التخطي إلى المحتوى

أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد بن طالب واستهل فضيلته خطبته الأولى عن كتاب الله ومافيه من خير وأجر ورحمة فقال: نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم؛ هو الفضل ليس بالهزل، من تركه من جبار، قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى من غيره، أضله الله، ومن التمس العز بغيره، أذله الله ، ومن طلب النصر بدون التحاكم إليه، أرداه الله؛ هو حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم، لا يزيغ فيستعتب ، ولا يعوج فيقوم، لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الأنس، ولايخلق عن كثرة الرد، ولايشبع منه العلماء، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، تكفل الله لمن قرأه وعمل بما فيه: آلا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة؛ كما ورد ذلك في الأثر عن أبن عباس – رضي الله عنهما” ومن تركه وهجره وأعرض عنه، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين؛ قال الله ـ عر وجل ـ: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ } . (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126) وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ}.
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع : “قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده- إن اعتصمتم به- كتاب الله”.
ثم تحدث فضيلته عن إعراض الناس للقرآن والعمل به فقال: وإننا اليوم لفي زمن كثرت فيه الفتن، وتلاطمت فيه أمراج المحن، واستحكمت فيه الشهوات، وكثرت الشبهات، وتعددت المشكلات والتحديات، وكثر دعاة البدع والمنكرات، وإنه
لا خلاص من هذا كله، ولا شد لأزر، ولا رسوخ لقدم، ولا أنس لنفس، ولا تسلية لروح، ولا تحقيق لوعد، ولا أمن من عقاب، ولا ثبوت لمعتقد، ولا بقاء لذكر وأثر طيب : إلا بأن يتجه المسلمون جميعا-
حكاما ومحكومين، شعوبا ودولاً، شباباً وسيباً، رجالاً ونساء ، علماء وعامة- اتجاهاً صحيحاً، بكامل أحاسيسهم ومشاعرهم، بقلوبهم وقوالبهم، إلى كتاب الله؛ تلاوة وتدبرا، وتعلما وتعليما، وعملاً
وتطبيقاً، فهو المعين العذب الذي لا ينضب مطلقاً ،ولا يأسن أبداً، والكنز الوافر الذي لايزيده الإنفاق إلا جدة وكثرة، ولا تكرار التلاوة إلا حلاوة وطلاوة؛ بيد أنه لا تمنح كنوزه إلا لمن أقبل عليه بقلبه، وألقى إليه سمعه وهو شهيد.
معشر المسلمين، إننا في هذا العصر قد أعرض كثيرًا من الناس عن القرآن، ونأوا عنه، فمن تأمل حياة كثير منهم، وجد أنها لا تمت إلى القرآن بصلة – والعياذ بالله! – فما أكثر المخالفات الموجودة، وما أعظم الواجبات المفقودة!! أين المسلمون اليوم من هذا القرآن العظيم؟! أين شباب الأمة من هذا الكتاب الكريم؟! لقد استبدل كثير منهم الذي أدنى بالذي هو خير، ولا حول ولا قوة إلا بالله! أين
النساء من تعاليم القرآن التي تحث على الحجاب، ولزوم الحياء، ولزوم الحشمة، وتحذر من التبرج والسفور والإختلاط؟! بل أين تحكيم القرآن في جوانب الحياة كلها؟! .
الواقع والحقيقة -يا عباد الله- أنه صدق في هؤلاء وأولئك قوله تعالى :{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} ، وهجر القرآن كما قال العلامة ابن القيم، رحمه الله ـ: