوه أنَّ الأفكار تقودُنا تلقائياً وبصورة عفوية نحوَ الأحداث الإيجابية، وهو ما يُعَدُّ خطأً نموذجياً في التفكير؛ فلا شيءَ في هذه الحياة يحدث من تلقاء نفسِه، لكن في الوقت ذاته إن كنتَ تظنُّ أنَّك لا تستطيع فعل شيءٍ ما، فربَّما لن تبدأ أبداً بالعمل على تحقيقه، فالأمرُ الجيِّد في هذا القانون هو أنَّ فكرتَه الأساسية قوية وراسخة؛ لكنَّك بحاجة إلى العمل واتِّخاذ الإجراءات أيضاً التي يمكن أن تتَّخذ أشكالاً عديدة.

بالنسبة إلى بعض الناس فإنَّ الفعل في الواقع هو عدم اتِّخاذ أي إجراء؛ فالتأمُّل هو طريقتُهم في التصرُّف واتخاذ الإجراءات؛ وبعبارةٍ أخرى، يجلسون بسكونٍ ويراقبون أفكارَهم فقط، كما أنَّهم يتركون الرغبةَ وينسونَها تماماً، وهو أمرٌ ينطبق على الرواقيين الذين يُعِّدُّونه صحيحاً أيضاً.

فإن كُنتَ تفكر دوماً في رغباتك وشهواتك، قد تخدمُ أفكارُك غرضاً سلبياً وسيئاً، ولا بدَّ أنَّك لم تفكِّر في الحُزن وخيبة الأمل اللَّذَين سيُصيبانك إن لم تحصل على ما ترغب فيه فعلاً، وهو ما حدثَ لجميع أولئك الأشخاص الذين بدؤوا بتصديق قانون الجذب الفكري وتطبيقه في حياتهم ولم يرَوا في النهاية أيَّ تغييرات.

حتَّى الآن هُناك مَن يُلقي اللومَ على هؤلاء الأشخاص أنفسهم في فشل هذا القانون متذرِّعاً بأنَّهم طبَّقوه بطريقة خاطئة، وأجدُ ذلك خاطئاً طبعاً؛ فليسَ من الصحيح أن تُلقيَ اللوم على نفسِك إن لم تَسر الأمور بطريقة جيدة في حياتك، وغالباً ما يكون هُناك خطأٌ ما في طريقة تفكيرك التي يمكنك أن تغيِّرَ حياتك إذا غيَّرتها.

شاهد: 12 قانون في علم النفس إذا فهمتها ستُغيّر حياتك

 

خطٌّ رفيع يفصل بين الوهم والإنجاز:

من وجهة نظري يمكننا جميعاً أن نضعَ أنفسَنا في أيٍّ من الفئات الأربعة المُوضَّحة في الصورة أدناه اعتماداً على نظام المُعتقدات الخاص بكلٍّ منَّا:

يمكننا تعريفُ هذه الفئات بما يأتي:

1. الشخص الفاشل:

هو شخصٌ سلبيٌّ لا يتصرَّف أو يتَّخذ أيَّ إجراءات.

2. الشخص غير مستقر ومتزعزع الثقة بنفسِه:

وهو الشخص الذي يتصرف وينفذ ما عليه، لكن لا يؤمن بقدرته على تحقيق أي إنجاز.

3. الشخص الواهم أو المتعلِّق بالتخيُّلات:

وهو الشخص الذي يظن أنَّه يستطيع تحقيق أي شيء؛ لكنَّه لا يتصرف وفقاً لذلك.

4. الشخص الناجح أو صاحب الإنجازات:

وهو شخصٌ يؤمن بقدرته على تحقيق الهدف ويحقِّقُه فعلاً.

الشخص الذي يُحاول إتقان ما يجولُ في خاطره من أفكارٍ داخلية هو شخصٌ ناجح ومُنجِز بالنسبة إلي؛ فإن كنتَ تؤمن بقدرتك على التحكُّم بنفسك وإتقان جميع أعمالك بالإضافة إلى سعيك إلى تحقيق ذلك فعلياً من خلال العمل والتصرُّفات فذلك هو التعريف النموذجي للإنجاز؛ وذلك لأنَّك تحقِّق ما اعتزمْتَ أو نويْتَ فعلَه، أو أنَّك تعمل باجتهاد لتحقيق هدفك على الأقل، لكن لا يجبُ أن تعتمد على مُجرَّد الإيمان تحت أي ظرفٍ من الظروف؛ فهو بلا فائدة وحده، وفي الحقيقة لن تحصلَ من الوهم إلَّا على نتائج سلبية تضرُّ بمصالحك.

في الختام:

الأشخاص الناجحون باتباعهم لقانون الجذب الفكري هم الأشخاصُ الذين عَمِلوا وتصرَّفوا واتَّخذوا الإجراءات؛ فالإنجازات والعمل هي دوماً الأساس لجميع الأمور الجيدة في حياتنا؛ فليس من الهام كيف تدوِّرُ الأمورَ وتحيكُها في رأسك؛ لأنَّك لن تحصلَ على أي نتيجة على الإطلاق إن لم تتصرَّف وتنفِّذ ما عليك.

لذا عندما نعتزمُ فعلَ أمرٍ ما علينا أن نؤمن به وبقدرتنا على تحقيقه، ومن ثمَّ نستثمر كلَّ طاقاتنا ونصرفُها في تنفيذ هذه الأفكار، فلن يُفيدَنا التفكير فيها فقط دون أي عملٍ في سبيلها.

المصدر