التخطي إلى المحتوى

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

إذا سارت التوقعات كما يجب، فإن الرئيس نجيب ميقاتي سيُكلّف للمرّة الرابعة في تاريخه السياسي لتأليف حكومة نهاية العهد، إلا إذا حصل أمر غير متوقّع وتمّ تكليف شخص غيره.

سواء نجح ميقاتي في مهمته أو لم يحالفه الحظّ، فإن الرجل دخل نادي الشخصيات السنية الأكثر تكليفاً، فهو يعرف جيداً «من أين تؤكل الكتف»، كذلك يُصرّ على أن السياسة «فنّ الممكن»، فنجح في أن يكون الرجل الذي يؤمّن صلة وصل وشكّل حاجة دائمة في لعبة السياسة اللبنانية.

كبر ميقاتي تحت ظلال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم تغرّه ثروته بأنّ يسعى إلى زعامة سنية عابرة للأقضية والمدن السنية الأساسية، رضي أن يكون قبل 2005 نائباً ووزيراً للأشغال وانتظر أن يأتي دوره، فكان أن كُلّف برئاسة الحكومة الإنتقالية بعد اغتيال الرئيس الحريري وخروج جيش الإحتلال السوري ووافق على عدم الترشح للإنتخابات، فخسر النيابة حينها وربح لقب «دولة الرئيس».

عاد ميقاتي إلى البرلمان في انتخابات 2009 عندما تحالف مع الرئيس سعد الحريري واشترط ترشيح النائب الراحل أحمد كرامي إلى جانبه، وترأّس أكبر كتلة نيابية في مسيرته البرلمانية في انتخابات 2018، حيث فاز بأربعة مقاعد في طرابلس نتيجة قانون الإنتخاب النسبي الجديد.

وعلى رغم هذه المحطات، إلا أن الرجل عرف جيداً أن هناك دوراً سيلعبه عندما حصل إتفاق إقليمي – دولي على اسمه في نيسان من العام 2005، ونجح في تأليف حكومة تكنوقراط وأُجريت الإنتخابات النيابية في موعدها وأمّنت إنتقالاً سلساً للسلطة طاويةً مرحلة الإحتلال وفتحت اللعبة على مرحلة ما بعد الخروج السوري.

أما نقطة التحوّل الثانية فكانت عند حصول الإنقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، حينها أجرى «حزب الله» و»التيار الوطني الحرّ» وحلفاؤهما في 8 آذار «بوانتاج» لأن مرشحهم كان الرئيس عمر كرامي، وعندما أيقنوا أن كرامي لن يستطيع حصد الأكثرية اعتبر الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله أن صحة كرامي لا تسمح له ورشّحوا ميقاتي الذي شكّل حكومة أطلق عليها خصومه اسم حكومة «القمصان السود»، نتيجة ضغط «حزب الله» في الشارع وتأجيل موعد الإستشارات النيابية، وحصل ميقاتي في الإستشارات التي جرت في 25 كانون الثاني 2011 على 68 صوتاً، بينما حصل الحريري على 60 صوتاً، واستقال ميقاتي من رئاسة الحكومة في العام 2013.

وكأن قدر ميقاتي أن يأتي بعد الحريري، فعندما استقال الرئيس حسان دياب بعد انفجار 4 آب، أصرّ الحريري على أن يكون الرئيس المكلّف وقد كُلّف لكنه فشل في التأليف، لتحطّ التسوية الإقليمية والدولية والتقاطعات الداخلية على تسمية ميقاتي في 26 تموز 2021 بعد حصوله على 72 صوتاً.

في تاريخ لبنان الحديث، أي بعد وقوع انفجار 14 شباط 2005 وخروج جيش الإحتلال السوري، تمّ تكليف شخصيات سنية 13 مرّة لتشكيل الحكومة، وقد نجحت مهمة التأليف في عشر منها، وفشل ثلاثة في التأليف هم عمر كرامي في 2005 والسفير مصطفى أديب الذي تم تكليفه بعد استقالة الرئيس حسان دياب ثم اعتذر عن التأليف، والرئيس سعد الحريري أخيراً، وقد توزّع هؤلاء كالآتي: سعد الحريري 4 مرات (2009، 2016، 2018، و2020 التي فشل فيها في التأليف) ميقاتي 3 مرات (2005، 2011 و2021)، الرئيس فؤاد السنيورة مرتين (2005 و2008)، ومرّة واحدة لكل من الرئيس كرامي عام 2005 وفشل بالتأليف، والرئيس تمام سلام في 2013، والرئيس دياب في 2019 والسفير أديب في آخر آب 2020.

وهنا تُطرح أسئلة مهمة: هل سيخطف ميقاتي الأكثرية الخميس المقبل ويُكّلف؟ وهل سيعادل رقم الحريري في التكليف؟ وهل سيتفوّق عليه في تأليف حكومته الرابعة أو إنه سيبقى متعادلاً معه، أي أنه كُلّف 4 مرات، 3 مرات نجح بالتأليف ومرّة فشل في عهد عون مثل الحريري؟