قبل الشروع في طرح النصائح، دعونا نتحدث قليلاً عن وحدت تخزين SSD وعن العمر الافتراضي لها. وفي حال كنت لا تعلم، الـ SSD هي مجرد شكل من أشكال التخزين الفلاشي، أي تعتمد على ذواكر تخزين NAND Flash كالموجودة في الفلاش ميموري USB والهواتف الذكية، وذلك على عكس هاردات HDD القديمة والتي تعتمد في تخزين البيانات على أسطوانات متعددة وإبرة تؤدي وظيفة التقاط البيانات ونقلها للكمبيوتر. بصورة مبسطة، الـ HDD يحتوي أجزاء متحركة ولذا يسمى “قرص صلب ميكانيكي” اما الـ SSD لا يحتوي إلا لوحة إلكترونية تحمل شرائح الـ NAND Flash وبالتالي تتم جميع عمليات القراءة والكتابة إلكترونيًا، وهذا يفسر سبب سرعتها الفائقة مقارنًة بـ HDD.
المُصطلح الأول وهو TBW (اختصارًا لـ Terabytes Written) يُشير إلى مقدار البيانات التي تمت كتابتها على الهارد بوحدة قياس “تيرابايت” أو بمعنى أبسط كمية البيانات بمختلف أشكالها وأنواعها الذي يُمكن للـ SSD كتابته على مدار عمره الافتراضي. على سبيل المثال، إذا وجدت الشركة المصنعة تُعبر عن العمر الافتراضي للـ SSD بقول “500 TBW” فهذا يعني أنه يمكن كتابة بيانات يعادل حجمها 500 تيرابايت على مدار استخدامك للهارد، هذا ليس له علاقة بحجم الهارد الفعلي الذي قد يكون مثلًا 240 جيجا وانما حجم البيانات المتراكمة التي يستطيع الهارد تخزينها طوال مدة استخدامه قبل ان تحتاج لاستبداله.
المُصطلح الثاني وهو DWPD (اختصارًا لـ Drive Writes Per Day) يعني عدد المرات التي يمكن ان تملأ فيها مساحة الهارد بالكامل يوميًا خلال فترة الضمان، وهي طريقة تستخدمها بعض الشركات أيضًا للتعبير عن طول العمر الافتراضي للـ SSD. فمثلًا لو افترضنا ان سعة تخزين الـ SSD الاجمالية هي 200 جيجابايت وان فترة الضمان هي 5 سنوات، فإذا كانت قيمة DWPD = 1 فهذا يعني أنه يمكن تخزين 200 جيجابايت دفعة واحدة على الهارد كل يوم على مدار السنوات الخمس المقبلة قبل أن تضطر لاستبداله.
كل شركة مصنعة تحدد فترة ضمان الـ SSD وفقًا لهذين المصطلحين ويتم حساب الـ DWPD من خلال قسمة 1000 (أقل كمية بيانات متراكمة يستطيع SSD كتابتها) ÷ فترة الضمان × 365 يوم × سعة الـ SSD والنتيجة هي قيمة DWPD التي تعبر عن العمر الافتراضي للهارد. عادًة ما تجد قيمة TBW أو DWPD مدونة على علبة الهارد أو صفحة المواصفات على موقع الشركة الرسمي.
وبشكل عام، ستحصل على عمر افتراضي أكبر بكثير من وحدات SSD أكثر مما ستحصل عليه من وحدات HDD القديمة. ومع ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها للتأكد من حصولك على أقصى استفادة من الـ SSD.
النصيحة الأولى: تجنب تعريض الـ SSD لحرارة مرتفعة
قد تكون تلك أخبار سعيدة للمستخدمين ولكن للأسف على المدى البعيد سيؤدي تعرض الـ SSD لدرجات حرارة مرتفعة إلى ظهور بعض المشاكل التي ستؤثر على عمره الافتراضي. التغيرات في درجة الحرارة صعبة على جميع الأجهزة الإلكترونية وليس أقراص SSD فقط، وبالتالي فإن استخدام القرص في بيئة مناخية سليمة ومعتدلة سيكون له الأثر الإيجابي في إطالة عمره الافتراضي، كما ستؤثر على أدائه وقدرته على الاحتفاظ بالبيانات دون تعرضها لتلف.
في الغالب، هذه النقطة غير مهمة للمستخدمين العاديين في المنازل والشركات والذين يقومون بإجراء عمليات قراءة وكتابة على الهارد على نحو منتظم ويومي، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين تُحتم عليهم طبيعة عملهم تخزين الكثير من البيانات المهمة على الهارد لفترة طويلة، او استخدام الـ SSD كهارد خارجي لحفظ النسخ الاحتياطية، فمن المهم توخي الحذر، حيث ان ترك الهارد دون استخدام وسط درجة حرارة مرتفعة أو باردة جدًا يمكن أن يقلل من قدرة القرص على الاحتفاظ بالبيانات، لذا من الضروري الاحتفاظ به في مكان به تهوية جيدة ومعتدلة.
النصيحة الثانية: تفادي انقطاع الكهرباء كلما كان بوسعك!
انقطاع الكهرباء المتكرر والمفاجئ له تأثيرات سلبية لا تهاون فيها على الكمبيوتر، وأعني هُنا بشكل خاص أجهزة الكمبيوتر الممكساوية (الديسكتوب) وليست المحمولة (لابتوب)، حيث أن التوقف المفاجئ للعتاد الداخلي بشكل أو باخر سيؤدي لتلف مكونات الكمبيوتر، ولا يعد هارد الـ SSD استثناءً.
يحتوي هذا الجهاز على بطارية كبيرة تكفي لتشغيل جميع أجهزتك تقريبًا ولكن لفترة محدودة. بحيث في حالة انقطاع التيار الكهربائي، ستوفر هذه البطارية طاقة كافية لتشغيل جهازك حتى تقوم بغلق كل العمليات التي تتم على الهارد وإيقاف تشغيل الكمبيوتر بشكل سليم عن طريق عمل Shutdown لتجنب إلحاق أي ضرر بالعتاد الداخلي. أسعار هذا الجهاز ليست مرتفعة بشكل كبير وفي نفس الوقت لا يُمكن الاستغناء عنه حيث أنه مفيد للغاية في تجنب عواقب انقطاع التيار الكهربائي عن الأجهزة الإلكترونية.
النصيحة الثالثة: لا تملأ مساحة الـ SSD بالكامل بالبيانات
وحتى يتضح لك الأمر، يقوم الـ SSD بتقسيم البيانات المخزنة في قطاعات أو بلوكات متعددة، وعندما يكون هناك مساحة فارغة كبيرة فهذا يسمح للهارد بتخزين البيانات الجديدة بسهولة وسرعة على البلوكات الفارغة، اما لو قارب الهارد على الامتلاء فسيؤدي ذلك إلى تراجع أداء وعمر الهارد بشكل كبير، حيث يضطر الـ SSD بملء الفراغات في البلوكات الممتلئة بالفعل لتخزين البيانات الجديدة، وهي عملية مرهقة، فيقوم اولاً بقراءة هذه المساحات الممتلئة ثم ايجاد المساحات الفارغة خلالها ثم يقوم بالكتابة عليها ثم تجميعها في بلوكات مرة اخري، وهذا يتطلب بالطبع وقت إضافي مما يقلل سرعة الهارد.
لهذا السبب، توصى الشركات المصنعة بتفعيل خاصية الـ OP (اختصارًا لـ Over Provisioning) التي تعمل على حجز نسبة 7 إلى 10% من الحجم الإجمالي للهارد، بحيث حتى لو امتلأ بالملفات، فتظل هناك مساحة غير مستخدمة؛ مما يحسن من أداء الهارد على المدى البعيد ويطيل عمره، او على الأقل تحقيق توازن بين أداء وسرعة الهارد ومساحته.
اعتني بالـ SSD بقدر ما استطعت لحماية ملفاتك!
إذا اعتنيت بالـ SSD بشكل صحيح، فيمكنك توقع أداء رائع منه لفترة طويلة جدًا – ربما حتى أطول من باقي مكونات الهاردوير الأخرى في الكمبيوتر. أشياء قد لا تفكر فيها مثل درجات الحرارة المرتفعة والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وامتلاء سعة التخزين حتى أخر Byte فيها يمكن أن تتسبب في حدوث مشكلات، سواء في سلامة ذاكرة التخزين أو العمر الافتراضي لها ككل. ضع في اعتبارك ان هناك علامات تُشير بوضوح إلى ضعف كفاءة الـ SSD وبمثابة صافرة انذار لشراء هارد آخر.
ومن بين هذه العلامات مثلًا عدم القدرة على كتابة بيانات جديدة أو حتى فتح الملفات المخزنة على الهارد، أو ظهور الشاشة الزرقاء في الويندوز بشكل متكرر، أو انهيار نظام التشغيل بشكل مفاجئ. لذا انتبه جيدًا للنصائح المذكورة القليلة وستتمكن من استخدام الـ SSD لفترة طويلة في المستقبل.
ختامًا: نأمل أن تكون تلك المقالة قد نجحت في الإجابة على جميع تساؤلاتك حول كيفية الحفاظ على قُرص SSD وكيف يُمكن إطالة عُمره الافتراضي. جميع أقراص التخزين مهمة للغاية وتحتوي على جميع البيانات والملفات المهمة لكل مستخدم وبالتالي يجب بذل الجهد للحفاظ عليها وعدم تعريضها لأي مشاكل مُحتملة، لذا نأمل أن تكون مقالتنا خير دليل لكم في ذلك الصدد.