أدت عوامل كثيرة، منها التغير المناخي ورغبتنا المُلحة في الحفاظ على كوكبنا من عوادم المركبات الاعتيادية، إلى تعزيز انتشار السيارات الكهربائية “Electric Cars” وبدأت شهرتها في الصعود المستمر يومًا تلو الآخر. ومثلها مثل أي جديد يطرأ على الساحة، بدأت تحاوطها الأسئلة من كل حدب وصوب. كم السعر ؟ وما هي “ماركات” تلك السيارات ؟ ماذا عن المميزات والعيوب ؟ لكن لعل السؤال الأكثر إلحاحًا والذي نحن هنا من أجله اليوم هو: بما أن تلك السيارات تعمل بالكهرباء، كم من الوقت تحتاج لكي تُشحن ؟
حسنًا، فيما يلي نوضح الإجابة بالتفصيل لإرضاء فضولك!
لحسن الحظ أن امتلاك السيارات الكهربائية أصبح أسهل من أي وقت مضى؛ كونه مجال تتنافس فيه عمالقة صناعة السيارات فقد أدت كثرتها إلى انخفاض سعرها وفقًا لقانون العرض والطلب الذي يسري على كل السلع، والمركبات الكهربائية عمومًا ليست استثناءً. انتشار محطات الشحن بالكهرباء وتوفرها في الكثير من محطات الوقود، ومراكز التسوق، والأماكن العامة سهَّل الأمر أيضًا.
الحكومات نفسها أصبحت تحث مواطنيها على شراء السيارات الكهربائية؛ حتى إن الحكومة الفيدرالية الأمريكية خفضت الضرائب كنوع من الحوافز الضريبية التي تتراوح من 2500 إلى 7500 دولار من أجل شراء سيارة كهربائية. المشكلتان اللتان قد تواجهان الكثير من البلدان هما الشحن والظروف المناخية القاسية التي تصل فيها درجات الحرارة إلى تحت الصفر مما قد يلحق الضرر بتلك السيارات.
كم من الوقت تحتاج لكي تشحن سيارتك الكهربائية ؟
لا توجد إجابة مباشرة، حيث أن الأمر يعتمد على الكثير من العوامل. يمكنك أن تشحن سيارتك الكهربائية في نصف ساعة، ويمكن أن يستغرق الأمر منك أيامًا. إذا كنت تقوم بشحن السيارة من خلال محطة شحن عادية من نوع Type 1 Charging Station، وهو النوع الأساسي، فالأمر قد يستغرق أيامًا لشحن البطارية بالكامل. وكما في الهواتف الذكية، هناك محطات شحن تدعم تقنية الشحن السريع (Type 3 DC Fast-charging Stations) ففي حال استخدامها لن تحتاج سوى نصف ساعة لكي تملأ بطارية السيارة. بشكل عام، بسبب اختلاف العوامل وتغيرها بشكل مستمر، من المستحيل تحديد مقدار معين ثابت من الوقت الذي تحتاجه لشحن السيارة.
العوامل التي تؤثر على وقت الشحن
1- حجم البطارية: مخارج المستوى الأول للبطاريات أو محطات الشحن (Type 1 Charging Station) كما أشرنا تتطلب الوقت الأطول والمعدل الأبطأ للشحن، وكلما كَبُر حجم البطارية، احتاجت وقتًا أطول لكي تُشحن. هذا ينطبق بشكل خاص على السيارات الكهربائية بالكامل حيث تكون البطارية مصدر الطاقة الوحيد، اما في السيارات الهجينة (نصف كهربائية) يختلف الأمر. إذ تستخدم هذه المركبات في الغالب الغاز لتوليد الطاقة، بينما تحتوي أيضًا على بطارية صغيرة يتم استخدامها عند الحاجة لتوفير الوقود. هذا يعني أن وقت شحن السيارة الهجينة يكون أقل بكثير من وقت شحن السيارة الكهربائية بالكامل مثل سيارات تيسلا ونيسان ليف.
2- قدرة البطارية وكفاءتها: من المهم معرفة أن البطاريات المستعملة في السيارات الكهربائية يكون لها قدرة شحن محددة لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الأشكال، كذلك محطات الشحن لها معدل ثابت لأقصى قدرة شحن يمكن تزويد البطاريات بها. وبالتالي قدرة شحن البطارية هنا تلعب دورًا هامًا في الوقت المستغرق للشحن، فإذا قمت بتوصيل السيارة بمحطة شحن ذات معدل شحن أقصى أقل من قدرة شحن البطارية، فسيؤدي ذلك إلى إبطاء وقت الشحن لأن المحطة لا تقوم إلا بمد أقصى قدر تدعمه من الطاقة. باختصار، كلما زادت قدرة البطارية على استيعاب شحنًا أكثر كفاءة، قل الوقت المطلوب للشحن، علمًا بأن مقدرة البطارية ثابتة ولا تتغير مع الوقت ولن تؤثر فيها جودة محطة الشحن.
3- جودة المصدر (الشاحن): تأكيدًا على النقطة الثانية، ولكي ترى الصورة من المنظور الآخر؛ فحتى إذا كانت مقدرة بطاريتك قوية جدًا، فإنها لن تؤثر على جودة المصدر؛ بمعنى أنه إذا كان المصدر رديئًا والبطارية قوية، فسرعة الشحن ستعتمد على قوة المصدر فقط، ولن تساعدها البطارية في شيء.
5 حالة البطارية (ممتلئة / فارغة): العامل الأخير والأكثر بداهة، فمستوى الطاقة الذي تتمتع به البطارية في وقت توصيلها بمحطة الشحن له دور في الوقت المستغرق لانهاء شحن البطارية بالكامل. مثلًا لو كان مستوى الطاقة 80% فإن مدة الشحن ستكون أقل بكثير مما لو كان المستوى 15%.
ودعونا لا ننسى ان البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية تعتمد نفس التركيبة تقريبًا للبطاريات الخاصة بالهواتف، هذا يعني أن مدة الشحن تتوقف على حالة البطارية قبل توصيلها بالشاحن، فلو كانت على وشك النفاذ (عند مستوى 20% مثلًا) وقمت باستخدام محطة شحن تدعم تقنية الـ Fast-Charging فسيتم شحن البطارية على عدة مراحل للحفاظ على عمرها وهو ما يستغرق وقتًا أطول.
مستقبل شحن السيارات الكهربائية
في السنوات المقبلة، من المتوقع أن يتوسع سوق شحن السيارات الكهربائية من 5 إلى 7 أضعاف. في 2020، وصلت قيمة هذا السوق إلى 5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تقفز إلى 35 مليار دولار بحلول 2026. يتسيد السوق الصيني هذا المجال، ثم الأوربي فالأمريكي. ويهدف كلًا منهم إلى تقليل الوقت والتكلفة. مشكلة مثل ارتفاع سعر النحاس قد تكون عائقًا، ولكن الحل ليس صعب المنال خصوصًا مع تحسن البنية التحتية في الكثير من بقاع الأرض.
ختامًا: من الطبيعي أن نرى انتشارًا أكبر للسيارات الكهربائية في الفترة المقبلة خصوصًا مع تسهيل الحكومات التي تحفز وتضيف لوائح جديدة من أجل التوجه لهذا النوع من المركبات. أيضًا برامج الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى مواءمة سياسات المناخ والطاقة تفرض خَيَار السيارات الكهربائية، وتَحسُّن طرق الشحن ينبئ بمستقبل واعد لهذه السيارات.