التخطي إلى المحتوى

يهدد ارتفاع أسعار السلع في العالم، وتطبيق العقوبات المالية الغربية على روسيا، بعد غزوها أوكرانيا، بإعاقة الاقتصاد العالمي الذي لايزال يعاني بسبب جائحة «كوفيد-19». فقد ارتفع التضخم إلى مستويات قياسية لم تشهدها أوروبا والولايات المتحدة منذ عقود، كما تشهد أسواق الأسهم العالمية انهياراً، وارتفاعاً للدولار مقابل العملات الأخرى.

ركود تضخمي

ويحذر اقتصاديون من موجة محتملة من الركود التضخمي في العالم، خصوصاً في أوروبا، التي تمر بحالة من التضخم المرتفع مع تراجع النمو. وفي الوقت نفسه، استجابت البنوك المركزية لارتفاع أسعار النفط، بسياسات تيسير الأموال، في وقت قد تتخلى فيه بعض تلك البنوك عن خططها لزيادة أسعار الفائدة، بعد إبقائها منخفضة خلال فترة الجائحة.

وأخبر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم بأول، مسؤولي «الكونغرس»، الأسبوع الماضي، بأن من المرجح بسبب غزو روسيا لأوكرانيا أن يرتفع التضخم، وقال إنه سيقترح زيادة مقدارها ربع نقطة مئوية في سعر الفائدة، في اجتماع الأسبوع المقبل.

تحرك حذر

في فرانكفورت، أشار مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إلى أنهم سيتحركون بحذر، رغم ارتفاع معدل التضخم إلى 5.8% في فبراير الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف هدف البنك البالغ 2%.

ويتوقع المستثمرون أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بمقدار 0.1 نقطة مئوية بحلول ديسمبر المقبل، بدلاً من زيادة 0.5 نقطة مئوية المتوقعة قبل شهر، وفقاً لأسعار السوق المالية.

موجة عدم اليقين

وتقول صحيفة «وول ستريت جورنال» إن روسيا تقع في قلب موجة عدم اليقين التي تنتاب العالم، إذ تحتل المرتبة 11 في قائمة أكبر الاقتصادات في العالم، وهي مورد أساسي للطاقة في معظم أنحاء أوروبا، في وقت فرضت فيه الدول الغربية أخيراً، أشد العقوبات الاقتصادية على دولة كبرى في العقود الأخيرة.

وقال المساعد السابق لوزارة الخزانة في الولايات المتحدة، كريستوفر سمارت، إن حالة عدم اليقين بين الشركات العالمية تذكرنا بتأثير انهيار بنك «ليمان براذرز» في سبتمبر 2008. وأضاف: «لم نر قط شيئاً بهذا الشمول والقوة والمفاجأة على اقتصاد بهذا الحجم ومهم للاقتصاد العالمي».

قرب جغرافي

وعلى الرغم من احتمالية مواجهة أوروبا، بقربها الجغرافي من الصراع واعتمادها الشديد على الطاقة الروسية، ركودها الثالث خلال عامين، فإن أداء الاقتصاد الأميركي سيتحسن، رغم تأثير ارتفاع معدل التضخم على الإنفاق الاستهلاكي والنمو. وحتى قبل الصراع في أوكرانيا، كان الانتعاش الاقتصادي في أوروبا أقل زخماً من الانتعاش في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى انخفاض الإنفاق الحكومي في منطقة اليورو، حيث إن الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار على حد سواء أدنى بكثير من المسار الذي كان عليه قبل جائحة «كوفيدـ19»، في حين عادت الولايات المتحدة إلى وضعها الطبيعي، وفقاً لبيانات البنك المركزي الأوروبي.

الأسواق الناشئة

بدورها، تواجه اقتصادات الأسواق الناشئة الكبيرة أزمة في الأمن الغذائي وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع إمدادات القمح الروسي، وصادرات زيت دوّار الشمس، وفقاً لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة.

وفي روسيا، يتوقع اقتصاديون انكماشاً اقتصادياً يصل إلى 10%، وهو ما لم تشهده البلاد منذ الإصلاحات الاقتصادية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي في التسعينات.

أما في الصين، فيتباطأ النمو، وتزداد تكاليف الطاقة المرتفعة، إذ لاتزال البلاد تنفذ سياسة صفر «كوفيدـ19». وقال الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إنه يتعين على البلاد ضمان الأمن الغذائي من الحبوب، والاعتماد على السوق المحلية للحفاظ على الإنتاج.

ضغوط جديدة

ووفقاً لشركة «كابيتال إيكونوميكس»، فإنه يمكن أن يؤدي غزو أوكرانيا إلى خفض النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بما يصل إلى نقطتين مئويتين، فالعقوبات الغربية على الشركات الروسية والشركات التي قطعت علاقاتها طواعية، والركود العميق في روسيا، ستقلل بشدة من صادرات منطقة اليورو إلى روسيا.

كما يضع الصراع ضغوطاً جديدة على سلاسل التوريد العالمية الممتدة، ويرفع الأسعار لشركات التصنيع التي تركز على التصدير في أوروبا. وإضافة لذلك، تخنق شركات إنتاج السيارات وسط نقص في الأسلاك الكهربائية والمكونات الأخرى.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news